|
خانباشا نورالديلوف/ بطل الاتحاد السوفييتي
أمين شمس الدين
الحوار المتمدن-العدد: 2999 - 2010 / 5 / 8 - 07:53
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
تحتفل روسيا الاتحادية هذه الأيام بمناسبة مرور 65 عاما على انتصار الجيش الأحمر السوفييتي على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية (الحرب الوطنية العظمى). وقد شاركت في هذه الحرب جميع شعوب الاتحاد السوفييتي، وساهمت معا في الانتصار على ألمانيا الهتلرية، ومن ضمنها الشعب الشيشاني، الذي قدم الأبطال تلو الأبطال، حصل الكثيرون منهم على لقب "بطل الاتحاد السوفييتي". وقد كان من بين المدافعين عن قلعة بريست المشهورة في مقاومتها الباسلة حوالي 300 من المقاتلين الشيشان، مذكورة أسماء معظمهم في متحف القلعة اليوم. ومن الأبطال الشيشانيين المشهورين، الذين شاركوا في عمليات تطهير البلاد السوفييتية من الجحافل الألمانية النازية، خانباشا نورالديلوف/ بطل الاتحاد السوفييتي.
الشجاعة المتفانية *
بطل هذه القصة الحقيقية هو المقاتل خانْباشا نورَالدِّيلوف، المولود عام 1930م، في بلدة ميناي- توغاي، في مقاطعة خَسُويُورْتْ، من أسرة شيشانية فقيرة. فقد خانباشا والداه وهو في سن الطفولة. نشأ وترعرع في كنف أقربائه. أنهى الدراسة الثانوية، وفي عام 1938، أصبح عامل نفط. وفي عام 1940 دُعي للخدمة في الجيش السوفييتي. ومنذ الأيام الأولى للحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية) وهو يُقاتل العدو النازي في الجبهة. أظهر خانباشا نورالديلوف منذ الأشهر الأولى للحرب رجولة فائقة، وصمودا رائعاً في القتال. قضى بنفسه في معارك مختلفة على ما يزيد عن 1000 جندي وضابط هتلري، واقتاد 12 أسيراً، ودمّر بنفسه ستة مدافع رشاشة للعدو. وكان قائداً لفصيلة مدافع رشاشة. ونتيجة مآثره البطولية مُنِح خانباشا "وسام الراية الحمراء". وبأمر من مجلس السوفييت الأعلى للاتحاد السوفييتي مُنح نتيجة لما أبداه من رجولة وبطولة خارقة وشجاعة متفانية، لقب "بطل الاتحاد السوفييتي"، وذلك في الثامن من شهر نيسان عام 1943م. .. في أحد أيام شهر كانون الأول من عام 1940م، كنتُ في مهمة رسمية لدى الفوج الرّابع والثلاثين، التابع للفرقة الثالثة باسم كوتوفْسْكي. كان قائد الفوج مفوَّض الكتيبة، بافِلْ بْريكِلْ. بعد تبادل الآراء مع المسؤولين، عرجنا على أحد صفوف التدريب، وألقينا نظرة سريعة على سير الأمور فيه. خلال ذلك جَلَب انتباهي جنديّ شابٌّ من الجيش الأحمر. كان هذا الجندي يجلس خلف إحدى طاولات التدريب تبعثرت عليها أجزاء مدفع رشاش. كان متوسط القامة، نحيف الجسم، ذو حاجبين سوداوين. بدا من طَلْعَته أنه من أحد شعوب القوقاز. لا أدري لماذا، إلا أن هذا القوقازي أعجبني. اقتربتُ منهُ وسألته: - ما اسمك أيها الجنديّ؟ أجابني الشاب، قائلاً: - خانباشا نورالديلوف - ومن أين أنت؟ - أنا من القوقاز، من مقاطعة خَسُويُوْرْتْ، من بلدة ميناي – توغاي، وهو مكان بعيد من هنا. - من أي قومية أنت؟ - أنا شيشاني، من قبيلة أَقِّي، ونحن شعب جبلي. - وما هو عَمَلُك يا نورالديلوف، هل تستخدم مدفع الرشاش؟ - ليس تماماً، إنّما أُشرف على عربة خيل تحمل مدفعاً رشاشاً. إلا أنه لدي رغبة في أن أتعلم على المدفع الرشاش نفسه. غير أنه تصعُبُ علي تسمية أجزاءه باللغة الروسية. في هذه الأثناء دَخَل إلى الصّف قائد فصيلة المدافع الرشاشة، ملازم ليتينانت، أوليغ ديفيت. كان ديفيت قد شاهَدَنا ونحن نقف قرب خانباشا. اقترَبَ مِنّا وبدأ بالحديث، قائلاً: - إن خانباشا نورالدّيلوف مقاتل مقتدر ومجتهد جداً، وهو مثال الخيّال الذي يُعتمدُ عليه ويُقتَدى به. إنه يُحِبّ الخيول، ولديه رغبة جامحة في أن يُصبِحَ رامٍ على المدفع الرّشّاش. ولكن ضعفه في اللغة الروسية يُخجِله في التحدّثِ بها في حصص التربية السياسية. ومن جهة أخرى يبدو أنه يفهم المواضيع بشكل جيد وصحيح. لهذا طلبتُ من الرّقيب كوليسْنِيكوف أن يُساعِدَه في اللغة الروسية.. هكذا كانت بداية تَعَرُّفي على خانْباشا نورالدّيلوف. في شتاء عام 1940م، جَرَت في جميع أقسام المجموعة مُسابقات في صيانة وتنظيم وإعداد الخيول والعَرَبات. قال مسؤول المسابقة، الملازم الأول كالْتشينْكو، بأن الخيول التي في قسمه يرعاها ويُعِدُّها شابٌّ شيشاني اسمه خانباشا نورالدّيلوف. إنها ليست خيول فَحَسب، بل أُسُود. سألْتُ الملازِمَ مستفسِراً: - أيُّ نورالدّيلوف هذا الذي تتكلّمُ عنه؟ أَليسَ هو ذلك الذي يريد أن يُصبِح رامياً على المدفع الرشّاش؟ - هو بِعَينه. وحَدّثت الملازم كيف التقَيث وتعرّفت على خانباشا. في أحد الأيّام رافقت كالْتشينْكو إلى حيث يوجد الجنود المتخصصون باستخدام المدفع الرشّاش. كان خانباشا بينهم، ولاحظتُ فرحه وسُروره بينهم. بدا لي وكأنه قد كَبِر نوعاً ما. كان يقف قربَ الخيول ويتكلّمُ معها بِلُغة لا أفهمها. استفسرتُ من المسؤول كولِييف عن ماذا يا تُرى يُحَدِّثُ خانباشا خيوله. أجابني كولِييف قائلاً: - إنه يطلُب منها ألاّ تَخدَعَه، وبأنهُ سَيَرْعاها وسَيُحبُّها أكثر من ذي قبل. وفي نهاية المسابقة حَصَل خانباشا نورالدّيلوف على تقدير عالٍ لِرِعايته للخيول بالشكل اللازم. صباح أحد أيام فصل الخريف من عام 1941، ودون العادة، بدأت عندنا تدريبات تَكتِيكيّة عن أساليب الهجوم والدِّفاع. وأثناء التدريبات استحكم قسم من الفوج الرابع والثلاثين على مرتفعات في قرية دارْغا. كان من مهام القوّة الرئيسة للفوج الهجوم على المرتَفَع. ووجب تغطية ميسرة المهاجِمين. أمَرَ القائد بْريكِلْ تحريك المدافع الرشّاشة، وإسكات نقاط الرّمي "للعدو". تَحَرّكت عربة خانباشا، الذي كان ينتظر هذا الأمر بفارغ الصبر، وبأقصى سُرعتها، إلى المكان المحدَّد. وبشكل فني ودقيق، وهو بنفس سرعته التي بدأ بها لَفّ خانباشا عَرَبَتَهُ التي كانت تَجُرّها أربعة خيول دورة كاملة. وكان كوليسْنيكوف أول من بدأ بإطلاق النار على "العدو". وهكذا عَمَلَت عَرَبة خانباشا بشكل سريع ودقيق، مُحطّمة بذلك مركز "العدو" وجنوده. في النتيجة قَدَّرَ الجنرال مالِييف إنجازات كل من كوليسنيكوف و نورالدّيلوف تقديراً عالياً، وقدم لهما الشكر الجزيل على تفوقهم في إنجاز المهِمَّة. بعد فترة قصيرة، أصبح نورالدّيلوف يتقِن تماماً استخدام المدفع الرشّاش. وهو حقق بذلك رغبته الأكيدة، التي طالما تمناها. وغدا يستعمل المدفع أفضل من بعض المتخصصين فيه. .. وكانت الحرب الحقيقية قد بدأت، وقوات ألمانيا الهتلرية تحرق الأخضر واليابس. وكان لا بد للبلاد أن تقوم لصد العدوان، وعلى خانباشا وزملائه القيام بدورهم من الواجب. كان على