|
لماذا الا صرار على المنفى ؟
حسين رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 3015 - 2010 / 5 / 26 - 11:29
المحور:
الادب والفن
1 قد يكون المثقف واحدا من أكثر شخوص المجتمع تأثرا بالتغييرات الاجتماعية والسياسية سواء الناجمة عن ثورة، أو انقلاب أو احتلال، إلى آخر مسميات وأسباب التغيير، إذ كثيراً ما تنتج عن هذه التغييرات ظاهرة ثقافة الداخل وثقافة الخارج، أدب الداخل وأدب الخارج، مثقف الداخل ومثقف الخارج... حتى تتعدد التسميات لتشمل كل أنواع الفنون والأدب وربما تتعدى ذلك، وهذا ما حصل عندنا في العراق بعد تغيير النظام السابق. وهذه الحالة، ليست عراقية خالصة أو عراقية متفردة, بل كانت هناك تجربة لبنانية ويونانية وروسية وكثير من التجارب الأخرى التي عانت فيها المجتمعات من ظلم واضطهاد الحكومات الدكتاتورية، الأمر الذي يضطر المثقفين للسير باتجاه الاغتراب والغربة أو المنفى الطوعي. مثقفو العراق أصبحوا بين ليلة وضحاها, مثقفي الداخل ومثقفي الخارج، والثقافة العراقية قسمت أيضا الى ثقافة الداخل وثقافة الخارج، حتى أشيعت هذه التسميات وأصبحت متداولة في الكتابات العراقية بشكل واضح ، ووصلت الى حد النقاش والجدل بين المثقفين العراقيين. وقبل الخوض في مناقشة الأمر، وما تناوله الزميل أبو الفوز في مقالاته التي جاءت ردا على سؤالي الموجه للفنان رضا رضا: لماذا هذا الإصرار والبقاء في المنفى؟ مع الأسباب التي بينها رضا، وما عرضه أبو الفوز من أسباب جمة تقف حائلا امام عودة المثقفين العراقيين الى وطنهم، علينا أولا ان نعي مسألة مهمة وهي: من يقف وراء هذه التسمية والتقسيم؟ وما الغرض منها؟ ولماذا لازمت فترة التغيير الاولى؟ وما دور المؤسسات الثقافية في انتشارها على هذا النطاق الواسع، الأمر الذي ولد نوعا من القطيعة غير المقصودة بين المثقفين العراقيين سوى الذين تحملوا ظلم وجور السلطة وقاوموا أو من هادنها مرغما او من اغترب مجبرا وتحمل كل الصعوبات والألم؟
2 قبل سقوط النظام بفترة وجيزة، تعالت بعض الأصوات الثقافية المحسوبة على النظام بالتهجم على المثقفين العراقيين في المنفى من خلال ما كان ينشر في الصحف اليومية آنذاك، وهي لبنة أولى في دق إسفين هذه الحالة، وإذ ما دققنا أو توقفنا قليلا أمامها وما كانت تبغيه، فاعتقد ان الأمر معروف لدى القاصي والداني من خلال سعيها لشق الصوت الثقافي العراقي ومحاولة الهاء المثقفين في أمر ثانوي وحرف انظارهم عن الكثير من الأمور الهامة التي كانت تحدث في البلد، كذلك التشويش على المشروع الثقافي العراقي بعد التغيير ومحاولة طمس الثقافة العراقية، الأمر الذي خلق نوعا من السجال وتبادل التهم بين بعض من المثقفين، وظلوا على هذا الحال فترة ليست بالقصيرة من خلال كتابة المقالات، من هنا علينا الاعتراف أن هناك عراقيي الداخل وعراقيي الخارج بصورة عامة. وعراقيو الجانبين هم من مختلف الشرائح، لماذا لا تطلق مثلا على الأطباء او المهندسين او أصحاب الشأن الحالي في إدارة شؤون البلد من السياسيين؟ لماذا أطلقت على المثقفين دون غيرهم؟ علينا ان نبحث في هذه الأسباب قبل الخوض في أي نقاش او سجال وإطلاق التسميات كيفما نشاء. فالذين سكنوا المنفى لم يكونوا مخيرين أمام خيارات وردية، فأما البقاء تحت رحمة السلطة الفاشية او الغربة والمنفى ورحلة الألم والمرارة. وهذا ما علمناه من اغلب الأدباء الذين زاروا العراق بين فترات متقطعة. وهذا تساؤل آخر جوهري: لماذا الزيارة وليس الاستقرار؟
