أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العرباوي - ذاكرة الجدار














المزيد.....


ذاكرة الجدار


محمد العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 3013 - 2010 / 5 / 23 - 19:56
المحور: الادب والفن
    


لم تكن لدي ذكريات سوى التي رسمتها على هذا الجدار، الذي نخرته موجات الرياح والحرارة المفرطة والأمطار المتساقطة، فرغم صموده أمام صراع الزمن وجد نفسه في أرض بطحاء، كنت أبحث وأبحث فلم أجد غير صور وطلاسم لا أكاد أفهمها ولا أعرف معناها قد عبثت بها أصابع الزمن، جلست في ركن مقابل المكان الذي رسمت عليه ذكرياتي الموجعة، واحتسيت نبيذا من الصمت الممل الذي أصبح ليله كنهاره، ففتحت ألبوم صوري ونسجت لكل صورة قصة ولكل قصة روايات متعددة بتعدد آلامي وجراحي وصرخات دموعي واحتراقها على مقلتي، لكني ومع كل هذا شل تفكيري عن تأويل ذكريات أجهلها.
حتى الربع الأخير من الليل وأنا لا أزال مستيقظا، مرعوبا، متقلبا...، ليل دامس، جو خانق، أتخيل مشاهد الرعب، متوسدا بقايا الجدار، فكان الجو لا يبعث بالشفقة، والسماء حبلى بالغيوم، إيقاعات الرياح، خيوط المطر المتصلة تنتهي إلى باطن الأرض بفضل صلابتها تهبط كالقدر وتزيح التراب فيسري مسرى المياه، كل ذلك كان يعطي إحساسا خاصا بالحياة البائسة التي انتهى إليها المعطر برائحة الأحلام المستحيلة في زمن المفارقات الغريبة والتناقضات اللعينة.
قد تقولي عني أحمق لأني تمنيت الموت على أن أحيى مكبلا بقسوة وفظاعة صور طازجة محملة بكل أصناف التمزق وطنين الآهات والخراب الكسيح، أليس الموت أفضل حال من حضانة مكبوتات هستيرية تزيد من ثقل هذا الليل المشئوم، وأنا رويدا رويدا أغيب عن وعيي وكأني آت من حلم جميل، ففي الوقت ذاته أحلم بأنني على شاطئ البحر وأن موجة كبيرة كأنها امرأة جميلة تحملني في أحضانها وتحدثني بأشياء كثيرة غير معتادة تشدني إليها.
بقيت على هذا الحال وأنا لا أكف عن أسئلة أبهرتني وفاجأتني بنتيجتها التي كان لها وقع كبير على مخيلتي أثناء صدمة الموت الذي تخيلته على أنه سيساعدني على مقاومة ومواجهة ذلك الوجه الكئيب الذي ما زالت بصماته على جدار الخراب، بدل رفضه ورفض كل ما يتصل به من معتقدات تحركها الأقدار، إن الذي لم استطع التغلب عليه أمام شر الطبيعة المعبئة بغرائز الدمار هو مقاومة ضعفي وما لا ترضى عليه نفسي في سبيل الغاية التي أطمح إليها، وأنا أحس برغبة قوية في السيطرة على الذكريات التي أثقلت كاهلي وعلمتني البكاء تلقائيا وأوصلتني إلى ذروة اليأس.
شعرت بأنني أتعافى تدريجيا من جحيم الحياة البائسة وأنا أهمس رافعا صوتي، ظنا مني أني أدركت اليقين، لكن أطلت همسي لأني أدركت أن اليقين لا يقين، وإنما أقصى المحال، تحت غبار الماضي المستحيل تهب ريح ذاكرة أعادت نفسها من جديد تهتف في أعماق الروح لميلاد ثورة لا تَرى في النهاية إلا العودة إلى البداية.بداية تُـنْهي نوبة الذاكرة، تعيد أحلامي على بداهة السؤال، لزمان يصنع الإنتظار، بحروف لم تزل بالجدار...، فهل من ذاكـرة للـجـدار..؟؟
محمد العرباوي
كاتب وشاعر
[email protected]



#محمد_العرباوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دورة الشاعر: أحمد العناني، شاعر التلاميذ الشعراء المبدعين:
- عاصفة، شعر: محمد العرباوي
- هواجس، شعر، بقلم : محمد العرباوي
- حلم يعبر الصمت، شعر
- فنانون كشفوا القناع:
- امرأة تراهن في الحب -شعر-
- تمَزٌق -شعر-
- خطوة إلى المجهول -شعر-
- يوم بلا طعم -شعر-
- وتمضي الأيام -شعر-
- هكذا عرفتها -خاطرة-
- الصداقة في نظر أرسطو -فلسفة-
- هل يتوقف مصير الشخص على اختياره الحر؟
- رفيق العمر : قصة
- لمن أكتب؟
- إليك أبوح -شعر-
- تائه: -قصة قصيرة-
- غباء: -شعر-
- همس مستباح:-شعر-
- ما خفي كان أعظم


المزيد.....




- ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
- مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
- الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته ...
- موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل ...
- -أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل ...
- -يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم ...
- تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv ...
- الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ ...
- دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد العرباوي - ذاكرة الجدار