|
السحر السياسي الأسود
وليد مهدي
الحوار المتمدن-العدد: 3029 - 2010 / 6 / 9 - 20:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قصــة السياسة ( الإنكلو – أمريكية ) عبر مئة عام
الخلاصـة Abstract هذا الفصل يحكي عن مسار تطور وتشكل العقل السياسي البريطاني والميراث الذي خلفه للعقل السياسي الأمريكي و الأوربي بصورة عامة .. يكشف لنا المقال عن طريقة " جوهرية " في تعاطي هذه العقلية مع التحديات الدولية التي تواجهها وهي : التوتر الخلاق بخلق الند الإيديولوجي لأي إيديولوجية قوية لها القدرة على قهر العقيدة الرأسمالية الإمبريالية السطحية ، مثل الشيوعية .. قمنا بتسمية هذه " الآلية " الإنكلوسكسونية في التعاطي مع المتغيرات الدولية بــ" السحر السياسي الأسود " ، وقمنا بإطلاق مسمى السحر عليه لأنه لا يأتي بنتائج إيجابية على المدى البعيد ، بل ينقلب دوما ً على الساحر كما سندرسه في أمثلة متعددة.. فهو يبدأ بالخلطات القومية الاشتراكية في أوربا والعالم الإسلامي لاحتواء المد الشيوعي ، هذه الخلطات الإيديولوجية التي دعمتها بريطانيا العظمى ، ولا نقول أسست لها ، لكنها أسهمت في تضخيمها لمصالحها الخاصة ابتداءاً قبل أن تنقلب عليها في الحالة النازية الاشتراكية الألمانية والقومية العربية بقيادة عبد الناصر .. و في ظل هذا الميراث من مشاكل " السحر البريطاني الأسود " لجأت أميركا إلى معالجة هذا السحر بالسحر أيضاً عبر " دعم " ولا نقول " تأسيس " الإسلام الراديكالي أواخر الستينيات وجعله بحجم يفوق حجمه الطبيعي نحو القوميين والشيوعيين على حدٍ سواء ، فكانت الكارثة .. صحوة إسلامية عارمة ، ثورة إسلامية في إيران ، نظام سلفي متشدد في أفغانستان ن وظهور حزب الله كقوة فوق مستوى الدولة اللبنانية ، وكذلك حماس و تحريرها الأسطوري لقطاع غزة في ارض فلسطين .. ومثلما قوضت النازية حلم بريطانيا لتبقى القطب العالمي الوحيد .. هاهي الصحوة الإسلامية تجهز على الحلم الأمريكي بقيادة العالم في هذا القرن ..! مع ذلك ، أميركا لن تستسلم وحلفائها ، هاهم يستميلون الروس في 2010 بمشروع استراتيجي طويل الأمد للقضاء على الصحوة الإسلامية و إعادة توزيع مناطق النفوذ الدولية فيما بينهم ، هل سينجح الحلفاء الجدد في ذلك ؟ أم أن للتاريخ كلمة ٌ أخرى يصدح بها فمه ُ بعد حين ؟
الفصل الأول كيف تشكل العقل السياسي الأورو - أمريكي
العقل السياسي الأوربي، وبعد كوارث الحربين العالميتين ، آمن بقدر السلم كأولوية بدلاً عن الحرب .. و استوعبت أوربا دروس النصف الأول من القرن العشرين والتي شكلت الوعي الجمعي الأوربي المناهض لهــا ، فيما نجد العكس في طفولة .. ومراهقة الكاوبوي .. و جيمس بوند .. و رامبو و أخيرا المقاتل الكوني الفاني ، فهذه الشخصيات هي " رموز Symbols " تعبر عن تحولات و تمثلات رمزية للوعي الجمعي الأمريكي المغامر الطائش الذي وإن كان تلقى دروساً بليغة ً في فيتنام والعراق و أفغانستان إلا إنه أعتبرها تمارين لأجل التفكر أكثر .. ، فمراهقة العقل السياسي الأمريكي لم يكن في أفق تصوراتها بعد زوال القبضة الاقتصادية القديمة على عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية والقطبية المفردة في عالم ما بعد الحرب الباردة أن مسارها التصاعدي مضطرب وقابل للتراجع ، بقي العقل السياسي الأمريكي على الاستعداد بجاهزية أكبر و الاندفاع بوضع الإستراتيجيات بمدى ورؤية ٍ أعمق إذا ما حاول غزو إيران أو بلد ٍ آخر في الشرق الأوسط ، لكن أميركا .. الطائشة العذراء بدأت تتعلم دروساً حقيقية في التاريخ بعد الأزمة المالية ، و بعد ظهور " جنين " الإمبراطورية الشيعية الجديدة في المنطقة ، فما هو العمل المطلوب حسب قناعات صناع القرار فيها ؟ وكيف ترسم استراتيجياتها اليوم ؟ نعم ، فالحرب لا يعرف معناها الحقيقي ولا يستوعب درسها الأبلغ إلا الشعب ، أما القوات المسلحة التي يرسلها الساسة من وراء البحار فهي لا تعطي إلا إنطباعاً ناقصاً يصور المشهد بعين واحدة ، العين التي ترى القدرة والقوة العسكرية وتأثيرها البطولي والملحمي في فييتنام والصومال والبلقان والعراق ... ، أما العين الأخرى التي ترى داخل الأمة وبنيتها والآلام التي تسببها فهي لليوم عن كل عيب ٍ كليلة ، ولم تفتحها أي حرب ٍ على الأرض الأمريكية العذراء ، الشعب الأمريكي إذن ، وكما تخبرنا مسالك التأريخ ينتظر لحظة الامتحان الحقيقية في الحرب التي كان يراها في أفلام الأكشن الهوليودية كـــ " يوم الحساب " و " يوم الإستقلال " ، فهذا الشعب ورغم سلسلة الهزائم التي منيت بها قواته في العراق و أفغانستان لا يزال يعتبر الحرب مغامرة يقوم بها الشبان الأميركان كما تصور هذا أفلام هوليوود، وهو بذلك مأخوذٌ بما تنقشه أفلام هوليوود في وعيه الجمعي الذي يعرف الحرب تعريفاً مختلفاً عن التعريف الذي تعرفها به الأمم ، فساسة أميركا المقامرين بمصير الأمة الأمريكية إنما تتوافر لديهم تغطية كاملة لهذه المقامرات التي يحسبها وعي الشعب مجرد لعبة تقوم بها القوات المسلحة وجنديها الكوني الذي لا يقهر في بقاعٍ مختلفة ٍ من العالم ...! نعم ، سياسة أميركا لا تزال غير ناضجة ، وغير مؤهلة لقيادة العالم على الإطلاق ، وحينما يأتي اليوم الذي تخوض فيه الولايات المتحدة حرباً كارثية كبرى على أراضيها ، بعد ذلك فقط ، يمكن الحديث عن الأمة الأمريكية كلاعب أساس في إحلال السلم العالمي . جذور العقل السياسي الأمريكي : السياسة الأمريكية ، لا تزال مأخوذة بأصداء النزعة الاستعمارية البريطانية ، وعقلية التفوق النيتشوية الهيجلية الألمانية التي أثرت كثيراً على رؤى المحافظين الجدد في " نهاية التأريخ " الفوكويامية ، وصدام الحضارات الأسطوري الهنتغتوني ، ففي ظل الحرب الطاحنة بين النازية و أوربا والإتحاد السوفييتي ، ظلت العذراء بنت بريطانيا ، أميركا الطائشة المتمردة ، تترقب ، وتقف موقف المتفرج أيامها كانت مجرد دولة إقتصادية تحاول دخول التأريخ ، وقد أثـْـرت بالفعل لتمويلها الأوربيين بالسلاح ولم تشترك إلا بعد أن بدت علائم نصر الحلفاء بالوضوح .. وهذا ما ولد ردة الفعل لديها بخوض المغامرات تلو الأخرى والإيمان اليقيني الطائش بأن أميركا لن تخسر أبدا ً ..!
وفي معرض إكمالنا للمحاور المتبقية من الموضوع ، سنرى إن عدم النضج السياسي الأمريكي يتبدى من خلال سلوك الولايات المتحدة لخطوات الإمبراطورية العظمى ، الأم بريطانيا وهي تعالج و تتعاطى مع مشاكل الشرق الأوسط الحالية ، فبريطانيا تؤمن بسحر السياسة الأسود ، ونقصد به فلسفة " خلط الأوراق " و " الاحتواء المزدوج " و " الفوضى الخلاقة " والتي سنتناولها بشيء من التفصيل .
التغيرات التأريخية المؤثرة بنشوء العقل السياسي الأمريكي الحالي سنقرأ بعجل الأحداث على طول المسار الذي إتخذته التراكمات والتحولات الفكرية التي خلصت إلى ولادة النازية الألمانية ، المتجذرة عن الشعور بالتفوق ، تفوق العروق الأوربية عامة والألمانية خاصة والتي تجلت بسوبرمان نيتشه القائم على مبادئ وسيلة ميكافيللي وصولاً إلى عقيدة التفوق الغربي الأمريكية الحالية ، والتي نطق بها سيلفيو برلسكوني غداة الحادي عشر من سبتمبر ، حين قال ( الحضارة الغربية متفوقة على الحضارة الإسلامية ) وجورج بوش الذي نطق بهستيريا بأن قد بدأت الحرب الصليبية ، مذكراً التأريخ بمقولة " العقل الغربي " وهو يطأ قبر القائد المسلم ( ها قد عدنا يا صلاح الدين )، ويمكننا الآن إيجاز المؤثرات التأريخية بهذه المسارات بالخطوات المتتابعة الآتية :
أولاً : ظهور الإتحاد السوفييتي
وتشكيله لجبهة عالمية عقائدية " شيوعية " مضادة للرأسمالية أساس العقيدة الغربية . إن ظهور الإتحاد السوفييتي بعد ثورة أكتوبر 1917 ، الذي نشأ من رحم الاحتقار المسيحي لليهود كما يلخص هذا " عفيف فراج " في كتابه عن" اليهود بين حضانة الغرب والهوية الثقافية الشرقية " ، ما دفع الغرب نحو عصر القلق الطويل جدا ً تجاه الشيوعية والتي بدأت تنتشر كالنار في الهشيم في فكر أوربا السياسي الديمقراطي ، فالديمقراطية ورغم فضائلها على الرأسمالية فهي مرعبة إذ أن بالإمكان تخيل وصول الشيوعية للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع . ( كما وصل هتلر ) ما أدى إلى أخطاء كبيرة في معالجة هذه المسألة وكان من نتائجها الحالة النازية .
