الرئيس تشافيز: الماركسية هي نظرية علمية متقدمة لتحليل التاريخ والواقع

فنزويلا الاشتراكية

الحوار المتمدن-العدد: 2975 - 2010 / 4 / 14 - 10:10
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

لم يعجب التصريح الجميع، كان هناك حالة من الارتباك، بانتظار تغيير العبارة أو تصحيحها أو ربما نقضها وانتقادها من قبل مطلقها، إلا أنه صمت بانتظار متابعة حديثه تأييداً لتلك الفكرة. كان في الحضور من تبادل نظرات الثقة وآخرون ابتسموا لبعضهم ووجهوا تحيات مشجعين يرون هدفاً يدخل في مرمى فريق الخصم، ومجموعة صمتت وأخرى صدمت ويبدو أن هنالك من تدارك نفسه ليتابع نفاقه على اعتبار أنه هو أيضاً كذلك، هو أيضاً شريك في التصريح.

"أنا ماركسي"، قال الذي كان يقف على المنصة مخاطباً أعضاء الجمعية الوطنية الفنزويلية (البرلمان) بمناسبة مرور نصف مدة ولايته الرئاسية الثانية، "أنا ماركسي.. إن الماركسية هي نظرية علمية متقدمة لفهم التاريخ والواقع" أضاف، ليضيف إلى الكثيرين المزيد من القلق، فهل يعني ذلك أن العملية الثورية ستأخذ منحى أكثر راديكالية؟ ولربما السؤال يجب أن يكون هل يقيم ذلك أي فرق في القضية؟ إطلاقاً.
كانت الماركسية منهجاً معلناً وفي دساتير نظم سابقة، وربما لا تزال صور ماركس لها نصيب في بعض الأماكن في الصين، فلا استمرت تلك النظم ولا كانت اشتراكية ولا يمكننا أن نقول بأن الصين كذلك، على الأقل بالنسبة لملكية وسائل الإنتاج. فلما سيكون هنالك فارق في فنزويلا!
لن أنكر الأهمية التاريخية، لا يمكننا أن نعزل التصريح عن سياقه التاريخي مما يعطيه أهمية بالغة، فرئيس منتخب بشكل ديمقراطي بعد مرور عقدين على انحلال الاتحاد السوفييتي بما حمله من خيبات أمل سواء بسقوطه أو بممارساته عندما كان قادراً، مما جعل الاشتراكية تبدو تخريفاً والماركسية جثة لا قيمة لها، يأتي بعد كل ذلك الرئيس المنتخب ليقول "أنا ماركسي"، نعم لذلك أهمية قصوى من حيث الدلالة، فالرئيس تشافيز لن يصرح بذلك ما لم يكن على علم بأن تياره الثوري مستعد للخوض في ذلك والغالبية الفنزويلية التي تسانده مستعدة على مستوى ما للبدء بقبول الأمر، فعلينا أن ننتبه لما رافق هذا التصريح من تهجمات، بلغت حد أن "ماركس هو يهودي فكيف نأخذ بمنهجه" لكن كما يقول "اليهودي" فإن خمس سنوات في زمن ثورة تساوي مئة عام في الزمن العادي، مما يعني أن هنالك درباً ربما قد يفضي ليصبح المنهج الماركسي جزءاً من ثقافة قارة أمريكا اللاتينية كما كان لاهوت التحرير أو قد يندمجا تماماً، ولكنه "ربما"، أي أن المسألة ليست بالتسمية أو بتقرير شيء مثل هذا، بل هي أشد عمقاً وأكثر تجذراً.
كان نقد العديد من أطراف اليسار الدولي للعملية الثورية في فنزويلا يتعلق برفض الرئيس تشافيز لصفة الماركسية معللاً بأنه لم يدرسها وعليه أن يدرسها ليكون ماركسياً، ومن كانوا يردون بأنه ما من أهمية للمسألة فالممارسة هي المهمة، التحليل المادي الثوري للواقع هو المهم والممارسة من خلاله هي التي تعطي التصور والتوصيف العلميين الدقيقين لا تسمية ما، كانت تضيق صدورهم، فهل ستنشرح الآن؟ أيضاً لا فارق، فمن لا يتمتع بروح نقدية تكفي ليرى ويفهم ما وراء الشعارات والرايات أي ما هو أهم منها، فإنه كالنظم المتصنعة بالاشتراكية التي كان غلافها "ماركسية".
قد تحمل الفترة المقبلة صداماً بين هذا الإعلان والقبول الشعبي، كما حدث في الاستفتاء على الدستور المقترح للعام 2007 حيث لم ترفضه الغالبية بل امتنعت عن تأييده لأنها تاهت بتعقيداته، و"النظرية الماركسية" ليست أكثر بساطةً بل ربما أشد تعقيداً، ونتوقع من الرئيس تشافيز المرونة الكافية للتعامل مع هكذا موقف، وهو سيفعل ولن يكون جامداً دوغمائياً بل سيجيد التعامل مع المسألة وسنتوقع المزيد من التهكمات من اليسار "الماركسي" غير المتمتع بالروح العلمية النقدية، ولكن مجدداً لن يكون هنالك فارق.
وإن كان الرئيس تشافيز يبدو مصراً على موقفه ففي آخر سطوره استذكر "نبي القضية الاجتماعية العظيم" في ذكرى رحيله، واقتبس شعراً من ماركس نفسه مخاطباً إياه: "سنبقى دائماً مدينون لك" ومن الواضح أن الدين هو إبقاء الممارسة الثورية "مناهضة للدوغمائية ومناهضة للانتهازية" بإبقائها اشتراكية علمية.

#فنزويلا_الاشتراكية (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات