أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 5















المزيد.....

الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 5


كمال غبريال
كاتب سياسي وروائي

(Kamal Ghobrial)


الحوار المتمدن-العدد: 924 - 2004 / 8 / 13 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إشكاليات معلقة
إذا كنا نحن الليبراليون الجدد بالاستقراء الواقعي والبسيط لمسيرة الحضارة الإنسانية، قد توصلنا لأنه بعد موت الأيديولوجيا ونهاية التاريخ قد وصلت البشرية إلى فردوس الحرية، لكل الشعوب، وكل الأفراد، حيث سيادة العقل بمفهومه الغربي reason المشتق من السببية، أي إرجاع الظواهر لمسبباتها، وليس العقل من اشتقاق الكلمة العربي بمفهوم الربط والتقييد، وحيث شعار الفردوس الأرضي "دع ألف زهرة تتفتح"، في تنوع وتكامل وتناغم بين جميع الأفكار والميول والرغبات، بما يثرى الحضارة ويمنحها الشباب الدائم مادامت قادرة على استيعاب جدل المتناقضات وتفاعلها البناء، أي استخدامها كعنصر بناء بدلاً من أن تكون عوامل هدم، تسعى لتكوين منظومة جديدة، كما حدث مع المنظومات الحضارية السابقة في تاريخ البشرية، فإن في سماواتنا الشرقية وأرضها ما يعترض صيرورة التاريخ، ويبقي تساؤلات وإشكاليات معلقة تبحث عن إجابة:
· ما مدى تقبل المجتمعات الشرقية لنوعية العلاقات الإنسانية والاجتماعية المصاحبة للمناخ الليبرالي، سواء في مرحلة النمو وما تستلزمه من استعداد فطري يسرع من معدلات التقدم، أو في المراحل المتقدمة، والتي رغم أنها ستكون قد مهدت الأرض لنفسها، إلا أن الاستعداد الطبيعي لدى الإنسان يمنحها الثبات، في مواجهة احتمالات الارتداد؟
فقد ظهر التيار الليبرالي العربي أو التيار العقلاني التنويري في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على أيادي جيلين من المفكرين التنويريين، فكان الجيل الأول يمثل جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا وعبد الرحمن الكواكبي وشبلي شميّل وفرح أنطون وغيرهم، وظهر الجيل الثاني في بداية القرن العشرين وكان يمثل طه حسين وقاسم أمين ومحمد حسن الزيات وتوفيق الحكيم ومحمد حسين هيكل وغيرهم، وهؤلاء جميعاً اشتركوا في تيار فكري وسياسي واحد كان ينادي بالمبادئ التي مازلنا نحن الليبراليين الجدد ننادي بها انطلاقاً من نقطة الصفر أو قربه، ولا يكاد يظاهرنا إلا التغيرات العالمية التي تحتم السير في طريق الليبرالية، وتوق الجماهير للتغيير، والخلاص من مستنقع المعاناة الحياتية التي ترزح فيه، لكننا لا نستطيع أن نقول أو ندعي أننا - ونحن الجيل الثالث من الليبراليين – نستكمل مسيرة أسلافنا، أو نتكئ على ما أرسوه من دعائم على الطريق، فهل ذهبت دعواهم أدراج الريح، ولماذا؟ علينا إن أردنا أن لا نواجه وشعوبنا معنا ذات المصير، أن نعثر على حل لهذه الإشكالية، وأن نبحث إن كانت الأرض الآن ممهدة لاستقبال التنوير الليبرالي أكثر من ذي قبل، وإلى أي مدى، وماذا وكيف يمكن الاستفادة من دروس الماضي، حيث تيار الزمن الآن لم يعد يسمح بالمزيد من الفرص الضائعة.
· الإشكالية الثانية، والتي قد تكون أحد مفاتيح الإشكالية الأولى، هي مدى صلاحية مفردات واصطلاحات اللغة العربية، من حيث المعاني والمفاهيم المحملة عليها، سواء في القاموس أو الاستخدام اليومي، لاستيعاب مفاهيم الليبرالية، وما تستلزمه من سيادة عقلانية لها قاموس خاص لا يتوفر في لغتنا العربية، فمفردات اللغة ليست أدوات طيعة نعبر بها عن أفكارنا، بل العكس، فما نظنه أفكارنا هو مجرد انعكاس للمفاهيم المنمطة والمقولبة داخل أوعية مفردات اللغة التي نتعلمها منذ ولادتنا ، وأقصى حرية متاحة لنا هي حرية الاختيار، أو الانتقاء من بين ما هو معروض أمامنا من مفردات أي أفكار، وهي حرية منقوصة بلا شك في جميع الحالات واللغات، لكن تلك الحرية تتضاءل كثيراً في حالة ضيق مساحة الاختيار المتاحة في لغة مثل اللغة العربية، ذات المنشأ البدوي، والتي لم يضف إليها المحدثون المتحدثون بها ما يعتد به من مفاهيم وأفكار وروح العصر العلمية.
