|
رسالة إلى السيد مدير المصرف العقاري
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2975 - 2010 / 4 / 14 - 10:36
المحور:
كتابات ساخرة
رسالة إلى السيد مدير المصرف العقاري
عن مغامرات مواطن سوري في المصرف العقاري
اسمح لي أن أخاطبك عبر الأثير الإليكتروني، بصفتك الاعتبارية لا الشخصية، فصدقاً، لا أعرف ما هو اسمك، ولا أي شيء عنك، ولكن أعتقد أن هناك، بالضرورة، مديراً مسؤولاً لهذا الصرح الوطني العملاق، الذي اكتشفته مؤخراً والذي يستحق أن يسجل في موسوعة غينيس للأرقام القياسية لتسجيله عدة أرقام وضربات ونجاحات قياسية يعجز عنها لأي بنك في العالم، ويتفتق عن عبقريات وأفانين وآليات ومتاهات غير موجودة في أي بنك من بنوك العالم، ويكابد فيها "المواطن الكريم" الغلبان من فنون المرمطة والتلويع والتنكيل والسادية البيروقراطية والتعذيب والقهر والشرشحة والستربتيز العصملي مما يخطر، ومما لا يخطر على بال، وفوق هذا كله تطالعنا وجوه موظفيكم القرفانة والمكشرة، والعياذ بالله، والتي تأنف من الضحك لرغيف الخبز الساخن، وتقطع الخميرة من البيت وتجلب النحس والشؤم وخربان البيوت من سفر سنة، وكأنه قد قاموا بتربية هذا المواطن في سنين التشحير والسفر برلك والقلة والغلاء، ويشعر المواطن المقهور الغلبان، أمام الواحد منهم، وكأنه من المقبوض عليهم، والمتهمين من مجرمي الحرب أمام محكمة جرائم الحرب في لاهاي.
وبداية سيادة المدير لا بد من توضيح أمر هام حصل معي أثناء محاولتي الحصول على قرض لشراء بيت في الريف النائي البعيد وليس في المارتقلا أو الأمريكان والزراعة فكلا وحاشا لله وبعيدة عن "بوزنا"، وبعد أن طرقنا كل الأبواب وسدت في وجهنا كل المنافذ وأقفلت كل الأبواب، قرض بسيط بالملاليم وليس بالملايين من هذا الصرح الوطني العملاق، والذي يمكن اعتبارها-المحاولة- جرصة- اجتماعية حقيقية وورطة وزيطة وزمبليطة، و"شربوكة" وفضيحة من فصيلة "أم جلاجل" والواه الواه"، سمع بها الغادي والبادي واللي يسوى واللي ما يسواش، وتجلت أولاً في عملية البحث، عن، وإيجاد كفيلين اثنين من أجل الحصول على القرض، وما تخلل ذلك من محاولات وتوسلات واستجداء ووساطات وبحث عن الأقارب والأصدقاء والخلان الأحياء منهم والأموات من المتقاعدين وممن لا زال على رأس عمله كي يقوموا برهن رواتبهم للغير من أجل حصوله على قرض سكن. وهنا دخلنا السبع دويخات التي كنت أسمع وأقرأ عنها، ولم أتشرف بالتعرف إليها إلى بفضلكم وعلى أياديكم البيضاء التي أدين لها بهذا الكشف العولمي الهام والمعرفة، وسيادتكم تعلمون أن كل أصدقائنا ومعارفنا، وغالبية من نعرفهم هم من المعترين، والمنتوفين، والدراويش يعني من صنف "الحيط الحيط ويا رب الستر"، وهم من الفقراء من أصحاب الدخل المهدود والمشحوط (وكالعادة لا يوجد خطأ إملائي ها هنا) من "تبع" المتة والحمرا القصيرة والواحد وأربعين والمنقلة ورواد السرفيسات، وهم بالطبع ليسوا من سكان ومواطني اسكندنافيا، ولا مليارديرية أو تجار وأصحاب عقارات ورؤوس أموال، ومعظم رواتب هؤلاء المنتوفين مرهونة لبنك التسليف، أو لقروض وحاجيات أخرى يدارون بها فقرهم وتعتيرهم وتشحيرهم، وليس من اللائق، لا بل إنه من الإحراج والإذلال والإهانة المتعمدة أن تطلب من أحد أن يكفلك وأن مواطن تتمتع بكافة حقوقك المنصوص عنها بالدستور الذي يلزم سيادتك بتأمين سكن لائق وصحي للمواطن الكريم ودونما الحاجة لكل هذه الدويخات وتوريط الناس فيما بينهم بقضايا مالية و"شربكات" لها أول ما لها آخر. ولم نترك أحداً سلم علينا مرة على الماشي أو تعرفنا عليه بالصدفة على الفرن أو بالسرفيس إلا وسألناه إذا كان بإمكانه كفالتنا، حتى أن البعض صار يطنش عن مكالماتنا الهاتفية حين علم بجرصتنا العقارية، وكل الفضل لكم ولقوانينكم العصرية.
