أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي عودة - 2- مثقفو حماس والتحيز الصارم















المزيد.....

2- مثقفو حماس والتحيز الصارم


علي عودة

الحوار المتمدن-العدد: 3015 - 2010 / 5 / 26 - 21:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كان مثقفو حركة فتح قد عانوا من المفارقة والتأرجح بين طهارة الفكرة وسلبيات التطبيق , داخل الحركة والتنظيم , فالتزم بعضهم بالأفكار وطهارتها وجنح آخرون نحو تغليب المصالح والمنافع , فإن المثقفين والأكاديميين المنتمين إلى حركة حماس يعانون من المفارقة والتأرجح داخل ذواتهم وأنفسهم واستسلموا لهذه الحالة وهادنوها .. ويبدو أنهم قد حسموا الأمر (نظرياً) لصالح الحزب وليس لصالح المثقف ونقائه ودوره الريادي عندما تبنّوا نظرية ( عدم المساس بقدسية الأفكار وربانية الأطروحات) التي رددها بعض السياسيين الحمساويين واستقرت في أذهان المثقفين وألجمت أقلامهم وأفواههم , وخلال هذا السياق والفهم أغفلوا الفصل الضروري( والواعي) بين قدسية النصوص وتطبيقات البشر لها , وما قد يصاحب ذلك من أخطاء وعيوب ونزوات ..
وإذا كان الرسول الكريم صاحب الرسالة الخالدة الطاهر المعصوم قد أخطأ وعاتبه خالقه جلّ وعلا على توليه والإشاحة بوجهه عن الأعمى وإذا كان أبوبكر قد طلب من الناس أن يقوموه إذا أخطأ وكان عمر يعترف بخطئه (أخطا عمر وأصابت امرأة) وكذلك كان عثمان وعلي رضي الله عنهم جميعاً يعترفون بأخطائهم واقتدى بهم من تبعهم من الحكّام والصالحين, ولم يخجلوا من الاعتراف بالأخطاء (وتقويمها وتعديلها) بل أمروا الناس أن يحاسبوهم (ويقوّموهم ) ليتداركوا مثل تلك الأخطاء , إلا إن مثقفي حماس وكتّابها وأكاديمييها لا يسيرون – كما يبدو -على منهج السلف الصالح في هذا المجال ولا يحبذون هذا النهج التقويمي ألانتقادي للذات والتجربة .
سألت ذات مرّة أحد (المثقفين ) الحمساويين : لماذا لا نقرأ أو نسمع نقداً أو اعتراضاً على بعض السلوكيات والتطبيقات والتجاوزات داخل حركة حماس ؟ وكان هذا المثقف الأكاديمي قد سألني : لماذا أنت غاضب علينا وما الذي لا يعجبك في تجربتنا ؟وأجبته يومها بسؤال : ما التجاوز أو الخطأ الذي انتقدته حركة حماس ولم يعجبها في حركة فتح والسلطة السابقة , ورفضته وروّجت له – فبركة أو حقيقة - , ولم تفعله حركة حماس خلال تجربتها القصيرة ؟- غرور السلطة والحكم – تحوّل المناضل إلى جلاد وقامع لرفاقه وأبناء شعبه –النزوع الفردي نحو الإثراء وحب التملك للعقارات والأموال والسيّارات – تغلّب النزوات وانحراف القيم واستغلال النفوذ - استخدام الأزلام والأتباع والمشبوهين وأصحاب السوابق بروز الوساطة في المناصب والامتيازات والوظائف وتفضيل القريب والصاحب والنصير .. والراشي على غيرهم من الكفاءات وأصحاب الخبرة والمؤهلات ..
وأضفت للمثقف/ المسيّس :أعتقد أن انهيا ر المثقفين الحمساويين أمام ذواتهم وشعورهم بالتناقض بدأ منذ اللحظات الأولى التي سيطرت فيها الحركة على قطاع غزة , فقد علم الصغير والكبير من أبناء القطاع – وعايشوا – التجاوزات التي حدثت أثناء ذلك (الحسم العسكري الاضطراري) ورأوا أن مقاتلي حركة حماس (الأشداء) كانوا شديدي الفتك والبطش والتمثيل بأبناء جلدتهم وتفوقوا على إسرائيل الباغية المحتلة !! ورغم ذلك , لم يعلن مثقفاً أوأكاديميياً واحداً من حركة حماس أي موقف رافض لهذا التنكيل والبطش !, الذي امتد , بعد ذلك إلى الجمعيات والعشائر والتنظيمات..
دعك من هذا ولنتركه للتاريخ -0 قلت لزميلي الحمساوي ... وسأعطيك مثالاً مختلفاً وبعيداً عن تراث التسييس والثأرية والحقد المتبادل بين فتح وحماس , تعلم كم هو عدد المقالات والمحاضرات والقصص والمسرحيات التي قيلت وكتبت عن ظاهرة انحراف بعض القيادات الفتحاوية واستغلالها لنفوذها وحصولها على بعض الملايين من الدولارات – وأنا وأنت من الذين كتبوا عن تلك الحالات (والسرقات ) وتعلم أيضاً أن مثقفي حركة فتح وكتّابها أول من تصدّى لتلك الظاهرة وسبقوا غيرهم من المثقفين من خارج الحركة ! في المقابل حدثت في عهد حركة حماس أكبر عملية نصب واحتيال في التاريخ الفلسطيني (الاقتصادي /الاجتماعي) ووصلت تقديرات ما نُهب من أموال الناس ومدخراتهم بطريقة شيطانية / جهنمية لم يألفها مجتمعنا , إلى حوالي نصف مليار دولار 500 مليون دولار, وفي بعض التقديرات إلى نصف مليون دينار أردني .