|
اسطول الحرية والمجزرة المتوقعة
أكرم ابو عمرو
الحوار المتمدن-العدد: 3021 - 2010 / 6 / 1 - 09:10
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استغرب اندهاش الكثير من المجزرة البشعة التي ارتكبنها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق أناس أبرياء لا ذنب لهم إلا رفضهم الحصار الظالم على شعبنا، الذي طال أمده دون أن يحرك ساكنا في ضمير من ينادي بحقوق الإنسان ، وكأن المناداة بحقوق الإنسان نوع من أنواع الترف الفكري النظري فقط،، ومنبع استغرابنا هو أن الجميع يدرك أن إسرائيل إنما تمارس سياستها القديمة الجديدة ، سياسة أمس واليوم وغدا ، سياسة قائمة على الغدر والصلف والغطرسة والقوة وكل الأوصاف فالكلمات عاجزة عن وصف ماحدث ، فإسرائيل ارتكبت قبل ذلك مجازر ومجازر في أماكن كثيرة غير فلسطين، فقد اجتاحت العاصمة العربية اللبنانية بيروت وارتكبت ما ارتكبت من مجازر ،وتسللت إلى عاصمة عربية أخري وهي تونس لترتكب جريمة اغتيال القائد الفلسطيني أبو جهاد ، وقبل ذلك اقتحمت مطار عنتيبي في أوغندا لتحرير رهائنها هناك ، وفي حربها على غزة العام الماضي هاجمت مقرات وكالة الغوث الدولية لتشيع فيها قتلا وحرقا وخرابا ، فمنذ متى تراعى إسرائيل حرمة الدول وحقوقها ، فما بالك وهذه المجزرة التي أعدت لها العدة أمام مرأى ومسمع العالم عندما جيشت الجيوش، وحشدت الأساطيل لتواجه بها أسطول الحرية المسالم ، ومنذ متى تراعى إسرائيل المعاهدات والاتفاقيات والأعراف الدولية. لقد قتلت القوات الإسرائيلية تسعة عشر شخصا متضامنا معظمهم أو جمعيهم من تركيا الدولة الصديقة لإسرائيل ، ولتختطف سفن الأسطول وما عليها ليكونوا اسري وغنائم لقواتها في عملية أشبة بأفلام الكرتون أو أفلام السوبر مان. حدثت العملية وانتهت ، ولكن تداعياتها لم تنتهي بعد ، وهنا بيت القصيد ، فما أن بدأت وكالات الأنباء في بث الأخبار الأولية عن هذه الجريمة حتى بدأ سيل من التصريحات والتحليلات يتدفق عبر الفضائيات ووسائل الإعلام ، وبدأ إلقاء المسئوليات والاتهامات تارة للنظام العربي الرسمي ، وتارة لبعض الأطراف الفلسطينية، متناسين المسئول الأول والأخير عن هذه المصائب التي تأبى أن تفارقنا وهو عدونا المجرم المدعوم أمريكيا، فلماذا إلقاء المسئوليات والاتهامات والجميع يعرف أنها السياسات الإسرائيلية التي لم تنقطع منذ عام 1948 وحتى الآن ، وهي السياسات التي لولاها ما بقيت إسرائيل حتى يومنا هذا، أننا وما زلنا في خضم هذا العمل الإسرائيلي الفاضح لا بد لنا نحن الفلسطينيين أن نراعي أمرين هامين : الأول : عدم الخوض في المناكفات الإعلامية ، وإلقاء المسئوليات وتوزيع الاتهامات التي تستهدف بعضنا البعض ولنتذكر جيدا الماضي القريب عند عرض تقرير جولدستون للتصويت في المرة الأولى ، من جهة واستهداف بعض الأشقاء العرب من جهة أخرى، وإلا ما معني الإمعان في انتقاد الموقف الرسمي العربي ، فالموقف الرسمي العربي لم يتغير منذ زمن حتى في أحلك واشد الظروف التي أحاطت بنا، ولنتذكر أيضا أن الأشقاء العرب هم عمقنا الاستراتيجي ومجالنا الحيوي مهما كانت المواقف، ثم أن الحادثة بعد أيام سوف تمضي وتطوى في عالم النسيان كغيرها من القضايا والجرائم التي سبقتها . ثانيا : عدم المبالغة في وصف الموقف التركي ، فنحن وإذ نقدر ونثمن الموقف التركي الشجاع في دعم ونصرة قضيانا ، كما نقدر ونثمن محاولات عودة تركيا إلى حضن العالم الإسلامي ، ومحاولاتها لعب دور نشيط في قضايا الصراع في منطقتنا بدءا بقضية الملف النووي الإيراني وانتهاء بقضية فلسطين ، إلا أننا لابد لنا من عدم تحميل تركيا أكثر مما تحتمل للأسباب التالية : - أن تركيا لديها قضاياها الداخلية وأهمها قضية حزب العمال الكردستاني التي تشكل لها عبئا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، ومصدرا للتوتر وعدم الاستقرار في تركيا . - أن تركيا وطوال تاريخها الحديث محكومة بإرادة العسكرتاريا الذين يقفون بالمرصاد للحكومة الحالية مراقبين