ثانياً : ظهور النازية في ألمانيا وتأثيرها في الشرق الأوسط
النازية ، و التي دعمتها بريطانيا أصلاً للوصول إلى السلطة كي تكون نداً للشيوعية ، أنقلبت كسحر ٍ على ساحرها الغربي بقيادة بريطانيا إلى درجة إن هتلر كاد أن يتحالف مع السوفييت للسيطرة على العالم وتدمير الرأسمالية ، لولا أن تدارك الإنكليز والغربيين المسألة ، فقد أسهمت أطماع هتلر في خسارة التحالف الكبير معهم ، و لو تخلى هتلر عن فكرة النفوذ على دول البلطيق بداية الحرب العالمية الثانية لكان مسار التأريخ اليوم بإتجاه آخر .. كما سنأتي على هذا لاحقاً ، مع ذلك ، تركت ألمانيا بصمات ٍ هامة في عالم اليوم وإن كانت خفية غير ماثلة للعيان ولعل أهمها بلورة الشعور القومي " الموحد " للشعوب الإيرانية والذي ساعد الثورة الإسلامية في إيران كثيراً في الثبات و الازدهار مع الأيام . فتفشي النزعة الآرية القومية في إيران بتأثير النازية الألمانية وقيام رضا شاه الذي جائت به بريطانيا للحكم بعد الإطاحة بالعائلة القاجارية بالميل نحو ألمانيا سياسياً وعقائدياً ، هذه النزعة الألمانية التي تكرست كثيراً في الوعي الجمعي الإيراني وكانت أهم أسباب ثبات وقوة الثورة الإسلامية في إيران بعد روح الله الخميني ، فما قام به رضا شاه هو تحويل إسم بلاد فارس إلى اسم آري جديد هو : إيران ! ولقد لعبت إيران في القرن الماضي دوراً أساسياً في تحولات القوى السياسية و توازنات الإستراتيجيات بين أقطاب العالم آنذاك ، وهي اليوم تعاود الظهور بقوة غير مسبوقة مستفيدة ً من أدوارها السابقة كثيراً وكذلك من خلطات " أميركا " الإيديولوجية السحرية في دعمها الإسلام الراديكالي ضد عبد الناصر وضد الشيوعية في إيران ومن ثم ضد الشيوعية في أفغانستان ، فكانت النتيجة مصير بريطانيا الساحرة الأم ..السحر ينقلب على الساحر ..
ثالثاً : تأثيرات الحرب العالمية الثانية بخريطة الشرق الأوسط :
وأحداثها شهدت تحولات كونية كبيرة خصوصا ً في منطقة الشرق الأوسط .. ولعل حصول ثورة مايس1941 المفاجئة في العراق قبل اجتياح الألمان للإتحاد السوفييتي بمدة وجيزة ( حوالي الشهرين ) كان أهم حدث في الشرق الأوسط بتأثير هذه الحرب ما دفع بريطانيا إلى إعادة النظر في الخلاف مع الشيوعيين وشعورهم ببداية السيطرة الألمانية على العالم وعزمهم على ضرب أي تحرك سياسي في الشرق الأوسط من شأنه أن يفقدهم السيطرة عليه ، فقامت وبسرعة وبما أوتيت من قوة لضرب ثورة الكيلاني و العقداء الأربعة في العراق وتصفية النفوذ الفرنسي ( حكومة فيشي ) العميلة لألمانيا في سوريا والذي كان من المفروض أن يدعم الثورة في العراق ، وأخيراً احتلال إيران بمشاركة السوفييت وإسقاط رضا شاه المذل والمهين للشعب الإيراني المسحور بالآرية الألمانية كثيراً . أميركا ، و أخيرا ً في 2010 ... بدأت تدرك الخطر الإيراني بعناية كما أدركت بريطانيا خطورة التغول الألماني النازي ، أميركا بدأت بمد الجسور مع روسيا القيصرية الجديدة ... وهناك الآن " مؤآمرة " كبرى تحاك من وراء الكواليس مع روسيا لتحطيم إيران ، نفس الذي حصل مع بريطانيا والإتحاد السوفييتي تماماً .. رابعاً : الحرب الباردة
وما شكلته من صراع ٍ أسهم في تأخير المشروع الغربي الأمريكي في الشرق الأوسط من أن يستكمل خطاه التي تعثرت بعد تدمير ثورة 14 تموز العسكرية الوطنية في العراق لحلف بغداد ، حلف نوري باشا السعيد ، فهذا الحلف بين تركيا وإيران والعراق وباكستان كان موجها ضد التمدد السوفييتي في المنطقة ، وسقوطه بتغيير الحكم الملكي في العراق دفع الأميركان لممارسة السحر الإيديولوجي الأسود ، بتقوية " القوميين " لاغتيال الثورة في 9 شباط 1963.
