|
عضة الاباتشي.!
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 2969 - 2010 / 4 / 8 - 16:59
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
الأباتشي كلب يَعثض ...! رومانسيته انه يقتل بمزاجه وعاطفته وما يتلوه عليه الكاهن الرحيم الجالس في القاعدة يوجه مدى المدفع الرشاش ليرمي اهدافا معادية في ظنه العولمي حتى لو كان هذا الهدف شتلة ورد..! هذا الطائرة التي تحتاج الى مديح لايهدأ خلدت الموت بشكله الجماعي في ساحة ملاعب الاطفال وشوارع المارة وسطوح البيوت ، وليس في ساحات المعارك العسكرية كما خططت لها صانعتها لوكهيد أو فلسفة القتال المتشابك بين القطعات المحمولة والمتجحفلة كما يراها البنتاغون .بل أن ضرورات الغير متوقعة في حروب امريكا جعلت هذا الوحش الحديقي يتصرف مثل شقوات الشارع وخبث الغربان فلا يقتل سوى ما يظنه هدفا معاديا ..! وربما ما نقلته شبكة الانترنيت قبل ايام في مشاهد من هذه الرحمة المنغولية المهجنة بالمشهد الساحر لصور قتل سريع وغير مؤلم ودقيق يرينا صدق مشاعر هذا الكلب الحديدي المتطور .وكان أول رد فعل لي لهذا الفيلم هو انني تذكرت عراب هذا الكلب وصانع مديح وضرورته التأريخية ( دونالد رامفسيلد ) والذي يكتب في شعره الذي تغلب عليه المسحة الصوفية :ان الوجدان الذي لايشعر بالعاطفة البريئة علينا رميه في مكبة النفايات . أذن اين السيد من عاطفة كلبته .عندما تزهق ارواحاً بريئة فقط لظنها ان الذين يرتدون قمصانا بيضاء وبأيديهم كاميرات تصوير وكيس تسوق واطفالا يصاحبون اباءهم لنزهة في جنة بغداد المتناحرة في طوائف كرخها ورصافتها. حتما كان السيد في لهو مع كلبة اخرى حقيقية وليس حديدة مثل هذه الاباتشي التي ظن قائدها ان الكاميرا التي بيد صحفي وكالة رويتر هي سلاح اربي ــ جي 7. فكان علينا ان نكتشف ان هذا الكلب الذي حشوه بأدق المعلوات والاقام والزوايا والافتراضاءات نسو ان يعلموه وهو يملك ادق النواظير والشاشات ان يميز بين الكاميرا والقاذفة وبين الطفل ورجل الميليشا .وبين عزل يرتدون قمصانا بيضا وبين ملثم يمسك سلاحا متوسطا او خفيفا ويقاوم فيه دبابة امريكية تصهر بأقدامها الحديدية ارصفة المدن وفسائل النخيل وكل زينة ارادتها بغداد لتكون جميلة وىمنة وعشيقة ليل شعراء دجلة وفقراءها والناس الطيبين..! أول رد فعل لي كتبت تحية لهذا الكلب مقطوعة مموسقة اشعرتني ان الكلاب هنا ليست وحدها من تحسن التسوق ومدارت وحدة العجائز واللعب مع الاطفال في حديقة البيت الامامية ، ان بعضها وربما المصنوعة من الحديد والبارود والحواسيب المتطورة تستطيع ان تنقلك من الحياة الى النعش فقط بظن او اعتقاد انك هدف معاد وهذا ما يجعلني اضع حرب امريكا في موازاج الشموخ الجمالي لتمثال الحرية الواقف قبال النهر بنيويورك : (امس ارتنا الاباتشي حنانها الرائع وهي تقتل العراقيين العزل في شوارع بغداد ...مم الضحايا طفلين .وصحفيين ...والباقين ربما كسبة وعاطلين عن العمل .واظن ان واحدا منهم كان المفروض ليعلن خطوبته في الاسبوع القادم ...