أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - فقدت سنّا في الوقت الذي فقدت فيه عذريتك














المزيد.....

فقدت سنّا في الوقت الذي فقدت فيه عذريتك


خيري حمدان

الحوار المتمدن-العدد: 2957 - 2010 / 3 / 27 - 09:46
المحور: الادب والفن
    



نقاط وفواصل – 6
خيري حمدان

كانت هادئة للغاية، نظرت إلى جليستها مبتسمة بعض الوقت وقالت،
- حين فقدت أنتِ عذريتك، كنتُ أنا مشغولة بجمع تساقط أسناني! أعتقد بأن طفولتي وبراءتي استمرت إلى الحدّ الذي أردته أنا أن يطول. حسنًا أخبريني ما الذي اكتسبته أنتِ بتحرّرك من سلطة العذرية؟
- دخلت عالم الكبار مبكّرًا، أردت أن أتخلص من هذا العبء.
- ولماذا تسمينها عبئًا .. أليست العذرية حكمة إلهيًة؟
- لا أدري لماذا اقتصرت على الأنثى فقط؟
- الرجل أيضًا قد يفقد عذريته.
- دون مساءلة بالطبع. عزيزتي أنا أنتمي لعالم آخر، أردت فقط أن أعرف الفرق ما بين عالمك الشرقي وعالمي الغربي. على أية حال، أنتِ محقّة في بعض النقاط أيتها الشرقية. المرأة تفقد نصف روحها حين تفقد عذريتها، تصبح عملة سهلة قابلة للتداول بعد أن كانت عملة صعبة. العذرية حاجز نفسي كبير، قد يكسر المرأة وقد يخلق لها أجنحة للتحليق عاليًا. بالنسبة لي، اكتفيت أنا في مشوار الحياة بهذا القدر من العذرية ودخلت عالم النساء على عجل. لم أعد أفكّر بهذا الأمر كثيرًا، أصبحت بالغة في السادسة عشر أو السابعة عشر أو العشرين أو الخامسة والعشرين أو الثلاثين. ما الفارق أيتها الشرقية؟ أنت ما زلت لغزًا مختومًا بإرادة الخالق. البعض يسمّون هذا ظلمًا، حين خُصّت به المرأة دون الرجل، وقد يكون تميّزًا كما ذكرتِ!
- بل تميّزًا .. بالرغم من أن ثمنها بات رخيصًا. يمكن في أيّ وقتٍ من الأوقات شراء العذرية، لكن عذرية الروح هي الأغلى. أنا لست في عجلة من أمري .. أرغب بانتظار رجل يملأ حياتي قبل أن يفكر بملء جسدي.
- نلتقي إذا بعد الإشارة الضوئية الحمراء، نلتقي بعد أن تفقديها، أريد أن أرى نظرة عينيك كيف ستتغير!
- أنتِ مخطئة. للجسد قوانينه الخاصة .. والعين مرآة الروح، لن أفقد عذرية روحي بهذه السرعة، هناك متّسعٌ من الوقت لمزيد من النضوج.

* * *

كان الشاعر يشكو آلامًا في المفاصل لكثرة جلوسه خلف المكتب، وكان يكتب دون توقف أحيانًا، في أحد الأيام ذهب لطبيبه الخاص ووضع أمامه ورقة موقّعة باسمه. سأله الطبيب قائلا:
- هل أنت واثق من قرارك يا سموّ الشاعر؟
- نعم يا صديقي .. أريد أن أتبرع بأعضائي الداخلية للمحتاجين حال وفاتي.
- هذا قرار شجاع يا صديقي الشاعر، أتمنى لك العمر المديد.
مضى الشاعر ضاحكًا وكان يعرف بأن المحطة الأخيرة في مشوار حياته باتت قريبة. بعد شهرٍ من الزمان أو يزيد كان الشاعر قد وصل إلى المستشفى في حالة صحيّة صعبة وسرعان ما فقد وعيه حيث وقفت روحه على عتبات الأبدية متحفّزة، كان الشاعر يتمنى أن يحضر طبيبه الخاص ليفي بوعده حال انقطاع حبل الحياة. وفي غرفة مجاورة كان هناك ضابط أصيب بعيار ناريّ بالقرب من القلب خلال التدريب والمناورة. حضر طبيب الشاعر الخاصّ، وأدرك بأن صديقه قد غادر الحياة، سأل عن الحالات الاستثنائية في المستشفى وعلم بأن هناك حاجة ماسة لنقل قلب بشري، أجريت بسرعة الفحوصات الطبية وتأكد الطبيب من توافق جسد الشاعر والضابط الذي يجاهد للبقاء على قيد الحياة.