خامساً : انهيار الإتحاد السوفييتي ونزول القوات الأمريكية في منطقة الخليج
ما سمي في الأدبيات السياسية الغربية بداية القرن الأمريكي بعد فترة طويلة من التقلبات في الفكر السياسي و الإقتصاد ، حيث ظهر ما عرف بالفكر الليبرالي الجديد بعد ريغان وتاتشر ليتحول مطلع القرن الأمريكي بنهاية السوفييت لقيادة العالم.. الذي ما كان ولن يكون لدولـــة طائشة لا تحترم التاريخ وحركته مهما علا كعبها .
" تـَـعاصُـر " العقلية الأمريكية مع العقلية النازية
مفردة" التعاصر " المقصودة هي الاصطلاح الذي أطلقه الفيلسوف الألماني شبنغلر على مراحل نشوء الحضارات وتشابه هذه المراحل التي رأى فيها على سبيل المثال إن ظهور واشنطن في الحضارة الغربية يتعاصر مع ظهور بغداد في الحضارة العربية كما يسميها ، أي بنفس المرحلة من عمر الحضارة ( * ) ، وفي موضوعنا هذا ، نجد إن نزعة الإنفراد والشعور بأحادية القطب بعد زوال السوفييت ونهاية الحرب العالمية " الباردة " إنما يتعاصر مع نهاية الحرب العالمية الأولى وظهور النزعة التفوقية الألمانية ، كما أن صعود النازية إلى السلطة بقيادة هتلر يتعاصر تماما مع هيمنة المحافظين الجدد على السلطة في أميركا بصورة تامة بفترة آل بوش .. من خلال الأحداث المتسلسلة الستة السابقة ، تشكلت العقلية الأمريكية الحالية ، خصوصاً ذهنية المحافظين الجدد ، فالقلق المزمن تجاه السوفييت تحول إلى غرور و إستهتار بعد سقوط القطب المنافس ، هذا الاستهتار المراهق للأمة العذراء جاء مشحوناً بنزعة التفوق الأمريكية الشبيهه بالألمانية النازية وكبرياء العظمة الموروثة من بريطانيا الأم ، والتي أورثت العقل الأمريكي السياسي تجاربها المريرة مع ثورات مايو 1941 وثورة تموز 1958 في العراق وثورة 1954 ( مصدق ) في إيران ، هذه الثورات التي وضعت العصا في العجلة التسلطية الغربية في الشرق الأوسط في القرن الماضي ، ورثت أميركا رعب بريطانيا من الثورة التي قد تندلع في العراق كما حدث في ثورة العشرين وقبلها في مقارعة الغزو البريطاني إلى جانب القوات العثمانية في العام 1914 ، والذي حصل هو وجود " شرخ " كبير بين السنة والشيعة من جهة والعرب والأكراد من ناحية أخرى حين جاءته أميركا لإحتلاله وضع بذوره حكم البعثيين في العراق منذ إغتيالهم لثورة تموز في العام 1963 ومجيئهم في القطار الأمريكي ( كما صرح أحد أقطابهم " علي السعدي " ) ولذا ، فإن الولايات المتحدة شعرت إن زمانها غير زمان أمها بريطانيا ، والأجواء أكثر ملائمة في العراق لتمزيقه وتفتيته وتحويله إلى كانتونات حامية للمصالح الإقتصادية للأمة الأمريكية العذراء ، فشرعت بترسيخ الإنقسام ، وساعدت بتكبير الهوة الفاصلة بين تكويناته الرئيسية الثلاث : الشيعة والأكراد والسنة وتطبيق ذات سياسة بريطانيا " فرق تسد " التي طبقتها بإمعان ٍ في العراق خلال القرن الماضي . الملفت والطريف في الموضوع إن الولايات المتحدة وقعت بنفس الخطأ الكارثي الذي وقعت فيه ألمانيا بالاستخفاف بدور الروس في قيادة العالم ، ودارت بنفس الفلك التأريخي الذي دارت به ألمانيا .. ! فحين كانت أميركا مجرد متفرج يبيع السلع والأسلحة على العالم ، كانت ألمانيا قد وقعت معاهدة عدم اعتداء مع الإتحاد السوفييتي في العام 1939 ، حيث قامت ألمانيا وبعد أن اطمأنت لجانب السوفييت باجتياح بولندا ، تماماً كما فعلت أميركا بعد الحادي عشر من سبتمبر حين تصورت إنها تحالفت مع روسيا ضد الإرهاب وحظيت برضا موسكو لإجتياح أفغانستان ، وبينت لكل من الصين وروسيا إنهم سيبنون معاً عالماً حرا ً جديداً مثل الذي قاله هتلر لمولوتوف وزير خارجية روسيا في العام 1940 :
بعد أن تغزو ألمانيا بريطانيا وتقوم بتقسيم الإمبراطورية البريطانية سيتوافر لروسيا مخرج إلى المناطق الدافئة وإلى البحر المفتوح ، ألمانيا ستعترف بأن المنطقة الآسيوية منطقة ُ نفوذٍ روسية ...! ( * * )
