|
الكاتب الكولومبي الكبير (غابو)يحتفل بعيد ميلاده ال77
ثائر السهلاني
الحوار المتمدن-العدد: 907 - 2004 / 7 / 27 - 10:03
المحور:
الادب والفن
الفقر، العنف، الخرافة.. قضايا تسيطر على حياة الملايين من سكان أمريكا اللاتينية، وتلعب دوراً مركزياً في أعمال الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز الأكثر مبيعاً لكاتب كتب باللغة الأسبانية.
في السادس من مارس هذه السنة أصبح عمر كاتبنا 77 سنة، أنه بورتريت لمليونير خجول بدأ حياته كصحافي فقير هارباً من موطنه.
مدينة مكسيكو
غابرييل غارسيا ماركيز، المعروف بـ(غابو) بالنسبة لأصدقائه والذي حصل على جائزة نوبل للآداب عام 1982، يمتلك رؤيا يسارية يفضل بدلاً من أن يصرخ بها، يرسمها في أعماله بأسلوب متقن، ليسلط الضوء من خلالها على الحياة في ظل نظام قمعي، وهو يحاول أيضاً التسلل إلى روح الديكتاتور.
في روايته الأسطورية (مائة عام من العزلة) قدم للعالم الجزء الكاريبي من كولومبيا (مسقط رأسه) حيث معظم الوقائع الخيالية تبدت كأنها واقعاً ملموساً في أسلوبه الذي أختطه لنفسه "الواقعية السحرية". كذلك الحال بالنسبة لأعماله الأخرى: (وقائع موت معلن، الحب في زمن الكوليرا، الجنرال في متاهته، خريف البطريرك..) كل هذه الأعمال تمت خارج السياق الكلاسيكي للإبداع الروائي.
منذ فترة صباه المبكرة جهر بحكاياه إلى الجميع وبصوت مدو "كنت على الدوام أتحدث بكل القصص التي أعرفها، لهذا ولدت ثرثاراً نوعا ما. هذا ما أخبرني به أهلي".
ولد ماركيز 6 مارس 1927 في أراكتاكا (Aracataca)، وهي قرية قرب المدينة السياحية (سانتا ماريا)، وهو الأبن الأكبر بين أخوانه الـ16. كان والده غابرييل أليجو غارسيا موظف التلغراف في أراكتاكا، ووالدته لوسيا سانياغا ماركوز الفتاة الأجمل في القرية. أنتقلت عائلته إلى برانكويلا عندما كان صغيراً. هناك أبتدأ الأب غارسيا العمل كصيدلي أعشاب على أمل أن يصبح غنياً، إلا أنه فشل في ذلك، بسبب تربيته الكاثوليكية المتزمتة وولادة الأطفال جعلت مهمة الإمساك بطرفي الخيط أصعب.
أقام غابو (غابرييل) عند أجداده من أمه ترانكويلنيه وغابرييل. كان جده جنرالاً متقاعداً تنقل بين أماكن مختلفة أثناء الحرب، وقاتل لآلآف الأيام ، وقصص وحكاوي هذا الجد كانت ينبوعاً من الإلهام لكاتبنا. كمراهق قرأ ماركيز كل ما يقع تحت يديه.
دخل مدرسة (Zipaguira) غير الحكومية التي أفرغت ما في محفظته من نقود، وعندما بلغ من العمر 33 سنة توقف عن دراسة الحقوق، لأنها كانت مزعجة بالنسبة له.
المتسول
لإعجابه الشديد في الصحافة الأمريكية والكتاب الذين يعدون من (الجيل الضائع) كأرنست همنغواي ووليم فوكنر، عمل كصحفي في جريدة يومية، ثم عمل مراسلاً لعدة جرائد مثل (Elespectador)، حيث توجب عليه فيها العمل براتب ضئيل. مرة زارته والدته في (بوغوتا) وعندما رأته صرخت به فزعة لمنظره "تبدو كأنك متسول". أن المجد والثروة التي حصل عليهما لاحقاً كانتا بالنسبة له قوانين قديمة.
غارسيا ماركيز رجل خجول يفضل الإستسلام لدواخله. خلال إندلاع الاضطرابات في (بوغوتا) 1948 بعد مقتل سياسي أحترق الفندق الذي كان يسكن فيه وأتى على كل ما يملك. كلف حريق الفندق مع الاضطرابات حينها المئات من القتلى. وخلال فترة تسوله في شوارع (بوغوتا) التقى ماركيز بشخص آخر رجل ذو لحية كثة، حاد المزاج يدعى (فيدل كاسترو)، أصبحا بعدها صديقين حميمين، بعد ذلك أعد ماركيز نفسه للسفر إلى العاصمة الكوبية (هافانا) حيث منحه كاسترو الإقامة.
