|
العنف الاسرائيلي وتدافع الشباب الفلسطيني نحو الاستشهاد
بسام يوسف إبراهيم بنات
الحوار المتمدن-العدد: 3020 - 2010 / 5 / 31 - 22:16
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
العنف الاسرائيلي وتدافع الشباب الفلسطيني نحو الاستشهاد* د.بسام يوسف إبراهيم بنات**
______________________________________________________________________ *الدراسة الحالية هي جزء من أطروحة دكتوراه بعنوان "الاستشهاديون الفلسطينينون: حقائق وأرقام 2010"، كلية العلوم السياسية والاجتماعية، دائرة علم الاجتماع، جامعة غرناطة، اسبانيا. **دكتوراه علم اجتماع (مناهج وإحصاء في العلوم الاجتماعية)، دائرة العلوم الاجتماعية، كلية الآداب، جامعة القدس [email protected], [email protected] "وددت لو أن لي أرواحاً كثيرة لكي انتقم المرة تلو المرة وأرد على مجازر كثيرة وإهانات كثيرة للمسجد الأقصى وللحرم الابراهيمي وللشعب الفلسطيني". الاستشهادي ماهر حبيشه، عملية حيفا يوم 2/12/2001.
"من منا لا يغضب ولا يعتريه شعور الانتقام عند سيره في جنازات الشهداء، خاصة جنازات نابلس الجماعية، من منا لا يغضب ويحب الانتقام عند مشاهدة أمهات الشهداء وزوجاتهم وأبنائهم على التلفاز، ومن منا لا يشعر مع أصحاب البيوت التي هدمت أخيرا في خانيونس ورفح ومتاجر الخليل، ومن منا لا يغضب عند قتل الأطفال وقطع الأشجار وقصف المدن، ومن، ومن، ومن، والله إن اليهود قطعوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد". الاستشهادي جمال ناصر، عملية مفرق مستوطنة شافي شمرون يوم 29/4/2001. "منذ ولدت ووعيت على هذه الدنيا وأنا أسمع وأشاهد المجازر تلو المجازر ضد شعبنا الأعزل على أيدي اليهود الغاصبين، وقد شرفني الله بأن أكون أحد استشهاديي كتائب عز الدين القسام وأن أحمل لواء الجهاد والمقاومة، وأسأل الله أن يتقبلني شهيداً في سبيله لتكون شهادتي رسالة انتقام لدماء شهداء مجازر كفر قاسم ودير ياسين وقبيه وصبرا وشاتيلا وقانا والأقصى والحرم الإبراهيمي ونحالين، والذين تدمرت بيوتهم في رفح وخان يونس وفي بقاع فلسطين قاطبة، والانتقام للشهداء الذين سقطوا في سخنين وعرابة والناصرة، وجميع الشهداء الذين سقطوا في فلسطين المحتلة عام 1948 وشهداء قطاع غزة والضفة الغربية". الاستشهادي محمد حبيشي، عملية نهاريا يوم 9/9/2001. "بقوة الله وعزيمته قررت أن أكون الاستشهادية السادسة التي تجعل من جسدها شظايا تتفجر لتقتل الصهاينة وتدمر كل مستوطن وصهيوني، لأننا لسنا وحدنا من يجب أن يبقى ندفع الثمن ونحصد ثمن جرائمهم". الاستشهادية المحامية هنادي جرادات، عملية حيفا يوم 4/10/2003. "أبي لا تحزن وارفع رأسك عالياً لأن ولدك مات شهيداً في سبيل الله عز وجل أولاً، ثم في سبيل تحرير هذه الأرض المباركة، أيها الشعب الفلسطيني، يجب علينا أن ندافع عن أرضنا المباركة حتى آخر قطرة دم في عروقنا". الاستشهاي محمود سالم، عملية اسدود المزدوجة يوم 14/3/2004. لعل التجربة الفلسطينية تحت الاحتلال كانت وما تزال من أكثر التجارب التي خلّفت وراءها ضحايا وعنف، نتجت من أعمال القتل أو الإصابة والإعاقة والأذى الجسدي والنفسي من نسف البيوت، ومصادرة الأراضي والمياه والاعتقال والمداهمات والمطاردات وغيرها من أشكال العنف المختلفة، وهم يواجهون أشرس احتلال عرفه التاريخ البشري . بالتأكيد أن الفلسطينيين لم يختاروا هذه المعركة، وكانوا يتمنون لو كانوا الآن مثل جميع شعوب الأرض الأخرى مهتمين بتنمية دولتهم المستقلة وتحقيق طموحاتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكنهم أجبروا على أن يعيشوا مع المحتل الاسرائيلي الذي جلب الدمار والكراهية إلى هذه المنطقة من العالم قبل أكثر من 100 عام.
