رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 924 - 2004 / 8 / 13 - 09:54
المحور:
الادب والفن
تفضلوا .. ادخلوا .. لنرى ما إذا كانت هذه غرفته حقا ..
تدخل رجال الشرطة والجيران . ودخلت معهم , صعقت , تساءلت : " هل أنا مجنون ؟ " أجلت بصري في الغرفة .. زاوية .. زاوية .. شبرا .. شبرا .. تفحصت الأثاث , كله مختلف , لم أجد شيئا من أغراضي : خزانتي .. حقيبتي .. سريري .. المرآة .. عدة ’ المطبخ .. صورة أبي وأمي .. كتبي .. أوراقي .. لا شيء . لاشيء .. الغرفة خالية من كل ما يخصني .. وصرخت آليا : " لقد سرقت .. أولاد الحرام .. استغلوا غيابي .. وسرقوني .. وصاح الشرطي بي : " اهدأ يا هذا .. اهدأ " وصاح أبو سميحة : " سيدي .. يجب أن تأخذوه قبل أن تأتيه النوبة وتشتد " الكريزا معه ؟ " وثارت ثائرتي .. ودفعني حدسي لاتهام جيراني . واتجهت بغريزتي نحو أبي سميحة , وقبضت على عنقه بكفي .. وأنا أصرخ : " إنه هو .. هو يا سيدي .. ولا أحد غيره .. إنه القرش .. القرش ذاته الذي هاجمني عندما كنت في أعماق البحر .. كاد يأكلني في آ خر لحظة " وضغطت بقوة على عنقه , فيما راحت سميحة تصرخ وتعول وتستغيث , وأخذ رجال الشرطة ينتزعون أبا سميحة مني بصعوبة , وقد اضطروا لتوجيه ضربة إلى رأسي .. أفقدتني الوعي للحظات , حتى تمكنوا من تخليصه من بين يدي , رشوا الماء فوق وجهي , نهضت , كانوا قد تمكنوا مني , وقيدوني , وسمعت أصواتا تقول :
- العفاريت أخذت عقله
- المجنون
- المسكين
- كان الله في عونه .
- الله يشفيه .. ويعافيه
وقطع تلك الأصوات وقوف سيارة بيضاء , نزل منهكا رجال .. يرتدون أيضا ثيابا بيضا , اتجهوا نحوي , فيما كنت أنظر إلى وجوه من حولي , وخاصة القرش .. وسميحة التي شبكت يدها بيد شخص كنت قد رأيته .. إنه ذات الشخص الذي بدا لي في المرآة العتيقة .. أوه .. الآن تذكرته , لقد كان واحدا من هؤلاء الذين اقتحموا علي غرفتي مساء البارحة , ترى لماذا يقف إلى جوار سميحة ؟ ويشبك أصابع كفه بأصابع كفها الناعمة ؟ ولا أدري كيف تدفق فمي بسيل من الضحك والقهقهات الهستيرية الغريبة ؟ وقد أجفل كل من حولي بسبب ذلك ..
اقتادني الرجال إلى السيارة البيضاء .. والأصوات تردد خلفي بطريقة متصاعدة .. لئيمة .. عد وانية : مجنون .. مجنون .. مجنون ………
#رياض_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