أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الرواية : مَطهر















المزيد.....

الرواية : مَطهر


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 3026 - 2010 / 6 / 6 - 16:59
المحور: الادب والفن
    


" زَغلُ المصريين ".
إنه قولٌ مَأثورٌ ، مَنسوبٌ لنجم الدين أيوب ؛ والد صلاح الدين . وعندي أنّ ذلكَ ، كانَ يُشاكِلُ خِصْلة مُضيفي ، أحمد بك ، الأكثر تميّزاً في خلقه . وربما أنّ لقبَهَ ، " المصريْ " ، شاءَ أن يُسنِدَ تأويلي لصفة الرجل ، المَعلومَة.
وخُبَرُ القول، أنّ أولاد أيوب ، بدأوا في صبيحة عيد الفطر ، كما هيَ العادة ، بتقديم هداياهم لأبيهم . ثمّ جاءَ أخيراً دورُ سيف الدين ( الذي سُيعرف ، لاحقا، بالملك العادل ) ، لكي يعطي والدَه كيساً من الدراهم ، الذهبيّة . فما أن فتحَ هذا الأخيرُ الكيسَ ، حتى وجَدَهُ مُختلطاً بدراهمَ نحاسيّة . فقال عندئذٍ لإبنه ، المُتخابث : " لقد تعلمتَ شيئاً من زغل أهل مصر ".
تلك المُقاربَة ، كنتُ أتفكّرُ فيها ، إذاً ، وأنا جالسٌ على كرسيّ وثير، مُريح، في حجرة المكتبة ، الفارهة ؛ التي تقومُ في الدور الأرضيّ لقصر القاروط . تركتُ الكتابَ على الخوان الصغير ، الموجود بمتناول اليد ، ثمّ شرَعتُ بتأمّلُ جدران الحجرة ، المُزخرَفة بإطاراتٍ ذات مواضيع مُختلفة . وكانت الشمسُ، بدورها ، توشِمُ المكانَ بأشعتها الذهبيّة ، الخالِصَة ، غير المَخلوطة بزيفٍ نحاسيّ . وعلى ما أذكرُ ، فإنه كانَ جزءاً من تاريخ إبن الأثير ؛ ذلك الكتاب الكبير الحجم ، الذي فرغتُ ، قبل حين ، من قراءة جانبٍ منه، يَسير.
" هذا القصرُ ، الباذخُ ، لمَ احتفظ به صاحبُهُ ، طالما أنه غادرَ البلدَ إلى غير رجعة ؟ " ، قلتُ لنفسي. قبل ذلك ، كنتُ أتهكّمُ في سرّي من تهكّم البك بسلوك الأغنياء ؛ حينما أجازَ لنفسه ، ليلة أمس ، تحليلَ لغز الموت . لا أنكرُ ، فكرتُ ، صوابَ العديد من مقولات مُضيفي وجدارة ثقافته ومعارفه . ولكنّ خبيئة الرجل ، بالمقابل ، لم تكن تبدو محطّ النزاهة َوالإخلاص ـ كما هوَ حالُ عبد اللطيف أفندي ؛ العلامة الحقّ .
الريبة بمَسلك البك ، المصري ، كانت إذاك تخامِرُ داخلي ، فتجعلني أميّزُ بالتفصيل ما كانَ من وقائع الأيام الأخيرة ؛ التي قضيتها بصحبته ، سواءً ثمة في جبل لبنان أو هنا في مصر . وكانَ الشكُّ ، أحياناً ، يتماهى بالحياء ولا غرو ؛ بالنظر للحفاوة التي كان يَشملني بها المُضيفُ ، كرَماً ولطفاً . إلا إذا كانت الحفاوة تلك ، الموصوفة ، وسيلة ً لغايةٍ ما ، مُبيّتة ؛ فهذا حديثٌ ، آخر .