فمنذ بداية الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني والشعب الفلسطيني يقاوم الاحتلال، وتطورت هذه المقاومة عبر سنين الصراع الممتد منذ أكثر من ستين عاماً، وانتهت بأساليب وأشكال مختلفة، إلى أن ظهر نموذج جديد من المقاومة الفلسطينية في النصف الأول من التسعينيات أطلق عليه "العمليات الاستشهادية"، وسرعان ما تزايدت مع بداية انتفاضة الأقصى عام 2000 وبشكل ملفت للنظر، حتى أصبحت ظاهرة عامة تنتشر بين أوساط الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته وطبقاته الاجتماعية. لقد استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينية تنفيذ مائتي عملية استشهادية نوعية (حزام ناسف، حقيبة وسيارة مفخخة) هزت إسرائيل، وأثارت ردود فعل عارمة محلية، وعالمية، وشكلت نقطة تحول في تاريخ الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، فمن النادر العثور على مثيل لهذه الظاهرة بهذا العدد من الاستشهاديين في أي مكان في العالم، حتى باتت نموذجاً يحتذى به من قبل حركات التحرر في العالم، والسؤال المهم الذي تطرحه هذه الدراسة هو: ما العلاقة بين ظهور العمليات الاستشهادية والجرائم والمجازر الاسرائيلية التي ترتكب بحق الاستشهاديين أنفسهم وأسرهم خاصة، والشعب الفلسطيني عامة؟
أشارت نتائج أطروحة الدكتوراه: الاستشهاديون الفلسطينيون: حقائق وأرقام من وجهة نظر أسرهم والمقربين (2010)، تعرض أغلبية أسر الاستشهاديين الفلسطينيين وبنسبة 73.5% لشتى أنواع العنف الاسرائيلي، كما هو واضح من المعطيات الواردة في الجداول رقم (1-2)، وجاء في مقدمتها: مصادرة الأراضي، واقتلاع الأسجار، وتجربف الأراضي، والتعرض للاهانة والشتيمة، والاعتقال، ومداهمة المنازل، وعدم الحصول على تصاريح لدخول الأراضي الفلسطينية 48 لأغراض انسانية، تلاه فقدان العمل (مصدر الرزق) داخل الخط الأخضر 48، والمنع من السفر، والتعرض للاصابة والاستشهاد، إضافة إلى هدم المنازل، والمطاردة، وحدوث الاعاقة أو العجز، والتعرض للابعاد، والاقامة الجبرية. من جانب آخر بينت النتائج الواردة في الجدول رقم (3) أن أغلبية الاستشهاديين الفلسطينيين وبنسبة 53.5% هم من اللاجئين، الذين تعرضت أسرهم للاقتلاع والتهجير من أرضهم عام 48. ففي يوم 15/5/1948، أعلنت الحركة الصهيونية عن تكوين دولة إسرائيل على 78% من أراضي فلسطين، واقتلاع الفلسطينيين من نحو عشرين مدينة وأربعمائة قرية، وبات حوالي سبعمائة ألف فلسطيني تقريباً أي ما يعادل 66% من سكان فلسطين آنذاك مشردين بلا مأوى، وكان هذا انهيار كامل للمجتمع الفلسطيني بكل مكوناته ومقوماته، وأسفر عن وجود ظاهرة جديدة في المجتمع الفلسطيني وهي ظاهرة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين المنتشرة في الضفة الغربية وقطاع غزة، والدول المحيطة: الأردن، وسوريا ولبنان، وشتى بقاع العالم، هذه المخيمات التي تمثل شاهداً حياً على ما لحق بالفلسطينيين من اقتلاع وتشريد عن أرضهم ووطنهم، والتي تمثل رمزاً لمعاناتهم اليومية وعلى الصعد كافة: الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وما زالوا حتى اللحظة ينتظرون قراراً سياسياً يضع حداً لآلامهم ومعاناتهم، إذ لا يوجد في التاريخ البشري جريمة توازي جريمة تهجير الفلسطينيين من ديارهم عام 1948 على أيدي العصابات الصهيونية التي أطلق عليها لاحقاً نكبة فلسطين (الصايغ، 1983؛ كناعنة، 2000؛ بنات، 2002؛ علان، 2007). وفي هذا السياق يذكر عبد الخالق (2004) أن البيئة الفلسطينية أصبحت أرضاً خصبة لتنامي الظاهرة الاستشهادية وثقافة المقاومة، نظراً لشعور الفلسطينيين العميق بالظلم والاهانة بعد أن طردوا من ديارهم عام 48 على أيدي العصابات الصهيونية، ناهيك عن الجرائم اليومية التي ترتكب بحقهم من قتل، واعتقالات، وتدمير للمنازل، ومصادرة للأراضي الزراعية وتجريفها. ولم يسلم الاستشهاديون أنفسهم من العنف الاسرائيلي الذي طال شريحة واسعة منهم، إذ تعرض ما نسبته 46% منهم لخبرات صادمة كان منها: الاهانة والشتيمة، ومداهمة المنزل، والمعاملة السيئة على الحواجز والبيئة المحيطة، والتعرض للضرب، واستشهاد عزيز، إلى جانب الاعتقال والاصابة، وعدم الحصول على تصاريح لدخول الأراضي الفلسطينية 48 لأغراض انسانية، وفقدان العمل (مصدر الرزق) داخل الخط الأخضر 48، والتعرض للمطاردة والمنع من السفر، وذلك كما هو واضح من النتائج الواردة في الجداول رقم (4-5).
فالخبرات الصادمة التي مر بها الاستشهاديون الفلسطينيون وأسرهم جراء الممارسات الاسرائيلية الوحشية بحقهم كانت ذات علاقة وثيقة بانخراطهم في العمليات الاستشهادية. وفي هذا السياق أشار أبو معلا (2004) أن نسبة عالية من الشباب الفلسطيني تحلم وتتخيل الموت، وتشارك في طقوسه المختلفة، ونسبة اكبر تعرضت لمواقف صادمة جراء الممارسات الاسرائيلية كادت أن تفقدها حياتها، وزادت من إصرارهم على القيام بعمليات استشهادية على الحواجز العسكرية الاسرائيلية التي يتعرضون فيها للذل والقهر اليومي. وهذا ما أشارت إليه نتائج دراسة كل من: (Abu Hin, 2001; Linder, 2001; Allen, 2002; Sarraj, 2002; Soibelman, 2004; O´Neal, 2005 and Araj, 2008) مؤكدة أن العمليات الاستشهادية الفلسطينية جاءت رد فعل طبيعي على عملية الاذلال الاسرائيلي الممنهج بحق الفلسطينيين، تعرضوا خلالها لخبرات صادمة سواء الأولية منها أو الثانوية من قتل، واعتقال، وإصابة، وإذلال يومي على حواجز الموت الاسرائيلية المنتشرة في كافة المناطق الفلسطينية. ولم تسلم حتى جثث الاستشهاديين من الاجراءات الاسرائيلية العقابية، فقد أشارت المعطيات الواردة في الجدول رقم (6) إلى أن سلطات الاحتلال ما زالت تحتجز في مقابر خاصة 73% من جثثهم وترفض تسليمهم إلى ذويهم لدفنهم.
