|
حلاوة أنوثتها ... ولكن
لينا هرمز
الحوار المتمدن-العدد: 3038 - 2010 / 6 / 18 - 19:54
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
على الرغم من أن المرأة اليوم تختلف عن المرأة قديما، إن كان في العلم أو ميادين العمل، ومشاركة الرجل في بعض الأعمال سواء كانت تجارية أو سياسية أو تعليمية، وبدأت تأخذ حيزا ودور في مجالات الحياة المختلفة، وبدأت بإحراز تقدم ملموس وملحوظ في اكتساب بعض حقوقها في العديد من المجتمعات المتقدمة التي تعطي اهتمام وأولوية للمرأة. ألا أنها من جانب آخر تعيش معاناة أخرى، تفقدها إنسانيتها وكرامتها وأمومتها وروحيتها ورقتها، معاناة تفقدها أنوثتها من خلال:ــ استغلالها، والاتجار بها في أسواق النخاسة، بيعها في سوق الرق، كذلك العنف الممارس ضدها بكل إشكاله وأساليبه.. النظرة القاصرة و الدونية التي ينظر إليها، واضطهادها وحرمانها من حقوقها في بعض المجتمعات، واعتبارها أدنى مكانة من الرجل، وأنها ناقصة عقل ودين ومحدودة التفكير.. أيضاً الكلمات الفاسدة التي توجه بحقها، والمعاملة السيئة التي تعامل بها سواء كان من قبل الرجل أو المجتمع، الضرب بطريقة وحشية وبدائية.. وغيرها الكثير من الأساليب التي تمارس عليها وضدها.. وهذا الذي ذكرناه بعض مما يمارس ضدها، والتي مجتمعة تكون بمثابة الضربة القاضية توجه إليها، تفقدها حريتها وكرامتها وإنسانيتها وثقتها بنفسها، بل الأكثر من هذا جمال أنوثتها الذي هو أسمى صفة ميزها وأحقها الله بها. أذن المرأة بهذه الصورة، وبهذه الذهنية والعقلية، هي ضعيفة وتستغل في كل شيء لأنها بلا حقوق، وان كان هناك حقوق ومنصوص عليها فأنها لا تطبق على ارض الواقع وخاصة في المجتمعات التي ما زالت تطبق أشكال العنف المختلف ضد المرأة.. والمرأة كما نعلم جميعنا وبلا شك هي مكملة للرجل سواء كان في البقاء أو تقدم البشرية، ومشاركته في جميع مناحي الحياة. لأنه إن كان الرجل اليد اليمنى في الحياة ، فالمرأة هي اليد اليسرى، واليد الواحد لا تصفق بدون الأخرى، وهذا أكيد. لكنه بالرغم من ذلك مازالت تعاني من تسلطه عليها وتقييدها وعدم إعطاءها الثقة والحرية المناسبة لكي تشعر بنفسها وبقيمتها، وبأنها إنسان لها دور ومكانة مثله، وانه يمكن الاعتماد عليها، وليس فقط ان تترك في البيت مثل أي قطعة أثاث مركونة وجامدة! فقط مهمتها الاعتناء بالمنزل والأولاد وطلبات البيت وإنجاب الأطفال، وأداة لمتعة الرجل ولشهواته، وهو يقرر مصيرها حسب أهوائه ومزاجه الشخصي!! ومحسوبة الحركة والخطوة ومراقبة في كل شيء وكأنه يجب أن لا تترك للحظة، لكي لا تتعثر وتسقط مثل الطفل الصغير الذي يكون في بداية تعلم المشي .. ونحن بالطبع لا نخص بالكلام جميع الرجال، ولكن البعض ممن لا زالت هذه الأفكار مسيطرة على تفكيره وتصرفاته، ويخافون من منافسة المرأة لهم وان تتفوق عليهم وهذا أمر مرفوض وغير مقبول وخاصة عند الرجل الشرقي!! كيف ان المرأة التي هي اضعف منه جسميا تتفوق عليه وتواكبه وتشاركه الحياة وتطورها. ولكننا نقول بان وضع المرأة اليوم ليس أفضل مما كان يمارس ضدها، قديما كما ذكرنا كان تقتل بأي وسيلة وبدون أرادتها، لكن اليوم عكس الأمس تماما، فمن خلال متابعتنا وقراءتنا لوسائل الأعلام المختلفة المرئية والمسموعة نجد المرأة هي التي تقوم بقتل نفسها!! قديما كانوا يمارسون العنف ضد المرأة لأسباب كثيرة، منها كونها ولدت فتاة فكان يجب لها الموت (واد البنات)، أو لأنها أم ورزقت ببنت وهذا أيضا كان أمر غير مسموح لها، وكأنها هي المسبب الوحيد في هذا، وهنا أيضاً الموت كان محلل لها أو تطرد من بيت زوجها! أو لأنها كانت تعتبر سبب الخطيئة وسبب الغواية للرجل، و أنها شيطان وفيها روح شريرة!! أو كان يدفع بها إلى ممارسة البغاء في سبيل الحصول على المال، أو بيعها كسلعة مثل باقي السلع إلى الزوج في اغلب المجتمعات القديمة، وما زالت لحد الآن في بعض المجتمعات تباع إلى الزوج مقابل المال وبرقم خيالي!! وخلال مطالعتنا في كتاب للكاتب "ول ديورانت" المعنون تحت عنوان "قصة