|
يا اهلاً بالمسخن
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 2984 - 2010 / 4 / 23 - 14:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من المضحك ان تصبح "الطنجرة" و"الصينية" و"السدر " مطارات ننطلق منها الى عالم موسوعة ( غينس ) الذي تحولت ارقامه وصفحاته عند الشعوب العربية الى سباق دوري حول المعدة وطبقات البطن وترهل الجلد فقط . لا نعلم من الذي اوحى لبعض الطباخين في العالم العربي اننا من الممكن ان نحتل موسوعة ( غينس ) ونكسر ارقام صفحاته عبر الطبخ والنفخ ما دمنا لا نستطيع الدخول بانجازات عسكرية او اختراعات او بطولات رياضية ، وكأن القادة والمسؤولين العرب ارادوا ان يغطوا فشلهم فوجدوا بعالم الطبخ والنفخ تعويضاً لهم على التقصير المعنوي وتأكيداً على انهم يعملون ويحرصون على المبارزة وتحطيم الارقام مثل باقي الشعوب . عناوين تتصدر وسائل الاعلام العربية وتصيح ، ها نحن هنا !! في اكبر صحن حمص وفي اكبر صحن تبولة وفي اكبر قالب حلاوة وفي اكبر سدر كنافة ، وننزلق الى تجاويف المعدة لنرسم صورتنا على جدرانها شعوباً تعيش بين اللقمة واللقمة ويضحك ( غينس ) علينا لانه استطاع ان يشحن فينا طاقات الاكل فقط وجعل شعارنا المعدة . هذه المسابقات لم تضف الينا كعرب شيئاً سوى تحريك الأيدي في الطبخ ونشر الضحكات والوجوه المبتسمة الفخورة على الفضائيات لنظهر كاننا نعيش في بحبوحة ولا ينقصنا الا هذه المسابقات اللاهثة خلف ( غينس ) لتحطمه وتدفعه الى الركوع امامنا . آخر المسابقات التي دخلنا فيها ونحن في عز كرامتنا وانتصاراتنا الفلسطينية ( اكبر رغيف مسخن في العالم ) من يسمع او يقرا ويرى صور رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض وهو يدشن ويفتتح ويقص اكبر رغيف مسخن في منطقة (ابي زيد الشرقية بمحافظة رام الله) سيعتقد ان هذا الشعب صامد على جبهة ( المسخن ) ويعيش وهو يعصر ملابسه من كثرة الزيت المسكوب ويتجشا فرحاً من شدة الشبع ويتمرغ باللوز والجوز. ( مهرجان الفرح والمسخن الفلسطيني ) هذا هو العنوان الذي تسلق عليه المسخن ، ما اجمل ان نعمل مهرجانات للفرح ولكن كيف نسرق الفرح؟ ومن اين ؟ وكيف يحاول البعض منهم تلوين الفضاء وسحب براكين العنصرية الاسرائيلية تنتشر باشكال مفزعة ومخيفة تعيق تسلل أي فرح !. (المسخن الفلسطيني ) مشهور ومعروف بطعمه ولذة مذاقه ، لكن حين يتحول رغيف الخبز العادي الى سباق يومي حيث يرتدي العامل الفلسطيني حذاء الذل والاهانات والحواجز والتفتيش والمطاردة والنوم تحت الاشجار وبين الجبال والوقوع في مصائد استغلال المقاولين والبطالة .. وقد يبتعد الرغيف احياناً ليصل الى حافة القتل ، حيث يقتل العامل الفلسطيني لانه لم يعجب احدهم وقد يكون قادماً من آخر الدنيا حاملاً الكره للفلسطينين، عندها يختفي (المسخن ) ويتحول الى رفاهية وترف لا يستطيع الوصول اليه الكثيرمن ابناء الشعب المحاصر الجائع . نريد ان نتفاخر امام ( غينس ) فيقوم حوالي 40 طباخ بعجن رغيف مسخن يبلغ قطره 4 امتار ووزنه 1350 كيلو واستخدم فيه 250 كيلو طحين و170 كيلو زيت و500 كيلو بصل و70 كيلو من اللوز وهناك اشياء اخرى . ويحضر مهرجان الفرح والمسخن السفير الاردني في فلسطين ووزيرة السياحة والآثار الفلسطينية ووزير الزراعة ووزيرة شؤون المراة وينطلق سلام فياض في خطبته معتبرا هذا الانجاز الفلسطيني دلالة على قوة هذا الشعب وصموده . لم يقل سلام فياض في كلمته عن ماساة الجوع والحصار والبطالة وكثرة المتسولين ، ولم يقل عن خوف العمال المهربين بدون تصاريح الى داخل اسرائيل والطرق المهينة التي ينقلون بها ، ولم يتكلم عن اشجار الزيتون التي تقتلع والاراضي التي تصادر ، لقد اهدى الشعب الجائع فخراً مزيفاً سيزول مع تنظيف الصحون . بين( كعك ) الملكة ماري انطوانيت و(مسخن) سلام فياض مسافة قريبة وصفحات من التاريخ يلوكها الجائع -حين لايجد قوتاً في بيته – ولكن الصور التي بينت رغيف المسخن قد يعجل في اشهار السيوف . كنا نتمنى ان ندخل موسوعة ( غينس ) بأكبر مسيرة لامهات المعتقلين الفلسطينين ، بأكبر مسيرة لامهات الشهداء ، بأكبر مسيرة للاطفال العمال ، باكبر مسيرة للمعاقين نتيجة الحروب والذين لم يجدوا الاهتمام من قبل السلطة ، اكبر مسيرة لحاملي المفاتيح . وغيرها وغيرها للاسف نحن نعيش في اكبر المصائب – لن تقترب منها موسوعة غينس - ولكن هناك من يحشرنا في رغيف (مسخن ) ويضحك علينا ثم يدعو الآخرين ليضحكوا علينا وتستمر حلقات الضحك حتى نجد انفسنا بضع لقمات في صحن مهشم . نعترف بمرارة نحن في زمن ( يا اهلاً بالمسخن ) ... كله مسخن ومُسخر
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كلب السفير سفير
-
توأم سيامي هدية لضمير الملك
-
خافوا على العار ان يُمحى
-
علشان لحية ابو مازن
-
بين عيسى العوام وانورالسادات شعرة من الكرامة
-
من وين الملايين إلى كلب شعبولا
-
حين يستكثر علينا الصراخ
-
عندما ينهض الموتى
-
امرأه من تمر هندي
-
ثمن المطلقة الف دولار والزوجة الثالثة والرابعة خمسة الآف
-
على كل عربي ان يحافظ على مؤخرته
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|