ويعتبر هذا الإجراء مساً بمشاعر ذوي الاستشهاديين، ويتنافى مع أبسط القيم الدينية والأعراف الدولية. وليس غريباً أن يمتد الحقد الإسرائيلي إلى كل شيء، حتى الانتقام من أجساد الاستشهاديين. فقد اقترحت جهات اسرائيلية عديدة في منتصف نيسان 2001 بأن تُغطى جثث الاستشهاديين بجلد خنزير قبل دفنهم، لأن ذلك ـ بحسب زعمهم ـ سيحرمهم من دخول الجنة، ويعكس هذا التوجه مؤشرا قويا حول ما يمكن أو ما يفعله الإسرائيليون بالفعل بأجساد الاستشهاديين، ويعكس أيضاً الفشل الذريع لقوى الأمن الإسرائيلية في مواجهة العمليات الاستشهادية وتوفير الأمن للإسرائيليين (Assabeel, 2004).
فإسرائيل ومنذ احتلالها للأراضي الفلسطينية باتت تمارس أبشع عمليات الانتقام ضد الفلسطينيين. ولم تتردد في استخدام حتى جثث الاستشهاديين بشكل متعمد ومدروس كشكل من أشكال العقاب الجماعي، بحرمان عائلاتهم من حقهم الأساسي بتكريم الميت ودفنه في مسقط رأسه وفي مقبرة العائلة حسب تعاليم ديننا الاسلامي الحنيف. ويدرك الجيش الإسرائيلي ذلك، فالمعاناة صعبة جداً لعشرات العائلات الفلسطينية التي لم تدفن أبناءها، ولا تقل عن معاناة أصحاب البيوت المهدمة. وتأتي هذه الاجراءات ضمن سياسة إسرائيل الرادعة لمعاقبة الفلسطينيين والحدِّ من العمليات الاستشهادية، من خلال ترهيب الشباب الفلسطيني من تنفيذ العمليات تحسباً من العقاب والمعاناة الذي ستناله عائلاتهم. لكن من الواضح أن هذه القضية أخطر من أن تكون سياسة رادعة ومؤلمة للفلسطينيين، وأكثر حتى من سياسة الانتقام، إنها نوع من التمثيل الصريح في الجثث، وهذه جريمة أخرى تضاف إلى مسلسل الجرائم الاحتلالية ضد الفلسطينيين، فهم لا يكتفون بقتل الفلسطيني مرة واحدة، بل يقتلونه مرتين، ويقتلون أهله ألف مرة.
وفي هذا السياق وجّهت والدة الاستشهادي صلاح شاكر أحد منفذي العملية الاستشهادية المزدوجة في نتانيا يوم 22/1/1995 نداءً حاراً إلى الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والى جمعيات حقوق الإنسان وكل أصحاب الضمائر الحية أن يحاولوا إعادة جثمان ابنها ليدفن قريباً منها، فهي كما تقول: "أنا لست حزينة لاستشهاده ولكن الحزن لأني في شوق لزيارته، ولا أقدر على ذلك لأنه بين أيدي أعداء الله". أما محمود شقيق الاستشهادي إبراهيم السراحنة منفذ عملية عسقلان يوم 25/2/1996 التي لا زالت عائلته وإخوانه يتعرضون للمضايقات والملاحقة والاعتقال في البيت وعلى الحواجز الاسرائيلية، كما يتعرض منزلهم الذي أقاموه على قطعة أرض صغيرة منحت لهم من قبل وكالة الغوث للاقتحام، ما زال ينتظر لحظة بلحظة وصول جثة أخيه لدفنها بالقرب من العائلة، فمنذ تنفيذ عمليته البطولية لا زالت قوات الاحتلال تحتجز جثته وترفض تسليمها لعائلته، وفي هذا السياق قال محمود: "نحن نعلم أن الاحتلال هو احتلال وأن ممارساته تفوق ببشاعتها كل تصورات البشر، ولكن أن يصل إلى حد يتاجر بجثث الشهداء، فهذا أمر لا يحتمل"، وأضاف: "الآمال بدأت تتبدد باسترجاع الجثة، مع استمرار الاحتلال في انتهاكاته ضد الفلسطينيين، واقتراب الأوضاع من الانفجار". وأنهى حديثه قائلاً: "في النهاية إن أرض فلسطين واحدة وأنه أينما دفن فهو شهيد لا يضيره احتجاز جثته، الأمر الذي يسعى الاحتلال من خلاله إلى تنفيس أحقاده".
وفي السياق نفسه قالت فاطمة دراغمة والدة الاستشهادية هبة دراغمة منفذة عملية العفولة يوم 19/5/2003: "أنا لا أنام، وكيف أنام وأنا أفكر ليل نهار في أبنائي وما حل بنا بعد أن هدم الإسرائيليون الدار التي أمضينا عشر سنوات كاملة ونحن نبني فيها". وبخصوص جثة هبة تابعت: "أسأل كل أم ماذا سيحل بها لو كانت مكاني وسمعت أن ابنتها فجرت نفسها ولا تستطيع رؤية جثتها أو حتى دفنها". أما والدة الاستشهادي حمدي انصيو منفذ العملية الاستشهادية البحرية قبالة ساحل مدينة رفح يوم 7/11/2000 التي لم تتمكن من وداعه حياً أو إلقاء نظرة الوداع عليه شهيداً، بسبب عدم استلام جثته، أكدت أن صورة حمدي مرسومة في قلبها وتسمع صوته كلما تحرك موج البحر الذي لا يبعد عن منزلها سوى أمتار، لأنه يحمل الى انفها رائحة ابنها، وقالت: "سأنظر إلى البحر كلما اشتقت إليه". وطالب والد الاستشهادي عبد الرحمن قيسية منفذ عملية بئر السبع يوم 28/8/2005 كافة المؤسسات الحقوقية والسلطة الفلسطينية العمل على مطالبة الاحتلال بتسليم جثة الشهيد لذويه، وقال: "عندما ستخرج جثة عبد الرحمن سأقيم له فرحا".
