أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد حسن جعفر - الشاعر ابراهيم الخياط هو الذي رأى هو الذي كتب















المزيد.....


الشاعر ابراهيم الخياط هو الذي رأى هو الذي كتب


حميد حسن جعفر

الحوار المتمدن-العدد: 2977 - 2010 / 4 / 16 - 21:30
المحور: الادب والفن
    


الشاعر الذي رأى هو الذي كتب
جمهورية ابراهيم الخياط البرتقالية وتعدد الاقتراحات

-1-
هل من الممكن، او من الجائز، أن يقترح قارئ او متابع شغوف بالخرق ان يقترح على سواه من القرّاء شكلاً آخر للقراءة او للكشفِ؟؟ ورغم ان فعلاً كهذا هو تدخل غير محمود بشأن المتلقي والاستقبال ومحاولة لالغاء المفاجأة او الدهشة، كما يقول المهتمون بشؤون القصيدة والنظريات النقدية والثقافية.
إلا إن اقتراحي هذا، ليس تدخلاً بشؤون القارئ اكثر من محاولة لالغاء الترتيب القراءاتي الذي اقترحه/ فرضه الشاعر على القارئ في كيفية القراءة والتلقي.
اقتراحي هذا يتلخص في أن يبدأ القارئ دخوله لعالم/ لجمهورية الشاعر التي منحها للبرتقال/ المدينة. من بوابتها العريضة، من العتبة/ العنوان الكلي للكتاب الشعري.
هذا الاقتراح هو محاولة لمحاذاة تجربة سابقة في مجال القص والسرد عندما اقترح كاتبها/ القاص –جابر خليفة جابر- قراءة جديدة مختلفة لتسلسل، ولترتيب وجود النصوص القصصية المنشورة في كتابه القصصي –طريدون-.
إن تغيير التسلسل الذي كتبت بموجبه: "دونت او نشرت القصص، منح تغييراً في الاستقبال والتلقي. وبالتالي وفّر حالة فهم مختلفة، استطاع القارئ الحصول عليها بموجب هذا الاقتراح.
*
في –جمهورية البرتقال- ديوان الشاعر ابراهيم الخياط، قد يقترح القارئ لنفسه، وبنفسه مقترحات اخرى، غير ما يقولها سواه وبالتالي من الممكن إن تربح القصائد قارئا متميزا. وان يحصل القارئ هذا على وسائل، ومسابير قادرة على فتح بوابات وآفاق مختلفة يتمكن من خلالها الدخول الى حقول الشعر.
قد تكون خاتمة القصائد –بعيدا حيث انت- ص145 اكثر النصوص قدرة على الأفصاح عن مكنونات الشعر، وعن قدرات ابراهيم الخياط، في إن يجوس وسط الفضاء الذي يقف خلف الواقع.
هذا النص الذي استطاع إن يوفر للشاعر شرفات، ومنافذ يطل من خلالها على حالات من الاختلاف، وحالات من المغايرة. حيث تكون قصيدة النثر عامة، والنص المفتوح خاصة من أكثر الجسور قدرة على قذف القارئ والشاعر معاً وسط مخيال الشعر. وسط عوالم فيها من الوضوح اكثر مما تكتنز من الغموض. حيث يتحول الواقع الى حالة من الوهم . ويتحول عبرها القارئ الى مكتشف يبحث عما يقف خلف جذع الشجرة من غابات.
في –بعيداً حيث انتِ- ينبش الشاعر في ذاكرة الزمن. حيث الكتلة الصلدة حيث يتحول الى اثاري، يزيل الغبار عن الصورة/ عن الرتوش التي ما زالت تحمل بصمة الطفل الاول وهو يمارس مراهقته. حيث يكون النسيان فيه من الثبات/ الالغاء الشيء الكثير.
الشاعر في هذا النص يؤرخ، ويستذكر، يتابع ويستفز، وربما يكون الشاعر في هذا النص اكثر وضوحاً مما سواه، رغم اتساع فضاء القصيدة أنه يأخذ من فن النثر شكل الكتابة وانسيابيتها، وسيولة الجمل، حيث الجملة المتواصلة. التي تحتل الكثير من البياض، حيث يكون التدوير سنة الكتابة.
وحيث يصر الشاعر على شكل العبارة التي تأخذ الكثير من مديات النص الشعري. وليتحول هذا النص برمته ورغم طوله الى خمسة اسطر/ مقاطع/ جمل متواصلة كل جملة تشكل مقطعاً تاماً.
