أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ريما كتانة نزال - اربع وعشرون عاما على غياب خالد نزال














المزيد.....

اربع وعشرون عاما على غياب خالد نزال


ريما كتانة نزال

الحوار المتمدن-العدد: 3028 - 2010 / 6 / 8 - 21:00
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


اربع وعشرون عاما على غياب خالد نزال
بقلم: ريما كتانة نزال

أتنقل حاملة قلقي في حقائبي باحثة عن مكان لدفنه، واصيغ السمع بكل جوارحي لدقات قلب تخرج من حفرة. وأنت هنا تستقر في داخلي، كمبتدأ الحب وخبره.
أحملك في قلبي كظاهرة لغوية وتاريخية، ولا اقلع عن ممارسة هوايتي في جمع الحروف، وفي حشو الفراغ برياح من الابجدية، أترك محترفي بعد نسيج عكازان خشبيان لإسناد روحي، وأستمر في نشر الأشرعة على شرفات الحدث.
جديدنا بعد أربع وعشرين حزيرانا، أن المفردات قد فقدت مستخدميها في لحظة مارقة من التاريخ. ويشاع بأنها لم تعد تلقى الرواج القديم بعد انطفاء لهيبها، وقرار سحبها من التداول. ومن أجل إنصاف نصف الحقيقة، أحالتها التقلبات الى خردوات لم تعد تعني أحدا سواك.. وبقيت أنا في مكاني وزماني الشخصي المحدد، أناور لأحصل على قبضات من الحروف الكاسدة، وأعرضها كتحف ثمينة وأنتيكا أغطي بها قبح المصطلحات الدخيلة.

إلى قلب أرض الاحداث الخصبة أحملك معي، وأزرعك في خضم المناسبات الاحتفالية التي تغص بها القاعات والصحف، وتُفاجأ بأن ما حدث معك قبل أربع وعشرين صيفا لا يستقطب الاهتمام، وبأن المقاعد تبقى فارغة لحين انتهاء الحفل، وبأن الخطب الحماسية في المناسبات الاحتفالية لا تلقى الاستماع. لأن حشود اللحم محاصرة بالأبالسة، ولأن الذاكرة كذلك محاصرة ولا تلقى سوى التفكك للهروب من الحصار ومن ذاتها، وكذلك الخطباء محاصرون بالأسئلة الصعبة وأجوبتها.
الشهيد الأول يهرب من الاحتفال، يحلق بعيدا بكفن يُنبت أجنحة، تاركا وراءه صمتا يتراكم فوق الصمت، ويرتفع منسوب الصمت فائضا عن حاجة الأفواه المفتوحة دهشة وجوعا وغرابة، وتغرق الدنيا في فضاءات جدلية لا كنه لها. ثرثرة بيزنطية تتنقل على عجلات من نار، تسرد النسغ كحكاية متقطعة وكأنها الرثاء، وعن نصر يتحقق في نص مقدس يعلق على ايقونة. ولا زال الشهيد الأخير يقدم نصه الحزين وأسئلته التجريدية من منبر مجهول، ونغرق في حصار أسئلتكم الصعبة، ويضيع الوعد في فضاء من نور يليق بقرار الرحيل النبيل.

حنيني لقربك مخطوف، وتتربع سيدة الشوق على أكوام من الفقد، وفي الوقت الذي يضيع مني الشوق، أسهر على استمرار تألق صدمة رحيلك، وأحمي زخمها بهذيان ذاكرة تقاوم النسيان، خوفا من اعلان نهاية العالم. فذاكرة الفقد الأبدي كنزي الكبير ليوم الحشر، لا شيء املك سواه لمقابلة الملائكة، وهو من أهلني للشعور بلذة الدوار واعتلاء السحاب. سأقول بأني بقيت في الزحمة الترابية، وبأني أتنقل على خارطة وطن بلا هوية أو جواز سفر. وبأني بقيت على الأرض لا أتوقف عن رسم الغيوم، وهي الغيوم التي جعلتني أدين لها بمعرفة ملامحك قبل رؤيتك. وسأعترف بعوارض متلازمة الحداد، وسأعترف بظاهرة الانشطار والتشظي، وبأن ذهني أصبح خال من الأسئلة وملل الأجوبة. وبأني لم أتعبد أكثر من الطواف حول الذكريات، وفي طلب الحظ من السماء، وفي الدعاء لأجل الحصول على الماء، ولن اخفي عبثي بالرد على الاسئلة العارية من حروفها ..