ويتضح من وصايا الاستشهاديين أنهم كانوا يتوقعون العقاب الإسرائيلي ضد عائلاتهم، ومع ذلك يصرون على تنفيذ عملياتهم الاستشهادية. وظهر هذا في وصية الاستشهادي رامز أبو سليم أحد منفذي العملية المزدوجة التي وقعت في القدس بتاريخ 9/9/2003، حيث قال مخاطباً عائلته: "الله يعوضكم عن بيتكم وابنكم خيراً، وعن كل ما يصيبكم بعد استشهادي من أذى وضرر، وستجدون خيراً يوم أتيكم شفيعاً لكم بين يدي الله". وفي السياق نفسه كتب الاستشهادي رائد مسك منفذ عملية القدس يوم 19/8/2003 مخاطباً زوجته: " أنا أعلم أنك ستعاني وتتعبي من بعدي، حيث فقد الزوج، وهدم البيت".
وحاولت قوات الاحتلال ثني الفلسطينيين عن المقاومة واستخدام أسلوب العمليات الاستشهادية بكل الوسائل القمعية التي طالت في جانب كبير منها أسر الاستشهاديين بعد العملية الاستشهادية ومن أهمها: عدم الحصول على تصاريح لدخول الأراضي الفلسطينية 48 لأغراض انسانية، ومداهمة المنازل، وفقدان أفراد أسرهم العمل (مصدر الرزق) داخل الخط الأخضر 48، ومنعهم من السفر خارج البلاد، وهدم بيوتهم، والتعرض للاهانة والشتيمة، والاعتقال، والمطاردة، والاصابة، والاقامة الجبرية، وتجربف الأراضي، واقتلاع الأشجار، إضافة إلى مصادرة الأراضي، والتعرض للقتل والابعاد عن أرض الوطن، وذلك كما هو واضح من المعطيات الواردة في الجدول رقم (7). وقد حظيت هذه الاجراءات القمعية بحق أسر الاستشهاديين بمباركة أعلى المستويات السياسية والقضائية داخل إسرائيل بدءاً من العام 2002، واعتبرها البعض خطوة مهمة للحد من العمليات الاستشهادية، لما لها من آثار كبيرة في عائلات الاستشهاديين.
وتستدعي كل عملية استشهادية تقريباً هجوماً إسرائيلياً واسعاً يتخذ شكل عقاب جماعي للشعب الفلسطيني بأكمله، من إغلاق محكم للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، ومنع التنقل بينها، وحظر التجوال، وفرض طوقي أمني إسرائيلي شامل على الأراضي الفلسطينية، تتوقف خلاله عملية التبادل التجاري بين إسرائيل والفلسطينيين، ويمنع العمال الفلسطينيين من دخول إسرائيل. إضافة إلى سلسلة الاغتيالات التي طالت العديد من القيادات الفلسطينية وناشطي المقاومة، إلى جانب القصف والتدمير للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، الذي ذهب ضحيته العديد من الأطفال والنساء والشيوخ.
وطالت الإجراءات الإسرائيلية العديد من الجمعيات الخيرية الفلسطينية التي اعتبرها الإسرائيليون ممولاً رئيسياً لمنفذي العمليات الاستشهادية، وأغلقت العديد من محطات التلفزة والإذاعات المحلية باعتبارها محرضة على العمليات الاستشهادية ومرّوجه لها.
واستناداً إلى المصادر الاسرائيلية فمن شأن هذه العقوبات جعل الاستشهادي يفكر مرتين قبل التنفيذ، وبدلاً من التكريم سيعرف أن منزله سوف يهدم، وأن أبناء أسرته سيبعدون، وستتخذ بحقهم سلسلة طويلة من الإجراءات السابقة الذكر. ورأت مصادر إسرائيلية أخرى أن سياسة هدم البيوت والإبعاد لا تكفي، ودعوا إلى اتخاذ إجراءات وقائية بحق المرجعية الدينية الفلسطينية من خطباء المساجد، ورجال الفتوى الذي يشجعون العمليات الاستشهادية حسب تعبير الإسرائيليين. وفي إطار السلسلة الطويلة من القرارات والإجراءات الإسرائيلية للرد على العمليات الاستشهادية كتب سيفر بلوتسكر-المحلل الاقتصادي في جريدة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية- أن ظاهرة الانتحاريين هي ظاهرة اجتماعية في الشارع الفلسطيني، والارتفاع في حجم العمليات هو نتاج التسهيلات التي يمكن فيها تجنيد الانتحاريين، والقائمة تطول بدءاً من الدوافع الدينية الأيديولوجية، مروراً بتفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المناطق، وغياب الحل السياسي، إضافة إلى حافزية الانتقام وتقليد نموذج البطل المحلي، وأن سياسة الإبعاد أو هدم البيوت يجب أن يتم وفق قائمة طويلة لإزالة طبقات الغلاف المحيط بالاستشهادي من رجال دين، ومؤسسات داعمة له (النيرب، 2002).
فالإجراءات الإسرائيلية السابقة الذكر بحق أسر الاستشهاديين الفلسطينيين بشكل خاص، والمجتمع الفلسطيني بشكل عام قديمة قدم الاحتلال، غير أنها نفذت بوتيرة أسرع خلال انتفاضة الأقصى في محاولة من الاحتلال لإنهاء العمليات الاستشهادية. وتعبر هذه الإجراءات عن وحشية الاحتلال من خلال تبنيه سياسية العقاب الجماعي الذي طال الكثيرين من الأبرياء من أفراد الشعب الفلسطيني. إن أغرب ما تتضمنه هذه الإجراءات العقابية، أنه استهداف لأسر الاستشهاديين، دونما ذنب اقترفوه سوى أنهم أقرباء الاستشهاديين، وهذا مخالف لقواعد القانون الدولي، ولاتفاقية جنيف الرابعة عام 1949 (التي تحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم) على وجه الخصوص، ومخالف أيضاً لأبسط القيم الأخلاقية، والإنسانية، ولأبسط الشرائع السماوية والوضعية، التي تحظر معاقبة الشخص البريء.