" إنّ سيّدي ، يا آغا ، يتمنى أن تكونوا جاهزين خلال ساعة ، للخروج بمَعيّته "
خاطبني باحترام بالغ أحَدُ الخدَم ، النوبيّين ، المُتواجدين بشكل ملحوظ في أجنحة القصر ، العديدة . وإعتباراً من الحملة المصرية ، التي جدُّتْ في العام نفسه ، فإنّ هؤلاءَ الخدَم ، ذوي البشرة النحاسيّة، سيغمرونَ الكثيرَ من دور الشام ، المُعتبَرَة ؛ فيُعَرّفونَ عندئذٍ من أهلها بـ " العبيد ".
حقيبة السَفر، التي رافقتني في تيْهات البَرّ والبَحر ، كانت ذاخرَة بأطقم عدّة من ملابسي ، الفرنجيّة الطراز . وإذاً ، قبلَ أن يَمضي أجَلُ الساعة ، المَعلوم ، كنتُ في الصالون الكبير ، الكائن بالدور الأرضيّ ، بانتظار تشريف صاحب الدار ، لكي نمضي سويّة ً إلى السوق. سويعة أخرى ، على الأثر ، وكانت كرّوسة البك ، الفخمَة ( يُسَمّيها أهلُ البلد بالحنطور ) ، تتناهى إلى مَدخل حيّ الحسين ؛ أينَ سوق خان الخليلي ، الأشهر بين أسواق القاهرة ، المُناهز عددها الأربعين .
" علينا أن ندَعَ العرَبَة ؛ فالدروب ضيّقة هنا، كما ترى " ، قال لي القاروط . هكذا شرَعنا بالسَيْر على أقدامنا خللَ تلك الدروب العَسِرَة ، المُترَبَة ، مُجتازين الحواري والأزقة ، في طريقنا إلى السوق. يوم أمس ، عندما كانَ مُضيفي ثمة في القلعة ، لكي يَحظى بلقاء الوالي ، فإني كنتُ بدوري هنا ، في مَركزَ المدينة القديمة ، مُتبرّكاً بحظوة مقام الحسين عليه السلام. والآن ، فما أن حللنا في خان الخليلي ، حتى رأيتنا نهبَة ً للشدّ والجذب من لدن الصبيّة ، المَبثوثين على أبواب الدكاكين والقيساريات . وكانت مهمّة هؤلاء الأولاد تسليم الزبائن لصاحب المحل ، ليقوم هذا بدوره بعرض تحفه ومصنوعاته ومشغولاته ، المُختلفة . إلى صبيّة آخرين ، أصغر عمراً ، كانوا مُحَمّلين بالعقود ، البديعة الشكل ، المَصنوعة من الخرز الرخص ، والمُحوّمين حول روّاد المقاهي لكي يبيعونها لهم . إذاك ، تذكرتُ سوقَ الأروام ، الدمشقي ، المَنعوت باسم بانيه ؛ الخليفة عبد الحميد الأول ـ فرُحتُ أقارنه بذهني مع هذا السوق القاهري ، الأشهر : إلا أنّ الأول ، ولا شك ، كانَ أكثرَ تنظيماً وأناقة ًمن الثاني ، وأقلَّ ازدحاماً منه أيضاً.
" إنّ هذا السوق ، العامر ، كانَ أصلاً عبارة عن خان تجاريّ، كبير، مَنسوبٍ لأحد الأمراء المماليك ، الشوام ؛ ويُدعى شركس الخليلي " ، بدأ البكُ حديثه عن تأريخ المكان . وعلى ذلك ، علمتُ منه أنّ الخانَ ، أيضاً ، سبَقَ أن أقيمَ فوقَ تربة الملوك الفاطميين ؛ وبالتالي ، فوق رمَم مؤسّس مدينة القاهرة ؛ المعز لدين الله. وما لبثَ مُحدّثي أن أشارَ بيَده نحوَ إحدى المنائر الرشيقة ، السامقة ، المُتبّدّية من خلف أعلى جدران الدكاكين ، قائلاً باحتفاء : " وذاكَ هوَ جامعُ الأزهَر ؛ من أهمّ ما خلّفه الخليفة المعز " . ثمّ أضافَ مُتبسّماً بغموض " وفيما بعد ، سنقوم بزيارته كذلك. طبعاً إذا شئتَ ، يا آغا ".