بعد سنة من تاريخه، وبعد مقاومة جسد الضابط نبيل للعضو الجديد الذي غرز في جسده، بدأت الحياة تعود إلى كيانه بنكهة جديدة. أوّل ما قام به الضابط بعد ذلك هو الإقدام على قضّ مضجع جاره أبي سعيد طالبًا وبإلحاح غير مسبوق يد ابنته هند. حاول والدها أن يماطل لكن نظرة نبيل كانت عارمة، واعدة، متحديّة، جريئة وسرعان ما وافق والدها على الخطبة التي اختزل نبيل مدتها بشهرٍ واحد فقط. استغرب نبيل تصرفاته وجرأته الفائقة وهو الذي كان خجولاً قبل ذلك. أدرك بأن قلبه قد تغير حقيقة، أصبح يمتلك قلب شاعر! بعد مدّة وجيزة حاول قائده العسكري إهانته لكن نبيل عصى أمره. حاول القائد معاقبته أكثر من مرّة لكن نبيل كان كالصخرة لا ينحني لأيّة عاصفة تواجهه مهما كانت قويّة. في المرّة التالية رفع قائده يده محاولاً صفعه، لكن يد القائد تدلت بعد ذلك إلى جانبه مكسورة. سرعان ما انعقدت محاكمة عسكرية، كانوا على وشك إصدار حكم الإعدام على الضابط، وأخيرًا تركوا له فرصة أخيرة للإدلاء برأيه قبل ذلك. وقف نبيل وقال بصوت جهوري واثق ((لا خير في جيش يذلّ ضباطه!)) أعاد الضباط الحضور هذه المقولة وسرعان ما أخذوا يداولونها فيما بينهم. كبير الجنرالات هزّ رأسه وقال، هذا الضابط واعد ولا يستحقّ الموت. هذا الضابط يملك روح مقاتل وقلب شاعر.
ترفع نبيل إلى درجات عديدة في قوام الجيش حتى بات رمزًا يُشار له بالبنان. وقبل أن يصبح قائدًا عسكريا ذهب لمحامٍ وطلب تعديل اسمه، تذكّر بأن الطبيب قال له آنذاك بأن الشاعر محمد تبرع بقلبه لإنقاذ حياته. أصبح اسم نبيل لاحقًا اسمًا مركبًا. القائد نبيل محمد هو الاسم الأول لرجل قادر على تغيير معالم التاريخ.

* * *

كانت السحب تسير مسرعة والرياح لا تتوقف عن دفعها نحو الأمام. قال إحداها ما رأيك أن نشعل النيران هنا، "هاتِ جزيئاتك السلبية لتحاكي جزيئاتي الإيجابية لعلنا نتخلص من بعض حملنا الثقيل من المياه". أجابت السحابة الأخرى وكانت أكثر حكمة من الأولى "لا يستحقون!" غضبت السحابة الأولى وقالت "لكنهم موحّدون!"، أجابت الأخرى "موحّدون ولكن نيام وكسالى، دعينا نبتعد عن هذا المكان" بعد فرسخ من الزمان والمكان قالت السحابة الحكيمة "هنا يطيب الهطول". قالت السحابة الأولى مذعورة "لكنهم ملثمون ولا ندري ماهيتهم!"، أجابت السحابة الحكيمة "صحيح، لا نعرف عنهم شيئًا، لكنهم بالرغم من شدة الرياح التي تدفعنا يعملون وينظرون تجاهنا، ألا ترين كيف يدعوننا للهطول يا صغيرتي".
سرعان ما اشتعلت السماء وهطل المطر.



#خيري_حمدان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما بين الحلم واليقظة
- قصائد شريرة
- المرأة وقرن الموز
- تدركين دون شكّ .. سيدتي!
- من ذبح الحصان
- من خلف الكواليس
- قبعة ومعطف شتويّ
- يُحْكى أنّ الليلَ تمرّدَ فبَكى
- فواصل ونقاط 5
- بحقّ الموت لا ترحلْ!
- نقاط وفواصل 4
- نقاط وفواصل 3
- نقاط وفواصل 2
- نقاط وفواصل 1
- بصحبة زوربا
- عودي يقتلني إبداعك (1)
- كلّ هذا من أجل رجل!
- الأزواج الأربعة وأنسنة المجتمع
- من قال بأن الغول مات!
- الزنابق والأعناق المكسورة


المزيد.....




- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...
- مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
- مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن ...
- محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
- فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م ...
- ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي ...
- القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خيري حمدان - فقدت سنّا في الوقت الذي فقدت فيه عذريتك