لا أغمض عيوني الا لأراك، أو أسهم النظر الا لمتابعة امتدادك، اخرج شخصية أخرى من ضلوعي لابوح بمكنونات متعبة، وأراقب تجاعيدي تستطيل على وجهي مدعية الحكمة، وأهدم خيطا من شرنقتي لأطل على الواقع، ولا أهتم في تنسيق شكلي او اشتياقي، فانا لا زلت احن بلا موعد، ويأتي الشوق على حين غرة، ولا أكترث في منع وصول الهواء حين يهب. ولا أهدهد قلقي ما دام لم يلتحق بقلقك، وما لم يتوحد تعبينا، والى أن تشاء الحقيقة وضع المتعبين في لحظة ارتجال، سأبقى أرفع كفي بوجهها وأعلن بأن ليس لدي الكثير لأستمر، وبأنني استقيل من انحيازي للقلق، فقد أصبت بفقد الصبر وبعدوى ضيق التنفس.
في الذكرى الرابعة والعشرين، ليس لدي الا الاعتذار، أعتذر عن احتفال لا يعتبر حضور الشهداء فيه آسر، وهو أمر لا يمكنني تبريره، وليس لدي ما أقدمه إلا الاعتذار. اعتذر منك ومنهم تجريد المناسبات عن دلالاتها العاطفية، وعن ميل الحاضر الى التجرد من الماضي. وأعتذر منك عن الكلمات المهجورة، وعن التي فقدت معانيها، وعن كل الحروف التي تفككت وضاعت في زحمة الطرق. اعتذر منكم أن تشعروا بالبرد.. أعتذر إن لم نتمسك بكم أكثر، أعتذر منك ان لم أعرف بعد وجه قاتلك.. وان فشلت في لمَ رفاتك، وأن تمسكت بقلقي، وان اسقطت رايتي. اعتذر لك أكثر عن استمراري في نبش الذاكرة، واعتذر منك إن لم أعتذر أكثر.



#ريما_كتانة_نزال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطلوب قائمة نسوية لانتخابات المجالس المحلية
- لماذا لا تشعر المرأة الفلسطينية بالأمن
- بلعين: ستفككوه بأيديكم كما بنيتموه بأيديكم
- الكوتا مرة ثانية
- الانتخابات المحلية القادمة قوائم مهنية بهوية وطنية
- ماذا بعد مرور تسع سنوات على القرار 1325
- المجالس المحلية وتراجع مشاركة المرأة
- اختراق المرأة عضوية اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطين ...
- مسؤولية من غياب المرأة عن مركزية حركة فتح..؟
- دعاية شركة - سيلكوم - العنصرية
- اسئلة العام الثالث والعشرون على غياب خالد نزال
- مؤتمر الاتحاد للمرأة الفلسطينية وممكنات التجديد والتطوير
- المؤتمر العام الخامس للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية-اعادة ا ...
- جولة حول الورشة الاقليمية لقانون الاحوال الشخصية
- حول مصادقة الرئيس الفلسطيني على -السيداو-
- الخلاف الفلسطيني والسلم الأهلي
- أسئلة الثامن من آذار الفلسطينية
- رسالة مفتوحة الى بان كي مون
- ثمانية أعوام على قرار مجلس الأمن 1325
- أم كامل: ملصق للقدس عاصمة الثقافة 2009


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ريما كتانة نزال - اربع وعشرون عاما على غياب خالد نزال