خمس جمل شعرية، اسمية، فعلية لتليها جملتان اسمية فعلية كذلك ولينهي المقطع/ الجملة الأخيرة مبتدئة بالحال. ولتنتهي الجمل الاربع الاولى بتساؤل هل تنسى؟ والجملة الخامسة: هل تغفر؟
ومن اجل أن تظل الذاكرة فعلا متواصلا بعيدا عن الانطفاء، يعمل الشاعر على أن يضخ اليه الكثير من سبل القص والسرد. فهناك زمن، وشخصيات، واسترجاع وتساؤل، وتقطيع وتنقيط، هناك طفولة وحروب، ورجولة وفكر، واحداث قادرة على أن تشكل مرجعيات للذاكرة.
بعيدا حيث أنتِ، نص قادر على إن يمنح الشاعر الفرصة للدخول الى المغايرة. واذا ما فقدت جميع القصائد تواريخ كتابتها فلابد للقارئ من إن يمتلك المعرفة التي تمكنه من محاذاة الشاعر، فالمتابع للقصائد سيجد أن –بعيدا حيث انتِ- قد تشكل مرجعية شعرية للكثير من القصائد الأخرى. ففيها من المتخيل، والواقع المندفع نحو التطرف، وفيها من استعراض الحياة بمباهجها التي تتفوق على ما يكدر صفوها، وما يوفر له حالة منفتحة، حيث اللغة، البعيدة عن التحجيم، وحيث الملامح القريبة من مقدمة الصورة ولكنها المحتمية بقوة الفنطازيا. حيث يصعب خلق حالة من التصنيف الذي من الممكن أن يدجن شعرية الكلمة لتظل منفلتة مع قربها من القارئ.
-2-
خمسة وعشرون قصيدة، جميعها رصفت حروفها بعيداً عن بداية السطر معظمها يشكل هندسياً من خلال السطر الاول المتكون من لفظة واحدة:
1- كاسب كار ص11 انه قاب قتلين او ادنى.
2- امرأة الوجع الحلو ص 17 مرة صاحبت القناطر
3- جمهورية البرتقال ص 25 بين الأسى واستدارة النهر الذبيح.
4- تروحن ص51 أخالل من؟ في طاقة للأبابيل المحنطة..
5- الصامت بالدال ص 69 امس شرب الكاس المقموعة
6- الضيوم ص 79 ذات حرب غفوت تحت شرفة الحدود
7- آه ص93 صغيرة آخر الليل تشيب
*
إن اكتشاف كمية الشعر، او كمية الأسى الموجودة في النص الذي يكتبه ابراهيم الخياط بحاجة الى ما يسمى بالمفهوم الاداري او العسكري –المعايشة- والمعايشة في عالم الشعر، هي ان يتحول القارئ الى شاعر، فهل من الممكن إن تقام عملية انشاء للقارئ من قبل الشاعر؟
أنها لمن المهام الصعبة في زمن اصبح فيه القارئ عملة نادرة.
*
ابراهيم الخياط في معظم قصائده، يعمل على صناعة اشكال تقترب من الاشكال الهندسية، ولكن تخترقها من اجل عدم الانسياق خلف اشكال وتشكيلات نباتية او حيوانية او رتوش تتقارب او تتداخل مع سواها.
فالتسطير او التشطير لا يتبع وحدة الجملة. او اكتمال المعنى فقد يجد القارئ حالة من عدم الارتباط الشكلي.
بين المبتدأ والخبر
او بين الفعل والفاعل
او بين الصفة والموصوف
او بين الجار والمجرور
او من بين المفعول به والفاعل
نموذج اول:
حتى
صار يعلم
أن البحر صغير
وان السماء دون عيونه ص11
نموذج ثانٍ:
مرةً
صاحبت القناطر
الفتها
فما عادت الانهار تجهلني ص19
نموذج ثالث:
لم اكن طفلا عندما ترنحت
او رقصت
لم اكن طفلا
عندما عرفت
او سمعت
عن بساتين تعلم عشاقها
الكذب ص30.
نموذج رابع:
امس
شرب الكأس المقموعة
من تأمله
ثم نام
دون كلام
* * * *
لطيفا
يطرق انية النفوس
مرة يصمت
ومرة
بعبوس ص 71
نموذج خامس:
صغيرة
آخر الليل تشيب
صحيحة على اخطائها توزعني
فتبدئ الخطيئة دورتها
وهذا الملتاع المتوطن
بين جم التسابيح
يتمرجح
بآهة خفيضة ص95
هذه الهندسة الشكلية التي تذكر القارئ بتجارب الخطاطين والنقاشين في صناعة الاشكال من خلال شكل الحرف او شكل العبارة.