ولعل استهداف أسر الاستشهاديين يعكس حالة الإفلاس التي وصلت إليها الحكومة الإسرائيلية في مواجهة الاستشهاديين أنفسهم، التي أصبحت عملياتهم هاجساً ينغص مضاجع الإسرائيليين، بالذات إذا علمنا بأن إسرائيل تكبدت وللمرة الأولى في تاريخها خسائر بشرية، لم تتكبدها في أي من حروبها مع العرب، عدا الخسائر الاقتصادية، وعليه فإن إسرائيل توهم نفسها بإمكانية الحد من العمليات الاستشهادية إذا ما شعر الاستشهاديين بالمآسي التي يمكن أن تلحق بذويهم، من هدم للبيوت، واعتقال، وإبعاد، وغيرها من الإجراءات القمعية. فكل هذه الإجراءات لا طائل منها، فإذا ردع الإبعاد استشهادياً أو آخر؛ فإن من شأنه أن يشجع آخرين على الانضمام إلى قائمة الاستشهاديين، الذي يضحون بأنفسهم في سبيل قضية عادلة (الهيئة العامة للاستعلامات، 2002).
النتائج السابقة تظهر فظاعة الممارسات الوحشية الاسرائيلية بحق الاستشهاديين وأسرهم من جهة، وبحق الشعب الفلسطيني عامة من جهة أخرى، فمن الصعوبة بمكان وجود أسرة فلسطينية واحدة لم تتعرض للعنف الاسرائيلي الموجه ضد الفلسطينيين. فالإرهاب هو وجه آخر من وجوه العنف، لا يستهدف الضحية في ذاتها بل النظام والجماعة التي تنتمي إليها، وهذا ما فعلته الحكومة الإسرائيلية ومؤسستها العسكرية في إجراءاتها التعسفية في الأراضي الفلسطينية من خلال اغتيال الكوادر الناشطة وسياسة الحصار والعزل والعقوبات الجماعية التي تمارس ضد الفلسطينيين، والتي شكلت حافزاً قوياً لديهم للرد عليها بالمثل.
وحمّل أهالي الاستشهاديين ومقربيهم سلطات الاحتلال كامل المسؤولية لتنفيذ أبنائهم عملياتهم الاستشهادية. وفي هذا السياق قالت والدة الاستشهادي عبد الكريم طحاينة منفذ عملية العفولة يوم 5/3/2002 وهي تقبّل صورته: "إن شارون وجيشه يتحملون مسؤولية ما يجري. فلقد كان عبد الكريم بيننا وبكى بشدة عندما شاهد جريمة اغتيال الأطفال في رام الله ونابلس وجنين، وتأثر كثيراً لدى سماعه أنباء القصف على مخيم جنين، وسمعناه يردد يجب أن نكون معهم ونقاومهم، هذا ظلم وحرام، وحاول الوصول للمخيم إلا أنه عاد لأن الطريق كانت مغلقة، وبعدها اختفت آثاره ولم نلاحظ عليه شيء".
من جانبه حمّل الحاج عبد العفو، والد الاستشهادي أحمد القواسمي أحد منفذي عملية بئر السبع المزدوجة يوم 31/8/2004 الاحتلال مسؤولية العمليات الاستشهادية، موضحاً أن أرض فلسطين للشعب الفلسطيني، وأن اليهود جاؤوها غاصبين محتلين من أصقاع العالم ليقيموا دولة على بركة من الدم الفلسطيني، وهذا ما دفع الشعب الفلسطيني كله وابنه أحمد لينفذ عمليته، وأضاف: "لقد ساءه ما يفعلون بنا ليل نهار والعالم يتفرج، لقد رآهم يقتلعون الأشجار، ويهدمون البيوت والمزارع، ويقتلون النساء والأطفال والشيوخ، وتركوا أكثر من 7 آلاف من الأسرى يموتون جوعا. لقد شعر أننا كلنا مستهدفون، هذا كله لا بد أن يولد في نفوسنا جميعا حب الرد والدفاع عن الذات ضد من جاؤوا لاغتيالنا وقتلنا والاستيلاء على بيوتنا وأراضينا".
أما والد الاستشهادي سامر حماد منفذ عملية تل أبيب يوم 17/4/2006 قال بينما كانت تمتزج لديه مشاعر الحزن بالفرح: "لطالما عانينا من الاحتلال الذي اغتصبت سجونه سنوات طويلة من عمري، وقد قاسيت كثيراً لتوفير قوت أطفالي، خاصة أن الاحتلال منعني من العمل داخل أراضي 48، فإنني اعتبر عملية سامر واجب في سبيل وطنه وقضيته وشعبه، ورد فعل طبيعي على جرائم الاحتلال اليومية التي ترتكب بحقنا، ومع ذلك أقول الله يرضى عنه ويتقبل شهادته ". وفي السياق نفسه قال والد الاستشهادية آيات الأخرس منفذة عملية القدس يوم 29/3/2002: "أنا دائماً وأبداً أعلّم أولادي حب الغير، ولكن مع الأسف ظروف وممارسات الاحتلال البشعة من ذبح وهدم واعتقال غيّرت أفكار الشباب، هذه الظروف فرضت علينا وعلى شبابنا أن يقوموا بالعمليات الاستشهادية، بحيث أصبح مفروض عليه أن يقاوم الاحتلال".