لم تكن الأمة ُ العذراء حينها إلا متفرجة إذ يعيد هتلر تقسيم العالم بمزاجه ، كما تفعل كونداليزا رايس بمشاريع الشرق الأوسط الكبير والجديد وخارطة الطريق وسواها...ولم تكن أحلام هتلر بعيدة ً عن التحقيق كما يتصور للوهلة الأولى ، بل العكس ، رؤيته كانت واقعية فيما لو بقي الروس له على عهدهم وبقي هو على عهده مع الروس ، الذي حصل هو إن الألمان كانوا قد طالبوا السوفييت بالتخلي عن أوربا الشرقية و الامتداد بدلا ً عن ذلك في آسيا جنوب بحر قزوين والهند والمياه الدافئة في الخليج ، وفي تلك الفترة لم تكن العقلية الأمريكية والمخيلة الجمعية قد أنتجت " رامبو " ... نظير السوبرمان الألماني بعد ..، وإنما لا تزال أميركا في بهجة طفولة المافيا و الكاوبوي ، الذي حصل هو قيام الروس باجتياح دول البلطيق ، ليتوانيا و استونيا و مولدافيا ، بعد أن أجتاح هتلر الدنمارك والنرويج وبلجيكا وهولندا ، قام بالانسحاب من المحادثات مع الروس .. معلنا ً للتأريخ إستراتيجيته الجهنمية " بارباروسا " لاحتلال الإتحاد السوفييتي ....كما فعل المحافظون الجدد بتحريض " نيكولا ساكاشفيلي " للمس بالهيبة الروسية باجتياح أوسيتيا ...! العقلية الأمريكية تؤمن اليوم بتفوق العرق الإنكلوسكسوني " المبدع " أو " الخلاق " ولكن بصورة خفية وبدلاً من اجتياح أوربا من قبل النازية ، يجتاح الإنكلوسكسون الشرق الأوسط ، وبدلاً من بارباروسا ... تعلن الولايات المتحدة مشروع الدرع الصاروخي وتحاول أن تقيمه في نفس الدول التي أسقطت المعاهدة بين الروس و الألمان ، دول ُ أوربا الشرقية ، وتبقى تثير غضب الروس في قضايا البلقان و آخرها استقلال كوسوفو وجورجيا في القوقاز الروسي ! العقلية السياسية الأمريكية لم تتعظ من التأريخ بعد ( حتى العام 2008 ) ، ولم تدرك حتى تلك اللحظة القاعدة " الكونية " للحركة في التأريخ السياسي والعسكري الدولي وهي :
من أراد السيطرة على العالم ، وجب عليه أن يكون حليفاً لروسيا ... الدولة ُ " القارة " الشمالية ، صمام أمان التاريخ ..!
وهذا ما كشفته الأيام ، خصوصاً بعد الأزمة المالية ، تخلت أميركا عن درعها الصاروخي في مقابل تخلي روسيا عن دعم إيران ، والعلاقات تتجه هذه الأيام نحو تقارب كبير بين الغرب وروسيا .. ما يذكرنا بتحالف الروس مع البريطانيين لإسقاط هتلر ، لكن هذه المرة لإحتواء الجمهورية الإسلامية في إيران ، كيف ستؤول الامور يا ترى من وجهة نظرة كلية شاملة للتغييرات الجيوبولتيكية المتوقعة ؟؟
الفصل الثاني الصحوة الإسلامية ، التحالف الدولي على الإسلام الراديكالي
لم يخبرنا أحد عن مثل هذا التحالف ، لكنه واضح حسب تشابه مسارات " التعاصر " التاريخية .. من خلال هذا الموضوع سيكشف لنا التاريخ عبر معادلاته وجود " اتفاق" خفي بين حلف الناتو وروسيا .. لتحجيم دور إيران والحركات الراديكالية في المنطقة .. ، قد يتطور إلى حد المؤامرة ؟ لنتابع .
التعاصـــر بين القرنين العشرين والحادي والعشرين
نعم ، إن " التعاصر " بين حركة التأريخ النازي والتأريخ الأمريكي واضح ، فالضغط على سوريا وإيران والسيطرة على العراق هو صميم سياسات بريطانيا وروسيا في الحرب العالمية الثانية ، وكما قلنا في البداية ، فإن الولايات المتحدة جاءت لتكمل المشروع البريطاني في القرن العشرين ولا تنفرد بمشروعها الخاص كما يشاع بالمتداول عنها في الأوساط السياسية التي لا تقرأ التأريخ قراءة " تحليلية " عامة جامعة ، وكذلك احتلال إيران من قبل السوفييت والإنكليز بنفس الطريقة التي أحتل فيها العراق عام 2003 ، قيام جيشان من الشمال والجنوب باحتلال إيران حيث تولى جيش بريطانيا الجنوبي بتأمين السيطرة على حقول البترول الإيرانية ، نفس الخطة التي وضعت للعراق ابتداءا لولا امتناع البرلمان التركي عن المساعدة بإدخال جيش ٍ من شمال العراق ، كذلك مشكلة الدرع الصاروخي ودول أوربا الشرقية هي المشكلة التي على شاكلتها دفع هتلر للاستهتار وإعلانه "بارباروسا" ، وفيما توجه روسيا صواريخها تجاه التشيك وبولندا وتصر على منع " الدرع الصاروخية " فإن الولايات المتحدة لا تزال تتجاهل ما تشكله روسيا في حركة التأريخ حتى لو كانت ضعيفة ، فهي التي قهرت بونابرت .. وهتلر .. وقد تقهر الإمبراطورية العذراء ، وهذه كلها مؤشرات على امتداد المشروع الغربي نفسه الذي كانت تقوده بريطانيا وتحول اليوم إلى أمرة أميركا لتقوده..