إلا إن القارئ في هذه الجمهورية سوف يبحث عن مبرر لتقسيم الجملة والتقديم والتأخير والفصل بين المترابط فلا يجد سوى رغبة الشاعر في الكتابة هكذا.
هذه الهندسة سوف يتخلى عنها الشاعر وبصورة تامة، عندما يدخل فضاء اخر قصائده، التي اقترحنا إن تكون اول القراءة ونقصد بها قصيدة بعيداً حيث انت، ص145.
إن تجربة الشاعر على تفكيك الجملة تدوينياً، لا من اجل خلق حالة تدمير للرتابة مثلا. بل من اجل الاستفادة من قوة جمال الكلمة كشكل موسيقي او الاستفادة من اشكال الحروف، وقدرتها على الايحاء وخلق حالة من التمهل في الاستقبال والقراءة.
هل من الممكن أن تشكل هكذا خروقات شكلانية مفصلاً من مفاصل فلسفة الشاعر لتشكيل النص الشعري نظريا/ عيانياً.
*
قد يتصور البعض إن اللاقانون –الواقف خارج الشاعر- هو حالة انفلات قد يكون هكذا بين يدي الشاعر، إما بين يدي الشاعر ابراهيم الخياط فالأمور لابد لها من أن تكون مختلفة".
اللاقانون بين يدي الوعي والمعرفة والادراك والفكر، يتحول الى قانون فوقي، غير خاضع لسوى قوته.
-3-
القارئ المتمرس حين تناول -عبر قراءة متفحصة تعتمد حسا معرفياً- ما يدون الشاعر سيجد إن الشاعر هنا قد أهمل وبشكل قد يكون تاماً الاجراءات/ الترتيبات الكتابية- إلا فيما ندر. مثل النقطة ونهاية الجملة، والفارزة واستمرارية المعنى.
والنقطتين والشارحة وبداية الكلام، وعلامات التعجب، والاستفهام والأهلة. وكل ما ينتمي الى حيثيات وشروط التدوين عبر اكتمال الجملة او متابعتها او استواء المعنى ونقصانه.
هذه الإجراءات نادراً ما يهتم بها الشاعر في جمهورية حاله حال الكثيرين من الشعراء.
ربما تكون قصيدة "سؤال بسيط جدا"ص 45 حالة استثنائية جداً. تلك القصيدة/ او ذاك النص الذي استطاع أن يتحرك بعيداً عن الهيئات والاشكال والنماذج –تلك الانماط والانسااق- التي استطاعت إن تشكل حشوداً من القصائد المتشابهة او المتماثلة غير المنتمية الى المغايرة. في هذا النص يتحرك الشاعر خارج الواقع رغم واقعيته المفرطة في التطرف، ورغم واقعية جميع مفرداته. لغة وتراكيب وصورا وايحاءات أن تراكمات الواقع المنفلت لا تمنح حالة قانونية، بل تدفع بثلاثية الشاعر –القارئ- القصيدة. الى النهوض والحركة والاستقبال والبث. تدفع بهكذا ثلاثية الى اللاقانون، الى حالة من الطيران الحر، حيث تلغى جميع السلطات القادرة على العبث بشعرية القصيدة.
فما بين سؤال بينٍ "ما الجدوى من تشكيلة
حكومة عزوم؟" ص47.
وجواب واضح "اذا كان بيتي السعيد
منطقة منزوعة القوت
وحواليه تتضوع حديقة من الديون" ص49
بين ذاك السؤال الواضح، وهذا الجواب الشفاف يتمدد الفعل الذي بحاجة الى قدحة قد لا ترى. ولكنها وحين تشتعل القشة الجافة ستتحول الى حريق هائل حريق قد لا يبقي ولا يذر..
بين علامة استفهام ونقطة تؤكد على –واقع حال- شديد القسوة. ينشر الوطن مفاصله بمعزل عن الشاعر، وبيت الشاعر فما بين "سؤال بسيط جداً" وجواب اكثر من ماكر، وحيث التناقضات بكل ادرانها ومفاتنها، بكل طرقاتها التي تؤدي الى الجحيم او الى كراسي الالغاء، بكل الغوايات والفتن.
