|
حينما تصر الجماهير على رفض مسببات خلاصها .. أين الحل ؟ .
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2970 - 2010 / 4 / 9 - 20:10
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
في كل حين ، سوف تبقى حركة الجماهير وردود أفعالها ، مثار جدل قد لا يتيح للمفكر أو الباحث عن الحقيقة ، مجالا حرا لأن ينطق بما في داخله من تداعيات فقهية كانت او فكرية ، يحاول من خلالها بناء فكرة ما عن حدث ما ، يتعلق بمسيرة الشعوب وسلوكياتها الرامية للخلاص مما تعتبره ظلما وتجنيا على مقدرات عيشها في مراحل بعينها من تاريخها المنظور .. هذا إذا سلمنا بأن جميع أشكال الديمقراطية في العالم ، تستند أساسا على الاحتكام الى رأي الشعوب ..
ففي الوقت الذي تكون فيه تلك الجماهير، هي المرجع الرئيسي والمعول عليه في تقرير شكل السلطة ، حين يكون النظام موصوفا بكونه نظاما ديمقراطيا ، نجد في بعض الاحيان ، وخاصة في منطقتنا العربية ، بأن هذا المرجع ( الجماهير ) ، هو الذي يقف وبوزنه الاثقل ضد مصلحته بالذات حين نرى الالاف بل الملايين من ابنائه ( المسحوقين في الغالب ) ، يهبون للتصدي لأي مشروع يدعو الى بناء كيان جديد ، يشرع في تأسيس الدولة المدنية ، والمحكومة بدساتير تؤمن للمواطن إستمرار حياته المثلى بعد طول انتظار ... ناهيكم عن أن الجماهير نفسها هي التي لا زالت متهمة بارتكاب حماقات صنع جبابرة حكموها ولردح طويل من الزمن .
ألعراقيون مثلا .. لم يتركوا سعة في مجال التشكي ضمن مؤسسات العالم المعنية بحقوق الانسان ، إلا وثبتوا فيها شكواهم من ظلم النظام السابق .. وكانوا محقين في دعواهم للتخلص من براثن نظام داس وبشراسة على كل الكرامات وهدر الحقوق ، وتسبب في إراقة الدماء وبشراهة ليس لها مثيل . وكان لهم أن توفرت لهم فرصة التغيير من خارج حدود بلادهم لكونهم ، ومن خلال إعلان كافة القوى السياسية المتواجده في الخارج والداخل ، بانهم أصبحوا عاجزين تماما عن إحداث أي تغيير شامل في هيكلة النظام السابق وقوته العارمه آنذاك .. وحدث في عام 2003 ما أتاح للشعب العراقي ما لم يكن يحلم به من حريات جعلته يتظاهر، ويعترض ، وتنفتح في بؤر صوته القدرة على الانطلاق ، ليقول ما يريد قوله دون خوف ولا وجل .
وهنا ، إنبثقت حيرة ومن نوع جديد ، لتؤسس لافكار طالما جرت مقاومتها في نفوس الباحثين عن صحة او عدم صحة الفكرة التي تقول ، بأن الشعوب هي المسؤلة في غالب الاحيان ، عن معاناتها وصنع حكامها وانظمتهم المستبده .. وانبثاق هذه الفكرة ، جاء منذ أولى بوادر الاحتراب المقيت بين القوى التي تدعي بانها كان لها اليد الطولى في إحداث التغيير في العراق ، في الوقت الذي تقول الحقائق فيه ، بانها كانت بعيدة كل البعد عن إبداء أي حراك مؤثر، يجعل النظام السابق يتزحزح عن عرشه ولو قيد أنمله .
فخرجت الملايين ، وبوعي شلته أفكار تدار من قبل أجندات خفية تحمل خبثا في النوايا ، لتهتف بسقوط المحتل ، دون أدنى شعور بالمسؤلية المبنية على أسس تعقل أسباب ما جرى ويجري على الساحة العراقية ، وما يجاورها من بلدان .