فهتلر كان يحلم بالسيطرة على أوربا و تحقيق النفوذ في العراق ، بنظام الكيلاني ، وإيران بنظام رضا شاه ، وسوريا بسلطة حكومة فيشي الفرنسية العميلة لألمانيا ، وفيما يلتقي فيلق الجنرال رومل مع القوات الألمانية في روسيا عبر إيران بعد أن يدمر رومل دفاعات القوات البريطانية في شمال إفريقيا ، حينها يلتقي الجيشان بعد إسقاط موسكو ويتجهان نحو البر المفتوح في آسيا ، نحو الهند التي بضياعها من أيدي بريطانيا تكون الأخيرة ركعت لهتلر ...
الذي أفسد على هتلر هذه الخريطة الشيطانية ، هو روسيا ، وحسب رؤية " التعاصر " لشبنغلر ، والتي نستخدمها في القراءة الديناميكية السريعة وليست الرؤية ذات حركة التطورات البطيئة التي قاس شبنغلر بموجبها حركة التأريخ ، فإن منهج الولايات المتحدة بمحاولة إخضاع إيران وسوريا وتدمير و احتلال العراق ومحاولة الإستئثار بالنفوذ في الخليج هو نفس منهج بريطانيا العظمى وألمانيا النازية مجتمعتين ! وروسيا تعود لتقف مثل العصا في عجلة التقدم الأمريكية ، الملفت في الأمر ، إن الإتحاد السوفييتي وبريطانيا ، ورغم كل الخلافات ، فقد تحالفا معا لمواجهة الخطر النازي ، ما يذكرنا بلجوء روسيا مؤخرا لتغيير لغة الحديث عن المشروع النووي الإيراني ، ودخلت اليابان في أقصى الشرق الحرب فيما بعد ، وكانت بيرل هاربر فرصة تاريخية لدخول الولايات المتحدة الحرب ، وهي الدولة الإقتصادية الكبرى في العالم ولم تدخل حرباً كونية ً من قبل في القرن العشرين ، وهذا الموقف للولايات المتحدة " يتعاصر " مع موقف الصين في القرن الحادي والعشرين ! فالصين اليوم ، تماثل الولايات المتحدة في مواقفها مطلع القرن العشرين ، همها الأول هو البناء الإقتصادي وعلاقتها مع روسيا تشبه إلى حد ٍ بعيد علاقة برياطنيا مع أميركا فالأخيرة بنت ٌ للأولى و إستقلت عنها بحرب ، والصين بنت ٌ للإشتراكية السوفيتية رغم الخلافات ، وتفاقم الأوضاع بين الروس والغرب و إشتعال فتيل حرب ٍ كونية بقيادة روسيا .. قد يؤدي لخسارة الغرب لها إذا ما دخلتها الصين بتوقيت يقارب أو " يعاصر " دخول أميركا الحرب العالمية الثانية ..! من الممكن أن نتوقع إنضمام دول ٍ من الإتحاد السوفييتي السابق إلى التحالف العسكري مع روسيا ، خصوصا ً تحت مظلة شنغهاي للتعاون ، وتصور حرب عالمية كبرى بالأسلحة غير التقليدية تتبادل بها الأطراف الإنتحار المتبادل ، أي تلقي الضربات الأولى قد يؤدي بإنفراد قوة ٍ عظمى " مستترة " مثل الصين ودول أخرى بالعالم ، أو قد يعود العالم إلى قطبية ٍ من نوع ما أو نظام ٍ عالمي جديد يشهد تأسيس أمم ٍ متحدة ٍ جديدة .. إن التوازنات الدولية في العقود المقبلة ستتغير كثيراً ، خصوصاً وإن المشاريع الأمريكية ترنحت كثيراً في الشرق الأوسط في العراق ولبنان وسوريا وطريقة التعاطي مع إيران ، ما يذكرنا بترنح سياسات بريطانيا الدولية قبل هبوب إعصار الحرب العالمية الثانية ، وفيما يبدو ، فإن روسيا " تتمنى " أن تقوم الولايات المتحدة بحرب شاملة ضد إيران أو كوريا الشمالية ، ويصب في صالحها أن تتورط الولايات المتحدة أكثر ، خصوصاً وإن تداعيات تأثر الإقتصاد الأمريكي بدأت تظهر جراء الحربين المستمرتين في العراق وأفغانستان ، فكيف بحرب ٍ مع كوريا ، التي لا تزال تماطل الولايات المتحدة بما يتعلق بتفكيك برنامجها النووي أو بحرب ٍ مع إيران التي يقع الخليج بطوله وعرضه في مرمى قدراتها الصاروخية ..!
