|
كلام مقاهي (2) : شاعر الحداثة وشاعر الزمارة
خلف علي الخلف
الحوار المتمدن-العدد: 922 - 2004 / 8 / 11 - 10:42
المحور:
الادب والفن
ذكرني احد الأصدقاء بان عدم تقبل صفة شاعر في منطقتنا لا يعود لالتباسه مع شاعر الربابة(1) فحسب بل إلى شاعر الزمارة أيضا الذي يقود الدبكة بزمارته وهو كذلك يسمى شاعر و الزمارة هي آلة موسيقية لم تذكرها كتب الموسيقا الحديثة ولا القديمة بهذا الاسم بل تسمى في القصص الأدبية أو الروايات التي تستلهم الواقع وتوازيه الشبابة!!!!! (2 ( وممارسة شاعر الزمارة لهذا العمل تكون أشبه بمهنة لان صاحبها يعيش بطالة متقطعة وهذا مصطلح لم يرد في أوصاف البطالة الموسمية والمقنعة وما إلى ذلك لان عمله يعتمد على الإعراس وهذه وان كانت ترتبط بالمواسم الخيّرة الا أنها أصبحت تحصل على مدار العام ليس بسبب سعة الرزق عند الناس على مدار العام بل بسبب الجفاف ، واغتراب الأبناء لتحصيل المهر وما إلى ذلك.... فمتى ما جمع المهر يرجع ولم يعد هذا يرتبط بموسم معين وهذا يقرب مفهوم شاعر الزمارة إلى الشاعر غير الحديث الذي كان يتغنى بأمجاد الأمة وانتصاراتها التي لم تحصل؟ - وغير الحديث - ليست مفهوم زمني بل مشتقة من المودرينزم !!!!ولهذا أجد أن المقارنة مقبولة فيما يخص الشاعر غير الحديث ، أما فيما يخص الشاعر الحديث فأجد أن المقارنة ليست لصالحه حتى مع شاعر الزمارة .. لأن شاعر الزمارة يحضر في الأعراس بينما الشاعر الحديث نادرا ما يكتب قصيدة فرحة بسبب انجرافه نحو الذاتية المفرطة والتي ليس فيها شيء مفرح .. بل إن شاعر الزمارة يشيع البهجة والفرح في نفوس الدبيكة والمتفرجين حتى وأحيانا تحصل زيجات بين اثنان أي شاب وصبية يدبكون بجانب بعض أما شاعر الحداثة فهو يتألق كلما أثار الأسى (3) والآلام لدى مستمعيه وأحيانا يبكي المستمعات رهيفات المشاعر على وحشته التي تشبه خيل تتجه للفتح وتدهسه . ومشاركي شاعر الزمارة يهدهم التعب من تعبيرهم الجسدي الانفعالي عن مكنونات داخلهم بينما مستمعو شاعر الحداثة يصابون بالغثيان أحيانا ! خصوصا عندما يتحدث الشاعر عن نمل يحفر جمجمته كي يسرق ظلها الملوث بدم قلبه . كما أن مستمعو شاعر الحداثة غالبا يخرجون من الأمسية إلى مكان يشربون فيه لنسيان الألم والصور المأساوية التي آثارها في اذهانهم الشاعر .. بينما دبيكة شاعر الزمارة ينامون من التعب ، لكن وهم يبتسمون ويتذكرون الصبية الجميلة التي كانت تدبك بجانبهم . كما إن عمل شاعر الزمارة وموهبته تدر عليه دخلا يعيل منه أسرة أأو يصرفه على الحسان إن لم تكن لديه أسرة .. بينما شاعر الحداثة يدفع من جيبه لنشر ديوانه ، والذي لا يعلم مصيره فيما بعد عند دار النشر التي قبضت حقها كاملا مقدما وبالتالي تصبح غير معنية بتسويقه .. وإذا اعتلى منبر فهو مجاني على الغالب وأقول على الغالب لان مراكزنا الثقافية تدفع ألف وخمسمئة ليرة وعشاء وسكرة على حساب المركز، ولان بعض شعراء الحداثة قد اعتلاها وقبض وهو مبلغ زهيد كما ترون .. وجمهور شاعر الزمارة دائما يطالبه بان يلتفت إليه وينادي : " حرفة يا شاعر حرفة " (4) .. إما جمهور شاعر الحداثة فدائما ينظر إلى ساعته يريد الفكاك والخلاص من الآلام المبرحة التي يتعرض لها من جلد الشاعر له بكلماته التي تشبه السياط (5) وغالبا ما يتوقف شاعر الزمارة عن التزمير ليقول موالا عن الغزل والحب ، بينما لا يتوقف شاعر الحداثة عن إلقائه إلا لتوضيح بعض الرموز التي ترد بشعره بلغة مرمزة أيضاً ، لا تفترق ولا تفارق ترهاته الشعرية .. ورغم كل هذه المقارنة التي تميل إلى صالح شاعر الزمارة كما ترون فان شاعر الحداثة يترفع عنه ويأتي واحد مثلي ليقول : إني لا أحب التعريف عن نفسي كشاعر خوفا من تظن الناس أني شاعر زمارة =============================== 1 الربابة آلة موسيقية هي الأصل الذي صنع منه الكمان على عادة العرب في ادعاء جذور الأشياء وفروعها أحيانا ربما لأنه لم يبقى لنا إلا الادعاء 2 ولعلكم تعرفون معنى شبابة التي يبدوا إنها مشتقة من تشبب وهذه معروفة من أخونا قيس ومشبوبته ليلى 3 فقد أكثر شعراء الحداثة من ذكر الوحشة كمفردة ومن الحديث عنها وذلك ناتج عن العزلة التي يعيشونها منذ إن سلخوا أنفسهم عن الالتحام بقضايا الجماهير والتعبير عن آمالها الثورية 4 إي التفت إلينا أيها الشاعر وهذا ما لم يتلقاه إي شاعر حداثوي 5 وقد خرجت مرة إحدى الجمهورات الشعريات من القاعة محتجة على بعض الجمل التي يتفوه بها شاعر حداثوي انحدر مستواه إلى ذكر عضوه التناسلي إمام الجمهور
#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلام مقاهي (3) : الشعر الحديث وعلم التسويق الحديث ج1
-
كلام مقاهي(1) : شاعر الحداثة وشاعر الربابة
-
ديمقراطية عالريق
-
عراقهم ...يا منذر مصري
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|