ومتابعين سياساتها باحثين عن فرص للانقضاض عليها . - أن تركيا تسعى بكل جد للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ، ما سيلقي عليها تبعات الالتزام بالإطار العام لسياسات هذا الاتحاد والمعروفة تجاه إسرائيل . - أن تركيا ما زالت تتمتع بعلاقات قوية مع إسرائيل ، علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية ، حيث المناورات العسكرية المشتركة مع إسرائيل والتي أوقفت إجراء الاخيره منها واعتقد إن هذا الإجراء إجراء مؤقت ريثما تهدأ عاصفة أسطول الحرية ، كما أنها أي تركيا تتزود ببعض الأسلحة الإسرائيلية والجميع منا قرأ خبر شراء تركيا طائرات الاستطلاع الإسرائيلية بدون طيار والمسماة شعبيا عندنا "بالزنانات " وأسلحة أخرى. - وأخيرا أن تركيا عضوا مهما في حلف الناتو ، وجميعنا شاهد انطلاق الطائرات الحربية الأمريكية تنطلق من قاعدة ديار بكر لضرب العراق الشقيق . إذن تركيا لا يمكن أن تصبح حامية للعرب، أو أن تتحمل عبء المواجهة عوضا عن العرب فالتاريخ لا يعيد نفسه ، وتركيا تدير مصالحها القومية بجدارة كما يبدو لا أكثر ولا اقل . أعود إلى علاقتنا بأسطول الحرية وتداعياته وآثاره علينا، فاعتقد أن إسرائيل قد وجهت عدة رسائل إلينا أولا ، والى جميع القوى المحبة للسلام والعدل في هذا العالم ، وأول هذه الرسائل لتركيا لكي تبتعد عن ملف الصراع العربي الإسرائيلي خصوصا الشق الفلسطيني منه ، والثاني لا فك للحصار المفروض على غزة إلا بالشروط والإرادة الإسرائيلية كما أنها سعيدة بحالة الانقسام الفلسطينية ، وبالتالي بقاء قطاع غزة على هذه الحال حتى يصل إلى درجة الإنهاك القصوى أملا بكسر إرادة شعبنا ورضوخه للشروط الإسرائيلية ، والثالثة هي إن إسرائيل مازالت هي المسيطرة والدولة الأقوى في المنطقة تصول وتجول دون رادع . ولكننا لابد لنا من استمرار المواجهة ، المواجهة التي أصبحت أمام بلاء كبير هو بلاء الانقسام الفلسطيني الذي لا اشعر بالملل من ذكره والتذكير به فبزوال الانقسام يمكن تحديد أولوياتنا وخيارتنا في مواجهة إسرائيل ومشاريعها ومخططاتها ، وبزوال الانقسام يمكن وضع خططنا للنهوض بمقومات صمودنا على أرضنا وذلك ببناء إنساننا الفلسطيني والتمسك بأرضنا ومكتسابتنا وانجازاتنا . إنني أناشد كل القوى الفلسطينية ، حركة حماس وحركة فتح ، والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية ، وحركة الجهاد وجميع قيادات الشعب الفلسطيني أن لا ينتظروا كسر الحصار من الخارج، بل من داخلنا، وذلك بالعمل الجدي من اجل إعادة اللحمة الوطنية إكراما لدم الشهداء، ابتداء من أبو عمار والشيخ احمد ياسن وأبو علي مصطفى وفتحي الشقاقي ، ومواكب الشهداء من القادة المجاهدين والمناضلين الذين رووا بدمائهم ارض فلسطين وقضوا من اجل فلسطين .
أكرم أبو عمرو غزة – فلسطين [email protected]
#أكرم_ابو_عمرو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احتمالات حرب اسرائيلية قادمة على ايران والعرب سيناريوهات للت
...
-
في غزة المحنةالتي لا تنتهي
-
الاستيطان الاسرائيلي بين الجغرافيا والديموغرافيا استراتيجية
...
المزيد.....
-
المغرب.. كشف تفاصيل ضبط خلية -الاشقاء-
-
الجيش الأمريكي يعلن استهداف -أحد كبار قيادات- تنظيم تابع لـ-
...
-
مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تعيين دوغ بورغوم وزيرا للداخلية
-
مباحثات إيرانية قطرية حول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة ولبنان
...
-
ترامب يعلق على تقارير سحب القوات الأمريكية من سوريا
-
روبيو: ترامب مقتنع بضرورة حل الصراع في أوكرانيا بالوسائل الد
...
-
واشنطن: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها في الأرا
...
-
المغرب.. تفاصيل دقيقة حول الآليات والمواد والمساحيق التي تم
...
-
الولايات المتحدة تخطط لفرض رسوم جمركية على الصين بسبب -شحنات
...
-
روبيو: عرض ترامب شراء غرينلاند -ليس مزحة-
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|