أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شجاع الصفدي - شوكة الغرباء -نص نثري














المزيد.....


شوكة الغرباء -نص نثري


شجاع الصفدي
(Shojaa Alsafadi)


الحوار المتمدن-العدد: 3027 - 2010 / 6 / 7 - 08:54
المحور: الادب والفن
    


كَمَنْ مَسّهُ طيْرٌ ، وَلَيّتُ وجهي شطْر الوطن
وسط الطيور المهاجرة ، أقبض على شِغَافي
في رحلةٍ للرجوع نحو الجذور .
يتوقف الباص بين مدينتين
فأُحْجِمُ عن النُزولِ
يُناديني السائقُ : يا رفيق ترجّل،
لن نمضي دونك
فلا تَخْشَ النسيان
نَزَلْتُ في مَطعمٍ يَضِجُّ بالحياة
تناولتُ الوطنَ بِشَوكةِ الغُرباء
وعُدْنا للحافلةِ نُسابِقُ أحلامَنا
انضم إلينا رجلٌ يحمل كيسا يشبه السحرة
سألتهُ إلى أين يمضي ؟
فأجابَ : نحو أرضي،هناك،
وأنت ؟.
- إليها كذلك.
أأنت فلاح ؟
لا ، أنا لاجئٌ آن له الرجوع للأوطان .
يُخْرِج من كيسِه السحري كأسيْن،
ويهتفُ: لنشرب نَخْبَ الرُجوعِ
أغنيةً للوطن .
بدأ بالعزف على هارمونيكا كانت بحوزته،
كان يُدلل الموسيقى بأصابعه كَمَن يُداعب ثَغْرَ المحبوبة
صِرنا نُغنّي ،نُصفّق
بعضُنا لا يفهم،يكتفي بالترنّمِ باللحن.
يُقَهقِه الغريبُ : يا رفيق،أتحب وطنك ؟
نظرتُ من النافذةِ، أبصرتُ عُمالَ المَناجِمِ قادمينَ من وراءِ التلالِ
وقلتُ: أحبه بِقَدْرِ ما يحب هؤلاء قبضاتَهم الحرّة،
حباً لا يعترف بالعقودِ المبرمة مع دائرة الهجرة .
أومأ برأسه وعقب :
هؤلاء يحملون الأمنيات في علبة الكبريت
كلما أظلمت الحياة أشعلوا أمنية فاحترقت أصابعهم
تمنَ الرجوعَ لكن لا تنسَ أن القادمينَ من خلف البحرِ
يكسرونَ المجدافَ في المرسى ويثقبون القوارب التي حملتهم .
كمن يلقي نفسه للريح ويلعن حظه العاثر،فيصير الوطن حلما واشتهاء لا أكثر.
قلت:أنت كما الايرلندي الذي يجابه العنصرية خلف المحيط
ويكره زوار بلاده ! .
يبتسم الفلاح سخرية ويترجل عند مفترق الطرق ليلتقي أرضه
ويترك معي هواجس الخوف من رجوعي .
***
في صالة المطار
يوجعني كلامُه يعصفُ بقدرتي على الطيران
لكن العائدين يحثونني على الإسراع للحاق بالطائرة
فأقلعُ لا ألوي على شيء.

وكأنه كابوس
عرفت الغربة مذ حطّت الطائرة
أُخْضِعْنا لِعُنْصُريةٍ لا تمارس إلا بحق من خسروا أوطانهم
وحملتنا حافلةٌ نحو مجهول
لم تكن كتلك التي قابلت بها عازف الهارمونيكا
في الأولى كانت الأحلام ملء الغيم
وفي الثانية كان العسكر يصادرون الكلام
يقتلون الحنينَ لوطنٍ غاب طويلًا
يحتجزون جوازات السفر،الأسماء،والأحلام
عبرنا الحدودَ ، الشمس تغيرت ، الأرض ، السماء
كلُّ شيءٍ تَغيّر ، حتى شجر الزيتونِ لم يُطِلَّ علينا
لم يَستَقبلنا أحدٌ
كُنّا الغرباءَ في وطنٍ يأكلنا بِشَوْكَتِه على مَهلٍ
ويلوك انتماءنا إليه .
كان الحريق يحاصرني
وأمارس الاختباءَ من ألمي.
لم تعد لعبة التخفي ملهاةً مثل أيام الطفولة
فإما أن تهب نفسك للباحثين عن دمٍ
أو تخضع لمحاكمة على جريمة العودة .
وهكذا عرفتُ أني مضيتُ فرسخين نحو الأمام
لأندثرَ في المؤخرة.
وعرفت أن الوطن الذي كنت بين الغيم أرسمه
صار سكينا يقف على حد الرؤية ما بين اللجوء
وبين الرجوع.
راودتني أحلامُ السفر الوردي،
في يقظة البقاء القسري.
راودني كلامُ الفلاحِ عن القادمينَ الذين يكسرونَ المجدافَ
ويثقبونَ قواربَهم.
أيقنتُ أنه على حق، وأن الموجَ قد يصفعُ البحارَ يلقنه درسا
وإن كان لا يغرقه،إشفاقا على من ينتظر
لا لحنكته في التجديف .
عدتُ كعصفورٍ أصابتهُ لعنةُ الصيادِ
أحلّقُ مع الريح ،وأقدّم روحي على مائدةِ الوطن.



#شجاع_الصفدي (هاشتاغ)       Shojaa_Alsafadi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية لأجل غزة
- خمسٌ على هامش الوطن(2)
- شركة جوال وخدماتها الخاصة جدا !!
- في مرجل الذكرى
- خمسٌ على هامش الوطن
- وعاد لينتظر
- جامعة فلسطين الدولية وسنوات الضياع
- تغطية للجلسة الثانية من ملف القصة القصيرة جدا بغزة
- اسمي - أريدُ-
- ندوة عن القصة القصيرة جدا في غزة برعاية ملتقى الصداقة الثقاف ...
- كقمحٍ يفرُّ نحو الرحى
- غزة بين مصر والجزائر
- بعدك كسرنا سلّم الأحلام
- بين مطرقة التنحي وسندان المرحلة
- عاشقٌ يرثي ظلّه
- صرخة من سجن هشارون
- عتب حول مفاهيم الأدب
- على صفحة الطريق
- ذلك الإرث الثقيل-لروح درويش في مرور عام على غيابه
- ظلّان / نص نثري


المزيد.....




- الثقافة السورية توافق على تعيين لجنة تسيير أعمال نقابة الفنا ...
- طيران الاحتلال الاسرائيلي يقصف دوار السينما في مدينة جنين با ...
- الاحتلال يقصف محيط دوار السينما في جنين
- فيلم وثائقي جديد يثير هوية المُلتقط الفعلي لصورة -فتاة الناب ...
- افتتاح فعاليات مهرجان السنة الصينية الجديدة في موسكو ـ فيديو ...
- ماكرون يعلن عن عملية تجديد تستغرق عدة سنوات لتحديث متحف اللو ...
- محمد الأثري.. فارس اللغة
- الممثلان التركيان خالد أرغنتش ورضا كوجا أوغلو يواجهان تهمة - ...
- فنانو وكتاب سوريا يتوافدون على وطنهم.. الناطور ورضوان معا في ...
- ” إنقاذ غازي ” عرض مسلسل عثمان الحلقة 178 كاملة ومترجمة بالع ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شجاع الصفدي - شوكة الغرباء -نص نثري