خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال
(Khaled Juma)
الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 9 - 15:26
المحور:
الادب والفن
على سهوٍ، ينهضُ الفجرُ، أزرقَ مثقلاً بشجرةِ نعاسٍ أنثى، وعشبٌ للنسيانِ على حافةِ الحقلِ يخربشُ جلالَ المشهدِ، ويمرُّ آخرونَ كثيرون ساذجونَ ومليئونَ بالتقوى، يكسرونَ الوقتَ القليلَ الذي يفصلُ النايَ عن الهواء، ويمضونَ سعداءَ فيما أمضي حزيناً كسلَّةِ غيابٍ طازجْ.
كفَرَسٍ، نجمةٌ من صراخ تعلو جبينكِ الخيلي، تشرقُ دمعةٌ من أبجديَّةِ النهرِ في عينيكِ، أتمتمُ: أحبُّكِ، وتفتحينَ الهواءَ على النارِ والنارَ على الكلامِ والكلامَ على التوابيتِ والتوابيتَ على المواسمِ والمواسمَ على آخرِ الروحِ كي تعطِّليْ دوَرَانَ الفصولْ.
كفرسٍ أيضاً، لملمتِ الطريقَ وخبّأتِها في حِرزٍ من حزنٍ لا يُرى، قسَّمتُ قلبي وانكفأتُ كدوريٍّ على آخرِ حبَّةِ قمحٍ في موسمِ جفافْ، قلتُ إن للطُّرُقِ عملٌ غيرَ الاختباءِ، صدَّقتِني ومضيتِ تفلتينَ نموراً من بكاءٍ على غزالةِ القلبْ.
الحزن أزرقْ، الحزنُ غابتنا المجهولةُ الضائعةُ المنسابةُ في عروقنا كندمٍ على فعلٍ لأننا لم نفعله، الحزنُ يشبهُنا حينَ نطبعُ رعشتَنا الأولى على المرآةِ في الصباحِ البارِدِ، ودائما نرسمُ الحزنَ بطبعٍ ملائكيّْ، فمَنْ يتخيَّلُ شيطاناً حزيناً؟
قلتُ لكِ كلاماً خبّأتُهُ طويلاً فتعتَّقَ مثلَ رطبٍ في جنَّةٍ لم يحرسْها أحَدْ، أخذتِ الكلامَ وتركتِ المعنى عارياً على جلدِ الهواءِ يقشِّرُ الضوءَ عن آخرِ الحروفِ ليفهمَ ذاتَهُ، وضعتِ الصليبَ في مكانٍ للوردةِ، وأجَّرتِ شفتيكِ لعابرٍ لم يفهمْ أن من حقِّنا أن نخطئَ كي تتسرَّبَ إلينا الفكرةُ من كوَّةِ النفسِ الوحيدةِ: حزننا...
على سهوٍ سينهضُ الفجرُ، أزرقً مليئاً بالليلِ والخفايا، وأنتهي أنا مثلَ مدينةٍ بعدَ كارثةٍ بقليلْ، تبحثُ عن أحيائها وأحيائها، تغريها الظلمةُ، وتغمضُ عينيها حين يسحبُ عصفورٌ أوَّلَ خيطٍ في الصُّبحِ إلى شوارِعِها، فيبدو موتُها للعابرين، وكأنّها تنامْ.
29 نيسان 2010
#خالد_جمعة (هاشتاغ)
Khaled_Juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