في عام 1955 أجبر غارسيا ماركيز على مغادرة كولومبيا بعد أن كشف عن عمل مشين قد جرى داخل الحكومة. كان قد (أشاع) إلى الجريدة قصة بحار عصفت به رياح الحرب الكولومبية، ليظهر بعد أسابيع في كنيسة العائلة التي كانت تعتقد بأنه قد توفى في البحر وهم بصدد عمل قداس له "قصة انتقام البواخر، وضحت حرب البواخر التي كانت مشحونة بالبضاعة المهربة" الحكومة لم تكن مرتاحة لهذا الطرح، هذا ما قاله ماركيز حينها.
بعد ظهور هذه القصة بأشهر، منعت حكومة الديكتاتور غوستاف روياس بنيلا جريدة (Elespectador) عندما كان ماركيز في أوروبا.
في عام 1947 نشر قصته الخيالية الأولى والتي أرسلها إلى (Elespectador) بعد ذلك كتب المحرر الإعلامي للجريدة زالاميا بوردو بأن الجيل الجديد من الكتاب الكولومبيين ليسوا للعرض.
كوبا
في عام 1958 عاد ماركيز أدراجه إلى كولومبيا، حيث تزوج من مرسيدس بارشه أو (ميشا) التي كانت جارته فترة الصبا، فأنجبا ولدين رودريكو وكنزالوا. عمل صحفياً لوكالة الأنباء الكوبية في (هافانا) أول الأمر، ثم في نيويورك بعد ذلك. وبسبب من ميوله اليسارية وعلاقته بكوبا، بقي ماركيز شخص غير مرغوب به في أمريكا.
عام 1981 وبعد أن أصطدم بالحكومة الكولومبية بسبب دعمه لحركة المتمردين الثوار M19 أنتقل إلى العيش في مدينة مكسيكو. ومنذ ذلك الحين وهو يعيش معظم وقته هناك. بعد ذلك عاد ماركيز أدراجه إلى موطنه الأصلي ليؤسس "معهد الصحافة اللاتينية".
عام 1966 نشر عمله (خبر اختطاف)، تدور أحداثه حول الفئة الحاكمة في كولومبيا التي تبتز الآخرين من خلال مجرمي المخدرات. في نوفمبر 1998 حقق حلماً طالما راوده كثيراً، ليستثمر المال المتبقي لديه جراء حصوله على جائزة نوبل للآداب ليستثمره في مجلة (Cambio) "أنا صحفي، وكنت دائماً صحفياً" هكذا قال ماركيز حينها "لو لم أكن صحفياً لما استطعت إنجاز كتبي، لأن كل مواد مواضيعي لها صلة حقيقية بالواقع". قبل أن يصاب بسرطان الغدد اللمفاوية كتب مثل المجنون للمجلة عن عدة مواضيع منها الملاحقة الغير عادلة لصديقه (بيل كلنتون) جراء تصرفه الجنسي.
نهاية عام 2000 لحظة اكتشاف مرضه سمى هو هذا المرض بـ(القدر)، لأنه يساعده للتوقف أمام ذاكرته ليضعها على الورق. غابرييل غارسيا ماركيز أغنى كل قصصه بذاك الينبوع الغريب من الواقع المتناقض لبلده العجيب. شكلت روايته (مئة عام من العزلة) تحولاً في تاريخه الأدبي. أنجز ذلك العمل خلال فترة 18 شهراً، استدان عندها من أصدقاءه مبالغ من المال من أجل أن يسد حاجات عائلته اليومية.. رهنت زوجته السيارة ومجموعة الموبيليا التي يملكون لنفس الغرض. عندما أفرغ من مخطوطه ذاك في سبتمبر1966 كانت ملكية الزوجان تقتصر على مدفئة كهربائية، خلاطة، مجففة وحتى هذه لم تكن خارج دائرة الرهن، حتى تسليمه لمسودة الكتاب للناشر "لم تكن بحوزتي أي نسخة أخرى لعملي" هذا ما صرح به الكاتب لاحقاً. عندما عاد ماركيز من مكتب البريد نظرت إليه زوجته بحيرة وقالت: "لم تعد لدينا أي موبيليا، لم يعد لدينا أي شيء آخر. نحن مدينون بمبلغ 5000 دولار، كيف يكون العوز إذاً، وماذا سيجلب لنا كتابك".
لم يكن قلقها في موضعه، حيث بيعت 8000 نسخة من الطبعة الأولى لكتابه في الأسبوع الأول.
.............. مترجم عن الهولندية
#ثائر_السهلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|