|
الانتخابات الأوروبية: نسبة عدم مشاركة عالية جدا تعكس اليأس من أوروبا الاحتكارات
حزب العمال الشيوعي الفرنسي
الحوار المتمدن-العدد: 902 - 2004 / 7 / 22 - 05:19
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
جرت يوم 13 جوان الجاري انتخابات البرلمان الأوروبي. وقد شهدت هذه الانتخابات نسبة كبيرة من عدم المشاركة بلغت 55% على المستوى الأوروبي (25 بلدا). وقد بلغت أعلى نسبة لعدم المشاركة (74%) عند البلدان الأوروبية الشرقية العشرة الملتحقة أخيرا بالاتحاد الأوربي ومن بينها سلوفاكيا التي لم تتجاوز فيها نسبة المشاركة الـ16% وبولونيا الـ20,8%. أما بلدان "أوروبا الـ15" أي من دون أعضائها الجدد فقد بلغت فيها نسبة عدم المشاركة 52%. وقد سجلت فرنسا وألمانيا نسبة عدم مشاركة بـ61% وهولندا وبريطانيا بحوالي 57%. وبعبارة أخرى يمكن القول إن برلمان أوروبا الجديد لا يعكس إلا إرادة أقل من نصف الناخبين!! ويؤكد ارتفاع نسبة عدم المشاركة يأس الناخبين الأوروبيين من هذا البرلمان ومن المؤسسات الاتحادية التي تمثل مصالح الاحتكارات الرأسمالية الكبرى. فأي معنى للانتخابات عندما تكون السياسة المتبعة تعكس مصالح هذه الأقلية وتنأى عن مصالح الأغلبية؟
وقد ارتأينا في هذا العدد من "صوت الشعب" نشر موقفين: الأول لحزب العمال الشيوعي الفرنسي يدعو فيه إلى مقاطعة الانتخابات الأوروبية والثاني للحزب الشيوعي الثوري التركي يفسر فيه رفضه لانضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
لا لأوروبا الاحتكارات والرجعية - 13 جوان: لا صوت لأوروبا الاحتكارات نحن مدعوون يوم الأحد 13 جوان، شأننا شأن ملايين المواطنين الأوروبيين إلى انتخاب نوابنا بالبرلمان الأوروبي. وإن حزب العمال الشيوعي الفرنسي وعلى غرار ما فعله في الخمس مرات السابقة منذ 1979 ليدعو إلى مقاطعة هذه الانتخابات. فنحن نرفض تزكية مشروع الاتحاد الأوروبي الرجعي الذي يستخدم فيه البرلمان الأوروبي كواجهة ديمقراطية.
إن أوروبا الموحّدة هذه، هي كما قلنا منذ عام 1979 أوروبا رأس المال. هي بناء أرادتْه وعملت على تحقيقه الاحتكارات الرأسمالية الأقوى التي ترغب في أن تزداد قوة من خلاله. إنها إرادة المجموعات المالية الكبرى لتحقيق سوق موحدة يمكن فيها للرساميل والسلع أن تتداول دون عراقيل لكسب الأرباح.
إن خطب مختلف الحكومات التي تتالت سواء كانت من اليمين أو من "اليسار"، والتي أشبعتنا كلاما حول الديمقراطية والسلم والتقدم الاجتماعي الذي سنناله جراء الوحدة الأوروبية، تَبيّن اليوم أنها مجرد أكاذيب ترمي إلى تمرير هذا المشروع الرجعي. فبقدر ما يتقدم البناء الأوروبي على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، تزداد أوضاع الجماهير الشعبية تدهورا. أَيُّ أوروبا الاجتماعية هذه التي يتحدثون عنها والحال أن توحيد التشريعات الاجتماعية الأوروبية يتم على أساس أكثرها تخلفا والمؤسسات تتنقل من مكان إلى آخر لتغنم من الفوارق في الأجور وعمليات الطرد تتزايد وأنماط العمل الهش تتعمّم..؟ أي أوروبا اجتماعية والحال أن كل الحكومات الأوروبية تطبق نفس مخططات الخوصصة وتضبط نفس الإصلاحات لتدمير أنظمة الحماية الاجتماعية والتقاعد والحد من موازين الخدمات الاجتماعية خاصة منها التعليم والصحة! فبقدر ما يتقدم البناء الأوروبي، يزداد عدد العاطلين والمهمّشين والفقراء!!
