|
مهرج فوق أسوار القدس والنهايات المقحمة
جميل السلحوت
روائي
(Jamil Salhut)
الحوار المتمدن-العدد: 3018 - 2010 / 5 / 29 - 14:13
المحور:
الادب والفن
"مهرج فوق أسوار القدس" مجموعة قصصية للأديبة نزهة قاسم أبو -غوش صدرت قبل اسابيع عن دار الهدى للطباعة والنشر في كفر قرع . تقع المجموعة التي يحمل غلافها لوحة(أجيال)للفنان صلاح الأطرش، وتتكون من تسعة عشر نصا في 153 صفحة من الحجم المتوسط. بداية أود التنويه أن لا داعي لـ (كلمة الؤلفة) التي تقدمت النصوص، لأنها جاءت تفسيرا لمحتويات المجموعة، أو هي رأي الكاتبة لما تريده وتتوخاه من نصوصها، وهي بالتالي ضيعت الفرصة على القارئ من ان يشغل تفكيره في استنتاج الموضوع وحده، وقد غاب عن ذكر الكاتبة انه ليس مطلوبا من الكاتب ان يفسر نصوصه حتى وان لم يفهمها القارئ، فما بالها اذا كنا امام نصوص مغرقة في المباشرة. وقبل البداية تجدر الاشارة الى أن الناشر أعفى نفسه من تصنيف هذه النصوص تحت نوع من الأنواع الأدبية المعروفة، فلم يُشر الى انها مجموعة قصصية كما فعلت الكاتبة في كلمتها، وأعتقد أن ذلك كان مقصودا منه، خصوصا وأن له باعا طويلا في النشر، فالمجموعة تراوحت في نصوصها بين القصة القصيرة والحكاية، وبين الخاطرة الطويلة، وبين المقالة الصحفية وحتى التقرير الصحفي، وهذا بالطبع لا ينتقص من أهمية هذه النصوص التي تدور مضامينها حول عذابات مدينة القدس العربية المحتلة، وما تتعرض له من استلاب وتهويد، ومحاولة فرض حقائق على الأرض لسرقة الجغرافيا، مثلما سُرق التاريخ. ففي نص(مهرج فوق اسوار القدس) -وهو أقرب نصوص المجموعة الى الفن القصصي- رأينا المهرج وهو السارد في القصة، بعد أن اعتلى سور المدينة التاريخي (رأى كل شيء:الاشتباكات والصراعات، والنظرات الغريبة، رأى كل الأفواه المزمومة، والمتشدقة نحو السماء، رأى جنودا يحرسون المدينة)ص92 وهذا محور القصة، فالمدينة المقدسة تعيش صراعا متواصلا بين مواطنيها الأصليين الفلسطينيين العرب، وبين المحتلين الغزاة، وكلا طرفي الصراع يرى انه صاحب حق إلهي في هذه المدينة، لذا فإن كلا من طرفي الصراع يرفع يديه الى السماء، ويلهح بالدعاء كي يُثَبِّت الخالق حقه في المدينة، لكن أبواب المدينة وأسواقها وشوارعها ملأى بالجنود، وطبعا جنود الاحتلال، فهل نقرأ فيما بين السطور من أنّ ما لم يقله(المهرج) هو أن حق العرب في المدينة حق إلهي، وان وجود المحتلين هو وجود مؤقت يحرسه جنودهم المدججون بالسلاح؟ خصوصا وأن المهرج لا يلبث أن يستشهد بمقولة جبران :"الحق لا يتغيير ولا يزول، فلماذا تحاولون تشويه وجه الحق؟) ص96 كما أن المهرج يستعيد التاريخ بأن المقدسيين (مرابطون مجاهدون الى يوم القيامة) فيقول: ( من القيود الى القيود تسير ركابنا، فلا قيود تفنى، ولا نحن ننقرض، فإلى متى نحيا)ص96 والدارس لتاريخ القدس سيجد انها دائما عرضة للغزاة والمحتلين، وأن أهلها يتعرضون للمذابح دوما، فالفرنجة عندما غزوا القدس في نهاية القرن الحادي عشر الميلادي قتلوا سبعين ألفا هم جميع سكان القدس القديمة، قتلوهم وهم يحتمون في المسجد الأقصى، ومع ذلك لم ينقرض الوجود العربي في القدس، وبقيت القدس هي القدس كما هي دوما، والغزاة والمحتلون هم الزائلون تطاردهم لعنات التاريخ. ويصاب المهرج بالهلع من سياسة التهويد التي تستهدف المكان في القدس تحديدا، وفي العالم العربي بشكل عام، لكنه لا يخاف على الثقافة العربية فيقول ساخرا (إن أشياء كثيرة لنا في هذا العالم خذوا مثلا: القهوة العربية لنا، الزعتر، الزيت والزيتون لنا، الفستق الحلبي والسوداني لنا، عنب اليمن وبلح الشام لنا ....)