بين هذا السؤال وذاك الجواب تتمدد ارحام الأمكنة تنتقل ما بين السهولة في الوصول اليها وصعوبة التخلص من سلطاتها. أنها مساحة واسعة بقدر مساحة القلب الذي قد يتجاوز النصف مليون كيلومترا مربعا.
على اطراف هكذا هوة يقف الشاعر ابراهيم الخياط من غير مظلة هبوط/ برشوت عاملا على تسمية الاشياء بأسماء رغم عدم واقعيتها. فهذا الفضاء المركون عند تقاطعات الطرق ومنحنيات الشوارع عند اضوية المرور/ الترفك لايت ومقتربات الجسور والطرق السريعة، فضاءات يطلقها الشاعر على شكل سلطات تتراوح ما بين الانطفاء والاشتعال. ما بين الحراك والخمول.
وليجد القارئ نفسه وسط متاهات لاتعد ولاشواخص ، لااشارات ، لادلائل ، لابراهين ، لانجوم ، صحراء شاسعة من الديكورات التي تتماهى خلفها امراض وكوارث اوبئة وحروب وديكورات الخارج منها سعيد ، والداخل اليها مخذول
والشاعر غير مسؤول عما يحدث. انه يعمل على تقشير الواجهات. عبر عيون الآخرين. انه يمنح القارئ وسائل تتيح له الكشف والتعرية ونكأ الجراح في محاولة منه لإيقاظ الجثة. التي تعمل على تحويل الجنة الى مقبرة.
الشاعر ابراهيم الخياط يدخل فضاء قصيدة النثر لانهاض الشعرية في نفس المتلقي، لخلق حالة اهتزاز في مخيال المتلقي.
إن وقوفه خارج حراك الآخر لا يعني دخوله محمية الثبات. وترك القارئ يبحث في دواخله عن قارئ آخر اكثر كفاءة. و"فتاح فال" بل إن القارئ "في سؤال بسيط جداً" يمسك بزمام المبادرة/ بعنان القصيدة ليدفع بها نحو اللاواقع ليتخلص من ورطة صناعة الواقع الجديد المنتمي الى فضاء انعدام القناعة. بل إن هذا الواقع اللامتوقع، يمنح القارئ فرصة تحوله الى منتج عبر اضافة ما لديه مما استجد او سيستجد، بعد إن توقف الشاعر عن الاضافة، رغم إن هذا التوقف لم ينتم بعد الى نظرية موت المؤلف/ الشاعر فالشاعر يعمل على صناعة مجموعة من الخلفاء/ القراء، الخلفاء/ الشعراء الذين سيتمكنون من مواصلة صناعة القصيدة/ رفع الراية. ليجد القارئ إن الشاعر قد احتل ركناً او زاوية من تفكيره ورؤياه.
-4-
في تقريضه للديوان/ الجمهورية يضع الناقد فاضل ثامر
-يده على مفصل مهم من مفاصل تجربة الشاعر- ابراهيم الخياط وذلك عبر استعمالاته اللغوية تلك التي تضع امام القارئ مجموعة من الاحالات التي تنتمي الى المنجز اللغوي المتميز بأنتمائه الى الصفاء والجزالة.
لغة تنتمي في بعض مفاصها الى التراث والاصالة، يحس القارئ من خلالها بشيء من التفرد الذي تتميز به قصيدة الشاعر، تلك القصيدة التي استطاعت إن تمتلك مواصفاتها الخاصة. بعيداً عن الترويض او التدجين. فجاءت مرقشة بالكثير من القاموسية. لا نعني بالقاموسية هنا انتماء اللغة الى الثبات. بقدر انتمائها الى اصولها. الى القدرة على خلق حالة من الحراك، لابتعادها عن الخامل من الكلام واللغة، رغم ضعف تداولها بين العامة من الناس وانتشارها بين قراء الذكر الحكيم انه يكتب وسط حالة من الايحاءات الشديدة الاقتراب من الماضي المتحرك، الماضي الذي لم يزل يمتلك حق المبادرة. إن نماذج مثل:
1- فحق عليه القول ص11
2- قاب قتيلين أو أدنى ص11
3- فهل جادك الغيث
عندما الموت هما ص 41.