وهل تعلمون أن حالات طلاق وخناقات وخصامات أبدية وخلافات سرمدية حصلت بين أقرباء وأخوة وأقارب بسبب هذا البند التعجيزي والإذلالي حيث لا يتمكن الكفيل ولا المكفول ولا أي من سلالته ومن ذريته أن يحصل على قرض ولو بعد مئة عام ويسقط حقه في التعامل مستقبلاً مع البنك العقاري؟ والسؤال المنطقي الذي يفرض ذاته ها هنا، لماذا لا يمنح القرض بكفالة العقار الموثق والنظامي والقانوني، كما هو معمول به في كل دول العالم، أم أن "شربكة" المواطنين بعضهم ببعض هي هدفكم الأساس.
والأمر الآخر والأدهي والأدق رقبة، والذي تستحقون عليه جائزة نوبل وٌإقامة نصب تذكاري لمصرفكم العظيم بجانب هيئة الأمم، وهذه لعمري واحدة من بدع الزمان الكبرى التي لم تتفق عليها سوى عبقرية قوانينكم. وفيها سوء فهم كبير من قبلكم فيما يتعلق بمنح القرض. فلقد اعتقدت، وظننت، والله يلعن الشيطان الرجيم، لأن بعض الظن إثم، أنني، ولكثرة ما لب مني من رسوم تقع كلها في باب الازدواج الضريبي التشليحي غير القانوني، أنا من سأقوم بإقراضكم مبالغ مالية، وسأموا بنككم ومشاريعكم، ولستم أنتم من يفترض به أن يقدم القرض، وذلك لكثرة الرسوم، والضرائب والخوات والتشليح وفنون السحب واللهط والأتاوات واللف والدوران، التي تفرض على طالب القرض. فلو كان يتوفر لدى طالب القرض كل تلك الأتاوات والضرائب والرسوم التي تفرض عليه لما تقدم إلى جنابكم طالباً النجدة والإسعاف والدعم للحصول على القرض، ولكان باستطاعته بناء فيلا في بيفرلي هيلز. وأرجو أن تبلغ موظفيك الكرام بأنهم هم من سيمنحونني القرض ولست أنا من سيقوم بتمويل المصرف، قلو توفرت لدي كل تلك المبالغ والضرائب المطلوبة والمحمـّلة على القرض لما تقدمت البتة للحصول على قرض، هل سمعت مثلاً بالضريبة القراقوشية المضحكة تجيير الشيك، وضريبة أو عمولة الارتباط وكلها أنواع وفنون من الازدواج الضريبي الممنوع قانوناً والمحرم شرعاً وتنوع أسمائه لا يغير من طبيعته، بحيث يصبح مجموع ما يدفعه المواطن هو 1/10 من قيمة القرض في النهاية، فمعاملة القرض مع تسجيل البيت وضرائب المالية والطابو وغيرها من الأفانين الأخرى ستبلغ حوالي المائة ألف ليرة سورية، هذا إذا كان مبلغ القرض يبلغ المليون ليرة، ويتصاعد مع قيمة القرض، ناهيك عن فوائد القرض المركبة والتصاعدية، وتلك قصة، ومتاهة أخرى أنت أدرى بها.
