أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبدالبديع الهيتي - قصه قصيرة - ولادة














المزيد.....

قصه قصيرة - ولادة


محمود عبدالبديع الهيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2959 - 2010 / 3 / 29 - 22:39
المحور: الادب والفن
    


ولادة


السادسة صباحا

ألان، وبعد مخاض ظلام الليل الحالك، أعلنت الساعة السادسة صباحا دخولها تلك المدينة الصغيرة الواقعة على ضفاف نهر الفرات، لتعلن الفرح ولو لساعات قليلة فيها. أخذت المدينة تسبح في زرقة هذا الصباح الربيعي، وتضحك ملء فمها عندما بدأ الفرات بمغازلتها ، فأغتسل وجهها برذاذ ماؤه المقدس. أخذت الشمس تتسلق سلمها الوهمي المتكون عبر آلاف السنين إلى مكانها - هناك - في كبد السماء، لتمارس طقوسها المعهودة (طقوس الغفران) ، ولتكفر عن ذنب كانت قد ارتكبته ليلة أمس، فتنشر خيوطها، وترفع عن المدينة ما تبقى من غطاء الليل، لتبدأ تراتيل الصباح، وأنشودة الحياة والموت عبر زقزقات العصافير، وصرخات السنين الغابرة.

في تلك الجهة، على يسار المدينة تنطوي بيوت صغيرة (ذا ت جدران مهشمة وسقوف باليه) على أهلها، فهي أخر من رفعت عنها الشمس غطاء الليل، فأنكسر الضوء عبر شبابيكها.وأخذت غرفها تسبح فيه، فأرتفعت منها صلوات وتراتيل الخوف من المجهول:

- يا الله.... يا الله.... يا الله

(وحدها هذه النداءات كانت تشق عنان السماء، فتطفئ تلك النار التي تستعر في صدور الأمهات). بدأت ساعات الفرح القليلة بالانسحاب عندما ارتفعت من إحدى البيوت صرخات الوجع والقهر، وضعت على رأسها وشاحا اسود ثم غابت كما غاب عن المدينة شبابها الذين مازالوا يسقطون واحدا تلو الأخر في ساحات القتال وجبهات الموت البربرية.


التاسعة صباحا

في تمام التاسعة ، اخترقت المدينة وعبر شوارعها الضيقة مركبة (زيتونية اللون)، وقفت أمام بيت أبو بلال... تجمهر الناس من حولها - كان الجميع بانتظار الخبر الذي تحمله - نزل من المركبة جندي، واخذ يطرق الباب بقوة، فخرج العجوز أبو بلال وهو يتوكأ على عصاه، فقال الجندي:

- بيت أبو بلال حجي؟
- نعم .. خو ما كو شي وليدي؟!
فأردف الجندي بحزن : (البقاء لله حجي).

وقع الخبر على العجوز كالصاعقة، فأقعده أرضا، وراح ينوح ولده، ويناجي بأحزانه تلك الأيام الخوالي....
تنهد الجميع بعد رحلة البكاء الطويلة ، فسحبوا أنفاسا عميقة بعدها أطلقوا كل ما تعلقت في صدورهم الخربة من أدران الزمن.

الثامنة ليلا

تركت الشمس مكانها، واختفت خلف الزمان والمكان ، لتمارس طقوسا لم ولن نعرفها، تركت المدينة تصارع المجهول لوحدها، تتخبط بالساعات القادمة، وما تحمله من مفاجآت ، كانت أولى هذه المفاجآت أن تشق عنان السماء، وان تتبدد وحشة الليل، صرخات موجعة لم تكن صرخات الموت... كانت صرخات مخاض الولادة ، ولادة جديدة تناقلتها البيوت لترسم على وجوه شيوخها ابتسامة أمل بغد تولد فيه الحياة بعد الموت، ولادة جعلت العجوز أبو بلال يرتل:

(يا رب ... فبعد الموت ولادة!!)



#محمود_عبدالبديع_الهيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرية - ق . ق . ج
- ومضات / 2
- قصتان قصيرتان جدا
- ومضات /1
- قصص قصيرة جدا I
- قصص قصيرة جدا ( اقصوصات )
- قصه قصيرة - ذبول
- قصص قصيرة جدا
- الشعر بين القدامة والتجديد


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبدالبديع الهيتي - قصه قصيرة - ولادة