هذا عن ضيق مساحة الاختيار، لكن ما هو خفي لكنه أخطر، المعاني المحملة على المفردات من جذور اشتقاقها – مثل كلمة عقل السابق الإشارة إليها – كذا المحملة عليها في العرف الدارج في المجتمع، والذي يحملها بإيحاءات بغيضة أو محببة، قد يكون خلافاً لحقيقتها العلمية الصارمة، مثل كلمة "مصلحة" في جملة: يسعى وراء مصلحته، فهذا التعبير محمل في العرف الدارج بإيحاءات غير جيدة، وإذا كان الأمر هكذا في جميع اللغات، فإن الاختلاف الذي نعنيه في الدرجة، والمسئول عن هذا طبيعة اللغة العربية من جانب، وتخلف المجتمعات المتحدثة بها من جانب آخر، ولا يحل تلك المعضلة تعلم لغة أجنبية، مهما بلغت درجة إجادتنا لها، فالإنسان لا يفكر إلا بلغة أمه، وتبقى المفاهيم التي يتعلمها من أي لغة أجنبية مجرد أداة يستعين بها للتعبير عن أفكاره المحددة والمشكلة أصلاً بمفاهيم لغة أمه، وإن تحسن الحال بعض الشيء، وإن كان بقدر غير ذي بال.
وإذا بدا ما سبق للبعض كأنه إلقاء للتهم بلا سند، فإننا نوافقهم، لكن عذرنا ضيق المجال وعدم مناسبته، واحتياج الأمر لأبحاث مستفيضة ربما لم تنجز بعد، لكن التساؤل الأجدى هو: هل نستطيع وتستطيع لغتنا أن تتواءم مع مفاهيم العصر؟ وبصيغة أفضل: هل نستطيع أن نخوض صراعاً بناءاً مع ذواتنا ومع لغتنا، لنخرج بها من النفق الأزلي الذي استرحنا إليه وضاق بنا؟!!
· الإشكالية الثالثة المعلقة في فضاء الليبرالية الجديدة مبعثها الجغرافيا، فالفكر مرتبط عضوياً بالمرحلة الحضارية التي يمر بها المجتمع، بل الفكر هو صنيعة تحولات العلاقات المادية على أرض الواقع، وليس مبعثها، وهذه النقطة أول وآخر ما نتفق فيه مع مادية كارل ماركس الجدلية، وبعدها نفترق عنه بلا عودة.
ولما كانت المجتمعات الشرقية تضم خليطاً غير متجانس من المراحل الحضارية، فبعضها في مرحلة البداوة والقبيلة، والبعض في مرحلة الزراعة، والبعض على مشارف عصر الصناعة غير قادر على ولوجه، أو خطى بضع خطوات على استحياء في أحسن الفروض، فإن الإشكالية ليس فقط في مدى تقبل الشعوب المتخلفة حضارياً لقيم الليبرالية، وإنما في التأثيرات العرضية بين تلك المجتمعات، سلباً وإيجاباً، خاصة مع تجاورها جغرافياً وشبه توحدها لغوياً ودينياً، مما يجعل تأثيرها على بعضها البعض قوياً، بحيث يهدد بإجهاض أي نجاحات تحققها الشعوب القادرة على السير في اتجاه الليبرالية، وربما هذا ما حدث لمصر ولبنان خلال الربع الأخير من القرن الماضي، مع الأخذ في الاعتبار أن حل الانعزال غير وارد في هذا العصر، ولا في أي عصر قبله، ليس من منطلق العروبة والقومية والوحدوية وما شابه من قعقعات خاوية إلا من الأذى الفاشي، ولكن بطبيعة الحقائق الموضوعية على الأرض وبقدرها، ليس أكثر ولا أقل.
يبدو الأمر أشبه بأسطورة برج بابل، فحين اختلفت الألسنة كان البعض يبني والآخر يهدم!!
· الإشكالية الرابعة يحكمها الزمن، فإذا لم يكن قطار التحديث قد فاتنا فعلاً، فهل نملك آليات تحول أطروحات الليبرالية الجديدة إلى واقع على الأرض، يتطور ويتنامى بالسرعة المناسبة، والتي لابد من أن تفوق معدلات التطور العالمية، حتى يمكن لنا ذات يوم منظور لأحفادنا، أن نلحق بركب الحضارة ونكون في صف مقارب لشعوب مثل شعوب جنوب شرق آسيا؟
لا نزعم أننا حصرنا جميع الإشكاليات المعلقة، فهنالك الكثير، لكنها مادامت معلقة فلابد أن ثمة حل إيجابي ينتظرها ولو عند خط الأفق.



#كمال_غبريال (هاشتاغ)       Kamal_Ghobrial#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 4
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 3
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 2
- الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 1
- الفاشيون الجدد والتانجو الأخير
- الفاشيون الجدد ودموع التماسيح
- - أثداء الصبار- قصة قصيرة
- خربشات على جدار مفترض - كتابة عبر النوعية
- الشيخ وهالة الصبح - قصة قصيرة
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 3/3
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 2/3
- مركزية الكلمة وأزمة الخطاب الشرقي 1/3
- نحن وأمريكا الجزء الثالث
- نحن وأمريكا الجزء الثاني
- نحن وأمريكا الجزء الأول
- الفاشيون الجدد والاقتداء بمقتدى


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال غبريال - الليبرالية الجديدة وفضاء يتشكل 5