وختاماً نستنتج أن العمليات الاستشهادية ترتبط بشكل مباشر بالخبرات الصادمة التي مر بها الاستشهاديون الفلسطينيون وأسرهم جراء الممارسات الاسرائيلية الوحشية بحقهم، وأنها قد تبلورت في سياق المقاومة الفلسطينية لدحر الاحتلال، فكان هذا الكم الهائل من الاستشهاديين من كافة المناطق الفلسطينية، الذين قرروا بكل إرادة وتصميم التضحية بحياتهم لصالح المجموع، حتى تحرير فلسطين. وبذلك أصبح الاستشهاد ظاهرة اجتماعية عامة تتجاوز خصوصية العمل الفردي، لتذوب في المجتمع كله بعد أن يقدم الاستشهادي روحه وجسده في سبيل الله والوطن والشعب. فالحصار الإسرائيلي الخانق وسياسة التجويع، والاغتيالات والتوغلات العسكرية، والمشاهد اللاإنسانية التي يتعرض لها الفلسطينيون في المعابر وغيرها، كلها أسباب استوت معها الحياة والموت، وتحول الفلسطينيون جميعاً في ظلها إلى خلية لإنتاج الاستشهاديين، ولم تعد الظاهرة حكراً على تيار أو جنس، أو تجمع سكاني دون غيره، بل ملكاً للشعب الفلسطيني بأسره، مارستها كافة شرائح الشعب الفلسطيني من إسلاميين ووطنيين ويساريين ورجال ونساء وشبان وشيوخ، فهي تعبير عن وعي شعبي فلسطيني تجذّر فيه إدراك حقيقي لكنه الصراع وطبيعته مع الوجود اليهودي في فلسطين، وهي الامتداد المنطقي للنضال الفلسطيني المستمر منذ أكثر من مائة عام.
فالشعب الفلسطيني الذي تعرض منذ العام 1948 ولا يزال يتعرض إلى أبشع أشكال الإبادة والاضطهاد والاحتلال لجأ إلى المقاومة والعمليات الاستشهادية من أجل تحرير وطنه من الاحتلال والدفاع عن نفسه وحقوقه الإنسانية وكرامته، واختار أسلوب المقاومة لممارسة حقه في العودة وتقرير المصير والسيادة والاستقلال انطلاقاً من ميثاق الأمم المتحدة وبقية العهود والمواثيق الدولية ومبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية. وفي هذا السياق كتب الاستشهادي هشام حمد منفذ عملية مستوطنة نتساريم بقطاع غزة يوم 11/11/1994 في وصيته: "إن المعركة مفروضة على الجميع فلا تقفوا في طوابير الانتظار الكسيح على أبواب غد لا تملكون منه سوى الإذعان". وفي السياق نفسه كتب الاستشهادي محمود مرمش منفذ عملية نتانيا يوم 18/5/2001 في وصيته: "يمر الشعب الفلسطيني بأقسى أيامه حيث إنه يعاني يومياً من القتل والقصف والتهجير وأقصى أنواع العنف ، وفي كل يوم تزداد معاناة هذا الشعب، فلا بد أن تكون هناك طائفة تضحي بنفسها وتجاهد في سبيل الله من أجل الدفاع عن كرامته والدفاع عنه ورفع رايته ، وإنه لا حل لهذه الحملة الشرسة إلا بالجهاد والاستشهاد وهو فرض عين على كل مسلم ومسلمة". وكتبت الاستشهادية اللاجئة آيات الأخرس منفذة عملية القدس يوم 29/3/2002 في وصيتها كلمات مؤثرة تدل على فظاعة الجرائم الاسرائيلية عندما قالت: "ما فائدة الحياة إذا كان الموت يلاحقنا من كل جانب؟ سنذهب له قبل أن يأتينا، وننتقم لأنفسنا قبل أن نموت".
وعليه فالممارسات العنصرية الاسرائيلية واللاانسانية هي التي استدرجت كافة شرائح المجتمع الفلسطيني لتنفيذ عملياتهم الاستشهادية، فالاستشهاديين لم يأتوا هكذا اعتباطاً، إنما ظروف الاحتلال هي التي صنعتهم وأوجدتهم، إنهم يجرحون نرجسيات الذات الفلسطينية بالإبعاد وهدم المنازل وبالاغتيالات والاعتقالات والاجتياحات، وبتجريف المزارع وبالحصار وبقطع أرزاق الناس، هم بصنيعهم هذا يزرعون الكراهية ومن الواضح أنهم يحصدون ثماراً مرة زرعوها بأنفسهم.
إن الاحتلال العسكري الإسرائيلي نفسه يقدس القوة والعنف، ولا يستطيع العيش بدونهما، ولا يستغني عنهما، وما مجازر كفر قاسم، ودير ياسين، وصبرا وشاتيلا إلا أمثلة بسيطة على ذلك، ويقوم أيضاً بارتكاب المجازر بشكل يومي بحق الشعب الفلسطيني، فما فعلته إسرائيل على الأرض وفي قطاع غزة تحديداً يعتبر كارثة بحق الفلسطينيين ويعجز عن وصفه مئات الباحثين، نظراً للتفاوت الهائل في ميزان القوى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وكان آخرها حصيلة العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة الذي استمر ثلاثة وعشرين يوماً في الفترة الممتدة من (27/12/2008-18/1/2009)، والذي استخدمت فيه قوات الاحتلال كافة أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً في أوسع عملية برية، بحرية وجوية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل أن عائلات بأكملها أبيدت، وشكّل الضحايا من الأطفال والنساء أكثر من 43% من المدنيين العزل، وأن العديد من المناطق اختفت معالمها، وكان هناك انهيار تام في خدمات البنية التحتية. وأدت العملية البشعة إلى مقتل1285 مواطناً فلسطينياً، وإلى إصابة حوالي 4336 مواطناً آخرين من بينهم 1133 طفلاً، و735 امرأة، وتم تدمير نحو 2400 منزلاً. وقدرت الخسائر المادية الفلسطينية جراء هذا العدوان الغاشم بحوالي 1.9 مليار دولار (Palestinian Centre for Human Rights, 2009). ويتعرض حوالي أربعة ملايين فلسطيني لعملية عقاب جماعي يومي منذ 62 عاماً، ناهيك عن المصادرة المستمرة للأراضي الفلسطينية، وإتلاف المزروعات وأشجار الزيتون لبناء جدار الفصل العنصري، وإعادة تصميم جغرافية الضفة الغربية وقطاع غزة، لتوفير المزيد من السيطرة الإسرائيلية، فالوضع رهيب وينذر بالكارثة، وهو يعود برمته إلى الاحتلال الإسرائيلي لمدن الضفة الغربية، بينما غزة محاصرة فيما يشبه القفص الكبير. وفي الواقع فإنه يجري إحكام الوثاق حول الفلسطينيين إلى حدّ الموت، كل ذلك غرس فيهم مشاعر الغيظ والاستياء التي ظلت تتعاظم بمرور الوقت، وعبّر عنها من خلال أشكال مقاومة مختلفة، ومنها العمليات الاستشهادية. فاجراءات الاحتلال التعسفية ظلت تنشط بلا انقطاع في اضطهاد وقهر وإخضاع الفلسطينيين باستخدام أساليب تتجاوز بكثير أي شيء تم اقترافه في جنوب إفريقيا إبان حقبة النظام العنصري (سعيد، 2006).
