أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الثامنة














المزيد.....

أحلام كبيرة- الحلقة الثامنة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3032 - 2010 / 6 / 12 - 20:42
المحور: الادب والفن
    


اختفت وفاء لعدة أيام دون ان تخبرني بأنها ذاهبة في اجازة. وبقيت حائرا وقلقا بشأنها, الى ان وجدتها, بعد عدة أيام, في بيتها بعد وقت قصير من عودتها. أحسست ان شيئا ما قد تغيّر فيها منذ ذلك الوقت. وحين اتّصلت بها الى عملها, في اليوم التالي, ازداد ذلك الإحساس في داخلي, وحاولت ان أفهم منها سبب تغيّرها, فوعدتني بلقاء في الغد.
بدت وفاء ملتقعة اللون, بالغة القلق. جلست امامي بصمت كئيب, ولم ترفع نظراتها اليّ, حتى بادرتها بالكلام.
"وفاء ... ما بك؟ ماذا هناك؟"
فقالت بنبرة تنم عن الصدق: "عمر, أريد ان أكون صريحة معك. فأنت فعلا تستحقّ مني ذلك. ولذلك, عليك أن تعرف شيئا عني."
سألتها متعجّبا: "ما هو؟"
"انا أكنّ لك كل احترام وتقدير, وأحب صداقتك. ولكن, عليك ان تعرف اني ... لا استطيع ان اكون لك أكثر من صديقة."
"لماذا تقولين ذلك؟"
"لأنها الحقيقة."
"ماذا يعني ذلك؟ هل بدر مني شيء ما أزعجك؟"
"لا, أبدا."
"اذن ماذا؟ أخبريني, أرجوك."
"ليتني كنت استطيع." قالت بنبرة حزن عميق.
سألتها: "ماذا تقصدين؟"
"كما قلت لك يا عمر, لا أستطيع ان اكون الا ... صديقة."
"وفاء," قلت بلهجة مفعمة بالصدق, "أنا أحبك. حقا, انا أحبك كثيرا. ولا تتصوري عذابي ومعاناتي حين تكونين بعيدة عني. اريد ان نكون معا دائما."
"أرجوك يا عمر, كفى!" قالت وهي تهزّ رأسها.
فسألتها بشيء من الخوف: "انت ... لا تحبينني؟؟"
"انا ... انا لا استطيع ... لا استطيع!" كان ردها.
"لماذا؟"
"لأني ... لأني ..."
"لأنك ماذا؟ ارجوك ان تتكلّمي."
فقالت بانفعال: "لأني متزوجة."
"ماذا؟!" هتفت مبهوتا... مذهولا... غير مصدّق لما أسمع. "ماذا قلت؟"
فعادت تقول: "انا متزوجة."
حدّقت فيها بنظرة مشدوهة... وكأن التي تجلس امامي ليست المرأة التي عرفتها وأحببتها من صميم قلبي. هتفت بها: "اذن لماذا لم تقولي شيئا؟ لماذا اخفيت عني الأمر؟"
لم أستطِع البقاء اكثر. قمت وتركت المكان وقلبي يحترق وجعا. كنت محطّما ... ملتهفا ... ممزّقا ... يعتصرني الألم, ويخنقني البؤس المرير الذي عرفته من قبل. لماذا فعلت بي ذلك؟ سؤال ظل معلّقا في ذهني ولم يوجد له جواب.
مرّت عدة أيام. وذات يوم, صادفتها في انحاء المحكمة. فالتقت نظراتنا. ولكن الكلمات اختنقت في الداخل. وقفنا كذلك نحدّق في بعض لبرهة ... ثم مضى كل منا الى غايته. أحسست لوهلة بالندم لأني لم ألقِ عليها السلام. خالجتني الرغبة في التحدث اليها وسماع صوتها. ولكن جرحها في صدري كان كبيرا وثقيلا يمنع الكلمات من الخروج.
وهكذا مرت أيام...
ثم حدث ما لم أكن أتوقّعه على الإطلاق.
ذات يوم, فوجئت بامرأة تدخل عليّ في مكتبي ... لم تكن سوى منى!
حملقت عيناي دهشةً, ولم أصدّق ما أرى.
"ألم تعرفني؟" قالت واقتربت اكثر.
"منى؟!" هتفت. "أكاد لا أصدّق!"
"نعم. صدّق. انا منى." قالت والفرحة تغشى وجهها بغشاء من الجمال.
"ولكن ... ماذا تفعلين هنا؟" سألتها في عجب.
وهكذا فهمت منها أنها عادت من أميركا بعد طول السنين ... عادت ومعها ابنها! لقد تزوجت هناك من رجل وأنجبت منه ولدا يبلغ الآن من العمر خمس سنوات, وبعد ان توفي زوجها في حادث سيارة غرقت في الحزن والإكتئاب وقررت العودة الى هنا ... الى أهلها. جلسنا انا ومنى في مكتبي لساعات, نتحدّث عن الماضي, وعن سنوات الفراق وعن الحياة التي قست على كل منا, فأخبرتها عن وفاء وكل ما حدث لي معها. وأخبرتني عن زوجها الذي كان رجلا طيبا وأحبها حبا صادقا واحترمها الى أبعد حد, فعاشت معه أياما مليئة بالسعادة والأمان... الى أن توفّته المنية في عزّ شبابه وتركها تواجه الحياة وحدها.
لا أدري ان كانت عودة منى تعينني أم تضرّني, ولكنها حتما جعلتني أتناسى آلامي وأشعر بشيء من الراحة. كان وجودها الى جانبي يواسيني, اذ كنت أحب رؤيتها والتحدث اليها. وذات يوم, جاءت اليّ ودعتني على الغداء. وفي طريقنا الى خارج المحكمة صادفتنا وفاء وهي داخلة. فجمدت في مكانها لرؤيتنا وأخذت تتأملني وتتأمل منى بعينين ذاهلتين ... حائرتين. وقفت أمامها بشيء من الإرتباك, أبحث عن شيء ما أقوله لها, ثم ألقيت لها بالتحية ومضيت في طريقي بصحبة منى.
"من هذه؟" سألتني منى.
أجبت: "انها وفاء."
"وفاء؟ حقا؟ ولِم لم تقل لي؟ كنت سأسلّم عليها."
"لماذا؟"
"أحب التعرّف عليها."
"لماذا؟" تعجّبت.
فأجابت منى بعد تفكير: "لا ادري. ربما لأنها التي سكنت قلبك من بعدي."
ابتسمت قليلا وانا أتفادى نظرها. عرفت أنها أحسّت بالغيرة تجاه وفاء, كما فعلت وفاء نفسها تجاه منى حين رأتنا معا.
وفي اليوم التالي ... ظهرت وفاء في مكتبي.


يتبع...



#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام كبيرة- الحلقة السابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة السادسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الخامسة
- أحلام كبيرة- الحلقة الرابعة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثالثة
- أحلام كبيرة- الحلقة الثانية
- أحلام كبيرة- الحلقة الأولى
- المقهى 2 - قصة قصيرة
- المقهى 1 - قصة قصيرة
- الرجل الآخر- قصة قصيرة
- لن أعود - قصة قصيرة


المزيد.....




- عن عمر ناهز 64 عاما.. الموت يغيب الفنان المصري سليمان عيد
- صحفي إيطالي يربك -المترجمة- ويحرج ميلوني أمام ترامب
- رجل ميت.. آخر ظهور سينمائي لـ -سليمان عيد-
- صورة شقيق الرئيس السوري ووزير الثقافة بضيافة شخصية بارزة في ...
- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - أحلام كبيرة- الحلقة الثامنة