الفرقة أن تخوض غمار حرب ضروس، في كل من زْلوتشيف، تيرنوبل، فولوتشينسْكْن كازاتين، وكييف وضواحي خاركوف. في نهاية أيلول من عام 1941، كان الفوج الرابع والثلاثين يدافع عن منطقة سافينتسا، على نهر بِسيول، غربي بالتافا في أوكرانيا. ومن الصباح الباكر أخذ العدو الألماني يطلق مدافعه الثقيلة، وبشكل مكثف على مواقعنا، ودفع برجاله في هجوم نحونا، متَمَتْرِسين خلف الدبابات. وأصبح فوجنا شبه محاط بجيش العدو، ولَحِقت به خسائر فادحة. وأمر القائد بريكل الفوجَ بالتراجع إلى الضفة الشرقية لنهر بسيول، خلال الجسر الوحيد الذي أصيب وأخذَ يحترِق. وأخذ الهتلريون يُضَيّقون الخناق علينا. في هذه اللحظة شاهدنا عربة خيل مُحَمَّلة بمدفع رشاش تتقدّم مُسْرِعة فوق الجسر. لم يكن واضحا من كان يقود العربة. فقد كان المكان يعج بغبار المعركة ودخّانها. لكن العربة استطاعت عُبور الجسر المحطّم في مُعظَمِه. في المساء شَرَح لنا كوليسْنيكوف كيف كان الوضع متأزّماً، وأضاف بأن الفوج خلال هجوم العدو انقَسَم إلى قسمين، وأصبح الموقف خطيرا جداً، بحيث كانت دقائق محدودة كافية لِحَسْمه. أما قائد عربة الخيل فلم يكن سوى نورالدّيلوف نفسه. كان قد ثَبّتَ على عربته مِدفَعَي رشاش، وجُنديّين مُصابين، وبِسُرعة البصر اخترق الجسر بأعجوبة فائقة، ولم يُصَب أحد بأذى. أنقذ خانباشا بهذه العملية الجنديين الجريحين ونفسه ومدفَعَي الرشاش. عندما سَمِع بْريكِلْ هذا الخبر، أعطى في الحال تعليماته من أجل مَنح خانباشا جائزة تقديرية. وعِندَما رَجَعْتُ إلى قيادة الفرقة، حَدَّثتُ المفتش العام مَجاميد بْريتاييف عن مأثرة خانباشا الشجاعة تلك. أصغى مجاميد لما نقَلتُ باهتمام، وقال: - يجب عمل إحصاء كامل لجميع المآثر البطولية للأفراد. سَجّل لديك في الدفتر اسم خانباشا نورَالدّيلوف. ومن الضروري أيضا تدوين هذه الحادثة لدى مسؤول القسم السياسي للكتيبة. قُمتُ بتنفيذ هذا الأمر بكل سرور. في الأيام الأولى من شهر كانون الأول، ومن أجل تعزيزها ولِقليل من الاستراحة، نُقِلَت الفرقة من المعارك إلى منطقة فورونِجْ، في بلدة صغيرة تُسَمّ بوديني. وفي بوديني، عندما كنتُ أتبادَلُ أطراف الحديث مع المسؤول السياسي لفصيلة المدافع الرشاشة، بوتشكوف، أوضَحْتُ له أنني مُهتَمٌّ بِنورِالدّيلوف. أجابني هذا المسؤول بانْشِراح قائلاً: - إن خانباشا هذا مقاتل جيد، متواضع، متفاني، شجاع. والأهم من ذلك هو مواظب ومثابر. وهو بذل جهده حتى يُصبِحَ رامياً على مدفع رشّاش. ورُغم كل العوائق حقّقَ رغبَتَهُ تلك، إضافة إلى أنه أصبح يَعرِفُ اللغة الروسية بشكل أفضل بكثير عما مضى. وهو مسرورٌ جداً لمُهِمَّتِهِ الجديدة. بعد بضعة أيام من الرّاحة، وتحديداً في السابع والعشرين من شهر تشرين ثان عام 1941مـ تحرّكت الفرقة الثالثة نحو الشمال، إلى منطقة كاسْتُورْنايا، وانضَمَّت إلى مجموعة الجبهة الجنوبية- الغربية، تحت قيادة الجنرال- ليتينانت كُوسْتِينكو. وفي السادس من شهر كانون أول لنفس العام بدأت عملية الهجوم المشهورة باسم "يليتسْكايا". ورغم البرد القارس حارب مقاتلونا بِبَسالة. لقد كُلِّف الفوج الرابع والثلاثين بِمُهِمّة ضرب الفاشست، وإخراجهم من قرية زَخارُوفْكا، ومتابعة الهجوم مع الضفة الغربية لِنَهر أوليم باتّجاه قرية نافيْسْنُويِهْ. وفي