فالعنف الإسرائيلي ضد الفلسطينيين لا يولد إلا عنفاً، ويشكل حافزاً أكبر للانتقام. وفي هذا السياق كتب الاستشهادي جمال ناصر منفذ العملية الاستشهادية على مفرق مستوطنة شافي شمرون في الضفة الغربية يوم 29/4/2001 كلمات مؤثرة تدل على فظاعة العنف الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، إذ قال: "من منا لا يغضب ولا يعتريه شعور الانتقام عند سيره في جنازات الشهداء، خاصة جنازات نابلس الجماعية، من منا لا يغضب ويحب الانتقام عند مشاهدة أمهات الشهداء وزوجاتهم وأبنائهم على التلفاز، ومن منا لا يشعر مع أصحاب البيوت التي هدمت أخيرا في خانيونس ورفح ومتاجر الخليل، ومن منا لا يغضب عند قتل الأطفال وقطع الأشجار وقصف المدن، ومن، ومن، ومن، والله إن اليهود قطعوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد". أما الاستشهادي ماهر حبيشه منفذ عملية حيفا يوم 2/12/2001 فقال في وصية له في السياق نفسه: "وددت لو أن لي أرواحاً كثيرة لكي انتقم المرة تلو المرة وأرد على مجازر كثيرة وإهانات كثيرة للمسجد الأقصى وللحرم الإبراهيمي وللشعب الفلسطيني".
المراجع العربية أبو معلا، سعيد (2004). سيرة الموت بين الشباب الفلسطيني. رام الله: المركز الفلسطيني لتعميم الديمقراطية وتنمية المجتمع (بانوراما).
أبو هين، فضل (2001). المشاركة في فعاليات انتفاضة الأقصى وعلاقتها بالمشكلات النفسية والانفعالية للأطفال: تدافع الأطفال نحو الاستشهاد وعلاقته ببعض المتغيرات. مجلة جامعة الأقصى، المجلد 5، العدد 2، 182-231.
بنات، بسام (2002). مخيم العروب بعد مرور أربعة وخمسين عاماً على النكبة 1948-2002. القدس: الجمعية المسيحية الدولية.
بنات، بسام (2010). الاستشهاديون الفلسطينيون: حقائق وأرقام. أطروحة دكتوراه، جامعة غرناطة، اسبانيا.
الخنازير لحماية الاسرائيليين ومستوطناتهم من العمليات الاستشهادية (2/3/2004). السبيل: أسبوعية أردنية.
سعيد، إدوارد (2006). الثقافة والمقاومة، ترجمة علاء الدين أبو زينة. بيروت: دار الآداب.
السلطة الوطنية الفلسطينية، الهيئة العامة للاستعلامات (2002). قرار المحكمة الاسرائيلية بإبعاد الأخوين كفاح وانتصار عجوري من الضفة الغربية إلى قطاع غزة. http://www.pnic.gov.ps/arabic/quds/arabic/viol/quds_viol_4_1.html
الصايغ، روز ماري (1983). الفلاحون الفلسطينيون من الاقتلاع إلى الثورة، ترجمة: خالد عايد. بيروت: مؤسسة الأبحاث العربية، الطبعة الثانية.
علان، ربيحة (2007). من القرية إلى المخيم: دور المرأة الفلسطينية الريفية اللاجئة في الحفاظ على العائلة 1948-1962. رام الله: مؤسسة انعاش الأسرة، مركز دراسات التراث والمجتمع الفلسطيني.
كناعنة، شريف (2000). الشتات الفلسطيني: هجرة أم تهجير؟ رام الله: مركز اللاجئين والشتات الفلسطيني-شمل، الطبعة الثانية.
النيرب، باسل (2002). ثقافة الاستشهاد في المجتمع الفلسطيني. مجلة البيان، العدد 194، 86-90. وصية الاستشهادي جمال ناصر (2001). وصية الاستشهادي رائد مسك (2003). وصية الاستشهادي رامز سليم (2003). وصية الاستشهادي ماهر حبيشه (2001). وصية الاستشهادي محمود مرمش (2001). وصية الاستشهادي هشام حمد (1994). وصية الاستشهادية آيات الأخرس (2002).
المراجع الأجنبية Abdel-Khalek, A. (2004). Neither Altruistic Suicide, nor Terrorism but Martyrdom: A Muslim Perspective. Archives of Suicide Research, 8 (1), 99–113.
Allen, L. (2002). There are Many Reasons Why Suicide Bombers and Martyrs in Palestine. Middle East Report, 223.
Araj, B. (2008). Harsh State Repression as a Cause of Suicide Bombing: The Case of the Palestinian–Israeli Conflict. Journal of Studies in Conflict & Terrorism, 31, 284–303.
Linder, E. (2001). Humiliation as the Source of Terrorism: A New Paradigm. Journal of Peace Research, 33 (2), 59-68.
O´Neal, L. (2005). Suicide Bombers Some Were Merely Children. MA-Thesis. Pennsylvania: U.S Army War College.
