أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سلام عبود - كاكه سرو وعبلة: قصّة حبّ كرديّة














المزيد.....


كاكه سرو وعبلة: قصّة حبّ كرديّة


سلام عبود

الحوار المتمدن-العدد: 3005 - 2010 / 5 / 15 - 21:53
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ زمن بعيد تخلى كتاب القصّة عن أحلامهم الرومانسيّة في البحث عن مشهد عاطفيّ حارّ ومثير، مشهد يقوم على لعبة التناقض العاطفيّ الاجتماعيّ، ويصل الى ذروته المأسويّة باغتيال الحبّ والأمل.
عنترة، فارس العرب الأسمر، حفر اسمه في صخور التاريخ، بسبب هذا الحبّ، وبسبب هذا التمايز القاتل.
روميو المسكين وحبيبته جوليت أوصلهما شكسبير الى نهاية مفجعة أدخلتهما التاريخ، ولم يعد بمقدور أحد اخراجهما منه، بسبب هذا التمايز اللعين أيضا.
بيد أنّ عصر العولمة والحاسوب والديموقراطيّة أغلق علينا منابع الرومانسيّة، وجفف مصادر إنتاجها. غرائزنا وأخيلتنا لم تزل مشدودة الى ما كان؛ لكنّ ما هو كائن، وما سيكون، يمنعنا من أن نذهب برومانسيتنا المكبوتة الى حدّ البحث عن النوق العصفوريّة في مجاهل الصحراء، أو تجرّع السمّ، كحل وحيد ممكن للقاء عاشقين.
الأوروبيّون أحسّوا بذلك المأزق الفنيّ قبلنا. فحينما أرادت هوليوود أن "ترومنس" صناعة أفلام الفتيان، لم تجد بـُدّاً من الذهاب الى روميو وجوليت فتطلقهما في شوارع أميركا.
ولكنْ، هل يمكن لكردستان العراق، التي تتصارع فيها شركات البحث عن النفط وشركات البحث عن القوة والمال والفساد السياسي والصدامات الإقليمة والدولية، أن تكون قادرة على انجاب رومانسيّة عاطفيّة ذات بعد اجتماعي؟ نعم، لماذا لا. هذا الجواب وصلت اليه بقناعة تامة حينما أعلن الشاب الصحافيّ الكرديّ سردشت عثمان عن مشروع حبّه الفاشل لابنة الأب القائد مسعود البارزاني.
المشكلة الكبرى التي واجهها كاكه سرو، وهو يبحث عن عبلاه الكرديّة في قصور مسعود، تكمن في أنّه لا يعرف هل يملك مسعود ابنة مؤهلة حقا للعشق أم لا؟ والأكثر أهميّة من وجود الفتاة العاشقة المعشوقة، وقبل أن يتقدم الى خطبتها ثمّ يرفضه أبوها مسعود لأسباب طبقيّة، كان يتوجب عليه أن يحبّها، ولكي يحبّها عليه أن يلتقيها، ولكي يلتقيها عليه أن يغامر باقتحام القصر، أو أن يجرّها سرّا الى خارج أسوار المحميّة الطبقيّة للعمّ مسعود.
لقد أحسست منذ البداية أنّ رومانسيّة كاكه سرو مع عبلة مسعود متعثرة، ولا حظّ لها في دخول تاريخ الرومانسيّات، أو أيّ تاريخ آخر. إنّها قصة حبّ فاشلة، من طرف واحد، هو الطرف الخيالي، المريض بالحبّ.
على سردشت قبل أن يعلن حبّه أن يحبّ عبلاه أولا، أن يحبّها حقا، قولا وفعلا، وأن تحبّه عبلة ثانيا قولا وفعلا، وأن يعترض الأب مسعود ثالثا قولا وفعلا. وكلّ ذلك لم يحدث قولا وفعلا في مقامة سرو الأربيليّة.
ولكنْ، على الرغم من الخلل الفنيّ الكبير في بناء قصة الحبّ الفاشلة هذه، أصرّ سردشت على الاستمرار في انتاج نصّه الخياليّ. ولأنّ الفيلم يُصوّرعلى سفوح بيرمام وحصاروست، وليس على رمال الربع الخالي، أو في حدائق أوروبّا، قرّر سردشت أن يكتب وصيّة موته سلفا، ظنـّا منه أنّه بهذا الاعجاز العشقيّ الفريد سيتفوق على عنترة العربي وروميو الأوروبيّ، وأنّه بذلك سيضمن إثارة غضب القائد مسعود عليه، ويرغمه ارغاما على منعه من التمتع بابنته وقصوره وسلطته، فيضطر سردشت حينذاك الى الانتحار بصحبة عبلة، أو حتـّى بمفرده، وبهذا ينجز كتابة القصّة: لله في عشاقه شجون!
اليوم انتهى كاكه سرو من كتابة نصّه العشقيّ الحزين، أما الأب مسعود فقد أسدل ستارة مسرح الحبّ الأبوي، وأمر باغلاق صالات العرض.
كم أتمنى في هذه اللحظة معرفة وجهة نظر الآنسة عبلة، أو جوليت، البارزاني. لماذا لم تأت الى موعد الاغتيال؟ لماذا وافقت على أن يحلّ بدلا منها ثلة من القتلة الأوباش؟ كم أتمنى أن أسمع رأيها في مملكة أبيها الرومانسيّة، وفي رومانسيّة عشيقها، الذي تفوّق على جنون عنترة، وعلى خبل روميو، بأن ضحى بحياته في سبيل أمرأة لا وجود لها، امرأة تشبه العدم الكبيرالذي يعيش فيه الأب القائد مسعود، امرأة سيسجل التاريخ اسمها المجهول في سجل الغادرين المشهورين.
حينما ننظر الى صورة سردشت الموضوعة تحت خبر اغتياله، نحسّ، ونحن نرى الأمل والجرأة والإيثار في عينيه، أننا نرى الحيّ الوحيدَ في لوحة الموت الكبيرة التي تطوق حياتنا القاسية، اللوحة التي لم تتخلّ عن رومانسيتها المهلكة بعد، رومانسيّة القتلة، الجهلة، الجبناء.
# ## #
اغتيال سردشت لن يُعطـّل على الآنسة بارزاني مشاريع المستقبل، ولربما يحدث العكس. جريمة اغتيال سردشت سترفع عدد خطّابها، وتعلي من مهرها، وتزيد من فخر أبيها، فتجعله يصرّ، بهذه المناسبة السعيدة، على سقي مدعويه جميعا لبن العراق المفضّل: لبن أربيل، ولكنْ بلون ومذاق جديدين هذه المرّة، باللون الأحمر، المطـّعـّم برائحة البارود!



