|
المتغير و الثابت في الفاعلية العربية
احمد مصارع
الحوار المتمدن-العدد: 907 - 2004 / 7 / 27 - 09:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بفعل الأشكال المتنوعة للسيطرة الأجنبية على الأقطار العربية أو الإسلامية ، من الاستعمار الاستيطاني إلى الانتداب مباشرة إلى التبعية غير المباشرة تم تقسيم المنطقة العربية إلى شظايا غير قابلة للاندماج ولا للتكامل راسيا وأفقيا فقد خرج إلى الوجود فكرة ذات أهمية بالغة اكبر بكثير مما نتصوره وهي فكرة الحفاظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار . وهي من الثوابت في السياسة العربية الراهنة على الأقل لأنها مدعمة بالاعتراف الدولي ومنها مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة وصار كل بلد عربي مهما بلغت درجة تشوهه الجغرافيا والديمغرافي أو ضحالة ثرواته مقتنع بما لديه ثم راحت تلك البلدان تشرع الدساتير والمواثيق ثم تكتفي بوضع الثقافة العربية أو الإسلامية كمراجع لها ولكن بدون تفصيل فالبيئة العربية أو الإسلامية هي مجرد وسط أو محيط خارجي أجنبي إذا كان الامر يتعلق بأدنى محاولة لتجاوز الثابت الموروث عن الاستعمار أو الخط الشرعي الدولي الموهوب من الخارج وظهرت أفكار جديدة عن الشعوب والأمم داخل تلك الأقطار . الأمة المغربية والأمة الجزائرية . التونسية . المصرية . السعودية . العراقية . وحدث ولا حرج ، لماذا ؟ لان الحديث عن الواقع واجب وفهم الحقيقة يوفر الكثير من المعاناة الزائفة . وبخاصة لدى مثقفي العروبة أو الإسلام ، ينبغي على كل دارس متتتبع ودغمائي عربي أو إسلامي أن يفهم معنى الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام لكي لا يدوس على الموضع المتفجر فيهلك أو يتعوق . البلدان العربية أو الإسلامية هي ليست كذلك وعلى المثقف العربي الذي يسترشد بفكر متنور أن يحترم ثوابت الواقع ويأخذ بها عند التحليل والاستنتاج ويوفر على نفسه وعلى مسامعه التبذير الهائل للطاقات النفسية العاطفية والجياشة وان يتوقف عن إضاعة جهوده سدى على طريق المستحيل . كثير من المثقفين العرب أو المسلمين كانوا فيما مضى يتصدون بعنجهية بالغة لمفهوم العالم العربي أو الإسلامي ويتناولونه بالنقد أو بالرفض وتحميله عواطف ناقمة عليه حتى صار أمر وافعاً وليته ظل ثابتاً فيما بعد لقد تحول الآن إلى مفاهيم اكثر صعوبة وقسوة على القبول الشرق الأوسط الكبير احملاً وسهلاً بالنعوت الجديدة . والسؤال المشروع من وضع الثوابت في وجه المتغيرات أو العكس والجواب الذي اقترحة بان الحدود الموروثة عن الاستعمار هي ليست جملة نرفعها بشكل حماسي بل لأنها خلقت واقعاً جديداً لاعربياً بالمطلق ولا إسلاميا بالمطلق والانفصال وعدم الترابط له فضاء آخر جديد مختلف عن الاتصال والترابط والاستمرار بالمعنى التاريخاني أو الرياضي لا يقود ضرورة إلى نحو تكريس الواقع المحلي أو الوطني الذي جعل نفسه مضاداً لكل ولاء أخر . نتغنى على سبيل المثال لا لحصر بـ ( سوريا بلدنا ) ( جزائريا مطلع المعجزات ) ( يا كويتنا ) وبالعراق ( العظيم ( مصريا ) وغيره ………… لقد وضع المحلي الوطني كثابت ومقدس ومن العار أن نعتبر حائط شارون هو الفاصل الحقيقي أو السافر بين شعبين أو باعتباره فاصلاً عنصرياً ( علينا يا ناس ؟ ) أين الإقناع ؟ أين احترام المشاهد والسامع والقارئ يمكن لنا أن نسأل المواطن صاحب المعاناة الصادقة والأليمة من وهم المرجعية العربية أو الإسلامية الجزائري المريض في حالة الخطر الذي خاطب السلطات الوطنية فلم يجد الجواب فطرق أبواب العروبة والإسلام فوجدها كانت قد أغلقت من زمن بعيد وصدئت مفاتيحها ,فخاطب ( العدو الإسرائيلي ) -أهلا . فوجد من يهود إسرائيل جوابا مرضياً يجب على حالته المرضية وحين سأل الاسرائيلين هل تريدون مني أن أتحول من الثابت المحلي الوطني او العروبي والإسلامي قالوا له لا نريد منك شيئا لقد خاطبتنا كانسان وابق حيث أنت ولو تحولت إلى اليهودية فلن تزيد في طنبورنا نغماً والإنسان الفلسطيني يا ويلاه من مطار إلى مطار ما أروع الخطاب الإلهي المحمل بالنقمة علينا . فأين تذهبون ؟ ولا سيتقر الطائر الفلسطيني المضيع في ارض يمكن أن تكون مرجعتها عربية أو إسلامية بل حشفاً وسوء كيل سيتقر في بلد أجنبي فحيث لا يكون للإنسان وطن فهناك بلاد تستقبلك شريطة أن تعترف بأنك شخص بلا وطن وانك مجرد إنسان فاهلاً بالإنسان المنبوذ الذي لامحل له في بلد أو قطر أو عربي إسلامي . نريد فضح ( الديمقراطية الإسرائيلية ) ونريد كشف عهر الإرادة الدولية بتجفيف منابع الإرهاب ونحن الجياع والعراة سخارب العولمة وحرب النجوم بأوهام الكلام وسيوف الخشب . لن ننحني للواقع أبدا فالأشجار لن تموت إلا واقفة ومهازل المجاز المتسافده مع الواقع غير الواقع لن تنتج قطعاً إلا المسوخ والأوهام المريضة . الثابت ليس كالمتحول وهذا حديث صريح لايطلقة المرء في عبّه او يلقيه في زجاجة أماني وأحلام في بحر واسع الإرجاء . قالوا .. ومنذ القدم ..الشامي شامي والبغدادي بغدادي فلماذا التغني بنجد ويمن .. ومن بصره فتطوان . أن في الامر محال واقطار وطوائف ومذاهب بل شعوب شتى, واهون ما صنع بينهما ما صنع الحداد أي قفازات للتحدي ـ خسئت أنا وبعدي العبيد في اصفاد الحديد بلدان الحضارات العريقة متخمة بالعنفة الفجة ـ مصر أم الدنيا والعراق أبو الدنيا وسوريا الوطن الثاني لكل مواطن عالمي . والسخرية بالغة الالم لسبب بسيط للغاية هو السوق والبيع والشراء . الكويت الصغير جداً في خارطة الشرق الأوسط الكبير هي السبب في جعله كبيراً ( لامصر ولا العراق ولا سورياً وغيرها ) ولبنان انتزع الاعتراف من اكثر من جهة فهو الصغير في جهة والكبير في فعله . علينا إن نفهم الثابت والمتحول . لو كان بالإمكان بيع معظم البلدان من آسيا وأفريقيا في سوق, وهو سوق المزاد العلني سأعتقد شخصياً بقدره هذه الكيانات ( الهزيلة ) على شراء معظم تلك البلدان . ولا اقصد الإساءة إلى الكرامات الوطنية أو القومية أو الإسلامية . الكويت الصغير في حجمة والكبير جداً في فعله ولبنان كذلك أما الإمارات العربية فحدث عن النهر الجارف ولا حرج . أهلا وسهلا بالأمم والحضارات العريقة كلام يقال للاستهلاك . الدنيا تتغير والصغير للغاية فاعل وليس منفعلاً بل هو اللاعب الأساسي في المجتمع الدولي والدساتير المحلية هي المرجع الأول والأخير وعلى الأقل لأنها مدعومة بالمجتمع الدولي وبالشرعية الدولية والباقي غثاء كزبد البحر أو السيل وما زال وهم الجغرافية والديموغرافيا يسيطر على عقولنا وكأنه ثابت لا يتغير وقبل ذلك بكثير وليس ببعيد : هولندا ذات المليون إنسان تعمر بلداً إسلاميا من اكبر البلدان هو اندونسيا صاحب المئة مليون مسلم, والتاريخ يعيد نفسه بل طالما أعاد نفسه لكن هذه المرة واقعياً من بلدان اصغر كثيراً من ذلك ومرجعياتها عربية إسلامية هذه المرة ومع الأسف يظل العقل المحلي الموتور والعربي الحماسي والإسلامي الحالم غير مدرك لحقائق الواقع الذي اندمج في الواقع الدولي وقدس الحدود الموروثة عن الاستعمار . .
* كاتب سوري – معتقل سابق
#احمد_مصارع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|