عن أي أوروبا ديمقراطية يتحدثون والحال أن الاتحاد الأوروبي يقيم سورا حولها حتى لا يدخلها غير الأوروبيين ويضع كافة السكان تحت الرقابة ويراجع كل القوانين التي تحمي المواطن وتضمن له حرياته بدعوى مقاومة الإرهاب؟ أي ديمقراطية هذه والحال أن الاحتجاج الاجتماعي ما انفك يُجرّم وعمل الجهاز القضائي يُعرقل وصلاحيات البوليس تتزايد؟
عن أي أوروبا السلم والصداقة بين الشعوب يتحدثون والحال أن الحروب، لم تتوقف، بما في ذلك في أوروبا، منذ أن وجد الاتحاد الأوروبي؟ فسواء في إفريقيا أو الشرق الأوسط لا تتوانى أوروبا عن الدفاع عن مصالحها بكل الوسائل بما فيها الحرب! إن بناء جيش أوروبي لا يمثل علامة سلم ولكنه الذراع المسلح لقوة أو بالأحرى لكتلة تتشكل لمنافسة كتل أخرى. إن الفكرة القائلة بأن أوروبا الموحدة يمكن أن تمثل عائقا أمام الهيمنة الأمريكية لهي خديعة خطرة لأن الاتحاد الأوروبي مرتبط بألف خيط وخيط بالولايات المتحدة وإذا ما تسنت له معارضتها فليس للدفاع عن مصالح شعوبه وإنما للدفاع عن مصالح احتكاراته معتمدا في ذلك حتى على مساندة العمال! وقد بيّن لنا التاريخ المخاطر التي يحملها مثل هذا "الاتحاد المقدس"!
إن البورجوازية تتلاعب بمشاعر التضامن والرغبة في الوحدة التي تحرك طبقتنا العاملة وشعبنا وبالخصوص شبابه لكسب تأييدنا لمشروعها الرجعي. وهي لا تتورّع أيضا عن استخدام الأفكار العنصرية والشوفينية القبيحة التي يروجها اليمين المتطرف لكسب الشباب لمخططاتها.
ومن النافل أن البورجوازية الامبريالية الفرنسية شأنها شأن البورجوازية الأوروبية الأخرى هي عاجزة تمام العجز عن الدفاع عن قيم التضامن والأخوّة وعن رغبة الشعوب الأوروبية في الاتحاد وفي العيش بسلام. إن هذه القيم يعود إلينا نحن الدفاع عنها وتجسيدها في النضال ضد أعدائنا المشتركين.
لنفعّل التضامن العمال والشعبي ضد أوروبا البطالة والتقشف والرجعية.
لماذا يعارض الشيوعيون الأتراك الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لقد قرر رؤساء دول وحكومات بلدان الاتحاد الأوروبي في عام 1999 أن تركيا يمكنها أن تصبح عضوا بهذا الاتحاد. ولكنهم اشترطوا عليها أن تثبت أنها تحترم معايير كوبنهاغن قبل أن يُشرَع في مفاوضات الدخول. ومن المنتظر أن يقرر المجلس الأوروبي في أواخر 2004 إن كان بإمكان تركيا أن تبدأ في هذه المفاوضات أم لا. ومع اقتراب هذا الموعد المهم بالنسبة إلى الطرفين ما انفك الجدال يحتدم.
ولئن كانت الحكومات المتعاقبة في تركيا قد رعت هذا الجدال منذ حوالي الأربعين سنة لأسباب داخلية أساسا فذلك ليس بالأمر الغريب ناهيك أنها مستمرة في نفس النهج. لكن الجديد في هذه القضية هو موقف القادة والدوائر المعنية في البلدان الأوروبية. فهم يشعرون بنوع من الحرج إزاء تركيا وخاصة إزاء الرأي العام الأوروبي. فمعارضة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي تتسع في كامل أوروبا وخصوصا في فرنسا.
إن تركيا تمثل بالنسبة إلى أوروبا بلدا لا يمكن تجاهله بالنظر إلى سوقها الكبير المتوسع باستمرار وموقعها الاستراتيجي الهام جدا. لذلك فإن الاتحاد الأوروبي حين يضع شروطا لانضمام تركيا فليس الهدف إبعادها نهائيا من الحضيرة الأوروبية بل على العكس من ذلك فالاتحاد الأوروبي يتابع المسألة عن كثب حتى تقوم تركيا بالتغييرات المطلوبة منها طبقا لقواعد الاتحاد ومصالحه. فهذا الأخير يرغب في إبقاء تركيا في فلكه ولكنه يطلب منها أن تخضع بالكامل. إن النقود الموجهة إليها بشأن المسألة الكردية أو حول حالة حقوق الإنسان تندرج في هذا الإطار. إن العلاقات الوطيدة القائمة بين تركيا والولايات المتحدة تمثل، رغم عدم التصريح بذلك، عاملا مثيرا للقلق بالنسبة إلى أوروبا. فتركيا غير خاضعة تماما يمكن أن تقوم حسب بعض الملاحظين، بدور "حصان طروادة" في الاتحاد الأوروبي. لذلك لن يكون انضمامها إليه بأيسر من انضمام اليونان وقبرص والمجر وبولونيا. لكن أهمية تركيا بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي تجعله لا يجازف باستبعادها تماما. إن القوى الكبرى في أوروبا تحتاج إلى تركيا لا بسبب سوقها التي تمثل 70 مليون ساكنا ولكن أيضا وبالأساس للدور الذي يمكنها أن تقوم به في المنطقة.
