هادي محسن الجساس
الحوار المتمدن-العدد: 2963 - 2010 / 4 / 2 - 16:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انتهت معركة الانتخابات العراقية والتي وعدتناخلالها الكيانات السياسية المشاركة فيها بشتى الوعود ( دولة خادمة لامخدومه..تغيير ..خدمات .. رفاه اقتصادي ..و.. و .. غيرها الكثير ) وما أن انتهى يوم الانتخابات أو بالأحرى قبل أن يبدأ ذلك اليوم العتيد حتى تبددت آمال هذا الشعب الجريح بكل الوعود التي قطعتها تلك الكيانات ...وتجسد هذا التبدد بالذات في يوم اعلان النتائج الانتخابيه ...وهنا انتقلت المعركة من معركة حامية الوطيس بين الكيانات الى معركة بين صفوف الجماهير .. فاحتدم النقاش والجدل السياسي الدائر بين الاوساط الشعبية سواء في الجلسات الخاصة أو في الساحات والمنابر الاعلامية والتي تديرها القنوات الفضائية بكل أنواعها واصبح المواطنون يتبادلون الاتهامات فيما بينهم فهذا يكيل تهمة الارهاب والبعث والقاعده ومحاولة اعادتنا الى المربع الأول ويقابله الآخر بالاتهام بالعنف والطائفية واتباع اجندات اقليمية وانه ايضآ يحاول اعادتنا الى المربع الأول
فاي مربع أول لعين هذا الذي نتحاشى العودة اليه والذي اختلطت علينا تسميته حتى لم نعد نتمكن من جعله مربعين باسمين ورقمين مختلفين ؟؟؟
وبهذا ضاعت علينا فرصة الاستمتاع بعرس ديمقراطيتنا الجديدة البهي, ومسحنا حبر أصابعنا البنفسجية على جدران الحمامات
ان ابتغيت أن تبذر بذرة فلابد لك من أن تقوم بتهيئة التربة اللازمة لهذه البذره لتضمن انباتها سليمة وتجني حاصلها ... هذه مقولة أجهدت نفسي في الاقتناع بها وتسقيطها على الواقع العراقي الحالي
فنحن بذرنا بذرة ديمقراطية وفدت الينا كزائر ليل في تربة لم نجهد أنفسنا بتهيئتها ولو تهيئة بسيطة ... فجماهيرنا لم تتهيأ بعد نفسيآ وثقافيآ وسياسيآ ولأسباب شتى لاستيعاب مفاهيم الديمقراطية ولم تتقبل الرأي والرأي الآخر ولاحتى وجهات النظر المخالفه .. والأنكى والأدهى من ذلك فان قادةالكيانات التي شكلت مادة ديمقراطيتنا هذه هم أنفسهم لم يستوعبوا مفاهيم الديمقراطية على الرغم من قضاء أغلبهم فترات طويلة في مجتمعات ديمقراطية عريقه فأخذوا يتبادلون الاتهامات فيما بينهم ولجأ بعضهم الى اقصاء الآخر وتهميشه عن طريق هيئات زرعت في ظل الحكم ( الديمقراطي ) الذي من المفترض انه يستوعب الكل وبدون أي اقصاء أو تهميش ... خاصة وأن هذا الآخر الذي اقصي هو شريك في العملية السياسية منذ أن اوجدها الأحتلال الأمريكي ولحد الآن .
