|
تقية وزير.. كريم وحيد أنموذجاً
صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 20 - 12:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يحلو لكثير من وزراء العهد الجديد ان ينأوا بأنفسهم عن أي ردود شعبية غاضبة او شتائم يرون انها تصب اللعنات عليهم وعلى فشلهم في إدارة شؤون مؤسساتهم وديدنهم في ذلك لجوئهم الى التقية في العمل السياسي (أي تسويغ الكذب) من اجل اتقاء ردود الأفعال في استغلال بشع لذلك الإجراء الذي ورد في بعض الأديان والمذاهب ونعني به (التقية) التي كانت لها ظروف تطبيق خاصة في حينها وليس مثلما يفعل الوزراء والمسؤولون الحاليون حين يعطون لأنفسهم الحق في الكذب على الناس ويسوغونه لتحقيق مآربهم الخاصة عن طريق جعل الناس في دوامة من الإرهاق الجسدي والنفسي ويحيلون نهاراتهم الى ليل ولياليهم الى ظلام دامس برغم ان العراقيين ما عادوا يميزون بين ليلهم ونهارهم بعد ان أظلمت في عيونهم النهارات وتحولت الليالي الى كوابيس من المعاناة التي لا تنقطع . ولعل وزارة الكهرباء والوزير كريم وحيد هما ابرز من يلجأ الى التسويف ـ المفضوح لدى كل لبيب ـ من اجل غض الأذى عن نفسه. لقد داوم الوزير المذكور على ذكر الأرقام الفلكية عن انجازاته الكهربائية العملاقة ولو حسبنا (الميغاواطات) التي أعلن هذا الوزير عن ضمها الى الشبكة (الوطنية) لتجمع في ايدينا رقم كبير من الطاقة الكهربائية يفيض علينا ونصدر ما تبقى منه الى الخارج! وليس مثلما نفعل الآن حين نستورد الكهرباء من إيران وغيرها برغم مرور أكثر من سبع سنوات منذ التغيير (الكبير) في نيسان 2003. وآخر مزاعم الوزير كريم وحيد ـ برغم ان الناس في قرارة أنفسهم لا يصدقون ما يقوله ـ ان الكهرباء ستأتي ابتداء من منتصف حزيران الجاري وها هو حزيران قد حل قاسيا وتجاوزنا منتصفه من دون ان تشهد النسبة الأعظم من بيوت العراقيين ومنها العاصمة بغداد أي تحسن في التزود بالكهرباء بل يمكن القول ان الصيف الحالي أسوأ من سابقة الذي هو أسوأ من الذي سبقه وان المقبل سيكون الأسوأ قطعاً إذا ظل هؤلاء وأمثالهم ممن جلبتهم المحاصصة والزمن العراقي الرديء يتسيدون على رقاب الناس . لقد انهارت الكهرباء مع لهيب الصيف العراقي بصورة شبه كلية وتبخرت وعود السيد كريم وحيد وتواصلت معاناة العراقيين وسط صمت جميع الأطراف الحكومية والنواب الممثلين المفترضين لشعب العراق، وفي الحقيقة فان مسوغات وزير الكهرباء والمدراء العامين والمسؤولين فيها منطقية جدا وبسيطة جدا؛ انهم لا يعبئون إطلاقا بردود الفعل الشعبية انطلاقا من تصورهم بأن الشعب قد استسلم ودخل في مرحلة القنوط المطلق واليأس القاتل والغيبوبة وانه ـ بحسب تصوراتهم ـ لم يعد شعباً للانتفاضات والثورات كما ان المسؤولين يعولون على السياسة الاميركية التي لا تريد رحيل هؤلاء المسؤولين في الوقت الحالي بل تحتاجهم الى أمد ما. لقد جاءت الأحداث الأخيرة في البصرة والانتفاضة التي حصلت ردا على كذب وزير الكهرباء والمسؤولين وطالبت باستقالتهم وتوفير الكهرباء لتوجه رسالة بالغة الخطورة لأمثال هؤلاء الذين فرضوا أنفسهم بوساطة المحاصصة على