|
مارغريتا .. آه ..يا مارغريتا
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2992 - 2010 / 5 / 1 - 20:50
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
حادثة رقم واحد : مارغريتا ، طفلة صغيرة لم تتجاوز الثلاثة أعوام ونصف العام الذي يزحف حتى نهايته بعد أشهر. توقفت سيارة والدتها إستجابة للإشارة الضوئية ، هرع أحد المهاجرين الأسيويين لمسح زجاج السيارة مقابل كسرة نقود . رفضت الوالدة بإشارة من يدها . عادت يد العامل الأسيوي الى موقعها منهكة حزينة ، مصحوبة بإبتسامة باهتة . قالت مارغريتا لوالدتها : إنه مسكين ..؟ أجابت الوالدة ، وأنا ليس لدي نقود لإعطيه أجرعمله ؟ طلبت الصغيرة من والدتها ، إنزال زجاج السيارة قليلاً أشارت الصغيرة على الأسيوي بالحضور دون أن يدرك معنى حضوره ، وحضر الى موازاة زجاج السيارة المفتوح . مارغريتا كانت تتناول قطعة " كرواسنت " قدمتها للعامل البائس ، أخذها الشاب متردداً ، تبدلت إبتسامته ،إتسعت حدقات عينية ، زالت تقاطيع الغضب من ملامح وجهة . ثم هز رأسه شاكراً الصغيرة دون أن ينطق بحرف واحد . مرغريتا قالت لوالدتها بحزن وبصوت متقطع .. إنه جائع . حادثة ثانية : ---------- من عادات الأطفال أحياناً البكاء للحصول على ما يرغبون فيه . في حديقة الأطفال لعبت وسرحت مارغريتا كما يحلو لها لساعات . حان وقت الإنصراف ، بيد أن مرغريتا لجأت الى البكاء . قالت لها والدتها لماذا تبكين ..؟ لم تجب الصغيرة . قالت الوالدة حسناً هنا سنعقد محكمة ، أنا القاضي ، وأنت المتهمة ، ووالدك هو المحامي . وافقت الصغيرة ، وكفت عن الصراخ بإعتبار ذلك مشهداً مسرحياً مسلياً قالت القاضية " الأم " بصوت جهوري مسرحي مارغريتا ، لماذا تبكين وقد لعبت طيلة الوقت المخصص للعب ..؟ أجابت المتهمة " مارغريتا " لقد كففت عن البكاء ، وأنا لا أبكي الأن وأعتذر؟ قالت " القاضية " الأم ، ما رأي السيد محامي المتهمة بهذه القضية ..؟ نظر المحامي " الوالد " نحو السماء والشجر ، قائلاً ما أجمل هذا اليوم ..؟ حادثة ثالثة : -------- رفضت مارغريتا الذهاب الى " الروضة " التي تسبق المرحلة الإبتدائية . سألت والدتها : ما هو سبب الرفض ..؟ أجابت الصغيرة ، لأن السيدة المعلمة دائماً تلقي أوامر إفعلي كذا ولا تفعلي هذا دون أن يصحب فعل الأمر كلمة من فضلك ..؟ وأحياناً أسأل لكنها لاتجيب ..؟ مارغريتا .. لم تعد الى ذات الروضة ، وإكتفت بدروس البالية التي تصاحبها الموسيقى . فهي تحب الورد وصوت العصافير وحكايات ما قبل النوم من جدتها . **** ***** ***** الطفل هو الديكتاتور الوحيد والمتوج على رأس هذا العالم . أحياناً عديدة نعتقد ونتعامل مع الأطفال بإ عتبارهم أقل قدرة ذهنية على إلتقاط أو تحسس بعض المسائل . ويجري التعامل مع الطفل بصيغة النهي والنفي والأمر والزجر. مما تساهم هذه العملية بمسح شخصيته ، وإعاقة تطوره النفسي . هذا إذا لم يتلقى الطفل ضربة ركنية تتطيح برأسه ، أو بتقطيبة جبين حادة مصحوبة بكلمة منفرة .تمنعة من محاولة إعادة السؤال وتقتل فيه حب المعرفة والنقد والحس الإنساني . حادثة رابعة: ----------- في أحد البرامج التلفزيونية المخصصة للإطفال على القناة الحكومية سأل مقدم البرنامج طفلتين تتراوح أعمارهن بين الثالثة والخامسة . هل تعرفين إجراء عمليات الحساب والعد ؟ أجابت الأولى نعم ، أعرف حتى الخامسة والأربعين . قالت الفتاة الثانية : أعرف حتى رقم مائة . سأل مقدم البرنامج الأولى لماذا حتى رقم الخامسة والأربعين ..؟ أجابت : لأن هذا هو المبلغ الذي يبقي مع والدي عند إستلام راتبه ، وبعد دفع كافة المصاريف من كهرباء وماء وأجار منزل وسوبر ماركت يبقي خمسة واربعين . أجابت الثانية : حتى المائة ، لأن أمي تعد ما تبقى لديها من نقود مائة مرة في اليوم ..؟ ثم تنقلهم من مكان الى أخر خوفاً من السرقة . ***** ****** ****** حادثة خامسة : ------------- هناك معهد يسمى " إبتسامة الطفل " يضم أكثر من حوالي 200 طفل من جنسيات وألوان مختلفة يتلقى الأطفال كافة أشكال الرعاية حتى بداية المرحلة الثانوية ، تشرف على إدارته مجموعة متخصصة من أساتذة علم نفس ، وصحة ، ورعاية إجتماعية . تمولة تبرعات شخصية ، ومنظمات خيرية .المادة الوحيدة التي لا تدرس هي الديانات . الأطفال في هذا المركز مجموعة متجانسة من الأطفال ، دون عقد إجتماعية ، ولا موروثات مذهبية . ولا فروقات بين ذكر أو إنثى . أو بين طفل أسود أو أبيض . ترى أليس هذا معنى المساواة الإجتماعية .؟ ***** ******* ******* حادثة سابعة : ----------- طفل يبلغ من العمر نحو ثمان سنوات " ضرير " فاقد البصر . يدرس الموسيقى والغناء في معهد الفنون للصغار ، في إحدى الحفلات التي ساهم فيها بالغناء الى جانب أطفالاً أخرين قال بذكاء حاد : أنا لست ضريراً أرى وأسمع ، أرى الضوء بداخلي وهو الضوء الذي أتمنى أن يشاهدة الجميع ، إنه ضوء المحبة ، إمنحوا الأطفال قليلاً من الحب . ********* ****** ******* . ترى ما هي حجم معاناة أطفالنا في بلدان العالم العربي ، بل ما هو حجم معاناة الطفولة في كل مكان من العنف الأسري ، من التمييز من الإضطهاد . عندما ندرك أن الطفل هو الديكتاتور المتوج الوحيد في هذا العالم عندها نعرف معنى إبتسامة طفل ، ونصنع له مستقبلاً . فالطفل أكثر ذكاءاً مما نعتقد ، فهو نعمة الحياة . ونحن كنا أطفالاً ، ربما لم نعيش طفولتنا كما ينبغي ، لكن ما يمنع أن يعيش أطفالنا وأحفادنا طفولتهم .. إنها الثقافة ومستوى الوعي فقط ، وليس مستوى الدخل الإقتصادي . المعاملة بالحسنى وبالمحبة لا تحتاج الى نقود . وهي المفتاح السحري لطفولة غير معقدة نفسياً وصحياً وعقلياً . ******* ******* *******
قصة للكبار فقط : من اجمل ما قرأت . ذات مساء ربيعي ، ذكرها بأول لقاء جمع قلبيهما ، فإنتابتها سعادة طفولية غير عادية ، فضحكت حتى سقطت طقم الأسنان من فمها .أما الزوج ، فقد مسح نظارته عدة مرات محدقاً في الذاكرة القديمة .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشاعية - الجنة الفردوسية - / حرية جنسية - مساواة إجتماعية -
...
-
من هي - المومس - المجتمع .. أم بائعة الهوى ..؟
-
عندما - يتغوط - العقل / تصاب - المؤخرة - بالصداع ..؟
-
إذا كان ( الإله) ليس وهماً.. / فهو ملحد ؟
-
قبيلة - الماساي - الأفريقية/ ومعابد - الإلهه- في مالاوي
-
عندما يتحول الدين الى / فلكلور للفرح والمحبة
-
لماذا إختفى مفهوم الرجعية / من أدبيات اليسار ..؟
-
من إسراطين ..الى نيجيريا / حوار هادئ مع الأخ العقيد القذافي
-
ما بين أحفاد السيدة - ماكبث -/ وبقايا ماري إنطوانيت ..؟
-
مؤتمر - قمة - العائلات الحاكمة / في العالم العربي
-
ببغاء - السيدة مرتا - / وأبونا الخوري..؟
-
برج - الأسد -
-
إعلان- الجهاد - النووي ..؟
-
هل - الملائكة - سعاة بريد / لتوزيع النصائح ..؟
-
تلميذ في الإبتدائية .. مدير جمعية تعاونية ..؟
-
أنت ... كافر ونص ..؟
-
رقص - هز - البدن ..؟
-
البحر ... يلد النساء ...
-
ثقافة - صباح الورد -
-
إمرأة .. وكاهنان .. ونهر ..؟
المزيد.....
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|