الولايات المتحدة تتعامل مع جميع هذه الملفات بحذر ، لكن ، وكما يبدو من مواقفها المتجاهلة لروسيا ( حتى العام 2008 ) فهي لن تصمد طويلاً على أقدامها الإقتصادية ، فالأسواق العالمية التي كانت تعتمد عليها في القرن الماضي تحولت إلى الصين ودول آسيا ، نفوذها المعول عليه لإنقاذ الإقتصاد وقدراتها اليوم هي " الخيلج " وأسواقه ، وأي حرب ٍ فيه .. خصوصا ً إذا إستمرت لفترة ٍ طويلة ، فإن الحسابات الروسية الصينية و الإستشارة التي ستقدم لكل من سوريا وإيران في حالة حصول الحرب فهي ستصب في " إطالة " أمد الحرب ما يمكن كي تنهك أوربا والولايات المتحدة إقتصادياً .. وتركع الولايات المتحدة ! إن تزايد المشاكل بين روسيا والولايات المتحدة من شأنه أن يزيد من التغييرات في الساحة السياسية الدولية ، وقد تبدأ روسيا بالضغط على أوربا التي تتزود بالغاز منها ما قد يؤدي إلى تغييرات غير محسوبة خصوصاً وإن الولايات المتحدة ولعدم وجود نضج سياسي كافي لديها لا تعرف كيف تتراجع عن القرارات التي تتخذها ، فهي تدرك تماماً إن منافع الدرع الصاروخية لا تساوي إستعداء روسيا ، مع ذلك تصر على عدم التراجع ؟
لماذا تخشى الولايات المتحدة الظهور بموقف المتراجع ؟
من المؤكد لمن يقرا خريطة السياسة العالمية اليوم إن أمريكا " تتمنى " لو تخلت عن مشروع الدرع الصاروخية ، وتتمنى لو إنها لم تطرحه أصلاً ، لكن تأخذها العزة ُ بالإثم وتخشى أن تفقد هيبتها الدولية لو قامت بالتراجع أو يقوم الروس بابتزازها أكثر ، والعقلية الرأسمالية – العسكرية الأمريكية المعتمدة على تجارة الحروب لم تعد تفهم إلا لغة الضغط السياسي و الإقتصادي حيث لم تتعود أمريكا على تقديم تنازلات منذ نهاية الثمانينيات ، ولم تتقبل حقيقة تغير العالم ودخوله في حقبة ٍ جديدة ، لكنها اليوم تكاد تدرك هذا جيدا ً خصوصا بعد الثامن من آب 2008 ...، وهكذا ... وصولاً لأيامنا هذه .. الإدارة الأمريكية بتقديرها لحجم روسيا تشير لنا بصورة غير مباشرة إنها باتت تدرك حجم أميركا في عالم اليوم ، لم تعد هي القطب الأوحد ..! ومثلما تنازلت أمها بريطانيا لروسيا وتحالفت معها ضد النازية ، وليدة السحر البريطاني الأسود ، هاهي اميركا وهذا هو حلف النيتو يقترب من روسيا مجددا ً ، لا درع صاروخية ولا هم يحزنون بل وصل الحال إلى قبول فرنسا بيع " حاملة المروحيات " ميسترال لروسيا ......!! وتعاقد إسرائيل مع روسيا لتجهيز " روسيا " بتكنولوجيا الطائرات بدون طيار ..!
ما هذا الذي يجري ، وأي شبكة يحوكها الغرب حول جمهورية الخميني ؟؟
هل يتمكن الغرب من الإجهاز على إيران هذه المرة ؟؟
العاصفة التي ضربت بريطانيا العظمى في الماضي هل ستعصف بالولايات المتحدة ليعيد التأريخ نفسه ؟
بصورة ٍ عامــة ، هناك شعور ٌ بعدم الثقة ، وعدم الاستقرار الكافي وربما الخوف والقلق في العقل السياسي الأمريكي الذي ينعكس بالتصلب في المواقف لتغطية هذا الخوف " الدفين " ، هناك قلق ٌ من شيء ما غير معروف لدى العالم هو الذي يدفع سياسة الولايات المتحدة نحو هذه التصرفات غير الموزونة .. شبه المجنونة ، والنتيجة ستظهر بالتأكيد خلال العقدين المقبلين الذين سيتقبل العالم فيهما الصين كقوة إقتصادية كونية لا ينافسها أحد فيما لو جرت الأمور عليها رخاء كإستقبال العالم للولايات المتحدة بنهاية الحرب العالمية الأولى والثانية .
وظهور الصين كقوة عالمية في الإقتصاد هو الذي يهز بواطن الثقة بالنفس لدى المتنفذين في القرارات الغربية خصوصا في الولايات المتحدة التي تشعر بالهلع من تنامي النفوذ والقوة العسكرية الروسية بتزامن مع عملقة الصين الإقتصادية والعسكرية ...
هذا يذكرنا بتنامي القوة الإقتصادية للولايات المتحدة مطلع القرن العشرين ، وظهور الإتحاد السوفييتي ، وهبوب العاصفة الألمانية النازية ، وهي عوامل هزت بريطانيا الإمبراطورية ... وجعلتها في النهاية تتنحى عن تسلطها ونفوذها القديم ... حيث برز قطبان كونيان جديدان ... روسيا وأمريكا .... ، فهل إن روسيا تشكل قطباً ثابتاً في حركة التأريخ فيما تتأهب الصين لإحتلال مكان الولايات المتحدة إقتصاديا ً .... وما هي ملامح العاصفة القادمة ُ يا ترى ؟
أسواق المال العالمية ... وأزماتها العاصفة ، وأزمة القوقاز ... وربما ظهرت أزمات جديدة في أقصى الشرق إضافة لتنامي إيران في الشرق الأوسط وتراجع القدرة الإسرائيلية بعد حرب تموز ، كل هذه مجرد نذر لعاصفة كونية قادمة في الآفاق ... لأن التأريخ يحب الحركة ويمقت الركود الذي روج له العقل الأمريكي بمفاهيم " نهاية التأريخ " ....!