" رواقُ الأكراد " .
إنه المَوضِعُ المُحتفي بقدسيّة الأزهرَ ، الشريف ، والموسومُ بأصل مُريديه ؛ من طلبَة العلوم الدينية والدنيوية ، القادمين إلى القاهرة من جهات كردستان ، بغيَة تحصيل شهادةٍ من جامعته ، تتيحُ لهم مستقبلاً ليصبحوا بدورهم دعاة أو فقهاءً أو مُدرّسين . إنه أحدُ الأروقة ، العديدة ، التي يَلحظها الزائرُ ، ما أن يجتازَ صحن المسجد ويُضحي داخلَ صرحه ؛ وهيَ الأروقة ، المَنعوتُ كلّ منها، أيضاً، بملة مُريديها أو اقليمهم ـ كالترك والشوام والمغاربة والصعايدة. وكانَ كلّ رواق على طراز العمارة نفسه، تقريباً ؛ من أعمدَة مُرخمَة تحملُ العقود المُزخرفة ، والتي بدورها تسندُ سقف المكان . كما أنّ الأثاث القليل ، المُقتصد، من خزائن وكراس وطاولات ، كانت دلالة على أنّ الرواق ليسَ منذوراً لمبيت الطلبَة ليلاً . بل إنّ أمكنة إقامتهم ، كما علمتُ ، كانت موزعة في أنحاء حيّ الحسين ؛ وفيما يُشبه الفنادق أو النزل ، الوضيعة ، والتي يَقصدها عادة ً أهلُ الريف والأغرابُ الفقراء .
" هذا الرواق ، يَستفيدُ في إنفاقه على الطلبَة من وَقف بعض الوجهاء ، الكرد ، المُقيمين في البلد " ، أخبرني أحمد بك وأضافَ بنبرَة متواضعة " وكانَ والدي الكنج ، رحمه الله ، من أكثرهم سخاءً في أعمال الخير . وما يفتأ هذا الوَقفُ ، إلى الآن ، ينهلُ من مُعين عائداتنا ؛ من أملاك وضياع وعقار ".
وإذاً ، فإنّ الجامع الأزهر ـ الضئيل الحجم بالنسبة لعملاق بمثل جُرم مسجدنا الأمويّ ـ كانَ جامعة علوم ، حقيقية، وليسَ مَصلى حَسْب. ويبدو أنّ الفاطميين، بحسَب معلومات رفيقي البك ، أرادوا من تشييد الجامعة و صِفتها ، العلمية ، أن يتناهوا بطائفتهم ، الإسماعيلية ، إلى علوّ المَراقي في عالم الإسلام السني والشيعي على السواء ؛ هذا العالمُ ، الذي مَحَضهم دوماً مشاعرَ الريبة والتوجّس ، واتهمهم بالزندقة وحتى بالالحاد والشرك.

" السلام عليكم ، يا مولانا "
هتفَ القاروط لرجل عجوز ، مُتكوّم على أسماله ، الخلِقة ، في زاوية قصيّة من ذلك الرواق . رفعَ العجوز رأسَهُ، المُعَمّم بلفة جبليّة السّمَة ، ثمّ راحَ يُحدّق في الفراغ . وما عتمَ ، بعد هنيهة أخرى ، أن واصل تمتمته ، المَعهودة . من جهتي ، عجبتُ من مَسلك الرجل ، الضرير ، المُتجاوز سنه المائة ربما ؛ فتساءلتُ بسرّي عما إذا كانَ صوفياً .
ثلاثة شبان في مُقتبل العمر، بدا من هيئتهم أنهم طلبَة علم ، كانوا وقتئذٍ يُحيطونَ بمجلس ذاكَ الرجل . وكانَ هؤلاءُ أيضاً بملابس قومهم ، المُميّزة ؛ من لفة مُرقشة بلونيْ الأبيض والأسود ، إلى الكرزة الحريرية ، الضيقة ، المشدودة بحزام عريض ، من القماش ، فوق السروال القطني ، الواسع والفضفاض . فما أن سَمِعَ الشبانُ تحيّة البك ومَظهَره ، المُعتبَر ، حتى قاموا على أرجلهم بهبّة إحترام ، واحدة . فدعاهم صاحبنا ببساطة إلى العودة لمطارحهم ، قبل أن يلتفتَ إلى شيخهم ليحييه ، مُجدداً : " سلامي لكَ، يا مولانا . لقد نسيتني ، على الأرجح ، رغمَ أني إلتقيتكَ هنا ، في العام الماضي ". فتحرّكَ الآخرُ من مكانه بمتململ ، ثمّ ما لبثَ أن أجابَ مُحدّثه : " النسيانُ نعمة . أما الذكرى ، فإنها تجلّي الروح للروح ".
اتسعَتْ ابتسامة القاروط ، وقال بخبث واضح : " فلنقرأ الفاتحة ، إذاً ، على روح صديقكَ القديم ؛ الكنج ". فارتفعتْ أكفّ الحضور ، تلقائياً ، نحوَ السماء ، المَحجوبة بسقف القاعة ، فيما الشفاه تلهجُ بالسورة ، الكريمة . سوى الشيخ ، فإنه كانَ ما يفتأ على جموده ؛ ولو أنّ شفتيه كانتا ، كذلك ، على حركتهما الدائبة ، المُتمتمة. وآبَ البكُ لهمز الضرير بكلامه ، لكي يحثّ همته على الجَدل ، فقال له : " كأنني فارقتُ جنابكم ، البارحة حسب . فما زالَ الحالُ على دِعَته ، هنا في القاهرة ؛ وعلى العكس من حاله ، ثمة في الشام " . إذاك ، رفع الشيخ سُبحَته إلى مستوى عينيْه وكأنه يتأمّل حباتها ، ثمّ عاودَ الإنهماك في ربقة صمته . واستأنفَ القاروط قوله : " فما رأيكَ ، يا مولانا ، بما يُشيعُهُ أهلُ الشام بأنّ ساعة الآخرة صارتْ قريبة ؛ وأنّ علاماتها أضحَتْ تظهرُ في الآونة هذه ، الأخيرة ؟ ". وإذا بحركة الضرير ، المَعلومة ، تتجمّدُ على حين فجأة . إذاك خيّل إليّ ، على الأقل ، أنّ الضريرَ كانَ يتطلعُ في مُحدّثه بتحديقة مُتمعّنة ، ثابتة ، حينما بدأ يتكلّم ببطء : " علامة القيامة ، يا هذا ، تقفُ بمُزدَلِفة بين الأضداد ، بيّنة : فتنطفأ كرة ُ الشمس ليشعّ نورُ الله ؛ ويجفّ نهرُ بردى ليخصبَ مَقامُ الخِضْر " . وحينما خاطبَ الشيخُ البكَ بقوله " يا هذا " ، غير المُراعيَة لمقامه ، فإني ارتبتُ في أن يكونَ قد تذكرَ من يكونَ هوَ ، حقا .

