أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين فقط!!













المزيد.....

اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين فقط!!


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3008 - 2010 / 5 / 18 - 11:13
المحور: كتابات ساخرة
    


على هامش سقوط الطائرة الليبية القادمة من جنوب أفريقيا، وردتنا بعض الرسائل حول هذا الموضوع، من مجموعات سلفية، وعروبية ،وبعد الاستفاضة والحديث عن الكارثة الجوية التي ألمت بالإنسانية جمعاء ومرفقة ببعض الصور، ، ذُيـّلت تلك الرسائل، بعبارة اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين، علماً بأن معظم من كان على متن الطائرة هم من غير المسلمين، وفي هذه العبارة، ولعمري، هناك تضمين واضح بعدم الرغبة بالترحم، أو طلب الرحمة منه سبحانه وتعالى عما يفعلون، على غير المسلمين، وهذا أمر قاس وصعب جداً أن تتقبله النفس البشرية. فالشماتة، ها هنا، ومن خلال موت غير المسلمين الذين لا يجوز الترحم عليهم، واضحة ولا تحتمل التأويل والالتباس، وهو أمر غير جائز من مؤمنين يفترض فيهم سعة القلب والصدر، لا الحقد والكراهية والشماتة، الأمر الذي ينسف، وبالمطلق، وبكل أسف أي حديث وكلام وخطاب يحاول البعض تسويقه عن التسامح، وحوار الأديان، والحضارات، وتضرب هذه الأنانية الدينية غير المتسامحة بعرض الحائط بكل القيم والمشاعر الإنسانية النبيلة التي تتوحد في هكذا مناسبات.

لقد كان القسم الأعظم من ركاب الطائرة، بالفعل، من غير المسلمين، وركاب الترانزيت، المتخذين من طرابلس الليبية كمحطة ترانزيت باتجاه أوروبا، وهم من الأوروبيين، وتحديداً الهولنديين بقسمهم الأكبر، إضافة لجنسيات أوروبية أخرى. كما كان هناك عدد ضئيل من المسلمين من ركاب الطائرة، و طاقم الطائرة الإيرباص المنكوبة، وهم بمعظمهم من الليبيين العرب المسلمين. أي أن الكارثة والموت لم تفرق بين ديانة وأخرى، وهذا هو المصير المحتوم للجنس البشري برمته، الموت الذي لا يفرق بين دين وآخر، وجنس وآخر، فلم التفريق، في طلب الرحمة والمغفرة بين هذا وذاك؟ هل هي محاولة للتميز والاستعلاء حتى في الموت كما هو التميز والنفور والاستعلاء والبراء قائم وجار على قدم وساق في الحياة؟

لكن المفارقة ذات الدلالة التأملية البالغة أن الناجي الوحيد، من الكارثة، كان الطفل الهولندي روبين، الذي كان مرافقاً لوالديه الذين قضيا في الحادثة، وهو لم يزل بعد بسن العاشرة من العمر، وهو إن لم يكن يهودياً، فهو نصراني بالقطع، ولكنه ليس مسلماً، بالتأكيد، ولم يكن ولا مسلم واحد ناج من الحادث بكل أسف، فلماذا أنقذت العناية الإلهية يهودياً، أو نصرانياً أوروبياً، ولم تنقذ مسلماً، أليس في هذا عبرة يا أولي السمع والبصر، ونفس الأمر حصل مع الطائرة اليمنية التي هوت قبالة شواطئ جزر القمر في العام الماضي، وكانت الناجية الوحيدة طفلة غير مسلمة أيضاً، فهل هناك عبرة في ذلك يا أولي الألباب؟

لا نفهم، كما لا يفهم الغربي الذي يتلقى مثل هذا الخطاب، سر هذا التشفي والسرور بموت الآخرين، وبالحقد عليهم حتى وهم أموات، ولا كيف السبيل لمعالجة هذه الإشكالية المستعصية؟ ألا يجلب أصحاب هذا الخطاب العداء لأنفسهم، في وقت هم في أمس الحاجة فيه إلى الأصدقاء، وخاصة في الغرب الذي يشهد اليوم تحولات بنيوية عميقة في نظرته لهؤلاء بالذات، ويدفع ثمن هذا الخطاب، مسلمون أبرياء، لا ناقة ولا جمل لهم في كل هذا العك والبلاء. وهل أضحت مصائب الناس وكوارثها مدعاة لسرور وتشفي البعض؟ وهل هذا السلوك من الأخلاق في شيء، قبل أن يكون فيه أي شيء من الإيمان؟ وماذا يريد هؤلاء الناس من تسويق هذا الخطاب الناري العدواني الصدامي والاستفزازي؟ ألا يحزنهم موت غير المسلم، ولذا لا يطلبون له الرحمة لاعتقادهم بأن مصيره المؤكد، سلفاً، هو جهنم وبئس المصير.

لماذا لم يترحم هؤلاء على كل الأموات؟ أليس هذا أقرب للمنطق والتقوى، وأحب لله "الرحمن الرحيم" قبل أي شيء آخر، أم أن هناك ثمة اعتقاد راسخ وثابت ولا يتبدل، أنه لا يجوز الترحم على غير المسلمين، وأن المسلمين هم لوحدهم من يحتكرون رحمة الله، كما يحتكرون أشياء أخرى، رغم أن الله سبحانه وتعالى قال لهم في فاتحة قرآن بأنه رب العالمين، وليس رب المسلمين لوحدهم. ومن المفترض، والضروري، حظر هذه العبارة في الخطاب الرسمي والإعلامي العربي والإسلامي نظراً لما لها من تضمينات غير إنسانية في عالم يتعولم وينفتح ويتقارب باستمرار، ناهيك عما تشكله من ضرر وعداء للمسلمين في المنافي بشكل خاص.

ورحم الله جميع ركاب الطائرة الليبية، وكل طائرة، وكل كارثة إنسانية، برية، وبحرية وجوية، وسواء كانت تلك الكارثة الإنسانية بفعل الطبيعة، أو بتدبير فاعل سيء النية والطوية.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم على كل حال، والله المستعان.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل كان لدى البدو حمّامات في الصحراء؟
- التعليم الديني للصغار كنمط للإكراه في الدين
- لماذا لا نستبدل حصص التربية الدينية بحصص الموسيقى والفن والب ...
- البورنو الديني في مدن الظلام: وثقافة الجن والعفاريت
- ثقافة الوأد وافتراس الأحياء والصغيرات: آباء أم ذئاب؟
- لا حضارة من غير بشر حضاريين
- طلاق الصغيرات
- هزيمة النقاب ومشروع بدونة أوروبا
- لول: وأعداء الضحك والابتسام
- أجب عن الأسئلة التالية: امتحان كتابي لإرهابي
- الله يستر: مقال يزلزل كيان أكاديمي عروبي
- زلزال الكلمة الحرة يصيب أكاديمياً سورياً !!!!
- أيهما أفضل استعمار البدو أم استعمار الرومان؟
- العربان وهمروجة حزام الأمان
- رحلة مع فكر الظلام وأهله
- هل العالم بحاجة اليوم للحضارة العربية؟ إشكالية العقل والعقال
- لماذا يحتقر البدوي المهن الإنسانية النبيلة؟
- الخطاب البدوي العنصري
- من المئذنة إلى شاشة التلفاز
- لماذا لم يعتذر المؤذن السابق من السوريين؟


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين فقط!!