4- فقد قميصي كل ليلة من الجهات اربعها
ولا أقول: رب السجن احب الي ص19
5- هم فيها خالدون ص 64
6- من يبتاع الخز القاتل
وخمار المليحة ص83
7- وعليك الاحتفاظ بذلك الكنز الذي لا يفنى ص84
8- واذا رأيت ثم رأيت جحيما ص113
9- ما شبكت عشري على رأسي
امام راهب النهر ص127
10- ولأني مذاب فيها فلم تقل لي يوماًهيت لك ص148
11- في مهاجع البخور
تحلم بهل اتى على الشعراء حين ص142
12- ترى جنات
تجري من تحتها دفوقان نضاختان ص63
14- متكئين على رفرف
من النعوش المريحة ص64
*
إن لغة تبث مفاصلها وسط معمارية القصائد، التي يحاول الشاعر إن تظل منتمية لاشكاله. لابد لها من إن تلفت انتباه القارئ، معلنة عن حالة من التفرد بين جمع الشعراء. بل إن العديد من القصائد، وتحت سلطة اللغة الولود، التي لم تعلن استنفاد جمالياتها، يدفع الشاعر نحو نوع من التقفية. كما هي الحال مع:
1- حداء الغرانيق ص27
2- الصامت بالدال ص 69
3- هو الذي رأى ص75
4- قلبي ص89
5- النبي الصامت ص97.
لم يكن الانحياز الى جانب هكذا حالات من التقفية من قبل الشاعر من اجل لفت انتباه القارئ. او لفت نظر المتابع. بل انه جزء من الفكر الذي يساير حالة الابداع الشعري، الذي يمسك الخياط بمقوده. بل إن اندفاع الشاعر نفسه في البحث عن الشعر، اوصله الى إن يطرق ابواباً لنماذج/ لنصوص، وجدت نفسها وسط ابنية واطرزة قد تكون تابعة لقصيدة النثر. او للنص المفتوح. اضافة لقصيدة التفعيلة والتي استطاع العديد منها إن تأخذ بيد الشاعر الى حالات من التقفية كما هي الحال مع النماذج التي سبق ذكرها.
-5-
ناقد وشاعر
فاضل ثامر، وياسين طه حافظ، حاول الاثنان مد مجساتهما/ قدراتهما النقدية والشعرية، عبر خلق خلخلة في اسوار الجمهورية المنتمية الى البرتقال.
الاول/ الناقد دفع بها الى فضاء القراءة والمعاينة.
الثاني/ الشاعر وضعها تحت سلطة المشافهة/ الاستماع.
ورغم اختلاف التناول إلا انهما قد اتفقا على إن مؤسس جمهورية البرتقال، جمهورية العشق. "وسميت عشقي برتقالا" ص16 هذه كان عاشقاً ومحارباً، وخارجاً على قانون الثبات.
أن جمهورية البرتقال المتشابكة الأبنية عبر نسيج أفقي وآخر عامودي هي تشكيل حياتي ينتمي الى ضفتي الوطن اللتين هما:
الأنسنة، والامكنة، ومن خلالهما استطاع إن يشيد ابنية قصائده المختلفة رغم تشابهها -في حقول المواد الاولية- والتي لم تستطع الحروب ولا الكوارث، ولا الأفكار الضالة، من إن تدمر موازين الإنسان الذي رفش جدرانها، ودوزن موازينها. بالانتماء الى الوطن/ الأرض والمرأة/ الأنثى. والفكر/ الالتزام. كل ذلك حين امسك بالانسان الواقف على خط الشطب.
*
ففي الوقت الذي يؤكد الناقد فاضل ثامر، كقارئ على ضرورة توفر نظرة/ معاينة، قراءاتية، او نقدية، من أجل الكشف عن هكذا تجربة فأن الشاعر -ياسين طه حافظ- يحاول إن يدخل تجربة الشاعر ابراهيم الخياط في جمهورية كمستمع، وليس كقارئ. أنه يعيد المتلقي الى مرحلة المشافهة والى شيء من المنبرية/ الصوتية. فالمتلقي لديه مستمع. -وقد يكون أمياً- في الوقت الذي تكون اكثرية القصائد بحاجة الى اكثر من استقبال قراءاتي ورغم هذا، فأن ياسين طه حافظ يؤكد على وجود الاختلاف وعلى حالات الخرق، وعلى قدرة القصيدة على امتلاك حالة المفاجأة والدهشة، وعدم ترك القارئ" منقاداً ساهياً، وغير فاعل.
*
وعبر انتماء النص البرتقالي الى التراث الممتلك لحراكه يعمل الشاعر على صناعة ما يحاذي التناص/ او التداخل او الاقتباس، او ما يحاذي هذا وذاك من خلال الاستفادة من قوة الكلمة/ العبارة وروحها المتمسكة بالاتقاد وسط هكذا فضاء، استطاع الشاعر إن ينفخ في الموقد، أن يدخل حيز اللغة متعمداً، وغير لاعنٍ لحظة، من أجل خلق حالة من التواصل ما بين النص المعاصر، وما يقف بمحاذاة القاموس..