Palestinian Centre for Human Rights PCHR (22/1/2009). The Outcome of the Israeli Occupation Forces (IOF) Offensive on the Gaza Strip. Gaza.
Sarraj, E. (2002). Suicide Bombers: Dignity, Despair, and the Need for Hope. Journal of Palestine Studies, 31 (4), 71-76.
Soibelman, M. (2004). Palestinian Suicide Bombers. Journal of Investigative Psychology and Offender Profiling, 1, 175-190.
ملاحق الدراسة
جدول رقم (1). توزيع الاستشهاديون الفلسطينيون وفقاً لمدى تعرض أسرهم لأي شكل من أشكال العنف الاسرائيلي مدى التعرض للعنف الاسرائيلي العدد النسبة المئوية % نعم 147 73.5 لا 53 26.5 المجموع 200 100
جدول رقم (2). المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لأشكال العنف الاسرائيلي التي تعرض لها أسر الاستشهاديون الفلسطينيون مرتبة حسب الأهمية أشكال العنف المتوسط الحسابي الانحراف المعياري
مصادرة الأراضي 1.79 0.40 اقتلاع الأشجار 1.78 0.41 تجريف الأراضي 1.78 0.41 الاهانة والشتيمة 1.54 0.50 الاعتقال 1.52 0.50 مداهمة المنزل 1.52 0.50 عدم الحصول على تصاريح لدخول الأراضي الفلسطينية 48 لأغراض إنسانية 1.41 0.49 فقدان العمل (مصدر الرزق) داخل الخط الأخضر 48 1.39 0.48 المنع من السفر 1.33 0.47 الاصابة 1.31 0.46 الاستشهاد 1.23 0.42 هدم المنزل 1.23 0.42 المطاردة 1.18 0.38 الاعاقة/العجز 1.09 0.28 الابعاد 1.06 0.24 الاقامة الجبرية 1.06 0.24 *المتوسط الحسابي من درجتين.
جدول رقم (3). توزيع الاستشهاديون الفلسطينيون وفقاً لحالة اللجوء حالة اللجوء العدد النسبة المئوية % لاجئ 107 53.5 غير لاجئ 93 46.5 المجموع 200 100
جدول رقم (4). توزيع الاستشهاديون الفلسطينيون وفقاً لمدى تعرضهم لأي شكل من أشكال العنف الاسرائيلي مدى التعرض للعنف الاسرائيلي العدد النسبة المئوية % نعم 92 46.0 لا 108 54.0 المجموع 200 100
جدول رقم (5). المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية لأشكال العنف الاسرائيلي التي تعرض لها الاستشهاديون الفلسطينيون مرتبة حسب الأهمية أشكال العنف المتوسط الحسابي الانحراف المعياري
الاهانة والشتيمة 1.66 0.47 مداهمة المنزل 1.62 0.48 المعاملة السيئة على الحواجز والبيئة المحيطة 1.62 0.48 الضرب 1.61 0.49 استشهاد عزيز 1.52 0.50 الاعتقال 1.45 0.50 الاصابة 1.37 0.48 عدم الحصول على تصاريح لدخول الأراضي الفلسطينية 48 لأغراض إنسانية 1.27 0.44 فقدان العمل (مصدر الرزق) داخل الخط الأخضر 48 1.25 0.43 المطاردة 1.25 0.43 المنع من السفر 1.21 0.40 الاقامة الجبرية 1.09 0.28 الابعاد 1.05 0.22 *المتوسط الحسابي من درجتين.
جدول رقم (6). توزيع الاستشهاديون الفلسطينيون وفقاً لاستلام الجثة من الاسرائيليين استلام الجثة العدد النسبة المئوية % نعم 54 27.0 لا 146 73.0 المجموع 200 100
جدول رقم (7). المتوسطات الحسابية والانحرافات المعيارية للاجراءات التعسفية التي اتخذها الاسرائيليون بحق أسرة الاستشهادي بعد تنفيذ العملية مرتبة حسب الأهمية الاجراءات المتوسط الحسابي الانحراف المعياري
عدم الحصول على تصاريح لدخول الأراضي الفلسطينية 48 لأغراض إنسانية 1.78 0.41 مداهمة المنزل 1.73 0.44 فقدان العمل (مصدر الرزق) داخل الخط الأخضر 48 1.71 0.45 المنع من السفر 1.71 0.45 هدم المنزل 1.66 0.47 الاهانة والشتيمة 1.64 0.48 الاعتقال 1.47 0.50 المطاردة 1.15 0.35 الاصابة 1.10 0.29 الاقامة الجبرية 1.10 0.29 تجريف الأراضي 1.08 0.26 اقتلاع الأشجار 1.06 0.23 مصادرة الأراضي 1.05 0.20 القتل 1.04 0.18 الابعاد 1.01 0.10 *المتوسط الحسابي من درجتين.
#بسام_يوسف_إبراهيم_بنات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من واقع قصص الاستشهاديين الفلسطينيين
المزيد.....
-
-حل العمال الكردستاني مقابل حرية أوجلان-.. محادثات سلام مرتق
...
-
عفو «رئاسي» عن 54 «من متظاهري حق العودة» بسيناء
-
تجديد حبس المهندس المعارض «يحيى حسين» 45 يومًا
-
«نريد حقوق المسيحيين» تظاهرات في سوريا بعد إحراق «شجرة كريسم
...
-
متضامنون مع المناضل محمد عادل
-
«الصيادون الممنوعون» في انتظار قرار مجلس الوزراء.. بشأن مخرج
...
-
تيار البديل الجذري المغربي// في خدمة الرجعية يفصل التضامن م
...
-
جريدة النهج الديمقراطي العدد 585
-
أحكام ظالمة ضد مناهضي التطبيع مع الكيان الصهيوني والجبهة تند
...
-
السيد الحوثي: العدو اعتدى على متظاهرين بسوريا واطلق عليهم ال
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|