|
دحض فرضية قصور العقل على إدراك الذات الإلهية
عبدالله البصري
الحوار المتمدن-العدد: 2959 - 2010 / 3 / 29 - 02:17
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هناك فرضية يتطرق لها الكثير من المؤمنين لكي يبعدوا فكرة الذات الإلهية عن شبهات الملحدين وهي ان العقل البشري محدود و وقاصر لا يمكنه ادراك الذات الإلهية الغير محدودة وهذا يعني ان جميع النتائج التي يصل اليها االعقل من ناحية طبيعة الإله غير صحيحة لأن العقل قاصر عن أدراك هذا الإله ، علما انني وجدت العديد من الأصدقاء المؤمنين في هذا المنتدى ينادون بهذه العبارة او الفرضية لكي يبتعدوا عن جميع المساءلات حول كنه الله او ذاته او جوهره فينادون بلانهائية صفات الله وازليته التي لا يمكن للعقل البشري القاصر ان يدركها ، ويعتبرون كل نتيجة فلسفية تثبت عدم وجود الله باطلة لأن الله لا يمكن أن يتوصل إلى حقيقته العقل البشري وبوسعي الآن أن ابدي وجهة نظري حول هذا الموضوع لكي أبين ان هذه الفرضية باطلة من اساسها وهي لا تخرج عن نطاق التلفيق والمماراة في الرأي الدوغمائي المتعصب الذي لا يبدي اية حجة معقولة ، وتعتبر هذه الفرضية هروب صريح من الواقع إلى سطح جليدي تتجمد عليه العقول وتهدأ وتتثائب وتنام رغدا . وسوف يتبين كيف أن فكرة الإله خاضعة للإدراك كأي وهم . علما أنني سأفترض أن هذا الإله موجود وهو شيء لا يمكن إدراكه مثلما يدعون أصحاب الفرضية . إن محدودية العقل تتطلب الإجابة على الأسئلة الآتية : • ما هو مدى هذه المحدودية أمام فكرة الذات الإلهية ؟ • ما هو المقياس الذي اعتمد في قياس الذات الإلهية وتبين أن العقل عاجز عن إدراكها ؟ • هل تم إرضاء محدودية العقل البشري وقصور افكاره بواسطة الإجابة عن هية الذات الإلهية التي يعقلها هذا العقل المحدود ؟ أي هل تم ارضاء العقل بنسبة قادر على إدراكها ؟ • هل إكتفى العقل بأدلة المؤمنين الخيالية حول إثبات وجود الله ؟ • كيف أدركوا اصحاب الفرضية بعقولهم المحدودة ! أن الذات الإلهية لا يمكن ادراكها هل أعتمدوا على عقولهم في طرح هذه الفرضية ؟!!! أم انهم أدركوا هذه الذات وتبين أنها غير قابلة للإدراك بوسطة العقل البشري المحدود ؟ • هل الذات الإلهية كانت مدركة في عقولهم وتغيرت الحالة الآن فعجزت العقول عن ادراكها في الوقت الحالي ، أم ان عقولهم غير محدودة وأكتشفت أن الذات الإلهية لا يمكن إدراكها ؟
في الواقع ان محدودية العقل البشري لم يتم إرضائها بشكل كامل حتى تقف في حد معين عند فكرة الذات الإلهية ، أي أن هناك الكثير من الفراغ في العقل البشري يحتاج ان يملىء بالإجابات عن مساءلاته ، والشيء المحدود يكون قاصر عن طرح أسئلة أو طلب شيء يتعدى محدوديته ، معنى هذا انه لم يتم لحد الآن ملىء حدود هذا العقل ، والدليل أن العقل يطلب الإجابة عن العديد من الأسئلة ، فلو كانت حدود العقل لا تحتمل معرفة الذات الإلهية المفروضة من قبل المؤمنين، لما قام العقل بطلب الإجابة عن مساءلاته ، أليس هذا يثبت تجاوز محدوديته وقصوره على الذات الإلهية الغير مدركة بالنسبة لأصحاب الفرضية ؟ كذلك أن فرض محدودية العقل على إدراك كل الذات الإلهية يسقط للإعتبارات الآتية : • لم يطلب العقل الإجابة عن كل الذات الالهية ، أي ان العقل طلب حقه في الإجابة لكي يرضي محدوديته ، فالعقل القاصر طلب الإجابة على بعض هذه الذات وسؤال العقل من ضمن حدود عقله وأدراكه وقصوره . • إن هذه الفرضية تقطع الطريق أمام كل محاولة في البحث عن ذات الله ، لأنها ترفض التساؤل ، أي انها فذلكة تلفيقية لتغطية العجز ودحض كل التساؤلات . • إن هذه الفرضية تحاول تخليص الله من كل المحاولات الجارية في إظهار كنهه • كيف يكلف الله في عبادته عقولا لا تستطيع إدراكه ؟ وإن استطاعت إدراكه بتحفيز من إجابات بسيطة تؤلفها العقول المحدودة سوف يبدو الله شيء غير ازلي وقاصر ، لأن العقل المحدود والقاصر في حالة هذه الفرضية سيدرك فقط الأشياء المحدودة والقاصرة ، أي ان المؤمنين سيعبدون شيء على قدر عقولهم ، وفي هذه الحالة سيكون الله غير جدير بالعبادة
إن طرح مثل هذه الفرضية يسقط نهائيا لأنها تتطلب معرفة مسبقة في ذات الله كذلك عندما يعرفون الذات الإلهية ويطرحوا الفرضية تسقط الفرضية لذلك من كل معنى ، لأنه كيف أمكن لعقولهم المحدودة إدراك حجم هذه الذات التي لا يمكن إدراكها !!! ؟ فعلى سبيل المثال أنني عندما افترض ان هذا الحجر ثقيل و لا أستطيع حمله أكون مستندا على وزن الحجر وقدرتي على رفعه ، فكيف عرف المؤمنون أن الله لا يمكن ادراكه بشكل كامل في عقولنا القاصرة هل وجدوا الله وقاموا بقياسه و وصلوا إلى هذه النتيجة ؟ كذلك ما معنى ان يكون الله أزلي ولانهائي وغير مدرك مادام العقل قاصر على فهم أزليته ولا نهائيته ؟ وفي النتيجة ان الذات الإلهية التي هي فكرة قبل كل شيء غير مدركة في العقول المحدودة لأصحاب الفرضية فقط لأن عقولهم هي التي ترفض أدراك ذات الله التي تجعلهم يصطدمون بواقع مزري يفكك كل أعتقاداتهم السابقة ويرمي مقدساتهم في البحر . ويجب ان يعلموا أن الإله لا يتعدى أن يكون فكرة إصطنعها العقل وإن العقل قادر على إدراك ما صنع..
أنتظر ردودكم وعذرا للاطالة ...........................
#عبدالله_البصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا هو الحب !
-
في قانون التوازن في الطبيعة ووجود الإنسان والكون
المزيد.....
-
اسقاط مقاتلة أمريكية فوق البحر الأحمر.. والجيش الأمريكي يعلق
...
-
مقربون من بشار الأسد فروا بشتى الطرق بعدما باغتهم هروبه
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
-
مقتل نحو 30 شخصا بحادث -مروع- بين حافلة ركاب وشاحنة في البرا
...
-
السفارة الروسية في البرتغال: السفارة البرتغالية في كييف تضرر
...
-
النرويج تشدد الإجراءات الأمنية بعد هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. السيسي يكشف حجم الأموال التي تحتاج الدولة في السنة إلى
...
-
رئيس الوزراء الإسباني يجدد دعوته للاعتراف بدولة فلسطين
-
-كتائب القسام- تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري
-
السلطات في شرق ليبيا تدعو لإخلاء المنازل القريبة من مجاري ال
...
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|