أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العالم الثالث وسلة المهملات















المزيد.....

العالم الثالث وسلة المهملات


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2975 - 2010 / 4 / 14 - 20:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تعد قضية حقوق الإنسان قضية داخلية وهي لا تهم الدول الأوروبية والولايات المتحدة فحسب، بل تشمل المجتمع الدولي بأسره، ولا يشذ العالم الثالث، ومنه بلداننا العربية عن هذا التقييم .

وإذا أخذنا بأركان “النظام الدولي الجديد” الذي تأسس بعد انهيار نظام القطبية الثنائية، فإن “ إيجابياته” تتحدد من خلال الإقرار بالتنوّع والتعددية وتداول السلطة سلمياً عبر صندوق الاقتراع، وفي ظل انتخابات دورية، وذلك في إطار المعايير الدولية لحقوق الانسان، التي تستند الى مبادئ المشاركة وحق التعبير والاعتقاد والتنظيم، رغم أن هذا التطور جرى تسييسه بل وتوظيفه في الكثير من الأحيان بالضد من منطلقاته، لا سيما من جانب القوى المتنفذة في العلاقات الدولية، وبخاصة الولايات المتحدة، حيث استخدمته على نحو انتقائي وفي ظل معايير مزدوجة، الأمر الذي شوّه من مضمونه وجعل الارتياب صفة ملازمة لتطبيقاته الانتقائية . ففي الوقت الذي كانت واشنطن ولا تزال تغضّ الطرف عن عدوان “إسرائيل” المتكرر ضد الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية، أصرّت على فرض عقوبات جائرة على الشعب العراقي، قاربت 13 عاماً ثم أقدمت على احتلاله، بحجج واهية، ثم عاد عنها الرئيس بوش في الأيام الأخيرة لولايته، وأكّد بطلانها بزعم أن معلوماته كانت مضللة .

ولعل النظام الدولي الجديد احتوى على طائفة من السلبيات، خصوصاً باختلال ميزان القوى العالمي وانحيازه لمصلحة الدول الغربية والصناعية المتقدمة وبخاصة الولايات المتحدة، وانحساره بالضد من الطرف الآخر للموازنة الدولية وأعني به الاتحاد السوفييتي السابق ودول أوروبا الشرقية والبلدان النامية، أو ما يسمى بالعالم الثالث عموماً، رغم أن العالم اقترب من التقسيم الذي يقول ب”دول الشمال ودول الجنوب” و”الدول الغنية والدول الفقيرة” و”المدينة العالمية والقرية العالمية” .

ومع كل تلك التطورات السلبية والايجابية فلم تعد قضية حقوق الإنسان اختياراً داخلياً فحسب، وإنما التزاماً دولياً وضرورة لا غنى عنها للتكيّف والتفاعل مع متطلبات التغيير والمستجدّات الدولية، ولكن فيها من التأويل والتفسير اختلافات كثيرة وقراءات ملتبسة أكثر .

وإذا كانت بلدان “ العالم الثالث” تواجه تحدّيات من قبيل استمرار الاعدام خارج القضاء والتعذيب، والاعتقال التعسفي، والاختفاء القسري، وعدم الاقرار بحرية الفكر والعقيدة والتنظيم، وحق المشاركة، والتمييز ضد المرأة، وهدر حقوق الاقليات والتدخل في الحياة الشخصية للمواطنين، وهي سمة عامة تكاد تكون مشتركة لأنظمة العالم الثالث، فإن غالبيتها لا تزال تعاني من الفقر والفاقة التي تصل أحياناً الى حدّ المجاعة، كما تعاني من الاستخدام غير الرشيد للموارد ومن التصحّر فضلاً عن نمو بعض مظاهر التطرف والتعصّب والغلو وانفلات العنف والانتقام وغيرها .

كما تعاني في الوقت نفسه من الاحتلال والعدوان ومحاولات الهيمنة والتبعية الاقتصادية، ومن بعض المظاهر الجديدة كاستخدام بعض الدول النامية كسلّة للمهملات والنفايات النووية . كما تستخدم بعض البلدان المتقدمة “البشر” في العالم الثالث كفئران للتجارب “العلمية” وكذلك استخدام الأعضاء البشرية، التي تُباع على نحو واسع في البلدان النامية، وتستخدم الأيدي العاملة الرخيصة، لانتاج صناعات للبلدان المتقدمة، في مسعى محموم للاستغلال وزيادة الارباح والنهب، وبخاصة للموارد الطبيعية بالضد من حقوق الانسان وحرياته الأساسية، ويجري تسويق العديد من السلع الضارة بالصحة الى بلدان العالم الثالث، والتي يسهم فيها بعض المتنفذين في حكوماتهم بهدف الحصول على الربح من دون أي اعتبار للإنسان وحقوقه وصحته ومستقبله .

إن استخدام العالم الثالث سلة للمهملات بطريقة غير مشروعة أو إقامة بعض المنشآت الخطيرة على أرضه من دون مراعاة لقواعد السلامة والصحة وبالتالي تدمير موارده وبيئته وتلويث أرضه، يعدّ جريمة ضد الإنسان من صنف الجرائم الدولية التي ينبغي إلزام الدول والشركات والأفراد بالتوقف عنها فوراً ودفع التعويضات، والتعهد بالمحافظة على البيئة والإنسان والامتناع عن تصدير المواد التي تهددها والمحافظة على الموارد المشتركة، واعتبار أي هدر لها تفريطاً بالثروة على نحو يقتضي المساءلة والمقاضاة . ويأتي في هذا الصدد موضوع الانضمام الى المعاهدات الخاصة بحماية البيئة والالتزام بالقواعد الدولية التي ترتبها .

