|
اربع مجاميع شعرية مفقودة للشاعر والمسرحي المصري نجيب سرور.. جانب غير معلن عن علاقته بالحزب الشيوعي العراقي
قاسم علوان
الحوار المتمدن-العدد: 2980 - 2010 / 4 / 19 - 00:25
المحور:
الادب والفن
عرف عن الشاعر والكاتب المسرحي والمخرج نجيب سرور ميوله اليسارية في وقت مبكر من حياته.. نجيب سرور الذي كتب (ياسين وبهية) و (قولوا لعين الشمس..) و (آه ياليل يا قمر..) وهاتين لمسرحيتين كانتا جزء من ثلاثية اخرجاها جلال الشرقاوي.. ثم مسرحية (يا بهية وخبيريني..) التي اخرجها كرم مطاوع، والكثير من الأعمال المسرحية والشعرية الأخرى.. كما عرف نجيب سرور بمواقفه المعارضة المتشددة من النظام المصري الدكتاتوري القامع للحريات السياسية منذ قيامه بداية الخمسينات والى مابعدها، كما كانت له علاقة غير معلنة بالحزب الشيوعي المصري (حدتو) الذي كان يعمل بالسر.. الى ان غادر مصر في بعثة حكومية لدراسة المسرح في موسكو عام 1958.. عاصمة اليسار العالمي آنذاك.. لكن السلطات (السوفياتية) طلبت منه مغادرة البلاد بعد قيام العلاقات السياسية (الجيدة..) بنظام جمال عبد الناصر في تلك الأيام.. فغادرها الى بودابست في هنغاريا.. حيث كان شيء من الحرية في تلك الأجواء والتحرك هناك كما توفربعض الاختيارات الأخرى المتعددة (النسبية نوعا ما) بحكم وجود عدد من المنظمات المهنية الديمقراطية العالمية ذات النشاطات الأممية.. صحيح ان هذه المنظمات تنتمي الى اليسار القائم حينذاك.. لكنها تملك شيئا من الاستقلالية عن الانظمة الحاكمة.. ربما بحكم روح الشباب والتنوع العرقي المكون الرئيسي لها.. (اتحاد الطلبة العالمي.. واتحاد الشبيبة الديمقراطي.. منظمة التضامن الأفروآسيوي) فقد كتب القيادي الشيوعي العراقي المرحوم د. رحيم عجينة في مذكراته الموسومة (الاختيار المتجدد) والمطبوعة في بغداد بان نجيب سرور جاء الى بودابست في عام 1964 بعد ان كان مقيما او لاجئا في موسكو، رعم انه كان متزوجا من مواطنة (سوفياتية..) وقد انجب منها ولده الأول هو شهدي.. وقد ارغم على مغادرة (الاتحاد السوفيتي) وحيدا بعد تحسن أو (تطور) العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع نظام جمال عبد الناصر كما اشرنا.. يقول د. عجينة ( شعرنا كشيوعيين عراقيين وكمنظمة للشببة الديمقراطية العراقية بمسؤولية تجاه هذا الشاعر والفنان التقدمي واليساري المصري..) وقد طلب الشاعر من د. عجينة بعد ان ربطته معه علاقات صداقة حميمية.. طلب تزكيته لغرض العمل في احد الاذاعات الدولية الموجهة للشرق العاملة في البلدان الاشتراكية.. ولم ينجح الأمر.. كما تدخل في ذلك الشخصية العراقية الوطنية واليسارية المعروفة حينذاك نوري عبد الرزاق حسين القيادي في اتحاد الطلبة العالمي عن الحزب الشيوعي العراقي.. وكذلك لم ينجح الأمر.. يقول د. رحيم عجينة في مذكراته ص 73 (جائني يوما الى مقر عملي في الاتحاد.. وهو في وضع نفسي محطم، تحدث أليّ بصفتي صديقا عزيزا عليه، ولانه يعتبر الحزب لشيوعي العراقي مسؤولا عنه لأنه لم يجد في ذلك الوقت حزبا