فضلآ عن أننا لم نعرف عن قادة هذه الكيانات والأحزاب أنهم مارسوا الديمقراطية حتى داخل أحزابهم ...فعلى الأقل خلال السنوات السبع العجاف التي مرت على العراق ونحن لم نسمع أن (س ) من الاحزاب أجرى ممارسة ديمقراطية في اختيار رئيس حزبه ..ناهيك عن توارث البعض لرئاسات احزابهم
هذا كله ( من وجهة نظري ) دليل على أننا لم نجهد أنفسنا في تهيئة التربة الملائمة لبذرة الديمقراطية كي تنضج ونقطف ثمارها
قد يرد على أحدهم بأننا أن نبدأ خير من أن لانبدأ ...وركضة الألف ميل تبدأ بخطوه
أقول نعم بالتأكيد أن نبدأ خير من أن نؤخر بدايتنا الى أجل آخر ... ولكني استدرك لأقول أن البداية هي الأساس في كل شيء ويجب أن يكون الأساس صحيحآ فاللبنة الأولى في البناء لو وضعت بشكل منحرف أصبح مافوقها وماتلاها أكثر انحرافآ وبالتالي سيؤول الى الانحناء ثم السقوط ... ومرة أخرى أقول نعم فركضة الألف ميل تبدأ بخطوه كما قالها أحد العظماء ...ولكني اعود واستدرك ثانية فاقول وأتساءل ألايفترض أن تكون خطوتنا الأولى بنفس اتجاه الهدف الذي يركض نحوه الآخرون ؟؟؟ والا فما فائدة أن تكون خطوتنا الأولى بغير الاتجاه الصحيح ؟؟؟ ان عمليتنا الديمقراطية وقبل أن نبدأ بغرسها كان لابد لنا من تهيئة بعض المستلزمات التي تستلزمها كافة الديمقراطيات في العالم لتعود لنا بفائدة بناء بلدنا وفق أسس صحيحه ونستطيع ان نباهي الامم في كون ديمقراطيتنا صحيحة ... ولكن ديمقراطيتنا ارى فيها المتطلبات التاليه والتي افتقرت لها في الظرف الراهن
*ان ممارستنا للديمقراطية تم في ظل دستور ( أو شبه دستور ) تم وضعه في ظل الاحتلال الأمريكي البغيض وفيه الكثير من الالغام والهنات والهفوات والتي على مايبدو أن الاحتلال الأمريكي تعمد تضمينها فيه ... وهذا من وجهة نظري منقصة قانونية كبير’ جدآ من شأنها نسف كينونة الدستور
*عدم وجود احصاء سكاني دقيق ( آخر احصاء رسمي معتمد كان في عام 1977 ) كي يكون بمقدورنا تحديد آليات الانتخابات ومنها عدد السكان بما فيه اعداد الأقليات وعدد مقاعد البرلمان بالقياس الى عدد السكان وكذلك عدد الاصوات اللازمه التي يحصل عليها المرشح لضمان مقعده في مجلس النواب
* عدم وجود قانون انتخابي رصين ( قانون الانتخابات الحالي أعد بصورة مستعجلة وفي الوقت الضائع ووفق عملية المحاصصة السائده بدليل انها كانت سببآ في تأجيل الانتخابات حيث كان من المفترض اجراؤها في 31-1-2010) مما أدى الى نتائج سلبية عديدة بدأت بعدم احترام كافة الكيانات لنتائج الانتخابات حتى قبل اعلان نتائجها النهائية
*عدم وجود قانون للاحزاب يحدد برامجه الوطنية وفق الدستور وعدد أعضاء كل حزب ومصادر تمويله ينفي الصفة القانونية عن كل هذه الكيانات كأحزاب سياسية فاعلة وبالتالي فهي من وجهة نظري لاتعدو كونها ميليشيات وعصابات مسلحة ... وبالتالي تكون هذه الجماهير قد انتخبت احزاب لاصفة قانونية لها فهي انتخبت عصابات
لهذا كله انني ارى اننا ازاء عملية ديمقراطية موهومة ومشكوك في مصداقيتها وفي مصداقية من يروج لها ... وأنا شخصيآ اشك في أننا سنجني منها مانبتغي بدليل أن كل المحادثات الجارية الآن فيما بين الكيانات توحي بأنها ستفضي الى تشكيل حكومة ( شراكة وطنية )وهذا تعبير جديد يعتبر تزويقآ لتعبير (حكومة المحاصصة )وبالتالي فسوف نكون أولآ وأخيرآ حبيسي المربع الأول لمدة أربع سنوات قادمه ...فماالذي جنيناه من الانتخابات ؟؟؟؟ أتمنى أن أكون مخطئآ في تقديري هذا .
في الختام ... هذه دعوة مني لكل من استماله عنوان الموضوع وقرأه أن يكون ديمقراطيآ وأن يبني ردود أفعاله وتعليقاته وانفعالاته على أساس تقبله للرأي والرأي الآخر ... فموضوعي لايعدو كونه وجهة نظر ليس الا .
وتقديري للجميع ... من يوافقني رأيي ومن لايوافقني
#هادي_محسن_الجساس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