لكن الغرام الامريكي سبقه في الشوق .وبدل خطيبته بملاك حلو من الجنة .ولكني اسال السيد يوش المتقاعد الان في بيته الريفي بكامب ديفيد : ما ذنب خطيبته التي ترملت ..؟ الاباتشي حنونة بقساوتها وحقارتها .وسادية ما يحدث...!) هذه العضة التي اظهرت لنا سادية مزاج الطيار هي نتاج للخلل القابع في الروح العسكرية المتوترة في الذات المقاتلة .واعتقد انها ذات الروح التي صور قلقها وفزعها ودمويتها المخرج فرانسيس كابولا في فيلمه المهم عن حرب فيتنام الموسوم ( الرؤيا الآن ...). هذا يعني أن بقاء هذه الروح العسكرتاريا والغير متماسكة والقلقة والخائفة سترينا ردود فعل اخرى ربما اكثر دموية لتعيد الينا صور مجازر تاريخية قديمة تحملها الهنود الحمر سكان امريكا الاصليين من سادية ومزادجية ورامبوية هذه الروح . عضة الاباتشي هذه ...اعادت الى مخيلتي مقال قديم كتبته عنها قبل سنوات ونشرته في الزمان اللندنية وفي الصباح ومواقع الكترونية كثيرة عنوانه ( الفرق بين الجورينكا والأباتشي ) اعدت قراءته الآن لجد أنني منذ طفولتي واقع تحت تاثير نبؤة الاشياء الفزعة التي اتخيل مصائرها ومدى تاثيرها علينا .وربما هذا الكلب بعضا من مصائرنا وهو حتما جاء بضرورة التزحلق التاريخي الذي يرمينا من القمة الى الهاوية بفعل ما كسبناه من ثقافة الجنرلات والعقول اللصوصية والاثنيات المسحوقة وجغرافية المكان. استعيد هذا المقال معكم الان لترون ان عضة هذه الاباشي لن تحتاج مثل اي عضة كلب آخر الى حقنات دوائية تجنبنا عدم الاصابة بداء الكلب بل هي تاخذنا الى ظلمة الموت مباشرة مادام مدفعها الرشاش دقيق جدا ويرمي مئة اطلاقة في الثانية الواحدة . بين جورينكا والاباشي دمعة شعوب مقهورة من قصائد وزراء الدفاع والرؤوساء المتكئين على ابد السلطة واعلان الحروب وعشق مجارف المقابر الجماعية .بين الاباتشي وبغداد طفولة تموت وعبارة تختنق وحبر يجف .فالى هذا الكلب المسعور نرفع قبعة التحية لمنحه ابرياء هذا الوطن اسرع موتا على الأرض ..!
(( الفرق بين الجورنيكا والأباتشي ))
يوم رسم بيكاسو مأساة بلده في لوحة جورنيكا ، علق فرانكو ، أذ مات ولم يشاهدها سوى في الصور : أن بيكاسو رسام متهور..!! ويبدو أن العالم بعد هذه اللوحة احتفى مع أطنان من الجورنيكات ، وأذا كانت مساحة لوحة بابلو بيكاسو لا تتعدى المترين طولا وعرضاً ، فأن البعض من احترفوا الريشة مهنة ، رسموها وهم يمجدون الأسياد بشكل مغاير بأطوال لاتحدد بمتر ، ويقال أن الجداريات التي رسمت من أجل ستالين مثلاً ، كانت كل واحدة منها تحمل دافعاً ، فالرفيق جوزيف كان يأمر بعمل ملحمي يمجد شخصه ، عندما ينتهي من توقيع مراسيم سوفيتية لتصفية فلاحي جمعية متقاعسة . وهكذا أستمر الأمر ، أنهم يرسمون خلودهم من دموع رعاياهم ، وكأن الأمر أخذ أزلية التفكير الروماني القائل : لامجد من دون جماجم . وهكذا في مسح ميداني شامل للمقابر الجماعية التي هي الوجه الآخر لحزن الشعوب نستطيع أن نصنع آلاف