لا يمكن لأي عراقي نجيب ، يحمل ادنى مشاعر الانتماء لوطنه ، أن يدافع عن فكرة بقاء المحتل في البلاد ، وبأي شكل من الاشكال .. غير أنه من الانصاف بمكان ، أن يعترف الجميع بالحقائق كما هي ، لا تشوبها شوائب التشفي الرخيص ، ولا تحكمها نوايا الارتزاق السياسي وشهوات الوصول الى السلطه ، بأن من أحدث التغيير في العراق ، هم في الاساس ليسوا العراقيين لوحدهم ، وبالذات ليست القوى التي تنادي اليوم بتحرير البلاد من محتليها بين يوم وليله .. تلك القوى التي أدمتها حروب الامس وشردت قادتها ، وجعلتهم شتات في بلدان العالم ، لا حراك لهم غير التطلع الى يوم يخلصهم فيه قدر جبار مما هم فيه من محنه .
ليس لي هنا الدخول في تفاصيل مجريات الاحداث الجارية في بلادي منذ عام 2003 ولحد الان .. غير أنني لا زلت أمام سؤال طالما وجدته مثار حفيظة العديد من كتابنا ومفكرينا ، حين يصار الى بناء فكرة تقول ، بأن الجماهير ، وفي أحيان كثيره ، هي التي تقف ضد مصالحها الوطنيه ، وهي التي تساهم وبشكل فعال في إزاحة انظمتها ، صاحبة النوايا الحقيقية لإرساء مباديء العدالة والتقدم ، وهي التي تفعل فعلها في ترسيخ أسس الارتكاز لولادة انظمة بديلة ، تسعى الى هدم مؤسسات المجتمع المدني وايجاد سبل الطغيان والتمرد على حقوق الانسان .
من هنا ، وتأسيسا على هذا المنحى من التفكير ، خرجت صباح اليوم ، الملايين من ابناء الجنوب في العراق ، منددة بمن كانت تطالبه بمد يد العون للتخلص من نظام كانت تصفه بالطغيان والتجبر ، وملأت الدنيا صراخا وعويلا من ظلمه واشتداد قساوته .. لقد تناست هذه الجموع من المتظاهرين زمنا كانت فيه بعض قرى الجنوب ، يأكلها مرض الجذام جراء الاهمال الفضيع إبان السنين العجاف ، يوم لم يكن في العراق غير هدر الكرامات وإشعال نار الحروب المجنونه .
إنها إشكالية حقيقية ، تتطلب منا الوقوف عندها بتأني ، تلك التي تجعل الجماهير في العراق ، تسعى للعودة الى مربعها الاول من جدول حياتها المليء بالأزمات ، متنكرة وبشكل يدعو للقرف في بعض صوره ، للمتسببين الرئيسيين في وصولها الى ما يمنحها حرية الصراخ في الساحات العامه ، بعد أن كانت لا تقوى على إطلاق أصوات الأنين من عذاباتها في الماضي القريب .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أعمارنا ليست عزيزة علينا ، وحربنا معها مستمره .
-
لماذا هذا الإهمال المتعمد للكفاءات العراقية المهاجره ؟؟ .
-
ألواقع الاجتماعي العربي .. بين ثورة الجسد والعقل ، وعبثية رد
...
-
أفكار مهشمه !
-
أليسار في دول العالم العربي ، ومقاومة التجديد .
-
من ذاكرة الحرب المجنونه
-
بعيدا عن رحاب التنظير السياسي .. 2
-
ألحريه .. حينما تولد ميته .
-
الزمن العربي .. وسوء التسويق
-
حلوى التمر
-
سلام على المرأة في يومها الأغر
-
مراكز نشر الوعي في الوطن العربي .. الى أين ؟
-
بغداد ... متى يتحرك في أركانها الفرح من جديد ؟
-
أفكار تلامس ما نحن فيه من أزمه
-
نحن والتاريخ
-
بعيدا عن رحاب التنظير السياسي
-
حينما يصر أعداء العلمانية على رميها بحجر
-
عمار يا مصر ... 2
-
عمار يا مصر
-
نذور السلطان .. 5
المزيد.....
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
-
شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه
...
-
الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع
...
-
حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق
...
-
بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا
...
-
وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل
...
-
الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا
...
-
وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني
...
-
تأثير الشخير على سلوك المراهقين
المزيد.....
المزيد.....
|