|
مقال ثقافي في الثقافة العراقية مفقود الى الابد
مناضل التميمي
الحوار المتمدن-العدد: 2988 - 2010 / 4 / 27 - 22:51
المحور:
الادب والفن
شتان ما بين فجيعة الثقافة العراقية أبان الأحداث الأخيرة من عام 2003 وما بين فقدان المكتبة البريطانية أهم كنوزها ، فالبريطانيون يهولون توثيق الحدث بسرعة الضوء ، والعراقيون يمتهنون طبخة الحدث على ناراً هادئة ، أو ربما متهمون بسرعة الانبهار بالظاهرة وسرعان ما تنتهي عندهم طقوس الإعجاب ، او قد تمضي دون التوثيق الدقيق ، فنحن في العراق فقدنا الكثير من نفائس وبطون الكتب والوثائق خلال إزاحة النظام السابق ، وقد تسعفني الذاكرة لحظتها لكثير من المواقف التي كنت فيها شاهداً مرئياً ، ففي الأسبوع الثاني من الزلزال دفعني فضولي الخطير لزيارة مبنى الاذاعة والتلفزيون في الصالحية لمشاهدة انتماء المكان ، فكان اشبه بحطامات الحروب العالمية ، وكان يعج بالسراق وحواسم الـ ( 56 )مثلما يصفونهم او ما عنهم مشاع ، وبالصدفة العجيبة دفعتني قدماي لدخول مكتبة الاذاعة اولاً من جهة يسار المبنى القريب من مسرح الرشيد المنهار ، فوجدت المكتبة تفوح برائحة النار والدخان فغادرتها فوراً تحسباً من اخطار انفجار مؤقت ، ثم عرجت قدمي لدخول بعض الاستوديوهات المهولة والمحطمة اثر الاعمال العسكرية ، وبعدها ولجدت مكتبة الدائرة الخاصة بقراءة الكتب فوجدت شخصين يرتدون الدشاديش البيضاء وبيدهم مشاعل الخراب وما ان وصلت الرواق الاخير للمكتبة حتى احرقوها على الفور ، فانتشلت منها ما لم تصله النار بعضاً من اجزاء ( كتاب الاغاني ) لأبو فرج الاصفهاني بطبعاتها الانيقة ، فصهلت راكضاً وخائفاً وورائي تلهث طلقات الرجلان العشوائية لحتفي ، الا اني حوالت الفرار منهم لمعرفتي الشديدة بالمكان ، حتى خرجت الشارع العام وفي قبضتي التي لم تنفك اجزاء الاغاني المبتلة بعرق جسدي المنهار ، وفي تجمعاً اخر في نفس الاسبوع على امل صدور مطبوع ( الأحرار ) وتحديداً في قاعة حوار في الوزيرية التقيت بمجموعة عراقية مثقفة معروفة مجتمعة في نفس المكان ، عرفت من حواراتهم ونقاشاتهم عازمون على تسكيل وتبني مشروع انقاذ ما يمكن انقاذه من مكتبات العراق تفادياً لما حدث لبعض المكتبات من الحرق والهدم القصدي فكانت من بينهم القاصة العراقية المقتربة (ذكرى محمد نادر ) وشقيقها الذي ذهب معي ليصور بيت الحكمة المجاور لوزارة الدفاع في الميدان واخرين ، وبعد مهمة البحث المضني وتصوير حادثة بيت الحكمة آنذاك ، عرفنا بان شخصاً نقل بعض الكتب المهمة بسيارة (لوري ) الى جامعاً في حي القاهرة في منطقة الصليخ ببغداد ، وكان الرجل قد ترك رقم هاتفه لدى حارس بيت الحكمة ، فتوجهت المجموعة لملاقاته للتحري عن الموضوع ، بعدها اشنغلت بموضوع( جريدة الاحرار ) ولم أتابع حادث الموضوع لصعوبة الموقف وعدم وضوح الرؤيا ، الى هذا الحد اجزم بالمختصر المفيد بعض قصص ما شاهدناه من المكتبات العراقية واهمية ثقافاتها المنكوبة وانا اقرأ اليوم وبعد مرور السنوات من فواجع الثقافة العراقية الفائتة فقدان تسعة الاف كتاب من المكتبة البريطانية وبضمنها النسخ الاصلية لطروحات عصر النهضة في عالم اللاهوت والكيمياء والفلك وبعض نصوص العصور الوسطى ، فضلاً عن الطبعات الاولى لابرز روايات القرن التاسع عشر والعشرين وكذلك طبعة خاصة وممتازة من كتاب حياتي قدمت لهتلر في احتفالية بعيد ميلاده الخمسين ، وقد تطيل قائمة كنوز المفقودات ، مقالة لرجل دين الماني من القرن السادس عشر يدعى ( وولفجاتج موسولس) بعنوان (القانوني وغير القانوني في التعاملات المالية ) وسبق للمكتبة ان قدرت قيمتها المالية باكثر من عشرين الف جنيه استرليني وبرغم ان المكتبة البريطانية لم تحدد القيمة المالية الفعلية لالاف الكتب ، الا ان نظرة سريعة لفريق الغادريان استطاعت تحديد اسعار تسعة مجموعات لا تقل قيمة احداها عن ثلاثة الاف جنيه استرليني وبضمنها الاف وثلثمائة جنيه قيمة الطبعة الاولى لرواية اوسكار وايلد الوحيدة ( صورة دوريان غراي ) المطبوعة عام 1891 والتي فقدت من المكتبة عام 1961 ، كما ان المكتبة وضعت هذه الكتب تحت عنوان ( مفقود ) وليس إلى الأبد ؟؟ !! هنا اتسائل هل تدرك بريطانيا بان نفائس الكتب وبطون الكتب ، وان الكثير من المخطوطات العراقية والاثار الثمينة والوثائق المهمة قد تعرضت للنهب والسرقة واحياناً للتلف والحرق جراء تغيير نظام عراقي فائت , وهل تعي بريطانيا القيم المادية والمعنوية وحتى القيم الاحتلالية القديمة ومآثرها على الثقافة العرقية المسلوبة ؟ اذا كانت عانوين مفقوداتها ليست للابد ، فأن عنواين مفقودات الثقافة العراقية هي منزوعات الى أبد الابدين ، وانما ما جرى لمعتركات الثقافة في زمن تناصف به السارق والطارئ والدخيل الحقوق مع النزيه لا زال قيد التنفيذ ، ولازالت مفقوداتنا بحوزة الكثير من الطارئين والسراق والمنافقين وأشباه المثقفين على وجه الخصوص ، وان اعلان في تلك البيانات لم يعد من الضرورات القصوى طالما المهدور من اصل الفكرة أضعاف الأطنان اذا ما قلنا الفكرة بالكامل ؟! • كلام مفيد لو كانت الحكمة تنمو على الأغصان ، لأصبحت شجرة ( مناضل التميمي ) Email: [email protected]
#مناضل_التميمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ازمة الثقافة المكتوبة
-
سينما القصيدة
-
ماجرى للثقافة .. وماخفي كان اعظم
-
التلقي في محنة المفاهيم
-
ما فعلته الصحافة بالصبي ..!
-
نحن ويوسف في غبار الذئب الغليظ !!
المزيد.....
-
دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
-
مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي
...
-
ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك
...
-
مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
-
مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب
...
-
انتحار موظف الأوبرا بمصر.. خبراء يحذرون من -التعذيب المهني-
...
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|