أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان المعزوزي - خطبة في مدينة النيام














المزيد.....

خطبة في مدينة النيام


مروان المعزوزي
أخصائي نفسي من المغرب

(Merouane Elmaazouzi)


الحوار المتمدن-العدد: 2993 - 2010 / 5 / 2 - 23:22
المحور: الادب والفن
    



استيقظت..فوجدت نفسي نائما وسط القبور و الجماجم.فلما تثاءبت ترك صوت تثاءبي صدى خفيفا داخل هذا الصمت الهائل..ففزع له جميع النائمين..فقال بعضهم :- ما بال هذا الفتى يزعجنا و يزعج أحلامنا !.
و قال أحدهم : - عد إلى نومك, فنحن لم نعتد على أن يوقظنا أحد من سباتنا الجميل.
و قال آخر : كنت أحس فعلا بمجيئ هذا اليوم يا هذا..فأنت إذن ذلك الشخص الذي أتعبني بصوت شخيره بالأمس..و ها أنت اليوم تزعج الجميع بصوتك الخشن في يقظتك ! فاذهب و ابتعد عن مدينتنا الهادئة..و إلا عد إلى مرقدك و انعم بالطمأنينة و السكون بيننا.
و بعد أن صمت الجميع..عادوا أدراجهم إلى حيث الراحة..ثم خلدوا إلى النوم
قالوا عني هذا الكلام..و قال أناس آخرون كلاما آخر بأصوات خافتة بحيث لا أسمعها..و أنا أنظر إليهم نظرة استغراب و تعجب..و قد أثر فيّ مظهرهم تاثيرا كبيرا..فخلتهم مثل أشباح الليل المتناسية آثار الكرى في أجسامهم و نفوسهم! و بعد فترة لا زمنية فتحت فاهي و قلت مخاطبا أرواحهم الأثيرية التي لا تنام و لا تعرف الخضوع لظلام الدجى :
يا رفاقي الأعزاء..لا أنكر أبدا أنني كنت هنا أرقد بينكم منذ زمن بعيد..و لا أنكر أنني كنت أزعج بعضكم بصوت شخيري و تقلبي المتكرر في كل دقيقة لا معدودة..و لكن يا أصدقائي الأوفياء لما أنتم عليه قد اسيقظت الآن..و الاستيقاظ ليس عيبا أو لعنة تلتصق بالشخص و تلقيه في الهاوية..لا و لا هو هالة قدسية ترتفع به إلى حديقة الفردوس..بل هو حالة يكون فيها الشخص حزينا بفرحه..و سعيدا بحزنه
إن الإنسان , يا خلاني , يفضل أن يكون غبيا سعيدا من أن يكون ذكيا حزينا
و أنتم قد اعتدتم النوم الهنيئ..فمتى يا ترى تكون يقظتكم المزعجة ? متى ?.
لقد استيقظت و أنا لم أحرك بنت شفة..بل تثاوبت فقط..و التثاؤب فعل لا إرادي تسببه اليقظة..فلم تحاسبونني على تثاؤبي أمامكم ? ألم يرق لكم استيقاظي يا رفاقي أم ماذا ?
لقد استيقظت على حقيقتكم..و يا ليتني ظللت ملتحفا أمي الأرض متناسيا نفسي و أنفسكم..لقد وجدتكم , و يا للأسف , تفضلون ذلك الشخص الذي يبيع لكم المخدرات بجميع أنواعها و طرقها لكي تظلوا نائمين..من ذلك الذي يقتطع من عروقه إبرة معنوية فيوغزكم بها وغزة صغيرة لكي تفيقوا !
و ما أثر في قلبي كثيرا..هو منظر ذلك الشخص الموجود بينكم الذي رأيت نصفه نائم و نصفه مستيقظ و هو في أشد حاجة إلى العون..فأشفقت لحاله و أحسست بمرارته..فهلا ترتكموني أمد له يدي بدون أن تسحبوها عندكم ?
إنني استيقظت..و قبل أن أستيقظ رأيت في حلمي رجالا و نساءا محتالين بينكم و غريبون..فهم يبيعون رِِؤوسهم من أجل بطونهم !
رأيت الكاتب و المفكر مثله مثل العاهرة..فكل منهما له عمله الذي يأكل منه !
رأيت الحب منتحبا يبكي لأن عدوته المنفعة قد جلست في مكانه
رأيت الدين مثل الثياب في جسم الإنسان..فهو يغطي حقيقة الإنسان العارية !
رأيت الحياة و قد أصبحت مأساة للإنسان الذي يشعر..و مهزلة للذي يفكر..و متعة لمن لا يشعر و لا يفكر
رأيت الحقيقة تبحث عن باحث عنها بشتى الطرق لكن بلا نتيجة
رأيت التعليم قد اصبح تعليبا بعد أن كان تعليما..فأصبح الكبار يعلبون أفكارهم و يبرمجون عقول الصغار-في نظرهم- مثلما تعلب المنتوجات لاستهلاكها
أواه..لقد رأيت الفيلسوف في السوق ينادي : الحكمة للبيع..الحكمة للبيع..و لا أحد يهتم
رأيت الكثير و الكثير مثل هذا في حلمي و يقظتي..و لهذا فأنا الآن أنادي (الآلهة ) و اأتضرع لها بأن تقتلع عيوني لكي لا أرى بعد اليوم..فكم يفضل الإنسان في مثل هذا الوضع من أن يكون أعمى لا يرى شيئا..من أن يكون بصيرا و لا يستطيع فعل شئ !

و بعدما قلت هذا الكلام..استدرت عن يميني و شمالي..فوجدت الجميع مستلقين نائمين و لا أحد سمع صراخي أو حديثي. فابتسمت ابتسامة مبكية و قلت في نفسي : أنا غبي حقا ! فأنا أعلم أنني لن اقف في الناس خطيبا إلا و أنا في نفس الوقت المخطوب له و المستمع الوحيد !
في نفس تلك الساعة..سمعت صوت طائر يغرد و يشدو في الأفق و يغني أغنية أمل جديدة
35 : 16 02/05/2010



#مروان_المعزوزي (هاشتاغ)       Merouane_Elmaazouzi#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المتلاعبون بالعقول-2-
- اِستيقظ أيها الإنسان : -1- ثِق بنفسك
- سوفس الطائي يكتب سورة المحبة
- خواطر الشّكيم سوفس الطائي حول الحب
- الله بين قوسين.. (الله)
- إلى كل باحث عن الحقيقة
- المتلاعبون بالعقول-1-
- أين أنت يا حبيبتي ?
- الحياة : أفضل مدرسة للإنسان
- خاطرة في الفكر و الوحود
- حب في قفص الاولين
- مقتطفات من كتاب اللاشئ


المزيد.....




- - كذبة أبريل-.. تركي آل الشيخ يثير تفاعلا واسعا بمنشور وفيدي ...
- فنان مصري يوجه رسالة بعد هجوم على حديثه أمام السيسي
- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مروان المعزوزي - خطبة في مدينة النيام