أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نارت اسماعيل - ترقية فتاة قبيسيّة














المزيد.....

ترقية فتاة قبيسيّة


نارت اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 3031 - 2010 / 6 / 11 - 18:25
المحور: الادب والفن
    


تستيقظ رفيف عند الفجر، تتوضأ، ترتدي ملابس الصلاة البيضاء وتصلي صلاة الفجر، تبقى جالسة على سجادة الصلاة ثم تتناول مسبحتها الطويلة التي أحضرتها لها خالتها من مكة عندما عادت من الحج
أستغفر الله، أستغفر الله، لا إله إلا الله، لا إله إلا الله، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، أستغفر الله أستغفر الله ....تقضي ربع ساعة بالاستغفار والدعاء والتسبيح، بعدها تتناول القرآن القريب منها وتقرأ ما تيسر لها لمدة ربع ساعة أخرى، تترك السجادة مكانها ثم تخلع ملابس الصلاة
تذهب إلى المطبخ وتتناول بعض الشاي والخبز وقليلآ من الجبن والزيتون
تربط (القمطة) باحكام على رأسها ثم ترتدي الجرابات السميكة والمانطو الطويل، ثم تضع الإيشارب الأبيض على رأسها
تقبل رأس والدتها
- الله يرضى عليكي يا بنتي، ديري بالك على حالك يا بنتي
- حاضر ماما، السلام عليكم
تخرج مسرعة إلى عملها الذي التحقت به منذ مدة قصيرة بعد تخرجها من كلية التجارة، فرع المحاسبة.
تمشي بخطوات سريعة واسعة بقدر ما يسمح لها المانطو الطويل، وتأخذ أحيانآ مسارات منحنية لكي تبعد نفسها قدر الامكان عن المارة وخاصة الرجال، وأحيانآ تنزل عن الرصيف ثم تعود وتصعد عليه إذا لمحت(ذئبآ بشريآ) قادمآ باتجاهها.
نظرها مثبت إلى الأمام وقليلآ إلى الأسفل، لاتلتفت لا يمينآ ولا شمالآ، لا شيء يثير انتباهها، تعابيرها جامدة أو بالأحرى بلا تعابير، مثل تمثال شمعي في متحف الشموع، لا مكياج، لا عطور، لا اكسسوارات.
تدخل إلى المؤسسة التي تعمل فيها، تذهب مباشرة إلى مكتبها، تصادف بطريقها بعض زملاء عملها، نادرآ ما تتبادل معهم السلام، اعتادوا عليها، فهي لن تلتفت إلى أحد، أقصى ما يمكن أن تفعله عندما يبتسموا لها أو يسلموا عليها أن ترد بصوت خافت يكاد لا يسمعه أحد: السلام عليكم.
تدخل إلى مكتبها، تنهمك فورآ بعملها وأوراقها وحساباتها، مع مرور الوقت اكتشفت أن هذه طريقة جيدة لإبعاد الزملاء والزميلات فهي تشغل نفسها باستمرار، وفي الحقيقة هي الأفضل في المؤسسة كلها والكل يشهد بذلك، لاتتناول القهوة ولا الشاي أثناء العمل ولا تثرثر مع أحد ولا تترك مكان عملها حتى ينتهي الدوام، ولا يتصل بها أحد ولا هي تتصل بأحد إلا نادرآ عندما تتصل أحيانآ بوالدتها لتطمئن عليها.
تعود بعد انتهاء عملها مسرعة إلى البيت، عليها أن أن تلحق صلاة الظهر قبل حلول العصر وأن تساعد والدتها بتحضيرالطعام وبقية أعباء المنزل.
عند وصولها إلى البيت تخلع الإيشارب والمانطو والجرابات، تعيد الإيشارب إلى الخزانة فيقع نظرها على الإيشارب الأزرق الذي اشترته منذ مدة طويلة، ينقبض قلبها وتشعر بالأسى لأنها لا تستطيع ارتداءه فهي ما زالت مبتدئة بنظر( الآنسة ) ولا يسمح لها إلا بارتداء الإيشارب الأبيض الخاص بالمبتدئات.