فهو يصر وضمن حالة من الوضوح على معاينة العديد من المفاصل القادرة على الخلق/ على النفخ في روح النص.
ومنها الشعر وسلطته
والذكر المبين واعجازه
والحكمة وصناعتها الحياة
*
إن ادخال "الـ" التعريف على الفعل مثل:
1- اليتهجى ص41
2- اللايخافون ص63
3- اليغطون ص137
وعملية دخول اللغة من خلال عملية "النحت" أي صناعة كلمة من خلال عملية المزج، وخلق حالة التداخل بين اكثر من كلمة مثل:
1- نكبتئذ ص65
2- عقيعز ص62
3- ذات حرب ص49
4- ايامئذٍ ص25
5- غبحرب ص136
إن ما سبق ماهو إلا الدليل على فعل الخرق الذي يعمل الشاعر ابراهيم الخياط على صناعة في مواجهة الرتابة والتكرار والكثير من الخمول الذي بات يعتري الكثير من مفاصل العملية الشعرية وحركة الابداع.
-6-
إن البحث عن الشعر قد يدفع بصاحبه سواء كان قارئاً او صانعاً للشعر او متابعاً إن يجعل من اصابعه مشارط. وان يتحول الشاعر الى كائن بدائي. يبحث عن عوالم، وعن كائنات مفترضة. يبحث عن اللاواقع تحت اقدام الواقع.
لذلك سيجد المتلقي إن قدميه تجوسان ميادين وحروباً وبساتين وعشاقاً، قد تعبر به انهاراً، ديالى، وخريسان ودجلة، او تحمله الى خطوط مواصلات، ومواقع رمي. وخطوط شقية.
إن قصيدة "وكانت معركة" ص115:
لم تكن سوى نشيج مقاتل، تصاعدت روحه الى عنان السماء تاركة جسده وحيداً ليمارس عملية الدفاع عما تبقى منه.
إن القارئ سيجد نفسه بديلاً عن المقاتل/ الشاعر، وعليه إن يمسك بالقنبلة/ الرمانة من اجل ان يظل الجسد بعيداً عن الانتهاك.
الشاعر في هذا النص لم يجد امامه من كائنات سوى محمية الرحم ليتشبث بها. بعد أن تحولت محمية الحروب الى فم هائل يزدرد الجميع. وليتحول الكائن البشري الى "عين الكاميرا" يتحول الى آلة بفعل الفزع والرعب اللذين قد يجردان -الجندي- من خيار البقاء عبر استخدامه لمبدأ الغاء الآخر.
قد لا يجد القارئ شخصاً، او كائناً بشرياً، أكثر قدرة من الشاعر في صناعة الرؤيا. في وضع برنامج متخيل لحياة غير مشروطة. ولأرض لم تؤسس بعد.
انه الشخص الذي رأى
والذي تغنت باسمه البلاد.
ـــــــــــــ
ابراهيم الخياط
جمهورية البرتقال/ شعر
منشورات اتحاد الادباء والكتاب في العراق
بالتعاون مع دار الشؤون الثقافية العامة
بغداد الطبعة الاولى / 2007



#حميد_حسن_جعفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- بقفزات على المسرح.. ماسك يظهر بتجمع انتخابي لترامب في -موقع ...
- مسرحان في موسكو يقدمان مسرحية وطنية عن العملية العسكرية الخا ...
- مصر.. النائب العام يكلف لجنة من الأزهر بفحص عبارات ديوان شعر ...
- عام من حرب إسرائيل على غزة.. المحتوى الرقمي الفلسطيني يكسر ا ...
- قصيدة عاميةمصرية (بلحة نخيلنا طرق)الشاعر مصطفى الطحان.مصر.
- بيت المدى ومعهد -غوته- يستذكران الفنان سامي نسيم
- وفاة الممثلة المغربية الشهيرة نعيمة المشرقي عن 81 عاما
- فنانون لبنانيون ردا على جرائم الاحتلال..‏إما أن نَنتَصر أو ن ...
- مخرج يعلن مقاضاة مصر للطيران بسبب فيلم سينمائي
- خبيرة صناعة الأرشيف الرقمي كارولين كارويل: أرشيف اليوتيوب و( ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حميد حسن جعفر - الشاعر ابراهيم الخياط هو الذي رأى هو الذي كتب