بيْدَ أنّ القاروط ، كحاله دوماً ، رَمَقَ مُجادله بنظرة أليفة ، مُتسامحَة ، وعادَ ليسأله باهتمام : " ولكنهم ، يا شيخي ، يَزعمون ثمة ، بأنهم عاينوا بأنفسهم علامة ظهور الخِضْر عليه السلام ؛ بتجلي نجم العذراء ، المُذنّب ". فأجابه هذا بغير اكتراث : " أجلُ الآخرة له ميقاته، المَعروف . ولنَ يحلّ هذا الأجل إلا بامساك طائفةٍ للأمر ، فيهزمُها ظهورُ الغائبُ ـ كنمرق من نور "
" فأيّها ، إذاً ، علامة ُ الساعة ؟ "
" وقالَ مولاي أنّ طائرَهُ حط على شجرة الصّمَدِ ؛ وأنه بصقَ على جَهنم فأطفأها " ، نطق الشيخ بجذل . ولمّا عاينَ القاروط ، مُحبَطاً ، أنه لن يَحصَلَ على مُرادِهِ من الضرير ، فإنه التفتَ بعدئذَ إلى الشبان الثلاثة ، الحاضرين . وكانَ هؤلاء ، قد أنصتوا جيداً للمجادلة وهمُ مُغتبطون ، على الأرجح ، لحجج شيخهم ، المُلغزة ، الدّالة عندهم على سِعَة علومه، الربّانية . " أأنتم حديثو العهد ، هنا ؟ " ، سألهم القاروط . وبالرغم من فجأة الفتية بتحوّل مجرى الخطاب ، إلا أنّ من كانَ يبدو أكبرهم سناً ، هوَ من بادرَ للإجابة : " أجل ، يا سيّدي . لقد قدِمْنا نحنُ ، سويّة ً، من بلاد الجبل ؛ التي يَحكمها ذلك الأميرُ ، المارقُ ؛ المَدعو بدرخان باشا ". فما كانَ من القاروط ، على دهشتي ، إلا إطلاق ضحكته المعروفة ، المُقتضبَة . من ناحيتي ، كنتُ أتفكر عندئذٍ بأمر ذلك الأمير ، الكرديّ ؛ الذي تكررَ ذكرُ اسمه في مَسْمَعي، في الآونة الأخيرة . ولكنني ، على أيّ حال ، لم أنبسَ بكلمة طوال فترة جلوسنا هنا ، في الرواق هذا ؛ المَنعوت باسم ملّتنا ، العتيد . على ذلك ، نبَرَ البك ليسألَ ذلك الشاب نفسه ، الأكبر من رفاقه سناً : " وكيفَ جازَ لك ، أيها الفتى ، توصيفَ أميركَ بالمروق ؟ " . فقالَ هذا مُحرَجاً وقد احمرّ وجهه : " إنه نقشبنديّ ، في آخر الأمر "
" على ذلك ، فأنتَ قادريّ .. أليسَ كذلك ؟ "
" أجل ، يا سيّدي . إلا أني لم أقصد اختلافنا هذا ، مع الأمير ؛ فإنه نصيرٌ للكفرَة وعبَدَة الشيطان "
" ولكنّ أولئك القادمين من بلادكم ، وخصوصاً الأجانب ، من رحّالة وقناصل ، يؤكدون على رخاء حال ناسها وسِعَة صَدر أميرها ؟ " ، سألَ البكُ مُجادله الشاب . فما كانَ من الآخر إلا أنّ هز رأسه ، بحركة من يَفهَم جليّة الأمر ، ثمّ أجابَ بلهجة ساخرة : " إنهم كما قلتَ، يا سيّدي ؛ أجانب . فبطبيعة الحال سيشيدونَ بالرجل ؛ ما دام هوَ حام لملّتهم ، الكافرة ".
صَمَتَ البكُ مُطوّلاً ، وكأنما كانَ يتفكرُ بما قاله هذا الطالبُ ، الشاب . ثمّ ما عتمَ أن التفتَ نحوي ، ليطلبَ مني أن نغادرَ المكان . فقمنا من فورنا ، فودّعنا الحضورَ وعُدنا إلى الخطو بأرجلنا ، الحافيَة ، على بلاط صحن الجامع النظيف ، المُرخّم . عندئذٍ ، سألتُ مُضيفي عما كانَ يعنيه ذلك الشاب ، بحديثه عن عبدة الشيطان . فأجابني مُتبسّماً : " إنه كانَ يَقصدُ طائفة اليزيدية، المعروفة "
" وذاك الشيخ ، الغريب الأطوار ؛ أهوَ أيضاً من الطريقة تلك ، القادرية ؟ ". وكنا آنئذٍ قد اجتزنا مَدخلَ المسجد ، لما أخذتني على حين غرّة نبرَة ُ القاروط المُتهكّمة ، المُبيّتة : " آه ، مولانا ؟ إنه الشيخُ البرزنجي ؛ مؤسس السجادة القادرية في مصر ".