مصريا يدافع عنه، وابلغني بقراره بالتوجه الى السفارة المصرية في بودابست ليضع نفسه تحت تصرفها أملا بالعودة الى مصر..) ويبدو هذا بعد ن ضاقت به السبل.. يضيف د. رحيم (حاولت ان اثنيه.. ولكن مهمتي كانت مستحيلة مع اليأس والاحباط المسيطرين عليه..) ويضيف.. (وكان ذلك في اواسط عام 1964 جائني في الساعات الأولى من صباح اليوم التالي وهو محطم تماما وظهر عليه انه لم ينم ليلته.. وبعد ان تهدج وبكى قال.. انه قادم من السفارة المصرية..!! وسيغادر الى القاهرة بعد ثلاث ساعات.. (وقدم لكاتب المذكرات رزمة من الدفاتر) لكن هذه الدفاتر اضعها تحت تصرفك وتحتوي على دواوين من شعري مخطوطة وغير منشورة.. يمكنك لتصرف بها كيفما شئت وان تعتبرها امانة تتصرف بها بالشكل المناسب... كانت الدفاتر تضم قصائد رائعة تعكس تجربته خلال سنوات المهجر وحنينه الى مصر..) وكانت بينها كما يذكر صاحب المذكرات قصيدة رائعة عن استشهاد وتخليد سلام عادل سكرتير الحزب الشيوعي العراقي الذي قتل في السجن على يد انقلابيي 8 شباط بعد اربعة ايام من اعتقالهم له.. تلك القصيدة لم تر النور مطلقا ولم يقرأها سوى كاتب المذكرات.. ومن المعروف تاريخيا ايضا ان الشاعر (كما هو مكتوب عنه في موسوعة ويكيبيديا على الأنترنيت) بعد ان وصل الى مصر تعرض الى التحقيق والاعتقال والتعذيب على يدي رجال صلاح نصر في اقبية المخابرت المصرية، ومن ثم اطلق سراحه ليعمل مدرسا في اكاديمية الفنون بالقاهرة ليفصل منها في السبعينات، وقد كتب واخرج عددا من الأعمال المسرحية منها (بستان الكرز) (وابور الطحين) و (الرجل الذي ضحك على الأبالسة) و (بروتوكولات حكماء ريش) و (سيف ديموقليس) ومجموعة شعرية ساخرة تقف بالتناظر مع وتريات مظفر النواب الليلية وكانت بعنوان (كس اميات) وقد كتببتا في الوقت نفسه تقريبا، ولكن قصيدة سرور لم تحظ بنفس الشهرة والانتشار الذي حظيت به الوتريات لأسباب عديدة منها ان مظفر كان خارج بلده وقد اهتمت به بعض المظمات الفلسطينية.. بينما مجموعة نجيب سرور نشرت بعد ذلك بعد حذف المفردة الأولى من عنوانها.. وكما هو شائع في بعض أوساط المثقفين المصريين بأن الرئيس السابق أنور السادات كان يحفظ تلك القصيدة عن ظهر قلب ويقرأها في مجالسه الخاصة.. الى ان رميّ في عام 1978 بعد اتهامه بالجنون وطرده من الوظيفة قبل ذلك.. رمي في مستشفى الامراض العقلية أكثر من مرة الى ان توفي فيها.. وقد عادت أليه في ايامه الأخيرة زوجته الروسية لتكون قربه وقرب أبنها شهدي الذي شارك أباه في سنوات تشرده وتسوله ومرضه. وبعد وفاة سرور بسنوات عمل شهدي ووالدته على جمع بعض اعمال سرور المخطوطة ونشرها خارج مصر.. ويضيف د. رحيم عجينة في مذكراته.. بان هناك جانب آخر في هذه في هذه المأساة والذي يعتبره خسارة كبيرة.. يقول.. (هو اني فقدت مخطوطات نجيب سرور.. فبعد مغادرتي بودابست كانت محطتي براغ وأخذت معي اليها كل ما معي من وثائق ومن جملتها المخطوطات ـ دفاتر سرورـ التي قرأتها مرات عديدة دون ملل.. وبعد أشهر تقررت عودتي الى العراق، فجمعت كل