أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رويدة سالم - شفير الهاوية [الجزء 1 ]














المزيد.....


شفير الهاوية [الجزء 1 ]


رويدة سالم

الحوار المتمدن-العدد: 3015 - 2010 / 5 / 26 - 08:02
المحور: الادب والفن
    


جلستُ إلى جانب الجدّة العجوز التي تجاوزت التسعين. بدأَتْ تتحدث دونما توقف. ذكريات تتزاحم في عقلٍ أرهقه الزمَـن ، فتتداخل الكلمات و تختلط الحكاوي. حملتْني إلى عالم غريب من القصص الخرافية المثيرة التي يختلط فيها الكثير من الخيال بالواقع. تضحك لذكرى حلوه و تتنهد و تدمع عيونها لموقفٍ مُحزن.
تَفَحَّصتُ تجاعيد وجهها. خطوط عميقة رسمها الزمن و ملأها خرافاتاً و سحراً. قُمتُ. فإلتفَتَـتْ نحوي و واصلتْ الحديث كما لو أنها تحاول أسري بخيوط لا مرئية من الاثارةِ و الخيال.
إقتربتُ من المرآة المعلقة بالحائط. تأملتُ وجهي و جسدي. تساءلتُ .. لماذا لم ينتبه "حبيبي" يوماً لوجودي و لم يشعر بهذا الكائن الذي يتعذَّب في صمتِهِ القسري. ربما كان عليَّ أن أُخبرُهُ لكني عجزتُ عن ذلك. صَمَتُّ لأني خشيتُ ان يُرعبُهُ صدى كلماتي المتقطعة و صوتي المتهدج. عبدتُهُ و أغمضتُ عيوني لكي لا يقرأ ما يعتملُ بصدري من وَجْـد. و كطيرٍ مُهاجر رحلَ بعيداً مع أميرة ملكَتْ حياتَهُ مُرددين لحناً عذباً للعشق. كتبْتُ له رسائل طويله و أشعاراً. قرأتُها لنجوم الليالي المُقمره و كلَّفت النجوم بإيصالِها. ربما وصلتْهُ و لم يرد على أيٍّ منها. ربما لأن الأخرى شغلَتْ بالَهُ و أسرتْهُ بصوتِها العذب. حين يشتد بي الشوق اليه أكتب رسائل تحمل إمضاءه و عنواني ، قلبي الذي يخفق بعنف ينتظر إستلامها من ساعي البريد الذي لا يأتي.
سَبَحتُ في عالم ذكريات الجدّه الجميل و نسيتُ الشابة هند و العالم المُثير و الحزين الذي أقحمتْني بهِ منذ أكثر من سنتين.
هند هذه الشابة التي دخلت حياتي فجأة فتغير عالمي و إهتزَّت أركانه.
كانت كغيرها تزور مكتبتي بإنتظام لشراء الكتب المستعملة. كانت مرحة لا تكف عن الحديث كالعجوز الجالسة هناك ترقبُني وتتنهَّد بألم.
عرَّفتْني بليال و الشابين نور و قيصر و آخرين. شجَّعَتْهم على زيارة مكتبتي فوعدتها ببعض الربح.
نفضتُ الغبار عن رفوف المكتبه و عانقتُ كتباً صفراء مُستهلكة أفقدها تداول الأيادي عُذريتها و الكثير من أوراقها.
زواج ليال من الخليجي المُترَف كانت أولى الحكايات التي يحملها لي ذالك الشباب المُتَّقد العابث بجنون.
ذات يوم زارني نور و قيصر. شابان مختلفان جداً.
نور طالب الموسيقى جميل و رقيق كأنثى. يُكنّيه أصحابه "ألسيبياد". فقد برائته طفلاً غَرّاً. إستغلّه مِراراً (مؤذّن الجامع) صديق أبيه الحميم ،، حتى بات التراجع عن هذا السلوك الشاذ أمراً مستحيلاً . كان جسده الغر غاية ما يطلب "العم الشيخ عثمان". و إستغله فيما بعد الاصدقاء. صار مع السنين عبداً لتلك اللذة.
قال لي انه تمنى لو كان هو مَـن تعرَّف بذاك الخليجي بدل "ليال"... أضاف :
- ليال بجمالها المُثير إصطادت ذالك الثري . تزوّجها ورحلت معهُ إلى الكويت. يمتلك سيارة هامر. هل حلمتِ يوماً بسيارة هامر رويده ؟؟؟
ليس لمثلي ان تحلم بكل ذالك البذخ. ليس لي سوى رفقة فئران الكتب المهترءة و الحرمان.
- ليال بارعة في كل شيء. تعرَّفت به في فندق بمدينة الحمّامات و بعـد زيارة واحده لطبيب النسائية مثَّلتْ عليه لعبة الشرف و صدَّق أكاذيبها بلا مُبالاة. إنه غرام النظرة الأولى.
تنازلت عن تجارتها الرابحة لنُهى و رحلت مع ذاك الزوج المخدوع الى قصرٍ من قصور علاء الدين في الصحراء التي يغمرها الذهب و البترول. أتعتقدين بأني سأحظى بفرصةٍ مثلها ؟ ألا تحلمين بأمير عربي ؟؟
بل يكفيني أميري الذي صنعتُهُ بنفسي و رسمتُ صورتُهُ في غرفتي.. حبيبٌ رقيق كالنسيم. أُناجيه و أُعاتبه و أُسند رأسي الى صدرِهِ فأشعر بيده تربُتُ على كتفي. و دونما كلام نكتفي بالقرب و النظرات.
- ليال محظوظة. ستكون أميرةً متوَّجة في قصرٍ ذهبي.
رغم كل الماضي و المُجون لكنّها ذات بهاءٍ طاغٍ. جسدها المتناسق فاتن و مثير و شعرها الحريري الطويل يسحر اللُّب. أحلامها لا حدود لها. تاجرت بكل شيء من أجل المال .. و ككل الغواني ضاعَ طُهرها في بعض الزوايا المظلمة. كان أول الرجال بحياتها تاجر مخدرات ساديٌّ قاتل. علَّمها ان الحب ألم و متعة. كانا يحرقان جسديهما بالشمع السائل و السجائر في خلواتِهما تحت ضوء القمر ..ومن ثمَّ يتشممان كالوحوش و يلعقان اللحم المحترق و قطرات الدم السائلة على صدريهما. و يعلو في الفضاء عواءٌ نهمٌ مُخيف. بعد خروجه من حياتِها بحثَتْ عن غيره من ذئاب الجنس الجائعة.
لم يرض ذلك جشعها فتحوَّلتْ الى الإتجار بالبسيطات و المراهقات الساذجات.
في سوق النخاسة منحت كل المُتَع لمن يدفع أكثر : بنات و خمر و مخدرات. غرَّرَت بالكثيرات و كسبت الكثير.
سعت الى التعرف على نُهى و مها. هما طالبتان جامعيتان يدرسان علوم الحاسوب . أنشأتْ معهما منتدى النمرة الشرسة. بمساعدة هاتين الفتاتين اللتين منحتهما كل تجارتها بعد رحيلها السعيد إلى الكويت توسّـعَـت مملكتها و غزت أفاقاً أُخرى.
عَرَفْتُ أمها فيما بعد. أسمها حسناء ، و هي عرّافة لها صولات و جولات. ذات صباح أفاق الزوج ليجد قرآنا قد كُتِبَ بقدرة قدير على صدرها و فخذيها و بطنها. لقد رسمته الملائكة و منحتْها القدرة على شفاء كل داء. صدَّق الزوج المخدوع الرواية و صار عبداً للجن الذين يخدمنها. لم يُلاحظ ان صديقهُ المغربي هو من داس حرمة ذاك الجسد و منحها أسراراً سحرية للعب بعقول البُسطاء. ذاع صيتها و كسبت الكثير و لم يعد بإمكانها الاحتفاظ بأطفالها فمنحتها حالما وُلِدَتْ إلى عائلة لترعاها مُقابل بركاتها و عطايا لا تنتهي.
مسكينة "ليال". حطمتها عائلتها حتى قبل أن تولد.
أبدى قيصر تبرّمه من شرودي فوضعت أمامهما ما وصلني حديثا من كتب. أخذ طالب الفلسفة يتصفحها. فأختار بعضها و سلَّمني المال ثم دفع نور أمامه و خرج.