يمثل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بالنسبة إلى الطبقات السائدة في تركيا قارب نجاة للخروج من المأزق التي هي فيه. ولكن عليها أن تقنع الأوروبيين ومواطني تركيا بالطبع، الذين لم يستشرهم أحد إلى حد الآن في رأيهم في الانضمام. إن شعوب تركيا تتلقى بشكل منهجي وأحادي دعاية لفائدة هذا الانضمام. ومما لا شك فيه أن عمليات سبر الآراء المجراة في مثل هذه الظروف تشير إلى أن الأغلبية تؤيده. فالناس يمنّون النفس بأن الانضمام سيقود إلى تحسين نوعية حياتهم في المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. إن منظمات الأعراف الرئيسية ووسائل الإعلام التي هي في خدمتها تبذل قصارى جهدها من أجل نشر هذا الوهم في صفوف السكان. فتلك المنظمات عضوة في الكنفدراليات التي تجمّع مثيلاتها في المستوى الأوروبي. إن القطاع الخاص ممثل لدى اتحاد كنفدراليات الصناعة والمؤجرين في أوروبا عن طريق جمعية الصناعيين والمقاولين بتركيا TUSIAD وكنفدرالية المؤجرين TISK. إن قيادات المركزيات النقابية موافقة هي أيضا على اندماج تركيا في أوروبا. فالكنفدراليات الثلاث الكبرى Le Turk-is و Le Disk و Le Hak-is أعضاء في الكنفدرالية الأوروبية للنقابات CES. كما أن Le Turk-is و Le Hak-is أمضيا أخيرا بيانا مشتركا مع منظمات الأعراف موجها إلى الاتحاد الأوروبي لطلب فتح المفاوضات بهدف تحقيق انضمام تركيا.
ويوجد وفاق على نطاق واسع بين كافة أحزاب النظام يمينية كانت أو "يسارية" حول هذه المسألة. إن الحزب الحاكم اليوم الذي يقدم نفسه على أنه حزب "إسلامي ديمقراطي" على شاكلة الأحزاب المسيحية الديمقراطية هو مدافع متحمس عن الانضمام. إنه حزب يدافع عن برنامج نيوليبرالي ويطبق حرفيا توصيات صندوق النقد الدولي ولكنه يفضل استعمال الدين لغايات سياسية.
إن الذين يدافعون عن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في تركيا هم العملاء التقليديون، دعاة الامبريالية من أحزاب النظام وحلقة السياسيين الأكراد والبيروقراطية النقابية والعناصر "الليبرالية الاشتراكية" وهم يستعملون تقريبا نفس الحجج، فالانضمام يعني بالنسبة إليهم: مزيدا من الديمقراطية (ضمانة لديمقراطية "مدنية" ولعدم تدخل العسكر في المستقبل). ازدهار اقتصادي (ارتفاع مستوى العيش، تنظير الأجور على الأجور المعمول بها في ألمانيا أو فرنسا، تطبيع التوازنات الاقتصادية خصوصا بفضل التعويضات الأوروبية التي ستتحقق نحو تركيا إلخ..).
ويضيف "اليسار الليبرالي" إلى هذا امتياز "عولمة عالم الشغل"، مما يبين أن لأتباعه قراءة غريبة للعولمة الجارية.
وتأمل الأوساط الكردية أن تكثف أوروبا الضغط على تركيا عسى أن يقترن الانضمام إلى الاتحاد بحل المسألة الكردية، لذلك فهي تعتبر معارضة الانضمام موقفا لا معنى له.
ومع ذلك فإن الاتحاد الأوروبي اتحاد رجعي بعثه كبار أوروبا وهم الذين يوجهونه، وما من شك في أن انضمام تركيا المحتمل إلى هذا الاتحاد سيدعم هذه الوحدة الرجعية. إن المستفيدين الرئيسيين من هذا التطور، إلى جانب الاحتكارات الأوروبية الكبرى، ستكون القوى المتواطئة في تركيا مع الامبريالية. أما بالنسبة إلى الكادحين فإن ما سيتغير هو تعويض نير صندوق النقد الدولي بمعايير "ماستريخ" التي لا تقل عنها ضررا. لذلك فإن معارضة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي واجب وطني ومعاد للامبريالية. وهو أيضا واجب للتضامن مع الطبقة العاملة الأوروبية لأن الرجعية الأوروبية أقل قوة من دون تركيا وهذا ظرف مساعد لعمّال أوروبا في نضالهم ضد رأس المال.
عن جريدة "لافورج"، اللسان المركزي لحزب العمال الشيوعي الفرنسي - ماي 2004
#حزب_العمال_الشيوعي_الفرنسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|