انتسبت رفيف للحلقة الدينية في الحي الذي تقطنه قبل خمس سنوات وهي مواظبة على الدروس بانتظام
كان هناك شيء يحول بينها وبين (الآنسة) فهي بطبيعتها خجولة تفضل أن تكون في الصفوف الخلفية، لا تطلب شيئآ، وتنتظر من الناس أن يعطوها ما تستحقه، يحمر وجهها لأقل إطراء، مخلصة في كل شيء، دائمآ ما تكون آخر من يطلب ولكنها أول من يستجيب.
حفظت القرآن منذ مدة طويلة ولكنها مازالت ترتدي الإيشارب الأبيض الخاص بالمبتدئآت، بينما معظم زميلاتها من عمرها سمح لهن بالتحول إلى الإيشارب الأزرق .
كم كان يحز ذلك بنفسها ويؤلمها ويشعرها بالغبن، كانت تتساءل : بماذا أنا مقصرة ياربي؟
هل هي خلفية أسرتي المتواضعة غير المعروفة ؟ هل لأن لا أحد من أسرتي له مركز مرموق في البلد؟ هل السبب هو خجلي وقلة كلامي وعدم تقربي من (الآنسة) والتودد إليها كما تفعل بقية زميلاتي؟
في المساء تذهب رفيف إلى فراشها، تخاطب نفسها: غدآ سأطلب من (الآنسة) أن تسمح لي بارتداء الإيشارب الأزرق، سوف أصرّ على ذلك، هذا حقي وسأفهمها ذلك، هل دعاء وعفاف ووفاء أفضل مني؟
في اليوم التالي وبعد انتهاء درس من إحدى السيدات المتقدمات في الحلقة، تستجمع رفيف شجاعتها وتقترب من (الآنسة)
- شو يا بنتي بدّك شي؟
بصوت متلعثم ومتردد
- آنسة بتسمحيلي بكلمة؟
- تفضلي يا بنتي
- بتسمحيلي ألبس الإيشارب الأزرق؟
(الآنسة) تأخذ بعض الوقت في التفكير ثم تجيب: طبعآ يا بنتي، انتي بتستاهلي، كان لازم من زمان تلبسيه
تنكب رفيف على يدي (الآنسة) تقبلهما والدموع تنهمر من عينيها، لم تكن تدرك أن الأمر بهذه السهولة، كل ما كان يحتاجه الأمر هو أن تطلب فقط !
تعود رفيف إلى البيت وهي تطير من الفرح، تذهب مباشرة إلى خزانتها متجنبة أمها، تريد أن تفاجئها، تخلع إيشاربها الأبيض وتلبس الأزرق ثم تذهب إلى والدتها
- ماما شوفي
- مبروك يا بنتي، ألف مبروك
تأخذها والدتها بأحضانها وتضمها بحنان إلى صدرها
- ما قلتلك انّو الله ماراح ينساكي
في تلك الليلة وعندما استسلمت رفيف للنوم، كان وجهها مبتسمآ، لم تشعر بمثل تلك السعادة حتى عندما زفّوا لها قبل خمس سنوات خبر نجاحها في البكالوريا ومتفوقة على كل بنات مدرستها.



#نارت_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العبور إلى الضفة الأخرى
- نعم، إنهم مزعجون
- مأساة تهجير الشراكس
- إصلاح القلوب أم إصلاح الجيوب؟
- جمهوريات الفيس بوك
- لا نعبد ما تعبدون
- ما أصعب العيش صامتآ
- أوجه النفاق
- مضارب البدو في جبال القوقاز
- فن صناعة الغباء
- أقوال خالدة لعمرو خالد
- علموا أولادكم احترام المرأة
- البيئة- الإله- المرأة
- رأي شخصي في الختان عند الذكور
- سامحها يا أبو هشام
- عن أي إرهاب يتحدثون؟
- ما هو الحل مع هؤلاء الناس؟
- الحل قادم من الغرب
- إن شاء الله
- تساؤلات فتاة محجبة رغمآ عنها


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نارت اسماعيل - ترقية فتاة قبيسيّة