أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ليلى أحمد الهوني - ما الغاية وراء الانتقائية!؟















المزيد.....

ما الغاية وراء الانتقائية!؟


ليلى أحمد الهوني
(Laila Ahmed Elhoni)


الحوار المتمدن-العدد: 2963 - 2010 / 4 / 2 - 06:59
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


في البداية أهنئ كل الإخوة الذين أطلق سراحهم مؤخراً من سجون ومعتقلات نظام القذافي، وأبارك لهم هذا النصر وهذه الخطوة العظيمة التي استردوا بها حريتهم، مع خالص دعائي لهم بأن يتمكنوا قريباً من استرداد كرامتهم، كما أدعو الله أن يتم عن قريب إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين، من الكتاب وأهل الرأي وأصحاب المواقف السياسية، الذين مازالوا قابعين في سجون القذافي حتى هذه اللحظة، وعلى رأسهم الأستاذ جمال الحاجي وغيره.

في مشهد سينمائي بطولي وكالعادة قام سيف القذافي (سوبرمان) بالوساطة لإطلاق عددٍ مِن ما يطلق عليهم بالقادة الإسلاميين، الذين تم اعتقالهم وسجنهم (رميهم) في معتقلات وسجون القذافي منذ أواخر التسعينيات من القرن الماضي، حيث حكمت عليهم منذ مدة ليست بالبعيدة محكمة ليبية بالبراءة، إلا أن القذافي كان قد صرح فيما يسمى بالمؤتمر الشعبي العام المنصرم، بأنه من الخطر إطلاق سراحهم في الوقت الراهن، حرصاً منه على أمن الدولة الليبية والمجتمع الليبي من إعادة احتكاكه بهم، وكنا قد تتبعنا جميعاً تلك المداخلة التي تمت في ذلك المؤتمر من وزير العدل، حين تجرأ على تصريحات القذافي بطريقة بطولية، لم نعتادها من وزراء ليبيا تحت هذا النظام الاستبدادي والدكتاتوري، والتي صفق لها وأعتبرها العديد من متتبعي الشأن الليبي، بأنها عمل "شجاع" غير مسبوق قد يسجله له التاريخ!.

وقبل أن استطرد في الحديث وطرح وجهة نظري عبر هذه المقالة، وحتى لا يسأ الفهم ولا تأخذ القارئ الوسوسة لبعيد، أود أن أوضح وأؤكد أن ما أعترض عليه في هذه المقالة ليس إطلاق سراح السجناء الإسلاميين أو غير الإسلاميين، فذلك حق قانوني لهؤلاء ولغيرهم وليس فيه أي منة أو هبة أو صدقة أو جميل أو "تكية" من احد.

لكن ما يثير غضبي واستيائي، هي تلك المسافة، التي يقيس بها سيف القذافي تحركاته وتدخلاته لوضع الحلول الحاسمة، لبعض القضايا الداخلية المحسوبة أو بالليبي "المتكمة والمخدومة"، هذه القضايا التي تراكمت وتطحلبت خلال العقود الأربعة، والتي ظلت عالقة في ليبيا ولا يتطرق إليها أي شخص، رغم وجود القضاء الليبي، وكأنها كانت تنتظر "بلوغ" و كبر الكلمة أو العصا السحرية والمسماة بـ سيف القذافي ليصل إلى السن القانونية، فيتم بواسطته البث فيها ووضع الحلول المناسبة والفاصلة لها، وهو على أتم الاستعداد لأن يكرس لها كل جهوده ووقته وطاقاته لحلها، وبأسرع الطرق وبدون أي عناء أو شقاء من أي جهة حتى من أصحاب الشأن فيها، لأن إيجاد الحلول لهذه القضايا من قبل سيف هي فقط لتخدم أهدافه وطموحاته الشخصية أولاً وقبل أي شيء، ولعل أوضح دليل على هذا، هو اهتمام سيف ولهفته لحل قضية إطلاق سراح السجناء الإسلاميين، التي جند لها من الوسطاء الليبيين وغير الليبيين الكثير، والتي أفلح بها وبجدارة في خدع الكثير من الواهمين والواهين والمهرولين على ما يسمى بالإصلاح، بعد أن أعد لها من الدعاية والإعلام المدفوع، ما يكفى للتغني بها واعتبارها كأنها انجاز أسطوري كبير وعظيم ليس له مثيل.