الجورنوكات وبأردية مختلفة ، رداء من تل الزعتر ، من المحاويل ، من كابول ، من البوسنة ، من كمبوديا ، من حلبجة ، من فيتنام .. من أماكن لا تحصى ، حتى الغارقين في القاع مع تايتانيك يمكن أن نطلق على رقدتهم في الماء المالح ، مقبرة جماعية . أذن كان الموت الجماعي هاجساً سياسياً صرفاً، وهو في رأيي وليد قدر الشعوب ، وربما هو من خيارات التأريخ لها ، بفضل تداخلات الحضارة وهموم الأستعمار التي حركتها أحلام القياصرة ، والمحصلة : أن أبن أور وبابل وبغداد ونينوى هو من يدفع الثمن ، حتى لو كان المشاغب واحداً من أبناء بانكوك . وأعتقد أن سبب هذا السير المربك للدويلات الشرقية ، هو هاجس الملوكية الأزلي الذي صنعته مدخراتنا من أساطير وحكايات تأليه لاداعي لها ، وبتنا مثل المنومين ، نصحو على صباحات تختلط فيها الأناشيد الوطنية مع أغنيات فيروز ، ولا خيار لك ، عليك أن ترتدي خوذة الحرب ، لأن القدس تنتظرك ، وبحيرة الأسماك تنتظرك ، والأسكندرونة ، وسبتة ومليلة ، وطنب الصغرى والكبرى ، وربما حتى جزيرة مالطا تنتظرك...! . يا لهذا العربي : كم الذين ينتظروه ؟! أنها أفواج من سحب التأريخ ، متى مطرت ، فأنها من خراج الرشيد ، أما نحن فلنا الحصرم ؟ في النهاية علي أن أعود إلى عنوان مقالتي ( الفرق بين الجورنيكا والأباتشي ) أقول بعد كل هذا السرد اللامبرر أعلاه فأن الأمر يتعدى أحلامنا ليدخل في ضرورات التأريخ بسبب حجم المؤثر الهائل الذي كانت غمامته الفولاذية تغطي رؤوسنا ، ورغم أن الأباتشي تنسى في بعض الأحيان تقنيتها وتضرب بيت الطين ، فأنها في النهاية واحدة من ضرورات التأريخ شئنا أم أبينا . ولكن في المقاييس الجمالية الفرق واضحاً ، جورنيكا ، تحدثت عن ذعر تصنعه الحروب ، والأباتشي تصنع ذعراً تتحدث عنه الحروب....( كتب هذا النص بتأريخ 13 / 3 / 2005 )...
المانيا في 8 ابريل 2010
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
للناصرية ..للناصرية ( صديقة الملاية رامسفيلد )
-
أميرات البيرة ( فريدة ، لؤلؤة ، شهرزاد ، سنابل )...
-
مطر مندائي ..في منديل لميعة ...!
-
السعادة الأنثوية ...اللذة المطلقة ..!
-
ايقاعات الحياة الآلهية والانثوية والعولمية ...!
-
عرض أزياء وغناء في فندق شط العرب البصرة
-
سجادة السلطان ( شذوذ الألوان والنسوان )...!
-
جاموسة المعيدي وبقرة الهندوسي ...!
-
عصر الخناوات الذهبي ( مثيلي الجنس )...!
-
من أسرار الرّؤية المندائيّة للكون....!
-
الله والكنيسة ومؤذن الجامع وأمي ...!
-
الأم وحدائق الجنة ..!
-
البنجة ( الخليقة المندائية الرائعة )
-
الناصرية ( أيقاع الحياة ...في زهرة انثى الطين )...!
-
دوسلدورف ...النهر في قصيدة
-
المدينة ( الناصرية ) ....! والاصحابُ ، وصُحاح تتقاتل عليه ال
...
-
تفاصيل مقترحة لرقة امرأة .....!
-
ارواح بيضاء في مكتبة زولنكن ...
-
شهوة الدمية ...شهوة السوسن ...شهوة العراق ......!
-
دهشة السوسن
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|