أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - لماذا يتزوج الرجال من (عاهرات) ؟!














المزيد.....

لماذا يتزوج الرجال من (عاهرات) ؟!


لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)


الحوار المتمدن-العدد: 2967 - 2010 / 4 / 6 - 00:16
المحور: الادب والفن
    


كانت أصوات الجيران عالية، و من الواضح أن شجارا ما قد اشتعل بين الزوجين.
دقت " ريانا" بابي في الساعة التاسعة ليلا، كانت تلك الأمريكية الشقراء، ذات السنوات السبعة، ترتجف بقدميها الحافيتين، و حملت لنا رسالة مقتضبة :
- ماما تقول لكم، اطلبوا ال(911)، و أعطوهم عنوان منزلنا، فأبي يضربها، و قد أخفى أجهزة الهاتف...
كم كنت مندفعة، و أنا أطلب الشرطة، لأن ذاكرتي كان قد أحضرت أناسا في البعيد، لا قانون يحميهم، و لا صوت لهم.
جلست "ريانا" تشرب كوب الحليب الساخن، الذي أعده لها زوجي، بينما كنا نسمع صوت سيارة الشرطة، ثم طلبت ورقة و قلما و بدأت الكتابة.
في العاشرة دخلت أم ريانا بيتي معتذرة، و شاكرة .
حضنت ابنتها و قرأت ما كتبته:

( لماذا يتزوج الرجل من عاهرة؟! )
( لأنه أشد عهرا )
**********


من تذكرتهم لا يزالون هناك، في بقعة أرضية قوانينها ذكورية، و رجال الدين( ذوو السلطة) فيها جميعهم ذكور.
حدث في ليلة خميس يعربي، و قبل أن أدخل في سبات التعب بعد اليوم الطويل، أني سمعت صوت طفلة باكية:
- الحقوا "ماما" (موّتها )من الضرب...
نهضت مسرعة لأرى " تالة" ذات الخمس سنوات تبكي و تصيح على شرفة منزلهم، و الجيران جميعهم على الشرف و الشبابيك..يستمعون.
لم أدر ما أفعل، الرجال و النساء (القديمين) لم يقدموا على أية خطوة ..ما الذي سأفعله أنا الساكنة الجديدة هنا، و زوجي مناوب في المستشفى، لكن منظر " تالة" الخائف حد الاصفرار، كان أقوى من جميع ترهات الحياديّة.
وضعت معطفي على ثياب النوم، و خرجت ...
طرقت بابهم أكثر من عشرة مرات، باللباقة أولا و بكامل الهمجيّة لاحقا.. لم يفتحوا لي، لكن صوت "تالة" كان قد ابتعد و خفت.
عدت منزلي على أصوات الجيران و قرفهم:
-(ليش لتوجعي راسك يا دكتورة )، زوجها و حر فيها.
-(شو هالدكتورة مفتكرة حالا رح تصلح الكون).
-أكيد أم تالة بتستاهل، لحتى انفجر الرجل...

عدت إلى منزلي، حزينة أرتجف، جافاني النوم ليلتها فصورة تلك الطفلة بقيت في مخيلتي، تسألني : كم من الخسائر النفسيّة حصدت!

في صباح اليوم التالي، استيقظت على صوت الجرس، نهضت مسرعة، و فتحت الباب لتدهشني كدمات الوجه الملائكي لأم تالة...
دخلت بيتي تتعثر بخجلها، جارة" تالة "من يدها الصغيرة.

- جئت أشكرك يا دكتورة، قالوا لي أنك من طرق الباب البارحة، لولاك لكنت اليوم ميتة..كما أود لو أطلب منك خدمة..هل لي أن أضع "تالة" عندك ساعة فقط ..اليوم يوم عطلة، و لا يوجد رياض أطفال، و يجب عليّ أن أذهب إلى المستشفى كي أطمئن على وضع (جنيني) بعد هذا الضرب .

و مع كل الدهشة التي عقدت لساني، أجبت:
-طبعا..أهلا و سهلا.

كان لبقاء "تالة" عندي وقع جميل، فإحساسي الصاخب بالحزن من أجلها كان كافيا لتضحيتي بيوم عطلة منتظر.
أعطيتها ( لوح شوكولا)، و قمت بتشغيل قناة للرسوم المتحركة في التلفاز، ثم أخرجت الغسيل من الغسالة، و بدأت أطويه..فتركت هي التلفاز و جلست تطويه معي.

-لا بأس، سأقوم بذلك بنفسي، كلي أنت( الشوكولا)، ثم سنصنع عصير الفواكه معا ...
نظرت إليّ بعينين عسليتين واسعتين:
- أنت دكتورة؟!
ابتسمت :
-أجل، لكن تستطيعين مناداتي "شمس".
- يعني أنت لست عاهرة؟!
توقفت عن طي الغسيل، و عن التفكير، و نظرت إليها بدهشة، و أنا أكذب أذنيّ..فأضافت:
- أمي "أمينة" ..عاهرة
- هذه الكلمة سيئة يا عزيزتي، أين سمعتيها؟!
و صح ظنّي عندما أجابت :
- بابا يناديها دوما عاهرة، و يقول أن كل النساء عاهرات .

جلست أرتب حديثا سهلا، و مقنعا، لأقتل البذرة الأولى للشيئية و امتهان الكرامة عند تلك الطفلة التي بقيت في ذاكرتي إلى اليوم .


قبل أن ترحل مع أمها، قسمت لها من لوح (الشوكولا).. قالت، و هي تبتسم :
- هذه القطعة لك كي تكبري، و تصبحي قوية..عندئذ لن يقول أحد عنك ..عاهرة.

يتبع...



#لمى_محمد (هاشتاغ)       Lama_Muhammad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سرطان تعسفي
- أسرار جنسيّة: شرفكم وثنكم (2)
- أحبك أيّها الأمازيغي..
- نبيّة الحب أنا
- تعالوا لأخبركم عن العرب : (3)
- تعالوا لأخبركم عن العرب : (2)
- تعالوا لأخبركم عن العرب ...
- رجال أحببتهم (1)
- رسائل إلى الله
- مذكرات فراشة في بلاد العم سام :جميل أبو رقبة
- فراش حب (2) : بحر
- فراش حب : (غدي)
- أسرار جنسيّة : (شرفكم وثنكم!)
- أسرار جنسيّة : (أطفال أنابيب!)
- مذكرات فراشة في بلاد العم سام (2)-حقوق الإنسان-
- مذكرات فراشة في بلاد العم سام (1)-دين الحب-
- مذكرات - قط - في بلد عربي(4)
- أسرار جنسيّة : للغيرة سلطان (2)
- مذكرات - قط - في بلد عربي(3)
- أسرار جنسيّة : للغيرة سلطان...


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - لمى محمد - لماذا يتزوج الرجال من (عاهرات) ؟!