ولا يشك أحد في أن العملية جرت وأفقست تحت رعاية (الحكومة الربانية الرشيدة ) أو بمعنى أدق برعاية بعض قياداتها . لقد تم استغلال حاجة الناس للمال وطمعهم وابتزوا في تجارة وهمية في قصة تشبه إلى حد كبير حكاية جحا والدجاجة التي تبيض ذهباً , لتموت الدجاجة الذهبية في ختام القصة مع أبنائها بعد نهب النقود واستيفاء السرقة لشروطها ورغم مرارة المصيبة ووضوح الجريمة بالأسماء والأدوات والمعالم , إلا أن مثقفي حماس وكتّابها لم يعيروا الأمر أي اهتمام وكأن القصة قد حدثت في كوكب آخر فلماذا لم نسمع أو نقرأ مثقفاً أو أكاديمياً حمساوياً يدين تلك (الجريمة) ويطالب بالمحاسبة وإنزال العقوبة المناسبة على المجرمين المتسببين في إيذاء الناس ونهب أموالهم
واعتماداً على قوله تعالى (وإن النفس لأمّارة بالسوء)وهو خالقنا والعالم بطبائعنا وأهوائنا ونزواتنا , واعتماداً على الفهم الفقهي الواعي بأن هذا النص القرآني لا يتنافى مع قدسية القرآن الكريم وربانية الفكرة الإسلامية ذاتها , وإذا أدركنا أن الأخطاء البشرية والتجاوزات حدثت –وتحدث- لأن البشر هم الذين يحكمون ويجتهدون ويقومون بتطبيق الأحكام والنصوص والقوانين لذا فمن الطبيعي أن يجنح بعض ألأفراد إلى حب الإثراء وتأمين الولد وشراء الأراضي والعقارات والسيارات وأن يسعى المحرومون والمحدثون في السلطة والنعمة إلى تحقيق النزوات عن طريق استغلال النفوذ .. ومن الطبيعي أن يتحوّل بعض المتنفذين الجدد إلى جلادين وقمعيين لأبناء جلدتهم ورفاقهم في النضال والبذل من أجل الوطن ,أسوة بمن سبقوهم ومارسوا عليهم الدور (القمعي) نفسه
ومن الغريب وغير الطبيعي الا يلتفت المثقفون والكتّاب الحمساويون إلى مثل هذه الظواهر ويخضعونها للنقد والتحليل ! رغم أن الأسماء والحالات والأدوات تكاد تكون مرئية ومعروفة ومثبتة لأبناء قطاع غزة جميعاً , إن مثقفي حماس وكتّابها يصرّون على التمسك بنظرية (عدم المساس بالمقدّس والربّاني) ويصرّون على تجاهل دورهم الثقافي الطليعي الرائد ..
وعندما أعلن دهشتي من هذا الموقف العجيب , يجيب زميلي الأكاديمي الحمساوي دون تردد : إذا اهتز حجر واحد في البناء فإن الخشية من انهيار البناء كلّّه تصبح واردة , كيف تريدوننا أن نكشف عورات التطبيق وسلبيات الممارسة للفكر الرباني المقدّس ؟ إذا فعلنا ذلك من يضمن عدم تواصل النقد والرفض وتناسله مما قد يؤدي إلى انهيار المنظومة القيمية والأخلاقية للحركة وفكرها ! كيف يكون الفكر ربانياً مقدساً ويعاني من التجاوزات والأخطاء ؟؟إذا سلمت لك أنا (المثقف)واستوعبت ما تقول فماذا عن المؤيدين والأنصار والمناصرين - ومعظمهم من البسطاء والدراويش - ؟ لن يستوعبوا هذه (الإشكالية ) ولن يقيبلوا هذا المنطق (التقويمي التعديلي ) بل أكاد أجزم أنهم سيرجمونني بالأحذية حتى الموت إذا أقدمت على إعلانه والإفصاح عنه ..
وهنا أدركت مدى عمق التمزّق الذي يعاني منه مثقفو حركة حماس وأدركت فداحة الخطر الذي يهدد حركتهم ولا يستطيعون علاجه , لأن العلاج يعني النقد والمراجعة وكشف المستور من السلبيات والأخطاء ووضعها تحت الشمس وتعريضها للهواء وهو أأمر رفضه السياسيون وفرضوه على المثقفين والكتاب والأكاديميين , كما جرى مع الأحزاب الفلسطينية الأخرى , فلا خلاف , هنا, بين وطني وربّاني وقومي وعلماني !!



#علي_عودة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مثقفو فتح بين التميّز والتحيّز
- تعقيب على مقال غازي حمد


المزيد.....




- القيادة المركزية الأمريكية تنشر فيديوهات توثق عملية تجهيز ال ...
- -صنع في الصين-.. فستان متحدثة البيت الأبيض يهز مواقع التواصل ...
- -أكسيوس-: التهديدات الأمريكية بالانسحاب من المفاوضات حول أوك ...
- جولة جديدة من المفاوضات الأمريكية الإيرانية يوم السبت في روم ...
- تدريبات جوية مشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في ...
- ما دلالات بدء الانسحاب الأميركي من سوريا؟
- ماكرون يستقطب العلماء الأجانب بعد تقليص ترامب تمويل الأبحاث ...
- الولايات المتحدة تضع خطة لمراقبة وقف إطلاق النار في أوكرانيا ...
- الأمين العام لحزب الله: الفرصة التي نمنحها للحل الدبلوماسي غ ...
- الرئيس الفلسطيني في أول زيارة إلى دمشق منذ 16 عامًا... ما هي ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علي عودة - 2- مثقفو حماس والتحيز الصارم