أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زاهر زمان - تغييب العقول ... لمصلحة من ؟ 1















المزيد.....

تغييب العقول ... لمصلحة من ؟ 1


زاهر زمان

الحوار المتمدن-العدد: 2969 - 2010 / 4 / 8 - 18:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


القيادة أو الرئاسة أو السيادة لا تأتى من فراغ ، وانما هى محصلة تفاعل بين القائد والمقود وبين السيد والمسود وبين الرئيس والمرؤوس . ومن أهم سمات القيادة أو الرئاسة أو السيادة هى وجود متبوع وأتباع ، والسمة الأساسية فى العلاقة بين المتبوع والأتباع ، فى ذلك النوع من العلاقة التى تجعل الأتباع يسيرون فى فلك المتبوع ، هى عادة ما تكون هناك حاجات ومصالح يتوخى الأتباع حصولهم عليها بواسطة المتبوعين ، بشكل مباشر أو غير مباشر . فمثلاً ..فى أيامنا هذه تجد فى الدول الديمقراطية العديد من الأحزاب السياسية مثل الحزبين الجمهورى والديمقراطى فى الولايات المتحدة الأمريكية وحزب العمال وحزب المحافظين فى المملكة المتحدة ، يهرع الناس الى المكاتب والمقار التابعة لتلك الأحزاب ، للانضمام الى قوائمها الحزبية كأعضاء ، يدفعون قيمة الاشتراكات المالية عن طيب خاطر ، ويداومون على متابعة كل تطور صغير أو كبير يحدث على مستوى السياسات التى ينتهجها هذا الحزب أو ذاك ، وكذلك يتابعون مدى التزام هذا الحزب أو ذاك بما تعهد به فى برنامجه الانتخابى من عدمه ، ومدى انعكاس سياسات هذا الحزب أو ذاك على أرض الواقع وعلى حياة المواطن بشكل عام ، سواء أكان منتمياً الى أحد الأحزاب أو لا . لماذا يفعل الناس ذلك فى الدول المتحضرة ؟ الأسباب عديدة ؛ أهمها أن الناس يرون فى تلك الأحزاب وسياساتها ورموزها التى تمثلها أنها تقوم بالعمل على تحقيق طموحاتهم وتلبية احتياجاتهم المتمركزة فى توفير حياة حرة كريمة ، تنعم بالأمن والسلم والاستقرار ، بسياساتها الاقتصادية الناجحة القائمة على تشجيع التجارة والاستثمار وانتهاج الأساليب التى تعمل تطوير وتوسيع كافة القطاعات الانتاجية والخدمية فى المجتمع . إذن الناس فى تلك الدول يتخذون قرارهم فى أن يكونوا تابعين لهذا الحزب أو ذاك بعد أن يُعمِلوا عقولهم وفكرهم فى مدى تطابق مايقع فى حياتهم من تغيرات معيشية ، مع مايعلنه وينتهجه هذا الحزب أو ذاك من سياسات ، تنعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على حياتهم . كما أن الحرية المطلقة فى الاختيار مكفولة للجميع هناك بحكم الدستور ، الذى توافق عليه غالبية أفراد المجتمع ، وأقرته البرلمانات ، ولا يملك أحد تعطيله أو تعطيل أحد بنوده ، سواء أكان فى الحكم أو فى المعارضة . وهذا لا يعنى أن النصوص الدستورية هناك مقدسة ، يظل معمولاً بها الى مالا نهاية ، وانما يجوز تغيير أياً من تلك النصوص الدستورية ، وفقاً لتغير احتياجات المجتمع لبعض النصوص ومسايرتها لتطورات العصر من عدمه ، لكن التغيير هناك لا يتم لتلبية رغبة فئة معينة ، أو لمصلحة حفنة من الأفراد ، وانما يتم تغيير النصوص والدساتير هناك من أجل تحقيق المصالح العليا للأفرد ، وللمجتمع ككل ، وبطريقة تشريعية تضمن عدم تلاعب حزب من الأحزاب أو فئة من الأفراد ، بمواد ونصوص الدستور ، لتحقيق مصالحها الذاتية على حساب المصلحة العليا لعامة جموع المواطنين .