والتأريخ يعلمنا إن " الحروب " هي التي تنقل البشرية نحو قفزات ثورية وتطور الفكر والعقل الإنساني ، والعالم يتجه نحو بلورة تكتلات جديدة لمواجهة الغرب ... والحرب الكونية الجديدة باتت مسألة وقت لا أكثر ...!
وعبر متابعة تطورات ما قبل الحربين العالميتين السابقتين فإن غياب المرونة السياسية الذي يميز العقل الأمريكي إضافة إلى الثقة المطلقة بالعقيدة الليبرالية الغربية التي تهيمن على عقول المثقفين والمفكرين الغربيين وما يواجهها من إحتقان لدى باقي الأمم في العالم خصوصا في الشرق الأقصى وأمريكا اللاتينية ... هو الذي سيؤدي بالولايات المتحدة إلى التهاوي بسرعة في مواجهة أية أزمة تضرب الأمة الأمريكية ... إقتصادية أو طبيعية أو سياسية ، حيث باتت الكثير من الدول اليوم تتأهب الفرصة السانحة التي تخلخل النظام في أميركا ، والأزمة المالية التي يعاني منها الإقتصاد الأمريكي والعالمي المرتبط به قد تؤدي إلى تضعضع الرئيس القادم للولايات المتحدة .. ووصوله إلى مرحلة التسليم بقدر التنحي عن زعامة العالم كما فعل تشرشل أو ربما قدر الإنهيار والتهاوي كما فعل غورباتشوف !
الإسلام فوبيا ، آخر خلطات السحر الغربي الأسود
كادت نذر ُ حرب ٍ باردة جديدة أن تظهر بين روسيا والولايات المتحدة ، وتحولت روسيا نحو إيران بقوة لتشكيل جبهة " خفية " ضد التوسع الأمريكي في الخليج وآسيا الوسطى ، لكن الأزمة المالية أعادت الولايات المتحدة للخلف ، ودفعت بالسياسة الأوربية للأمام التي تمكنت من الحوار مع روسيا والاتفاق معها على " البدء " في بلورة صياغة جديدة لقيادة العالم...! لذا ، سنتناول في مقالنا القادم دراسة هذه الظاهرة وتبيان مكمن الخوف الحقيقي من الإسلام بنظر الغربيين والروس على حد ٍ سواء . الخاتمـــة : عبر سلاسل الحركة في التاريخ من صعود وهبوط الإيديولوجيات بات مفهوماً لدينا بان الشرق الأقصى بقيادة الصين هو القوة العالمية الصاعدة ، و أوربا و أميركا في تراجع ، وروسيا تبقى هي هي في التاريخ : صمام أمان سياسة الكوكب .. أما عن إيران ، والإسلام الراديكالي بصورة عامة ، فهناك مشاورات خفية يطبخها الناتو مع روسيا للإجهاز عليه بصورة تامة .. هناك فيما يبدو ، سايكس بيكو كونية جديدة بين النيتو وروسيا لتقاسم النفوذ العالمي يذكرنا بتقسيم هتلر لمولوتوف قبل الحرب العالمية الثانية بعد معاهدة عدم الاعتداء .. في مقالنا القادم سنحدد إمكانيات وموقف الأمة الإسلامية تجاه هذا الخطر الخفي الكارثي ..!
***********************************************
هوامش : • جميل موسى النجار ، فلسفة التأريخ .. مباحث نظرية ، ط 1 2007 ، بغداد ، المكتبة العصرية ، ص 324 . • خضير البديري ، إيران ... تفاقم الصراع الدولي وأثره في سقوط رضا شاه ، العراق – النجف ، دار الضياء (2007 ) ط 1.
#وليد_مهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حادثة اسطول الحرية و الدور التركي - الأطلسي - في المنطقة
-
رجل ٌ .. وإيمانٌ عظيم
-
سياسة بريطانيا و أميركا : تراكمات أخطاء حررت المارد الشيعي م
...
-
مورفين ٌ .. و ابتسامة
-
سقوطُ بغداد : مدرسة ُ الحرب الجديدة وكلمة ٌ أخرى سيقولها الت
...
-
لماذا نعتقد ؟ .. الإيديولوجيا من منظور عصبي
-
العقل والدين Mind And Religin
-
العقل ُ : آلة ُ بناء ِ الحضارة
-
الوعي والزمن
-
الباراسايكولوجي بين نظريتي الكم و النسبية
-
نظرية - عربية - في علم الاقتصاد
-
كيف أدرك الشرق الوعي الكلي ؟
-
الآلة الواعية .. بين الوهم ِ والحقيقة
-
الروبوت الواعي المفكر_فكرة الوعي الآلي
-
تركيب هيكل الاقتصاد العالمي التبادلي حتى العام 2012
-
مراقب العقل ( الضمير )
-
دراسات قدرات الدماغ الخفية( الباراسايكولوجي) في الإتحاد السو
...
-
الباراسايكولوجي والطاقة الفراغية الكمية_Parapsychology & Qua
...
-
الباراسايكولوجي والطاقة Energy and Parapsychology
-
الطاقة Energy .. رؤية علمية معاصرة
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|