|
شروط الإنضمام لنادي الأنظمة العربية المعتدلة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3023 - 2010 / 6 / 3 - 15:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد أن أستهلك الحديث عن الحكمة التي يأتي السياسيين الأجانب للإستماع إليها من أفواه الحكام العرب ، و بعد أن غدا مثل ذلك الحديث يحمل معنى سلبي أكثر منه إيجابي ، لإرتباطه بالنصيحة التي أسداها أحد الساسة الغربيين لكل من يتعامل مع الحكام العرب ، سارعت تلك الأنظمة الحكيمة لإلتقاط عبارة : الأنظمة العربية المعتدلة ، لتصف بها نفسها ، فالقادة العرب المعتدلين الأن ، هم الحكماء في الماضي . أعتقد أن عبارة الأنظمة العربية المعتدلة ، وجدت هوى لدى تلك الشريحة من الحكام العرب - و الدليل تماديهم في إستعمالها - ليس فقط لأنها لا تحمل المعنى السلبي الذي إرتبط بالوصف القديم ، بل و لإنها تجعلهم يشعرون بإنهم حلفاء للدول الكبرى في العالم الحر ، و لهم دورهم ، كما تجعلهم يشعرون بإنهم ينتظمون في تجمع ، أو نادي يجمعهم ، و يلم شملهم . فما هي أهم شروط الإنضمام لذلك النادي ، للراغبين من الحكام ، أو للمتطلعين للحكم ؟ بداية ، و قبل أن أخوض في الشروط المتعلقة بالسياسات على إختلاف أنواعها ، يجب البدء بشرط شخصي يعد الأهم ، بل و يمكن أن يُعد هو الأساس الذي تقوم عليه كافة الشروط الأخرى ، بحيث لو غاب لإستحال الإنضمام ، هو شرط النفاق ، أي أن يكون نظام حكمك بوجهين . بدون أن تكون بوجهين ، فلا يمكن أن تكون من الحكام المعتدلين العرب ، لأنه يدخل في كل الشروط الأخرى . بالنسبة للشروط الأمنية : فعليك أن تشجب علناً الإرهاب ، و التطرف ، و عليك أن تؤمن بلادك ، بحيث يستتب الأمن بها ، و هذا لا نقاش فيه ، إلا إذا ضاق عليك الخناق ، و تعالت صيحات الديمقراطية ، و حقوق الإنسان بالداخل ، أو تزايدت عليك الضغوط الخارجية بشأن نفس الميدانين : الديمقراطية ، و حقوق الإنسان ، عندها لا بأس من إرخاء حبل الأمن من أجل أن يحدث عمل إرهابي يسوغ للعالم قبضتك الحديدية ، و حبذا لو وجدت معارضين ، بالداخل ، أو الخارج ، يمكن أن تلصق بهم تهم التطرف ، و الإرهاب ، و يمكن في هذا الشأن الإستعانة بأنظمة أجنبية فاسدة . بالنسبة للسياسة الخارجية : علنا عليك أن تبدو كحمامة سلام ، حاملا دوما غص الزيتون ، مناديا دائما بالسلام ، و الإستقرار ، و ليس مطلوب منك أكثر من هذا ، بل خطر عليك إن صدقت هذا . ليس مطلوب منك أن تكون جديا في البحث عن السلام الدائم ، كل ما هنالك أن تحافظ على الهدوء القائم . أما سرا فيمكنك أن تدعم بسرية تامة الأجنحة المتطرفة بالتنظيمات الفلسطينية ، و أن تمدها بالمال ، و السلاح ، لتسكت أصوات الإعتدال بها ، مع تشديد الحصار الإنساني ، فتمنع حليب الأطفال ، و الدواء ، حتى يسهل التلويح بسيف التخوين لكل معتدل في أي تنظيم فلسطيني ، حتى تحبط أي محاولة للسلام الدائم ، على أن يغدو وزير خارجيتك ، أو رئيس مخابراتك ، و يروح ، بهمة ، و نشاط ، باديين ، من أجل السلام الذي لن يتحقق ، و بالمثل عليك إستقبال كل مبعوث للسلام ببشاشة ، و أن تسمعه ما يرغب ، و لكن لا تتمدى أكثر من ذلك . كما يمكنك أن تنغمس في الأنشطة المقوضة للإستقرار في مناطق العالم المختلفة ، مادامت بعيدة عن إهتمام الدول الكبرى ، كما يفعل نظام آل مبارك ، و نظام آل سعود ، في الصومال ، حتى نجحا في تقويض كل جهود الأمم المتحدة ، و الإتحاد الأفريقي ، لإيجاد نظام صومالي قوي يحكم الصومال . إقتصاديا ، و ماليا : عليك بالإنخراط في التجارة الحرة ، و أن تجعل بلادك شريكة فيها ، و لكن ليس مطلوب منك الإلتزام بقواعد التجارة الحرة داخليا ، فيمكنك أن تحتكر ، و أن تسرق ، و يمكنك أن تعتبر أن كل الثروات الجوفية ملك لك ، و لأسرتك ، بإختصار : أنت حر إقتصاديا ، و ماليا . إجتماعياً ، و ثقافياً : عليك أن تكون كهف التشدد ، و عضد المتشددين ، و راعي الإصلاحية ، و نصير الإصلاحيين ، و ركن العلمانية ، و حامي العلمانيين . عليك أن تجعل هؤلاء الثلاثة يدورون ، بلا إنقطاع ، وراء بعضهم البعض في دائرة ، تجلس أنت في مركزها لتراقب ، و لتمنع أن يلحق أي طرف بالأخرين ، أو بواحد منهما ، و بذلك يلوذ بك ثلاثتهم ، و تستمر الأحوال كما هي . كما يمكنك أن تضرب قطاعات شعبك ببعضها البعض ، مثل بالتحريض ضد الأقليات الدينية ، و المذهبية ، و العرقية ، و الثقافية ، و إلى أخر القائمة ، شرط ألا تفلت الأمور من قبضتك ، و تتسبب في لغط دولي ، فكن على إنتباه شديد و أنت تلعب هذه اللعبة . أما بالنسبة لحقوق الإنسان ، فعليك أن تتأكد بإنه ليس في دولتك لإنسان سواك ، و لمن شئت ، أي حق ، فإفعل بشعبك ما شئت ، شرط ألا تثير ضجيجا . هذه بعض شروط الإنضمام لنادي الأنظمة العربية المعتدلة ، أو الحكام العرب المعتدلين ، و كلها كما هو واضح لا تقوم بدون الشرط الأول ، و هو النفاق ، أو شرط الوجهين . بدون الوجهين لن تكون منهم ، لأنك ستكون إما طاغية صريح ، يثير الضجيج ، و المتاعب ، كما كان صدام حسين ، أو أنك بالفعل ديمقراطي حقا ، و في الحالين ليس لك مكان في نادي الأنظمة العربية المعتدلة ، و جميع الحكام المعتدلين العرب سيكونون ضدك .
03-06-2010
ملحوظة دائمة : برجاء تجاهل التلاعبات الأمنية الصبيانية في المقالات ، و التي تشمل التلاعب في النص ، سواء بتغيير كتابة الكلمات ، أو بالحذف و / أو الإضافة ، و ليكن تركيز القارئ الكريم على محتوى المقالات من أفكار .
بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عمر بن حفصون ، لماذا نبشوا قبره ، و مثلوا بجثته ؟
-
هكذا سيتدخل نظام آل مبارك عسكريا في دول حوض النيل
-
في قضية الردة ، لنخسرهم ، و لنكسب العالم
-
المشكلة في البوصلة السياسية الإيرانية ، و ليست القنبلة
-
علينا إعداد العدة لإحتجاجات ما بعد إنتخابات 2011
-
كترمايا جاءت لجمال مبارك على الطبطاب
-
السودان لن يقبل بأقل من التحكيم في حلايب
-
للإخوان : هناك ما هو أكبر من غزة
-
ما الذي يدفعهم للإخلاص لأوباما ، بعد أن طعنوا كلينتون في ظهر
...
-
الخدمة العسكرية الإلزامية ، هذه سياستنا
-
أغبياء ، لا يعلمون على من ستدور الدوائر
-
لا حصانة لدبلوماسي في وطنه
-
لا تطلق النار ، الدرس القرغيزي الثاني
-
نريدها كالقرغيزية
-
ليس من مصلحتنا تجاهل ذلك العلم
-
علم السلالات البشرية ، هذه المرة سينفع البشرية
-
و حقوق الإنسان تأتي بالديمقراطية
-
مشروع إنهزامي لا شأن لنا به
-
حسني مبارك أخر حكام أسرة يوليو ، أو الديكتاتورية الأولى
-
البوركا الساركوزية لم تكن سابغة بما يكفي
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|