نجاح العلي
الحوار المتمدن-العدد: 3000 - 2010 / 5 / 10 - 17:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نجاح العلي*
رغم اني لا احبذ اجراء المقارنات خاصة بين الشعوب المختلفة وغير المتجانسة الا ان الموقف والضرورة دفعتني لكي اقارن بين بعض ردود الافعال التي حصلت في هولندا مؤخرا وبين ما يمكن ان نتوقعه من العراقيين اذا حصل معهم نفس الموقف.
ففي مراسيم حفل احياء ذكرى ضحايا الحرب العالمية الثانية الذين بلغ عددهم اكثر من اربعين مليون ضحية حضرت بياتريكس ملكة هولندا وساد الصمت مكان الاحتفال بعد الاعلان عن بدء دقيقتين صمت احتراما لذكرى ضحايا الحرب.. ووسط هذه الاجواء الصامتة المشحونة بالمشاعر جاءت صرخة انفعالية او ربما (عطسة) احد الحضور وهو رجل اربعيني مدمن على المخدرات، وقد سببت صرخته هرجا ومرجا ورعبا اذ توالت صرخات النساء والاطفال وسادت اجواء الهلع والتدافع التي ادت الى اصابة العشرات بكسور وجروح مختلفة.
امر غريب ان تتملك الانسان في بلد آمن مثل هولندا مشاعر الخوف اللامبرر وغير المنطقي، فكيف الحال لو تكرر هذا المشهد بتفاصيله ليكون الاحتفال في العراق وفي بغداد تحديدا، بدل هولندا، ما عساه ان يحصل، في الحقيقة قد حصل الاسوأ من ذلك ففي حفل تخرج لمجموعة من الضباط العراقيين في بغداد بحضور الاهل والاقارب والاصدقاء والاعلاميين والضيوف الكرام بينهم نساء واطفال، تم الامساك بامرأة ترتدي حزاما ناسفا تحاول تفجيره على هذه الجموع المحتفلة، وكانت ردة الفعل ان تفرق الحضور عن (المراة المفخخة) التي يبدو ان حزامها لم يرد قتل فرحة العراقيين في احد ايامهم المفرحة القليلة بل والنادرة، ليتم اعتقالها ليستمر هذا الحفل كما هو مخطط له دون ان يعكر صفوه ارهابي او حاقد او مفخخ.
امام هذه الحالة وغيرها الكثير قد يتساءل البعض: هل العراقيون يعيشون في كوكب اخر غير الارض لكي يتمتعوا بقابلية على تحمل كل هذا القتل المجاني دون سبب منطقي او مبرر عقلي او اخلاقي، لكن السر هو الرغبة في الحياة واستمرارها فتراهم يتزاوجون ويحتفلون مع استمرار لعلة الرصاص وازيز المفخخات والعبوات الناسفة التي تهدي الموت بالمجان لكل من جاء به حضه العاثر ليكون متواجدا في الزمان والمكان لموعد انفجار هذه السيارة او تلك العبوة ليكون احد خيارين اما قتيل ومصاب او مصدوم يعاني من اضطرابات نفسية من مشاهد الدمار والقتل التي شاهدها ومر بها.
العراقيون ببساطة شعب يحب الحياة وله قدرة كبيرة وعالية على التأقلم مع جميع الظروف وكذلك امكانية الاندماج والتعايش مع الشعوب والثقافات المختلفة والمغايرة لما هو سائد.. شعب استطاع ان يقهر الظروف الصعبة التي ألمت به واحاطته من كل جانب دون ذنب اقترفه سوى ان الظروف المحلية من سوء تصرف قياداته والجغرافية السياسية التي يتمتع بها جعلته مركز استقطاب وجذب الارهاب العالمي اليه لمواجهة الغرب.
*اعلامي واكاديمي
#نجاح_العلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