الوثائق والكتب في صندقيين خشبيين كتبت عليهما اسمي وركتهما امانة في عهدة نوري عبد الرزاق الذي وعدني ان يحتفظ بهما ليرسلهما ليّ في الوقت المناسب..) ليزور كاتب المذكرات د. عجينة براغ مرة أخرى ويسأل عن الصندوقين.. وكان رفيقه نوري عبد الرزاق قد ترك العمل في اتحاد الطلبة العالمي واصبح سكرتيرا عاما لمنظمة التضامن الأفروآسيوي وحل محله رفيقهما حينذاك مهدي الحافظ في اتحاد الطلبة العالمي، وعند بحثه وسؤاله عن الصندوقين.. بلغ بانهما قد فقدا بكل محتوياتهما.. وكان من بينها كتب ووثائق ذات أهمية كبيرة للكاتب.. من جملتها ايضا كما يذكر في مذكراته كل ما نشر في الصحافة العالمية عن انقلاب 8 شباط عام 1963 في العراق، بعدها أوصى زملائه من العراقيين الموجودين في براغ ولاسيما المسؤولين منهم بالتفتيش في نفس الدار التي كان يسكنها وكذلك في مخزن اتحاد الطلبة العالمي، لكن كل جهوده لم تفلح.. ولم يعثر على مخطوطات نجيب سرور التي تقع في ثلاث دفاتر ومجموعة رابعة مكتوبة على الآلة الكاتبة.. ترى من غير الممكن ان تتعرض للتلف مثل تلك المخطوطات لو وقعت بيد أي شخص ذا اهتمام سياسي أو ثقافي من زملاء أو رفاق د. رحيم عجينة أو الرفيق نوري عبد الرزاق حسين أو د. مهدي الحافظ.. سواء من العراقيين أو من العرب أو حتى الأجانب ممن عملوا أو درسوا بالقرب منهم..!! لذا نرفع صوتنا بالنداء مجددا الى كل من عاصر أو زامل هؤلاء الأشخاص للبحث في مقتنياتهم الثقافية الشخصية عسى أن تكون تلك المخطوطات ضمنها.. أو يعرفون عنها شيئا أو على الإقل بيد من وقعت من معارفهم ومعاصريهم.. فليس من باب الإنصاف ان يضيع مثل هذه الإرث للأبد..
#قاسم_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في البصرة.. التلوث باليورانيوم المنضب.... جدل اليورانيوم وال
...
-
السينما أو المؤثر السينمائي في قص محمود عبد الوهاب..... انطب
...
-
في ضوء النتائج الأولية للانتخابات المحلية في العراق... التغي
...
-
الحرث في حقول الموت
-
المثقفون والطائفية
-
سميرة مزعل.. سيرة فوتو غرافيا
-
بمناسبة التحضير للمربد الشعري الجديد... المهرجانات الشعرية..
...
-
الدراما العراقية الجديدة.. هل هي جديدة حقا..؟ (3)
-
الدراما العراقية الجديدة... هل هي جديدة حقا..؟ (2 3)
-
الدراما التلفزيونية العراقية الجديدة... هل هي جديدة حقا...؟(
...
-
مشروع عبد الرحمن البزاز لحل القضية الكوردية... قراءة في بيان
...
-
على خلفية اطلاق سراح الممرضات البلغاريات... حقيقة الوضع الصح
...
-
محاولة لتحديد معنى المصطلح النص السينمائي او السيناريو
-
سنكنس التعذيب ولن نعذب الجلادين...*
-
لماذا يعلن العقيد القذافي الحداد على صدام حسين..1
-
أنا انتخبني شعبي
-
... محاكم التفتيش (الخاصة) في زمن (السيد الرئيس) بمناسبة محا
...
-
زيارة الى إيران (5) أصفهان حديقة العالم ومدينة التنوع
-
العاصمة الثقافية لإيران... أصفهان
-
زيارة الى إيران (3) الى الشمال من طهران..
المزيد.....
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|