هل سمعتم ببنك الفقراء الذي أنشأه البروفيسور البنغالي محمد يونس محمد وحاز على إنجازه الإنساني الفريد والعظيم جائزة نوبل للسلام لخدمة الإنسانية والفقراء ومواطنيه الدراويش البؤساء وأتذكر الجملة الأقوى في حديث مؤسس البنك: "إن إعطاء الفقراء قروضا هي عملية أقل خطورة من إقراض الفئات الأخرى بالمجتمع". هذه الفكرة بالذات هي التي قادته إلى نوبل أولا ثم إلى الثروة ثانيا، وهي ثروة لم تغير فيه لباسه المحلي التقليدي لكنها غيرت فيه ثقله من كفة المحلية إلى العالمية؛ حيث أصبح يعرف بمقرض الفقراء على مستوى العالم وحاصد نوبل السلام. (العربية 20 نوفمبر/ تشرين ثاني 2007). هل سمعت به وببنكه يا سعادة المدير العام؟ أم أن كل هذه القضايا الإنسانية لا تعني جنابكم شيئاً على الإطلاق؟ والسؤال الأهم هل القروض التي تمنح للأغنياء والحيتان الكبار تتعرض لنفس هذه الإجراءات؟
وبالرغم من كثرة الأوراق المصدقة والمعتمدة والمختومة والرخص والصور وآلاف التوقيعات والتصديقات فإن ذلك لا يكفي إلا بالكشف على الواقع على العقار، والطامة الكبرى أن القرض يعطى على ثلاث دفعات كي يكسب موظفو البنك بالطبع، كثرة المراجعات وطلعة المواطن البهية واستمرار الزحام والتدافع والمراجعين الكثر حيث لا تختلف ردهات أي بنك عقاري عن يوم من أيام الحشر والبعث العظيم والساعة الآتية والتي لا ريب فيها.
ملاحظة ذهب أحدهم من قبلنا إلى فرع المصرف في السبع بحرات، ورجع مكسور الخاطر مهيض الجناح، إذ قالوا له أنه لا يتوفر لديهم ورقة كفالة مصرفية، فتصوروا يا سعادة المدير العام، كل هذا الضرائب والرسوم، ولا يوجد لدى مصرف ورقة بسيطة تقدم أبسط خدمة للمواطن "الكريم".
وتحية لكم من قلب مواطن مقهور ومحروق ومجروح.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إهانة التاريخ العربي: رد على قيادي إخواني
-
فعاليات حقيقية لمهرجان الثقافة العربية
-
يا عيب الشوم يا كاجينسكي
-
شاهد على العهر
-
الهجوم على الإسلام
-
إخوان سوريا ونصرة المنصور
-
ماذا تنتظرون من مؤذن في مساجد دبي؟
-
يوم في حياة الرئيس مبارك
-
أوربة ديار الإيمان
-
تهنئة للأخوة المسيحيين بأعياد الفصح المجيد
-
هل بدأت الحرب على أسلمة أوروبا؟
-
ابن تيميه في قفص الاتهام
-
من يجرؤ على الكلام في حقب الظلام؟
-
العلاقمة الجدد قادمون
-
الله الإنسان أو الإنسان الإله، بين أنسنة الله وتأليه الإنسان
-
سيناريو افتراضي لمؤتمر القمة العربية عام 2048
-
الأتمتة وسنينها: المواطن-الزبون
-
هاتفكم مقطوع لأسباب مالية
-
هدم المساجد: النار التي ستأكل نفسها
-
هدم المساجد: النار التي تأكل نفسها
المزيد.....
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|