ماطرحناه آنفاً هو لون من ألوان القبادة أو الرئاسة ، لكنه لا يمكن أن يكون بأى حال لوناً من ألوان السيادة بالمعنى العربى أو الاسلامى للكلمة ، الذى فى أغلب مدلولاته - وخاصة فى الفكر السلفى والتراثى التراكمى - يجعل مصطلح " السيادة " نقيضاً لمصطلح " العبودية " ؛ فالمدلول الغالب لكلمة " السيد " فى التراث الفكرى والمجتمعى للعقل العربى بوجه خاص والاسلامى بوجه عام ، هو الشخص الذى يأمر فتطاع أوامره بواسطة المأمورين ، حتى ولو كان فى تنفيذ تلك الأوامر ، تحقيق لرغبات " السادة " على حساب المصالح الذاتية للأتباع ، وسواء ارتضوا طوعاً القيام بتنفيذ تلك الأوامر ، أو قاموا بتنفيذها كرهاً وخوفاً من بطش ذلك " السيد " أو خشية فقدانهم لبعض الامتيازات التى يحصلون عليها جراء اتباعهم لأوامر ذلك "السيد" ، كتمتعهم بالأمن والحماية التى يوفرها لهم ذلك "السيد " ، وهم منضوين تحت لوائه . المهم أن الخلاف أو اختلاف التابعين هنا مع المتبوع " السيد " ممنوع منعاً باتاً ، لإن جوهر العلاقة القائمة هنا بين الطرفين ، يمكن تصنيفها على أنها علاقة بين " السيد " الحر وتابعيه الذين لا يملكون الحق فى معارضته أو أن يقولوا له فى أمرٍ من الأمور كلمة " لا " أو أننا نرى غير ماترى ، دون أن يأمنوا العواقب الوخيمة لتلك المخالفة ! وهنا نستطيع أن نلمح بوضوح مدى التأثير السلبى المتغلغل فى تركيبة العقل العربى الاسلامى أو المسيحى أو اليهودى ، للفكر والتراث الدينى السلفى الذى طبع ومازال يطبع العقول على عدم اعمال العقل فى التشريعات أو الأوامر الصادرة من الأعلى ومن القمة الى العامة ، والتسليم بها والانقياد لها ، والايمان والاعتقاد بأن تلك الأوامر والتشريعات ، لا تحتمل الا وجهاً واحداً وهو الصواب دائماً ، حتى وان خالفت الواقع ولاحظ العقل تلك المخالفة الواضحة للواقع ، فالأولى هنا بصاحب ذلك العقل أن يتهم العقل بالعجز والقصور عن فهم معنى أو مغزى تلك الأوامر أو النواهى أو التشريعات ، مادامت هى قد صدرت من أعلى الى أسفل !! هكذا هو الأمر ، وذاك هو الهدف ؛ الطاعة العمياء لكل مايأتى من الفوق الأعلى ، الذى تم تشكيله وصياغته منذ قرون طويلة على ركيزة الانصياع لسلطة الأعلى ، الذى هو فى عالمنا العربى ، لم يكن أبداً ولن يكون سلطة العقل ، مالم يفرز العالم العربى قيادات تنويرية جريئة قادرة على اقتحام المحظورات وخلخلتها لصالح التطور الذى يجب أن يكون عليه العقل العربى ، حتى يكون مستعداً لمواكبة الحادث فى كل العالم من حولنا وخاصة فى دول الشمال المتقدم .
لقد تخلصت الشعوب فى دول العالم المتقدم من تلك الديناميكية البدائية فى طريقة استخدام العقل فى تقنين وتقييد الشكل والمدى الذى تكون عليه العلاقة التفكيرية فى الأمور التى تخص حياة الفرد بشكل مباشر أو غير مباشر ، وأصبحت السلطة العليا التى لها الكلمة الأولى والأخيرة فى الحكم على اللوائح أو القوانين أو التشريعات ، هى حرية الاختيار وحرية اتخاذ القرار بالموافقة أو المعارضة ، وهذا ليس معناه فرض الرأى بالقوة أو ارغام الأغلبية على النزول على ماتراه الأقلية أو مايراه الفرد ، ولكن كلٌ له حق النشر والاعلان عما يراه صحيحاً والغالبية هى الحكم والفيصل فى نهاية المطاف ، باقتناعها بدعاوى هذا الطرف أو ذاك .
ولا يستطيع كائن من كان أن يضمن قدرة أية طلائع تنويرية على تغيير المنظومة الفكرية التراثية والأولويات الضرورية للعقل العربى ، مالم تتوافر فى المنطقة العربية كيانات اقتصادية عملاقة ، مؤمنة بضرورة التغيير ، ومستعدة لدعم تلك الطلائع التنويرية ، لتمكينها من الوصول الى أعمق أعماق العقل العربى فى مختلف شئون حياته اليومية ، والأخذ بيده ، على طريق ممارسة الفكر النقدى القائم على الواقعية الموضوعية ، المطلوبة بشدة فى زماننا هذا لمكافحة الارهاب والطائفية والعنصرية والجهل والفقر والتعصب والجمود الذى يطيح بكل حقوق الانسان سواء أكان طفلاً أو رجلاً أو امرأة .

زاهر زمان



#زاهر_زمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- [ ذكر...فإن الذكرى تنفع العاقلين ! ]
- قراءة فى موضوع [ تشنجات الدين الوافدة على المجتمع المصرى - م ...


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زاهر زمان - تغييب العقول ... لمصلحة من ؟ 1