إن المشكلة الآن لا تكمن في إطلاق السجناء الإسلاميين، بل أن لب المشكلة تكمن في الانتقائية، التي يختار بها سيف نوعية القضايا والمشكلات الداخلية، وسعيه لحلها بغرض تحقيق أهدافه وطموحاته ومحاولة منه ليتبوأ بها مكانة ترفع من شعبيته السياسية عند الشعب الليبي. لا احد يرفض إطلاق المساجين أو استرجاع مظلوم من قبضة سجون الخارج، أو عودة أئمة المساجد إلى أعمالهم أو أو.. و لكن الرفض والاعتراض على طريقة انتقائه لما يخدمه شخصيا، وتركه لأمور وقضايا داخلية غاية في الأهمية، وتعمده الواضح لتجاهلها بالكامل لا لشيء فقط لأنها لا تخدمه بالقدر الذي ستخدم المتضررين منها، والأكثر من هذا فهي حتما ستضر مباشرة بوالده وبكل أعوان والده، ومن المؤكد أيضاً أن مثل هذه القضايا سوف تجر الكثيرين للمحاسبة، في حال تم التعامل معها بمنتهى الشفافية والمصداقية وبالطرق القانونية.

إن جريمة سجن ابوسليم هذه الكارثة الحقيقية، قد جرى ويجري التعتيم عليها وطمسها عمداً، واستبعادها بالكامل عن القضايا التي يسعى سيف إلى النظر والتدخل فيها، هذه القضية وهذه الجريمة النكراء التي فاقت كل الخيال وأسقطت كل المعايير الإنسانية واهتز لها عرش الرحمن، والتي تعتبر من أكبر جرائم العصر "مذبحة دموية بشعة" قتل فيها بدمٍ بارد 1200 مواطن ليبي عزل، وكذلك ما تعرض وما يتعرض له أهليهم وذويهم من سوء معاملة وتهميش وإهمال. فهل يعقل أن مشكلة وقضية وجريمة بهذا الحجم وهذه الخطورة، يتم تجاهلها ومحاولة تجاوزها وغض النظر عنها وعدم الالتفات إليها، لا من قبل سيف ولا من غير سيف، ولا يتم بشأنها أي موقف جدي وقانوني واضح لحلها، وكأن هؤلاء ليسوا من البشر وليسوا من أبناء هذا الوطن!؟.

إن الدموع والآلام والحسرات التي نراها على وجوه الأمهات والآباء، الذين فقدوا فلذات أكبادهم في تظاهراتهم الأسبوعية، والتي نسمعها ويسمعها ونراها ويراها الشعب الليبي وكل الشعوب العالم من حولنا، ألم تحرك ذرة واحدة من ضمير ومشاعر (السوبرمان) سيف!؟، ألم يحس سيف بالحرقة والمعاناة التي يعانيها أهالي ضحايا مذبحة أبو سليم الذين لا يعرفون إلى يومنا هذا، لماذا قتل أبنائهم ولا من قتلهم ولا متى قتلوا ولا كيف قتلوا ولا أين رفاتهم ولا أين دفنوا؟.