كما أن إدانة الارهاب بجميع أشكاله والقضاء على أسباب العنف والتطرف والعنصرية التي استفحلت لدى الأفراد والجماعات والحكومات، تتطلب إيجاد آلية معينة على المستوى العالمي لتمكين المجتمع الدولي من معالجة هذه الظواهر الخطيرة والحدّ من تأثيراتها وانعكاساتها السلبية وعواقبها الوخيمة، وبالتأكيد سيكون نصيب العالم الثالث كبيرا جداً، خصوصاً وأنه يعاني من تبعات تلك السياسات، داخلياً وخارجياً .

أما على الصعيد الدولي فإن مواطني العالم الثالث الذين يعيشون في الخارج عموما يعانون من ظاهرة العنصرية الجديدة في العديد من البلدان الاوروبية والولايات المتحدة، لا سيما بعد أحداث 11 سبتمبر/ايلول الارهابية الاجرامية التي حصلت في الولايات المتحدة العام ،2001 مثلما انفلتت هذه الموجة في المانيا وفرنسا وبريطانيا وهولندا والدانمارك وغيرها، اضافة الى الولايات المتحدة، واتسمت بالعداء للأجانب وبخاصة العرب والمسلمين وارتفعت الدعوات الى منع الهجرة واعادة المهاجرين والامتناع عن قبول اللاجئين وترحيل العمالة وغيرها .

ان التحدي الذي يتعرض له العالم الثالث يتلخص في قدرته على التكيّف مع المستجدات والمتغيرات الدولية، وبالقدر الذي يحرص على حقه في التنمية وعلى حقه في السيادة على موارده الطبيعية ورفض الامتثال لسياسات املاء الإرادة، فإن تحقيق المشاركة السياسية في إدارة شؤون الدولة وإلغاء احتكار العمل السياسي والمهني وتأكيد حق الأقلية في المعارضة الذي هو حق أصيل، كما هو حق الأغلبية في الحكم، الذي يتأتّى عبر صندوق الاقتراع والانتخابات الحرة، وكذلك احترام حقوق الاقليات الدينية والقومية، سيكون الطريق السليم لتحديث أنظمة الحكم وقيام دولة القانون والشرعية الدستورية والاستجابة لمتطلبات العصر باحترام حقوق الإنسان وإشاعة الحريات الديمقراطية وتأمين مستلزمات نمو المجتمع المدني .

إن اتباع ذلك سيضع الكرة في ملعب القوى المتنفذة في العلاقات الدولية، وسيطالبها بالتوقف عن استخدام العالم الثالث سلّة للمهملات خلافاً للقوانين الدولية، لا سيما الاتفاقيات الدولية بشأن حماية البيئة، فضلاً عن مسؤولياتها في ما يتعلق بنهب الموارد الطبيعية واستغلال العالم الثالث، على نحو لا إنساني وبعيداً عن روح ميثاق الأمم المتحدة الذي يؤكد حق الشعوب بتقرير مصيرها وحقها في المساواة كبيرها وصغيرها .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (24) ملكوت السماء وملكوت الأرض
- فضاء الثقافة القانونية وحكم القانون
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (23) الاشتراكية والإيمان الديني
- الشراكة والتنمية
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (22) كاسترو والدين
- موسم القمة العربية والخيار العسير
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (21) «الشبح» والأسطورة: هل اختلط ...
- ليس لأي تيار شمولي مستقبل في العراق؟
- الموساد والجريمة والعقاب
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (20) القبعات الخضر والصيد الثمين!
- الصوت والصدى
- المعرفة من أجل الحق
- ثقافة حقوق الإنسان في ندوة تخصصية في لاهاي/هولندا
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (19) نزيف بصمت!
- أين سترسو سفينة الانتخابات العراقية؟!
- “إسرائيل” والإفلات من العقاب
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (18) كاسترو- أبوعمار- حبش: رومانس ...
- البحث العلمي ووليمة التفكير
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (17) همنغواي والجواهري: الشيخان وا ...
- الخليج وصورة المجتمع المدني


المزيد.....




- -لم يكن من النوع الذي يجب أن أقلق بشأنه-.. تفاصيل جديدة عن م ...
- نجيب ساويرس يمازح وزيرة التعليم الجديدة بالإمارات: -ممكن تمس ...
- كسرت عادات وتقاليد مدينتها في مصر لترسم طريقها الخاص.. هبة ر ...
- من هو جيه دي فانس الذي اختاره ترامب نائباً له في رحلة ترشحه ...
- حرب غزة: قصف لا يهدأ على وسط القطاع وجنوبه وإصابة جنود ومستو ...
- ألمانيا تحظر مجلة -كومباكت- اليمينية المتطرفة
- مكتب نتنياهو ينفي تلقي إسرائيل رفضا من -حماس- بخصوص مواصلة ا ...
- -حماس- تنفي وجود خطط لعقد اجتماع ثنائي مع -فتح- في بكين
- -روسكومنادزور- تطالب Google برفع الحظر عن أكثر من 200 حساب ع ...
- علاج واعد يوقف الشخير نهائيا


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - العالم الثالث وسلة المهملات