3 من هنا تبدأ الأمور تأخذ جانبا آخر، فكثير من عراقيي المنفى كانوا يرغبون وينتظرون العودة بفارغ الصبر، لكن الذي حدث من فوضى رافقت عملية التغيير السياسي لم يمنعهم من العودة فقط، بل اجبر آخرون على الخروج من البلد. وإذا ما عدنا وتتبعنا الحالة من الأيام الأولى، نجد انه لم تكن هناك رؤية واضحة من قبل الاتحادات والجمعيات والملتقيات الثقافية والأدبية في كيفية ايجاد طريقة، او العمل على تسهيل عودة المثقفين، وهذا ما عجزت عنه وزارة الثقافة ايضا، والتي تتحمل الوزر الأكبر في هذه الحالة، ومعها الدولة او الحكومات المتعاقبة التي لم تهتم بالثقافة بشكل عام، لا بل ازداد الأمر سوءاً من خلال تهميشها لدور الثقافة، وجعلها حصة ضمن الصفقات المحاصصاتية. هذا التشوش في الرؤية وتبادل الاتهامات لا يخدم الثقافة العراقية، فنحن الان بحاجة ماسة- وفي هذه الفترة بالذات ونحن نترقب تشكيل أو ولادة حكومة جديدة إلى نوع من التصفية النقدية والغربلة التي تنفي عن المشهد الثقافي العراقي كثيرا من الدخلاء والأدعياء والمزيفين ممن ركبوا الموجة الأخيرة, وحاولوا بث روح الفرقة والكراهية بين المثقفين العراقيين، نحن بحاجة إلى أن نستمع إلى بعضنا وان نرمم ما مسه الخراب في أرواحنا وعقولنا منذ فترة طويلة. أن نكون عراقيين ومثقفين معناه أن تكون بيننا كلمة سر تجعل الواحد منا قادرا على أن يفهم الآخر دون حساسيات مفرطة، ودون آراء مسبقة، ودون قناعات جرى تشكيلها ولا تتغير. إن الواقع فيه ألوان كثيرة وإذا لم نكن، نحن المثقفين العراقيين، قادرين على أن نفهم بعضنا, فلن يفعل ذلك احد آخر غيرنا! وحتى لا يعاد تكرار السؤال: لماذا الإصرار على البقاء في المنفى؟!!
#حسين_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صنعة الادب
-
المثقف والمواطن والسلطة
-
جمعة السينما
-
الجيل السردي
-
انتاج الثقافة
-
تعقيبات نقدية
-
غزل انتخابي
-
لعبة برلمانية
-
شناطات سور نينوى الامنية
-
اشكالية الكتاب العراقي
-
لا تسرقوا اصواتنا ثانية
-
تصريخات
-
نعم نستطيع ...
-
ناقد حسب الطلب
-
الشعوب هي التي تدفع الثمن
-
العراق ومحيطيه
-
الا تكفي هذه الاعترافات
-
الاربعاء الدامي من المسؤول
-
محاولة يائسة
-
معسكر اشرف والاخرون
المزيد.....
-
تركي آل الشيخ يشوق متابعيه بالمزيد من كواليس فيلم -Seven Dog
...
-
وفاة فنانة سورية شابة بعد تعرضها لأزمة صحية (صورة)
-
وفاة فنانة سورية.. أدركت موتها قبل أيام بمنشور على فيسبوك
-
هآرتس: مدينة -تل أبيب- التوراتية لم توجد قط
-
تمتلك أسرار ثروة ضخمة.. الممثلة السعودية ريم الحبيب بمسلسل -
...
-
طهران.. مهرجان فجر السينمائي منصة فنية مهمة في المنطقة
-
سقوط -شمس الأغنية- على المسرح وحملها علم الثورة السوري يثير
...
-
أزياء وفنون شعبية وثقافة في درب الساعي
-
رحيل أسامة منزلجي.. رحلة حياة في ترجمة الأدب العالمي
-
مصر.. مفاجأة في قضية طلاق الفنان الراحل محمود عبد العزيز وبو
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|