الليل، اقترَبَتْ فصائل مسرِعة للعدوّ صوب القرية من جَبهَتين. وبدأت معارك ليلية طاحِنة. وتميّزت هنا المدافع الرشاشة، التي كان يُشغِل أحَدُها خانباشا نورالدّيلوف وبشكل متفوق. لقد قَطَعَت هذه المدافع الرشاشة على العدو الطّريقَ عندَ تَراجُعَهِ إلى أليكسييفو، وتورتشانينو، وهي توقع خسائر فادحة في رجاله وفي العتاد. قُتِلَ في هذه المعكرة كوليسْنيكوف. أما نورَالدّيلوف، فقد جُرِح، ومع ذلك فقد استطاع أن يَصُدَّ هجوماً مضادّاً للهتلريين ويَرُدّهم على أعقابهم. وهكذا استطاع فوج بْريكِلْ في قتاله من أجل تحرير زِخاروفْكا و أليكسييفو، تحطيم كتيبتين على الأقل لِفِرقة مُشاة العدو الخامسة والتسعين. وفي مَعارك بلدة شاتيلوفا، قام البطل خانباشا ولِوَحده، وبشكل بارع، القضاء على حوالي مئة جندي فاشستي، مُحَققاً مجالاً كبيراً لخروج جزء من الفوج وتمكين وصوله إلى طريق سكة الحديد يِليتسْ- أوريول. وأخذت الأحاديث تتناقل في الفوج عن بسالة خانباشا كَمُقاتل حاذق وماهر في عمله. ونتيجة لمآثره الحربية الناجحة في عملية يِليتسْكايا، كُوْفِئَت الفرقة الثالثة، وأصبحت تُسمّى فرقة الحرَس الخامسة باسم كاتُوفْسْكي. وكان هذا بالنسبة لنا شرف عظيم. ولَعِب الدور الحاسم في هذا التغيير نحو الفضل البطل خانباشا نورَالدّيلوف، الذي قضى خلال هذه العملية على حوالي مئتي هتلري، وساق معه أكثر من عشرة أسرى منهم. ومُنِح خانباشا نتيجة ذلك وسام النجمة الذهبية ولقب بطل الاتحاد السوفييتي. وعُيِّن قائداً لِفصيلة المدافع الرشّاشة، مع ترقيته إلى رتبة رقيب حَرَس. يجب التنويه هنا بأن منح الأوسمة والترقيات للجندي البسيط في تلك الأعوام كانت من المكافآت العالية جداً، ولا تُمنح إلا لؤلئك الذين قدموا شيئاً عظيماً. في شهر شباط من عام 1942م، أُنيطَت بفوجنا مهمة قتالية مشتركة مع فرقة الرماة التابعة للجنرال روسيانوف، تكمن في تدمير قاعدة للعدو في منطقة غولوفكينو، حيث كان العدو يحشد قوات ضخمة، وآليات عديدة. وفي الخطة أُوكلت لِنورالدّيلوف مهمة البقاء في مكانه، وتغطية انسحاب الفصائل. قام الرقيب خانباشا في إتمام مهمته بتفوّق. وعندما نفذ عتاده، تركَ صاحبَه فيودوروف عند المدفع الرشاش "مكسيم"، وزَحَفَ بنفسِهِ حيث رقد الألمان القتلى، وأخذ يجمع العتاد المرمي قربهم. وحال عودتِه استطاع خانباشا القضاء على مئة وخمسين جندي هتلري. وفي شهر آذار من عام 1942م، حصلت معركة عنيفة قُرْب مدينة خاركوف، وهجم الفوج السابع عشر عند قرية بايراك، وقَصَف جموع العدو. وعندما اقتربت فصيلة ريجكوف إلى ساحة المعركة جابتها مدافع العدو الرشاشة، من استحكام قوي، كان يبدو صعب الاختراق. لاحظ خانباشا ذلك. وعلى الفور أرسَلَ مقاتلاً وبحوزته قنابل يدوية لتدمير الموقع، ولكنه قُتِل. ثم أرسَل الثاني، ولم يَعُد. بعد ذلك أخذ خانباشا الأمر على عاتقه، وزَحَف بنفسه نحو الموقع حتى اقترب منه، ووصل إلى الجهة الخلفية منه بأعجوبة. وانتظر اللحظة المناسبة، وألقى بقنبلتين يدويتين الواحدة تلو الأخرى، خَمَدَت بعدها النيران الآتية من نقطة الاستحكام. وعندا لاحظ العدو ما جَرَى للموقع المحصن، اتجه جنوده نحوه، حيث لَمّا يَزَل خانباشا رابضاً في موقعه. سمح لهم خانباشا بالتقدم والاقتراب منه لمسافة مئة من الأمتار تقريباً، وفتح