والسؤال المطروح اليوم، هل يعلم سيف وأبيه هذا الحاكم الطاغية الدكتاتور ونظامه القمعي الفاشي، ماذا يعني قتل الابن!؟ هل يعرفوا المرارة التي يتجرعها الأب أو الأم عندما يمسك بابنهما ويعتقل ويضرب ويهان أمام أعينهما أو حتى في السجون والمعتقلات، ثم يختفي ولا يجدان له أثر ثم يذهبان ويستفسران عن مصير أبنهما ولا يلقيا أي إجابة، وإذا أجيب عن سؤالهما لا يجدا الحقيقة والصدق حول مصير أبنهما، وهل يعلم سيف وأبيه ونظامه المستبد كيف أو ماذا يشعران الأب والأم اللذان يعيشا سنين وأعوام على أمل أن يفرج يوما عن ابنهما، وينتظرا و ينتظرا وتمر الأعوام والأعوام، وكل يوم تزداد أيامهما حلكة و سواد وفى النهاية و بعد 12 عاما تصلهما رسالة (خربشة على ورق) تبلغهما، بأن أبنهما قد قتل أو مات في ظروف غامضة؟؟ هل تشعرون بهذا الألم وهذه المعاناة وهذه الكارثة وهذه المأساة!!!؟؟؟.

والله أني أخاطب أناسا قد ماتت قلوبهم بالكامل أو بالأحرى لا توجد لديهم قلوب من الأساس، و والله إن هذا الأمر وهذه المعاملة وهذا الهروب ما كان ليكن، لو لم تكن هناك كارثة وفضيحة سياسية كبيرة، حتما ستلحق وستمس القذافي شخصياً وبنظامه وبأولاده من بعده، في حالة تم تحقيق مطالب أهالي ضحايا مذبحة سجن أبو سليم القانونية والإنسانية، وهي الكشف عن جميع ملابسات هذه الجريمة.

هذه هي سياسة القذافي الأب وسياسة نظامه الغاشم على مدى أكثر من 40 عاماً، وهذا ما وصل إليه شعبنا الليبي في داخل وطننا ليبيا، من تأخر وتخلف وما لحقه من الآم وقتل وتشريد وعذاب تحت حكم هذا الطاغية وجبروته، واليوم يحاول ابنه الذي من صلبه والذي تربى في حضنه و ترعرع على توجهاته و "فكره" ونما وكبر على كره أبيه لهذا الشعب والحقد عليه، أن يتلاعب بعقول الكثير ويوهمهم بأنه هو الفارس القادم على حصانه الأبيض لينقذ الأميرة النائمة (ليبيا)،ويخلصها من تراكمات 40 عاما من الهم والغم، وهو البطل الخارق والأسطوري الذي بيده إيجاد الحلول لكل التراكمات، وكأنه يقصد بذلك الضحك على عقول أبناء الشعب الليبي، وكأنه يحاول بأن ينسينا بأن (البنت أم والثوب كم)، والأسوأ من كل هذا وذاك، هو اختياره وانتقائه للمشاكل والقضايا العالقة، وخداعنا بحلها متجاهلا كل القضايا الكبيرة والمهمة، التي يطمح أبناء هذا الشعب في وضع الحلول لها والتعامل معها بمنتهى الوضوح و بكل شفافية ومصداقية.



#ليلى_أحمد_الهوني (هاشتاغ)       Laila_Ahmed_Elhoni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا والتاء المربوطة*
- ما المطلوب في ليبيا اليوم؟
- أين أهلنا في طرابلس!؟
- مجزرة سجن أبو سليم
- كوميديا سوداء
- أعطيه الصوت -السوط-
- فضلاً.. نقطة نظام!!*
- وماذا عن حي أبو سليم؟؟
- فئات وسيارات
- هل تجدي الأساليب السلمية!؟
- إهانة أمريكية -ذكية- للشعب الليبي
- إلى متى السكوت؟ وماذا ننتظر!؟
- كارثة الرعاية الاجتماعية في ليبيا
- رضوا سيف..!!
- واحد + واحد = اثنان
- ما هذا يا هذا..!؟
- الشطرنج
- ماذا لو مات شارون غداً!!؟
- ليبيا ليست في حاجة إلى -سوبرمان-
- فرق تسُد


المزيد.....




- الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا ...
- شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
- استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر ...
- لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ ...
- ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
- قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط ...
- رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج ...
- -حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
- قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
- استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ليلى أحمد الهوني - ما الغاية وراء الانتقائية!؟