حضارة"، ذكر فيه بان الصين قديما كانت تتبع أسلوباً سيئاً تجاه المرأة، تصوروا بأنه أذا كان عندهم عدد البنات يتجاوز الحد المطلوب، أي ترتفع حصيلة البنات قياسا بالذكور كانت الفتيات يتركنْ غذاء للحيوانات المتوحشة، أو يتركنْ تحت الصقيع للموت والتخلص منهنْ.. أو ما كان يمارس في الهند بحقها حيث كانت تحرق أو تدفن مع زوجها عند وفاته !! وهذا كمثال بسيط لما كان يرتكب بحقها قديما.. ولكن اليوم مثلما قلنا ومما سمعنا من خلال التلفاز وقرائنا في الصحف والجرائد، نجد حالات كثيرة من ان فلانة قامت بالانتحار، أو رميت نفسها من الشباك أو من بناية عالية، أو قتلت نفسها بالغاز، وغيرها الكثير من الحالات والشواهد كثيرة أيضاً، أو ما لاحظناه في التلفاز قبل فترة من خلال فيلم يصور فتاة تقطع إلى أجزاء وتذبح إكراما لآلهة قبيلة تعيش في أحراش الصين!! بما معناه بان المرأة ما زالت تهان وتغتصب حقوقها لحد يومنا هذا على الرغم من التطور الحاصل في العالم وتقدم البشرية والعلوم والتكنولوجيا، ومع الأسف للبعض الذي ما زال بهذه العقلية ولا يفهم بأنها إنسان لها روح وتشعر وتحس، ومكرمة من عند الله.. ولكن جميعنا نعلم بان هذه النظرة القاصرة والقاسية وغير المنصفة بحق المرأة سببها الرئيسي برأينا هو المجتمع، الذي تحكمه أفكار وتقاليد وعادات وأعراف تفهم بطريقة خاطئة وتمارس بصورة أخطئ! ومن خلالها جميعا ينظر إلى المرأة من خلال منظارها! مجتمع من خلال الموروث الذي يورثه يحاسب على كل خطوة تخطوها، وواقف بالمرصاد لأصغر الصغائر تصدر من المرأة، مجتمع يرسم للإنسان خطوته، وهي بالتالي تعود إليه (منه واليه) أفكار يمارسها ويصدرها حسب أهوائه وبما يتناسب مع العادات والتقاليد التي ورثها، ولكن ليس كل الذي ورثناه عن أجدادنا سيء، بالعكس هناك الكثير من الأمور هي الدافع والأساس لنا نحن كبشر لنطور أنفسنا وحياتنا من خلالها، مثل حضاراتنا وثقافة وعلوم أجدادنا. ولكن نحن نخص بالذكر، الكلام الغير مبرر، الهمسات بحق هذا أو ذاك، التفسيرات الخاطئة لبعض التصرفات سواء صدرت بطريقة عفوية أو غير مقصودة أو عن قلة خبرة ، وأيضا من كل هذا المرأة، التي هي مشكلة أزلية ومستمرة، و التي يجب أن تحاسب في الأول والأخير وان لا تخرج عن الخط المستقيم الذي رسم لها. وإذا نظرت هنا أو هناك، لا يجوز كيف تفعل هذا!؟ ولكن أذا أعطيناها الثقة بنفسها، ولمْ نشعرها بأنها دائما على خطأ، كنا قد تجنبنا الكثير من الأخطاء والمطبات التي وقعت فيها!! ولكن ماذا نقول في إنسان يظلم أخيه الإنسان، ويكون واقف له بالمرصاد على كل صغيرة وكبيرة، ويزيد من حجم هذا الخطأ.. علينا أذن أن ننظر للمرأة نظرة تعطيها القيمة الحقيقية التي تليق بها، لأنها روح الحياة والعالم، وأن نساعدها قدر المستطاع أن تنال كامل حقوقها المشروعة وليس اختزالها، ولكن هنا لا نخص بالذكر القوانين التي نصت عليها حقوق الإنسان فقط، بل حقوقها التي منحها الله لها كإنسانة لها أحساس وشعور ويجب احترامها من قبل الرجل (الأب ــ الأخ ــ الزوج) والمجتمع، وليس كسلعة رخيصة يتاجر بها وبجمالها وأنوثتها على حساب كرامتها، وان تكرم في مجتمعها وتعطى القيمة والميزة الحقيقية لها. مع انه في بعض البلدان المتقدمة تعطي حقوق للمرأة، كل بلد وحسب السياسة الممارسة فيه.. وجيد لنا أيضا ان نتمسك بعاداتنا وتقاليدنا التي ورثناها من أجدادنا ولكن يجب أن نفهمها صح وليس رأسا ان نحكم على احد ونصدر الأحكام بحقه لمجرد انه أخطأ بدون قصد، أو لمجرد انه لاحظنا خطأ على احد بما معناه انه الجميع أخطئ ويأخذ بذنب المخطئ!! Lena.s.hirmiz [email protected] 2010/6 /18
#لينا_هرمز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور المرأة في الكنيسة بين الواقع والطموح
-
اطفال بلا طفولة
-
الصابئة المندائيين الاصلاء .. الى اين؟
-
حقوق المراة واليوم العالمي للاحتفال بعيدها
-
جريمة العصر في القوش
-
المخدرات والارهاب وجهان لعملة واحدة
المزيد.....
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|