|
حوارٌ بعمقِ السواد
مأمون التلب
الحوار المتمدن-العدد: 913 - 2004 / 8 / 2 - 12:36
المحور:
الادب والفن
هيكل المساء تدلى... .. والخيول التي زَحَفت فوقهُ حفظت موضع الكسرِ ها صهلت.. كي تدير العيون التي برقت في الظلام إليها.. وتُفزِعُ راياتها الشاهدة.. أقولُ: أُحبكِ أو ليتني عاصفة.. علّميني الفضاءَ أُعلِّمكُ الموت بين نسيج السواد الجميل حين المساء يُدلِّي هياكلهُ ليباركَ ما بيننا من رمال الدليل.. والخريف الذي لن يجيء يجيءُ إذا كنتِ نائمةً تحلمينَ بحلمي.. حينها سأنام لأحلم أكثر وأصحو لأكتشفَ الفرق بيني هنا.. وبيني هناك!! داخل الحلمِ كنّا معاً.. قلتِ في سرِّنا : (إذا ما تسرَّبَ بعضُ الملل في مسامِ الجحيم يسلِّي عذاباتهُ بمحاورةِ الجنةِ الخالية ويقول لها: لم يخبرونا بأيّ الأغاني سَنُرسَم.. وأيّ العيون ستحشرُ في دمنا.. لهذا أمرر كفي بصدري لِأُدهِشَ برقَ السواد هناك وأدرِكُ أيّ العيون اصطفيت لألهو بها وأصلي بها ربّما لستُ شرَّاً أنا.. ربما لست حلماً لهذا الصقيع..) ... قلتِ في سرِّنا: ( الجحيم جميلٌ جلوس المساء و (أنتَ) بقلبي جميل) قلتُ: (أنتِ سيّدةُ الأرض...) قلتِ: (سيد الأرضِ أنتَ) قلنا سوياً وفي سرِّنا: (الأرضُ سيدةُ الأرضِ) ثمّ ابتسمنا..... ... هذا حزني: أن أختار ... وأن أعلن الآن أن الحياة هي الدرب والخطوات شكل الرياح ورائحةِ الشجر المحترق والذبول... وليس الوصول... .. هذهِ بيئتي: السواد... لأن الذي وحَّشَ الغيم والأرض والكون كان البياض يعري أياديهِ من ظلمها.. ... وأن الحبال وأحشاء كل المشانقِ مخنوقةٌ بالبياض .. والنبي البعيد عندما يهجر الأرض يحملُ في قلبه ابتسامته تاركاً ثوبهُ أبيضاً لحماةِ الحروب رعاة السجون... وأرحامها يتسرَّبُ بعضٌ من الثوبِ يصبحُ خيطاً يرفرفُ في علمٍ يتمايلُ في غنجٍ غارساً نفسهُ في عيونِ الجثث.. .. أُجيدُ السواد لأن البياض دمٌ للعبث.. .. هذا جسدي: (ليتني عاصفة) آهِ يا ليتني عاصفة لكي لا أموت وحيداً بل سيدفنُ في جسدي بعد موتي: حطام البيوت... الحقول المسنّةِ والكاذبة... جلود النوافذِ _تحمل آثار من يسهرون صباحاً_... وصعقة من يتهشَّمُ فيهِ الجدار الجميل وهو يقطفُ أزهاره في المساء.. ليتني عاصفة لأقول بأنكِ حين تغيبين أُحسّ بأن جميع النساء ذهبنَ وحين (سأنساكِ) يوماً أقول بأني نسيت بمنعطف الدرب امرأةً واحدة... .. ليتني عاصفة.. لأصير لوجهكِ مرآتهُ وأكسِرُني حين تبكين من خطوات الغبار الذي يتجرَّحُ فوق شرايينكِ الـ...كارثة.. أسودٌ لون كفيكِ حين تموت الغيوم عليها وتصبحُ مهداً لهذا المطر.. أسودٌ كل هذا التعب بين نهديكِ هذا التعب في جفون الجبال الكئيبةِ حين تكسِّرُ أنفاسها فوق صوتكِ أو تعبٌ في زوايا روائحَ تنسلّ من جثةِ الشمس حين طفت فوق حبّكِ لي _ فوق رملكِ أيتها الأرض _
أيتها الغدر في لحظات العناق الطويل وفي لحظةِ القبر!! أرمي بكل البياض بأنياب هذي المذابل ثم اغسلي الماء من لونهِ عبّئي جسدك ببقايا الغسيل واقتلي اسمكِ أولاً فهو قيدٌ خفي.. فالذكريات التي تتقافز عبر الغروب وعبر الشروق... الذكريات التي لن تذوب بوجهِ المساء كما لمحةٍ سقطت صدفةً في شفاهكِ ثمَ نَمَت شجناً في ضلوعي.. .. هذه الذكريات خيّرتني لأفتح قلب السفر وأختار اسماً يناسب مشهدكِ المختبئ في جروح السواد.. وأنتِ تقولين بأنّ أصابعكِ الشاردة لم تمشّط ذهولاً تدلى على جبهةِ التاريخِ وأنهُ لا يهمكِ في شئ... إذاً.. كيف أراكِ (موهِّجةً) انحرافاتهِ ومغيّرةً اتجاه البحار التي سرقت اسمهُ دون أن تشتهي ذكريات البياض؟!! .. قلتُ: فليذهب الاسم أنّى يشاء بنهر دمي وليكن في دمي فيضان الغروب/الشروق (فمن كان منكم بلا حلمٍ فليرمِ هاويتي بجسده!! ) وكشخصٍ يغسل أحلامه تحت أمطارها ويغني أقول: أنتِ جميلةٌ جداً.. ..
يدايَ شجوني... هنا كنتُ محتطباً قلقي عابراً تحت نافذتك كنتِ خلف الزجاجِ شتاءً يقلِّبني فوق أنّاته ترفعين الغطاء وتلقين لي شهباً من خيوطِ العناكب.. لكنني كنتُ في وقتها أتسامحُ مع قبلةٍ فاترة نسيتها شفاه الشتاءِ البخيلة لم يكن في يدي دليلٌ ولا سببٌ لإشتعالي وحيداً بعينيكِ يا ساهرة عند نافذةٍ وتخيطين لي شهباً من خيوط العناكب كي أتشبَّث في جلدها كالمشيمة ثمّ تموت الولادة في خاطري وبفأس السراب أشقّ لها في رؤوس المرايا قبوراً تبعثرها لترى في الكوابيس أشلاءها لهذا أقول : يدايَ شجوني يدايَ التي رسمت كل هذا بخصركِ ليلاً وقد كنتِ نائمةً تحلمين بحلمي أتساءل كيف سحبت غطاء السماء وألَّفتِني طرقاً ضائعة فوق عري الفضاء الفسيح.. حينها كنتِ مخفيّةً ومخيفة _ وهو خوفٌ رقيقٌ على كل حال _ وسوَّدتني ثم هاجرتِ في الفرق بيني وبينكِ شوكاً يسد الأفق؟؟!! أتساءل كيف سحبت حجاب العروق وألَّفتني لغةً واسعة في مضيق الدمِ المستحيل وأرَّقتِ هذي الأصابع ... برعشاتها وأرَّقتِ رعشاتها بالقيود...؟!! .. أنتِ جميلةٌ أبداً... ... أتساءل كيف ذهبت؟ .. ذهبتِ بلا شمعةٍ واحدة في جحيم البياض الذي لن يعود؟!
#مأمون_التلب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سيرة النار
-
قَرن
-
صلاة ...
-
صلاة ...
-
نهرٌ .. وسماءٌ .. أعمق
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|