جماهير الشعب. وبرغم ان انتفاضة البصرة قد تم مواجهتها بالقوة من جانب وبوعود المسؤولين بإرسال كميات إضافية من الوقود والبانزين او وعود البعض بإقامة إقليم البصرة وهو ما سبق ان رفضه البصريون ضنا من هؤلاء المسؤولين انهم بإقامة الأقاليم سيتمكنون من لجم الحركات الشعبية المطالبة بحقوقها ونسوا ان بغداد ستكون لهؤلاء السراق والحرامية بالمرصاد، كما ان تعويلهم على العامل الاميركي و توقعهم بان وجود القوات الاميركية كفيل ياستمرارهم في الوزارات وفي الحكم امل سيُمنى بالفشل المؤكد إذ اننا نعتقد ان اميركا لن تقف بالضد من الإرادة الشعبية العراقية التي ستنطلق اذا لم يجر توفير الكهرباء طوال الساعات الاربع والعشرين و إذا لم تلبَ الخدمات مثلما تخلت ـ أي اميركا ـ عن حكام كثيرين بعد انتفاض شعوبهم عليهم ومن لم يقرأ التاريخ فليراجعه. أضف الى هذا ان السفير الاميركي في العراقي ذاته كريستوفر هيل قد وجه رسالة تحذير قبل اندلاع انتفاضة البصرة الى الحكومة العراقية حين قال قبل يومين فقط من الانتفاضة متحدثا عن الوضع في العراق: الاستياء الشعبي أخطر على العملية السياسة من النزاع الطائفي والتمرد. وهو كلام واقعي ومنطقي إذ ان عدم تلبية مطالب الناس وتزايد الاستياء الشعبي سيفقد العملية السياسية الجارية مبررات وجودها، إذ ما فائدة تشكيل الحكومة الجديدة والناس يرون ان وزراء فاشلين ومفسدين يجري ابقاؤهم برغم انهم أذاقوا الناس الأمرّين بفشلهم وبوعودهم الكاذبة التي يأملون ان يتقوا بوساطتها غضب الناس المشروع وان يبقوا على كرسي الحكم ولكن هيهات لهم ذلك فالشعب العراقي شعب متبصر وهو يرى ما يجري في جميع دول العالم بما فيها الصومال التي تنعم بالكهرباء التي لا حياة من دونها ومثلما حلت دولة الكويت مشكلة الكهرباء بعد حرب الخليج الثانية في ظرف ايام اواسابيع فلنعتبر كل محافظة لدينا هي مثل الكويت ولنجلب الكهرباء لجميع محافظات العراق اثناء ثمانية عشر اسبوعا ولنقل في غضون عام. ومن دون تحقيق ذلك فان الشعب العراقي مقبل على انتفاضات وثورات قادمة ولن نستثني افراد الجيش وقوى الأمن التي لا نشك في انها ستنحاز الى الشعب لأن مطالبه واقعية ومشروعة وسهلة التنفيذ اما المسؤولون فسوف لن تنفعهم تقيتهم ولن يتحمل الشعب كذبهم الى نهاية المطاف.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيناريوهات الوزارة المقبلة .. فجر العراق الحالك
-
مشاريع على ورق!
-
تقليص صلاحيات رئيس الوزراء تكريس للفوضى
-
اختلفوا على اللجان فهل يتفقون على الرئاسات؟
-
تأخير تشكيل الحكومة مظهرٌ للاخفاق
-
تشكيل الوزارة أم لجان الاختيار؟
-
الفشل في استغلال الزمن!
-
صحوة أبو الهوا / قصة
-
مخاوف من عودة المربع الطائفي العاجز
-
حاجتنا الى الأسواق
-
في ذكرى التاسع من نيسان
-
رموز الفساد تطل من جديد!
-
حكومة للكتلتين الفائزتين
-
وزارات لا حاجة لنا بها
-
افتحوا الخضراء
-
روح السياسة الرياضية
-
فرصة لعبور التخندقات
-
لا لحكومة الشراكة والتوافق
-
من اجل حكومة متقشفة
-
استحقاق ما بعد الانتخابات!
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|