|
إذا كان ( الإله) ليس وهماً.. / فهو ملحد ؟
سيمون خوري
الحوار المتمدن-العدد: 2977 - 2010 / 4 / 16 - 09:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا أدري هل طال ليلنا ، أم طال غيابنا عن هذه الأوطان ..؟ أخي " نارت إسماعيل " في مقال له عنوانه " ما أصعب العيش صامتاً " فجرَ عن غير قصد أحزاننا وأوجاعنا المهاجرة معنا . ورغم أني أعتذر عن إستخدام كلمة " فجرَ " لكنها هنا ، مثل من يفجر يبنوع من ماء الحياة ، يسقي الأرض والسماء ويهدي اليها الوانها المزركشة مثل كل فساتين نساءنا القرويات . أخي إسماعيل فضفض عن نفسه همومة ، بل نقل همومنا المكتومة الى العلن . هل طال ليلنا أم طال غيابنا القسري عن هذا المسمى أوطاناً ..؟ تعلمنا الكلام ، بيد أنهم يريدون تعليمنا معنى الصمت . تعلمنا كيف يمكن أن تتحول الكلمة الى فعل يبني ، الى قصيدة ، الى إبتسامة ومحبة . ولم نتعلم كيف تشطب الأخر من ذاكرة الوجود ، وحتى من التاريخ ، وكأنه لم يكن قبل ميلاد هذا " القائد " وذاك الغازي للحضارة . مئات من القنوات التلفزيونية ، ووسائل الإعلام الأخرى ، بيد أنها في معظمها تمارس خيانة ذاتها . تنقل الماضي الى الحاضر ، وتحاول فرضه على المستقبل . ترى هل الحضارة في أن ترتدي ربطة عنق أم دشداشة ، أم الحضارة هي في ماهو مخزن داخل الدماغ من معرفة وثقافة إنسانية وفعل محبة للأخرين ورؤية إنسانية للمستقبل ..؟ ترى هل الى هذه الدرجة نملك في شرقنا عقلاً إنطوائياً غير قابل للتصرف ، والعودة الى المستقبل ..؟ هل في الوجود المطلق قيد على الفكر .. الإنسان هو منبع الأسرار وهو الذي يضفي على هذا الكون أسراره ، فلا يرضي بأي حدود للمعرفة أياً كانت . العالم " أينشتاين " له قول جميل : أعجب مافي الكون انه قابل للفهم والإدراك المستمر ، لذلك يبقى الإنسان دائم التفكير" . يومياً أقرأ كتابات العديد من الأصدقاء ، بل لنقل أسبح في فضاءهم الجميل ، في روعة أفكارهم وحلمهم بالتغيير .. . عشرات بل مئات من الكتاب الأفاضل، الذين يتزاحمون على نقل المعرفة والثقافة الإنسانية في هذا الموقع الريادي ترى لماذا يصر البعض ممن وضعوا القفص في عقولهم على أن الملاحدة ضد " الإله " ونحن نتحاور معه كل يوم ؟ حول كيف يمكن أن يكون هذا العالم أو عالمنا أكثر جمالاً وحباً ورحمة وصدقاً . فإذا كان هذا " الملحد " يحب الوطن ، دون تمييز بين هذا وذاك ، ترى من هو المحب الحقيقي للوطن ..؟ من ينشر ثقافة الكراهية والتمايز أو من ينثر حب الأخرين كما ينثر الفلاح بذور قمحه ..؟ عندما يسكن القفص العقل ، يصبح الإنسان بلا ظل ، او ربما أن الظل هو البديل الواقعي لإنسان متخيل . مجرد مادة شبحية ، لا تملك أي بعد إنساني وجودي . شئ مرعب أن تكون قفصاً تسجن فيه أفكار الحرية وتعيق إنطلاقتها ..؟ بسبب الخوف من فكرة أخرى بالية أو تقادم عليها الزمن . يحرسها جلاد يحمل منجل شبح الموت وجلبابه الأسود الطويل . ويمارس وأد الفكرة ، بؤاد صاحبها . شئ مفزع أن يتحول الإنسان الى قاتل للحياة ليس بيده بل بأفكارة ، أما القاتل بيده فهو ليس سوى وحشاً برياً لم يجري ترويضة بعد . فلتذهب الى الجحيم كل فتاوي القتل والجلد والرجم وقطع الإعناق والأرزاق معاً . لنتخيل أن كافة أسراب السنونو المهاجرة من هذه الأقلام والعقول النيرة ، أتيح لها فرصة العودة الى أوطانها ، وممارسة عملها الإبداعي بحرية ، وليس تحت حراب العسس الثقافي .. ترى هل أن حال مجتمعاتنا سيبقى على ماهو عليه الأن ..؟ إذا كان هذا الموقع الريادي في نشر ثقافة المحبة والتسامح ممنوعاً ..؟ فما هو المسموح ..؟ وبعد ذلك يتشدق البعض بالحرية في هذه السجون وو ..الخ شئ أكثر من مخجل ..؟ فراقنا للإوطان طال أكثر مما يجب ، بعض أصدقاءنا عاد في كفن ، والأخر وجد له مكاناً أخر في موطنه الجديد تسكن قربه وردة وفراشه تداعب روحه وعصفور دوري يغني لحن الحرية. لا ناقوس إنذار ، ولا تراتيل ، ولا تهديد أمني إلهي بالإعتراف كما يحلو له إله الوعاظ . لكن نحن ننتظر .. ننتظر ماذا .. بعد أن سرق الزمن ثلاثة أرباع العمر وثلثي الثلث الباقي . ومع ذلك لا زلنا نبحث مع أحبتنا من الكتاب الأعزاء والقراء الكتاب في موقع الحوار المتمدن ، حول شكل عودتنا الى الوطن . نبحث عن طرائق أعمق لتحقيق المعرفة في أرض دفنت فيها الأنظمة المتعفنة كل نفاياتها السامة ، وأنبتت أفكاراً لا تصلح حتى لعالم الموتى . ومع ذلك نخشى أن يكون الوطن منفى أخر ، من نوع غير قابل للإصلاح ، فكيف بالثورة المستحيلة .؟ وطن قتل نفسه ، إنتحر حزناً على ماضيه الحضاري قبل عصر ( الأنبياء ) . لا نخشى الموت فهو على رأي الفيلسوف " سقراتس " ليلة بدون حلم . ليست لدينا أوهام في جنة موعودة ، ومع ذلك نحتفل بكل أعياد الفرح والإبتسامة لا أؤمن ببابا نويل ولا بالصعود والنزول ، لكن تزين بيتي شجرة عيد الميلاد الجميلة ، وميلاد كل الأصدقاء والأحبة . فنحن كل يوم نكسب صديقاً جديداً ، ونتعرف على إنساناً رائعاً بفضل هذا الموقع . وعندما تستهلك أيديولوجيات التطرف ، كل أوكسجين الوطن ، تتمدد حولنا نحن الملاحدة كل الأوطان الأخرى ، وتصبح كل الأوطان هي عالمنا ، كل الأطفال هم أطفالنا ، كل النساء هم أحبتنا ، وكل الورد والزهر المجدل بغصن الزيتون هو شعارنا . ترى هل توجد متعة أكبر من متعة الحياة ، والبحث فيها عن جواب لسؤال لم يلد بعد أو ربما هو في رحم الأجيال القادمة . هكذا سارع ابن صديقي " نارت " الى سؤال التكنولوجيا ، وهكذا يتمنى صديقي الحكيم شرب كاس من النبيذ مع كافة أصدقاء المعرفة رعد وشامل ومايسترو وقارئة الحوار وسالم ونارت ومرثا وحتى داليا. ومعنا أحبتنا في إدارة موقع الحوار. هل هناك أبسط من هذا الحلم وأعظمه ..؟ نرشف معاً نشيد الأناشيد في قصائد أخي إبراهيم . كل الأماني تنحصر بكوننا نود أن نكون أكثر إنسانية تتسع قلوبنا لكل هموم العالم .. أهذا هو إلحاد وشرك به .. أم إنسجاماً مع ما أبدعه في جمال هذا الكون .؟ إذا كان ( الإله ) ليس وهماً ، فهو ملحد .. نعم ملحد ، وربما لهذا منح ( الملاحدة ) عقلاً والقدرة على إثارة الدهشة والفرح ، والبحث عن الجواب . تنسجم وإبداعه في معجزة علمة في إختراع هذا الكون الغامض الجميل . يوم الخامس عشر من نيسان ، العام 1986 مرت ذكرى وفاة الكاتب الفرنسي الكبير " جان جينيه " الصديق الحميم للكاتب جان بول سارتر ورفيقة عمره " سيمون دوبوفوار " وصديق " العفيف الأخضر " الذي نتمنى له الصحة ومزيد من العمر . أخر لقاء معة قبل عام من وفاته في مدينة فرانكفورت ، كنا ثلاثة أصدقاء على مائدة العشاء ، رفض تناول نبيذ الماني وأصر على إحتساء نبيذ يوناني ، وبالأمس شربت كاسا من خمر الفقراء تحية له وإحياء لذكراه . أبرز ما قاله يومها تعليقاً على حالة أوطاننا " أن الحركة التي لا تعرف كيف تراكم نضالاتها وتوظفها وتطور أفكارها هي حركة محكوم عليها بالفشل " ترى هل كان نبياً ..؟ كان يحتفظ بعلاقات جيدة مع الراحل الكبير ياسر عرفات ، ومع الراحل الحكيم جورج حبش و المناضل " نايف حواتمة " ويكن لهما إحتراماً وتقديراً كبيراً . وعندما وجهت اليه دعوة من الراحل " صدام حسين " لزيارة بغداد .. قال " غريب هل أنا ديكتاتور لكي أزور أو ألبي دعوة ديكتاتور لزيارة سجنة " ..؟ جان جنية كان ملحداً ، وجان بول سارتر ورفيقته كانا ملحدين .. ترى ماذا ترك أولئك ورائهم من تراث فكري ورصيد من تجربة إنسانية غنية .. وما سيترك ورائهم تجار فتاوي الموت من رصيد . .؟ مرة أخرى إذا كان ( الإله ) ليس وهماً بل حقيقة ، فهو ملحد .. نعم ملحد لأنه منح ( الملاحدة ) ملكة التفكير والعقل والمعرفة ، وكيف يصنع الفرح والحب وتغرد كعصفور دوري ، خارج قفص العقل . ملحد لأنه لا يؤمن سوى بعقله . وديمقراطي لأنه خلق كافة المتناقضات في الطبيعة ، وعلماني لأنه وضع قوانين التطورالذاتي. هذا هو " إله " الملاحدة والزناديق والكفار إنه " إله " المحبة والخير لكل البشر .
#سيمون_خوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قبيلة - الماساي - الأفريقية/ ومعابد - الإلهه- في مالاوي
-
عندما يتحول الدين الى / فلكلور للفرح والمحبة
-
لماذا إختفى مفهوم الرجعية / من أدبيات اليسار ..؟
-
من إسراطين ..الى نيجيريا / حوار هادئ مع الأخ العقيد القذافي
-
ما بين أحفاد السيدة - ماكبث -/ وبقايا ماري إنطوانيت ..؟
-
مؤتمر - قمة - العائلات الحاكمة / في العالم العربي
-
ببغاء - السيدة مرتا - / وأبونا الخوري..؟
-
برج - الأسد -
-
إعلان- الجهاد - النووي ..؟
-
هل - الملائكة - سعاة بريد / لتوزيع النصائح ..؟
-
تلميذ في الإبتدائية .. مدير جمعية تعاونية ..؟
-
أنت ... كافر ونص ..؟
-
رقص - هز - البدن ..؟
-
البحر ... يلد النساء ...
-
ثقافة - صباح الورد -
-
إمرأة .. وكاهنان .. ونهر ..؟
-
عندما تحولت تشو يينغ تاي / الى فراشة ملونة ..؟
-
جلسة تحضير أرواح / في قرية (بريفزا) ..؟
-
العودة من المستقبل الى / عصر نهاية الديانات ..؟
-
في حفلة زيزي حتى القطط والكلاب/ تعلمت معنى المساواة..؟
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|