عليهم النار وأرداهم قتلى جميعاً. وسهّل هذا الإنجاز الطريقَ أمام ريجكوف لدخول بلدة بايراك. ونتيجة ما أظهره خانباشا من إقدام وشجاعة بقرب مدينة خاركوف، كُوفِئَ بوسام "الراية الحمراء"، وأصبح مساعداً لقائد الفصيلة، التي كان يقودها بنفسه فعلياً. كان القتال حول مدينة خاركوف لا يزال في أوجه، حينما استطاع البطل خانباشا إغلاق الطريق على العدو، ومنع تقدمه باتجاه أولْخَافاتْكو و فالُويْكا و كامِينْكا وعلى نهر الدُّوْن. وفي نهاية شهر آب من عام 1942م، تقدّمت فرقة الحرس الخامسة، وعَبَرَت نهر الدُّون، واشتبكت في معارك طاحنة مع الألمان الفاشست حتى مشارف ستالينغراد. وأُوكِلَت للفوج السابع عشر مهمة احتلال المرتفعين ذوات الإحداثيات 217.4 و 220.0 ، وإيقاف زحف العدو حتى بلدة سيرافيموف. كان على الفوج مُجابهة كتيبة الضباط الفاشيين الاحتياطية، المتَمَركِزة بقوة على المرتفع 217.4، وساعد على اقتحام المرتفع نورالدّيلوف، الذي تسلّلَ مع مِدفعين رشاشين لمواقع العدو، وأسكتَ نيرانهم. وفي هذه اللحظة هجمَت مجموعتنا، واحتلّت الموقعين المذكورين. وفي نفس الاتجاه من الجبهة اشتعلت في بداية شهر أيلول من نفس العام حروب ضارية، تمَّ خلالها تدمير 38 دبّابة، وحوالي فوج كامل من مشاة الهتلرية. أما في اليوم الثاني عشر من شهر أيلول فقد أصبح الوضع متأزِّماً. وحاول العدو الإحاطة بنا من جميع الجهات، إلى أن ظهر البطل خانباشا من إحدى المرتفعات مع مدفعه الرشاش "مكسيم"، وقام بعملية حصاد للفاشيين، الواحد تلو الآخر، مُجبراً فلوله بالتراجع. في هذه الثناء جُرِح خانباشا في ساقه، إلا أنه بقي يقاتل. غير أن العدوّ فتح نيرانه بشكل مكثّف اضطرّ خانباشا معها إلى تغيير موقعه. وعندما اقترب الفاشيون من جديد استقبلهم خانباشا بِرَشقات من النيران القاتلة أجبرتهم على العودة للوراء. .. وفجأة.. انفجر لغم أرضي بقُرْب خانباشا. وتطايَرَت شظاياه، واستَقَرّت بعضُها في صدره.. وظهر بأن الإصابة كانت قاتِلة. حملَهُ رِفاقُه بِلُطف، وخانباشا فارق الحياة قبل وصوله المشفى. .. وانتهت حياة هذا الإنسان الوطني الباسل، رامي مِدفع الرشّاش الشجاع، رقيب الحرَس، خانباشا نورَالدّيلوف الشيشاني، بطل الاتحاد السوفييتي. لا، إن خانباشا لم يمت.. إنه في قلوبنا.. في فكرنا.. نتذكره عند كل بزوغ للشمس وكل أُفول.. ----------------------------------- * ترجمة وإعداد: د. أمين شمس الدين
#أمين_شمس_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معيار الثقافة الشيشانية
-
قصيدة للشاعر الأردني الراحل الأستاذ شمس الدين عبد الرزاق الش
...
-
الشيشان ما بين الانفصاليين و-الإماراتيين-
-
الشيشان والإنجوش معا ضد الإرهاب
-
الشيشان/ قصائد من الشعر الشيشاني المعاصر
-
الشيشان/ لا- لعفو عام في الشيشان بعد اليوم
-
رئيس جديد لجمهورية الإنجوش/ القوقاز
-
تخريب إيديولوجي
-
في ذكرى نفي الشيشان والإنجوش في المرحلة الستالينية
-
جمهورية الشيشان- إنجازات حقيقية
-
الجيواستراتيجيا الأطلنطية والتحول في الموازين
-
أكتوبر ..قصيدة الشاعر زايندي مطاليبوف
-
خمس سنوات على حرب العراق
-
الشيشان: دعوا الجراح تلتئم
-
السيناريو الشيشاني- المخرجون والممثلون
المزيد.....
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|