< مستهلّ الفصل الخامس ، من رواية " الأولى والآخرة " ..



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأولى والآخرة : صراط 7
- الأولى والآخرة : صراط 6
- الأولى والآخرة : صراط 5
- الأولى والآخرة : صراط 4
- الأولى والآخرة : صراط 3
- الأولى والآخرة : صراط 2
- الأولى والآخرة : صراط
- الفصل الثالث : مَنأى 9
- الفصل الثالث : مَنأى 8
- الفصل الثالث : مَنأى 7
- الفصل الثالث : مَنأى 6
- الفصل الثالث : مَنأى 5
- الفصل الثالث : مَنأى 4
- الفصل الثالث : مَنأى 3
- الفصل الثالث : مَنأى 2
- الفصل الثالث : مَنأى
- الرواية : مَهوى 11
- الرواية : مَهوى 10
- الرواية : مَهوى 9
- الرواية : مَهوى 8


المزيد.....




- وفاة الممثل الأمريكي فال كيلمر عن عمر يناهز 65 عاماً
- فيلم -نجوم الساحل-.. محاولة ضعيفة لاستنساخ -الحريفة-
- تصوير 4 أفلام عن أعضاء فرقة The Beatles البريطانية الشهيرة ...
- ياسمين صبري توقف مقاضاة محمد رمضان وتقبل اعتذاره
- ثبت تردد قناة MBC دراما مصر الان.. أحلى أفلام ومسلسلات عيد ا ...
- لمحبي الأفلام المصرية..ثبت تردد قناة روتانا سينما على النايل ...
- ظهور بيت أبيض جديد في الولايات المتحدة (صور)
- رحيل الممثل الأمريكي فال كيلمر المعروف بأدواره في -توب غن- و ...
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- رحيل أسطورة هوليوود فال كيلمر


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الرواية : مَطهر