ص96 ويخاف المهرج على القدس فيقرنها بالأندلس (اسمعوا، ان الأندلس كانت لنا) واذا أضاع العرب القدس كما اضاعوا الاندلس فماذا بقي لهم ؟؟فيجيب ساخرا (لقد نسيت ان أقول لكم أن أفلام (روتانا )وأغانيها لنا )ص97 ويحذر المهرج من خطورة القطار(الذي سوف يلف ويدور قريبا، من القدس الغربية الى القدس الشرقية)ص97 فهذا القطار جزء من سياسة المحتلين في تهويد القدس وتوحيدها تحت سيادتهم من خلال فرض سياسة الأمر الواقع. وفي تقديري أن الكاتبة لم يحالفها الحظ في تفسيرها الذي ورد في هامش الصفحة 97 عن القدس الشرقية والقدس الغربية، فالقدس الغربية هي الجزء الغربي من القدس الذي احتله اليهود في نكبة العام 1948 والقدس الشرقية هي المدينة المحتلة في حرب حزيران العام 1967. ويبدو أن الكاتبة قد أقحمت نفسها بشكل واضح، وحاولت فرض رأيها في الفقرة الثانية في الصفحة 97 وحتى نهاية القصة، ولو استغنت عنها وأبقت النهاية مفتوحة لأبدعت في ذلك. وفي قصة (ما بعد الرحيل 9ص23 موقف انساني عن العم فوزي صاحب القلب القاسي، والذي كان عاقرا، وجلفا في في كل تصرفاته، وكيف بدا ضعيفا رقيقا حزينا عندما ماتت زوجته، وبكاها بحرقة ولوعة، لأنها آخر من تبقى له في هذه الحياة، لكن الكاتبة لم توفق ايضا في نهاية القصة، ولو استغنت عن السطور العشرة الأخيرة، لكان ذلك لصالح القصة. وفي نص (شرطي ، ومواطن ، وهوية ) هذا النص أقرب الى السكتش المسرحي، يدور حول الخلاف في تحديد هوية الفلسطينيين الذين يعيشون في وطنهم داخل اسرائيل من النكبة عام 1948 ملاحظة : يبدوا ان نهاية النصوص كانت ترهق الكاتبة، فتقف حائرة في كيفية ترك النص والخلاص منه، ولذلك أقحمت نفسها في نهاية غالبية النصوص، وفرضت رأيها، ولو تركت النصوص مفتوحة لكان اكثر ابداعا. 29-5-2010 ورقة مقدمة"لندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس"
#جميل_السلحوت (هاشتاغ)
Jamil_Salhut#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رواية: عودة الموريسكي من تنهداته في ندوة اليوم السابع
-
منع النقاب بين الحرية والفوقية
-
اسرائيل دولة يهودية وللفلسطينيين الشتات
-
فلسطين والأردن توأمان سياميان
-
نكبتنا واستقلالهم
-
(في بلاد الرجال) في ندوة مقدسية
-
رواية(في بلاد الرجال)
-
مفاوضات مصيرها الفشل
-
مرمورة وأحكام قراقوش في ندوة اليوم السابع
-
يحدث في المسجد الأقصى
-
النقد الذاتي في الأول من أيار
-
المسكوبية رواية الألم والعذاب في ندوة اليوم السابع
-
مرمورة وأحكام قراقوش قصة أطفال تثير تساؤلات
-
امرأة من هذا العصرفي ندوة اليوم السابع
-
رواية(ياقوت النهر)لمحمد ابو ربيع في ندوة اليوم السابع
-
امرأة من هذا العصر رواية الحب الأنثوية
-
رواية الوجوه الأخرى في ندوة اليوم السابع
-
القدس مدينة التعددية الثقافية ستفقد هويتها العربية الاسلامية
-
فلسطيني يموت تحت الاحتلال
-
رواية وجوه أخرى والسمو الانساني
المزيد.....
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
-
جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع
...
-
نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
-
الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد
...
-
حبس فنانة مصرية 3 سنوات
-
راسل كرو.. لماذا انطفأ نجم صاحب الأوسكار وأصبح يعيش في الماض
...
-
أحداث مليئة بالإثارة والتشويق في الحلقة 178 من مسلسل المؤسس
...
-
الكاتبة الروائية (ماجدة جادو) ضيفة صالون الفنان -مصطفى فضل ا
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|