#سلام_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البحث عن السعادة الخادعة في الأدب الغريب وثقافة الآخر
- الثقافة والعنف بين التحليل النفسي وعلم الاجتماع
- يهود العراق وخرافة البحث عن وطن افتراضي
- هل نرتقي بضربة حذاء؟!
- البعثيُّ الذكيُّ والعراقيُّ الغبيُّ! ( رسالة الى المثقف البع ...
- سيئات حميد مجيد الفاضلة
- رسالة شخصية الى نائبة عراقية: صفية الوفية!
- رسالة شخصية الى السيد هوشيار زيباري: العقل زينة
- جنايات علي الدباغ الجسيمة ( رسالة شخصية الى الناطق الرسمي با ...
- الكرد الفيلية: عراقيون رغم أنف العرقيين جميعا!
- البيان الشيوعي لمرحلة الاحتلال- الجزء الثالث
- البيان الشيوعي لمرحلة الاحتلال - الجزء الثاني
- موت الماركسية أو ورطة النصر.... الحلقة الأولى: موت الاشتراكي ...
- اللجنة الإعلامية للحزب الشيوعي العراقي تدعو الى محاكمة كاتب ...
- الشيوعي ما قبل الأخير (كامل شياع كما أراه)
- أسرار أزمة كركوك: المقدمات، الدوافع، النتائج
- المادة 24، الانتقال من التحاصص الدستوري الى سياسة كسر العظم
- الجوانب الخفيّة في الاتفاقيّة الأميركيّة العراقيّة
- من نوري السعيد الى نوري التعيس
- صولات الدم العراقية


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سلام عبود - كاكه سرو وعبلة: قصّة حبّ كرديّة