#رويدة_سالم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضحايا [ الجزء 6 ] 
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 3]
- ضحايا [ الجزء 5]
- ضحايا [ الجزء 4 ]
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 2 ]
- المراة بين الدعارة الشرعية و سفاح المحارم [الجزء 1 ]
- ضحايا [ الجزء 3]
- ضحايا [الجزء 2 ]
- ضحايا [الجزء 1 ]
- الذكورة البدائية و السوط المقدس
- عندما تؤمن النساء بأمجاد -ذكورة- مقدسة


المزيد.....




- عــرض مسلسل ليلى الحلقة 24 مترجمة قصة عشق
- نبض بغداد.. إعادة تأهيل أيقونة العاصمة العراقية شارع الرشيد ...
- فنانة شابة في علاقة حب مع نور خالد النبوي؟ .. يا ترى مين ضيف ...
- إيران.. 74 جلدة لنجم شهير حرض على خلع الحجاب!
- سلي أولادك بأفضل أفلام الكرتون.. اضبط أحدث تردد لقناة كرتون ...
- انتقادات واسعة للمسلسل العراقي -ابن الباشا-.. هل هو نسخة من ...
- فنان مصري مشهور يفقد حاسة النطق.. وتامر حسني يتدخل
- شاهد.. مغني راب يصفع مصارعا قبل نزالهما في الفنون القتالية
- -أشغال شقة جدا- كاد ألا يرى النور.. مفاجآت صادمة عن المسلسل! ...
- معرض للفنان العراقي صفاء السعدون بين جدارن جامعة موسكو الحكو ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رويدة سالم - شفير الهاوية [الجزء 1 ]