|
القمع و العقاب لغة مخزنية واضحة على كل الواجهات بالمغرب
المختار النحل
الحوار المتمدن-العدد: 2956 - 2010 / 3 / 26 - 21:08
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
كثير من المتتبعين للأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية يعتقدون أن المغرب دخل مرحلة سياسية جديدة و يسير في خطى ثابتة نحو الحداثة و التقدم و تحقيق العديد من المكتسبات على جميع الأصعدة، اعتمادا على ما تروج له الآلة الدعائية المخزنية من خلال تسلطها على وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و حتى المكتوبة. و كل محلل سياسي عاقل لا يمكن إلا أن يتفق على أن المغرب فعلا دخل في تغييرات متتالية و متسارعة ، لكن التساؤل عن طبيعة هذه التحولات ودوافعها و أهدافها يطرح أكثر من علامة استفهام حول ما يجري،خصوصا مند الانتخابات التشريعية لسنة 2007 و ظهور المولود المخزني الجديد - حزب الأصالة و المعاصرة - بالصيغة " الديمقراطية " الجديدة التي كان ينتظرها بكل شوق عدد من الذين يحسنون اختيار الفرص و من ضمنهم " مناضلون" كانوا محسوبين ومختفين في لباس اليسار في انتظار الإشارة المخزنية الموعودة التي تلقفوها كما تتلقف الذئاب الجائعة فريستها، فلم تمض على هذا المولود المخزني إلا شهورا قليلة حتى أصبح ضخما و غليظا في حجمه بفضل الطعم الجيد الذي إلتهمه من أطر إدارية و رياضية و جمعوية وفنانين و برلمانيين و برلمانيات رحل، منهم من أجبروا على مغادرة أحزابهم المخزنية - الإدارية - كما تصنفها التنظيمات اليسارية. . بهذا يكون الحكم قد شرع في تطبيق اختياراته الإستراتيجية بإعادة إنتاج نفس الأساليب التقليدية بصيغ جديدة هدفها الأول و الأخير هاجس التحكم في كل شيء من أجل تأبيد الانفراد بالحكم و بالسلطة.
في مقابل هذه التحولات المخزنية العتيقة المحافظة، برزت ديناميكية جديدة في صفوف الجماهير الشعبية و القوى اليسارية المناضلة التقدمية و الديمقراطية الملتصقة بهمومها و المدافعة عن تطلعاتها في تحقيق الديمقراطية و العيش الكريم ،فظهرت إلى الوجود تنسيقيات مناهضة الغلاء و تدهور الخدمات العمومية ، و انتشرت بسرعة وفي كل أنحاء البلاد من المدن إلى البوادي و المداشر، مظاهر التحدي و خروج المواطنين و المواطنات إلى الاحتجاج و تنظيم المسيرات و الاعتصامات في مواجهة التهميش الحيف و الظلم و الطرد من العمل و الحرمان من الشغل و السكن اللائق و التطبيب ، كما شملت الكليات و الجامعات و العديد من المدارس و الإعداديات و الثانويات لمواجهة كافة الاستفزازات السلطوية .
قمع الاحتجاجات :
أمام هذه التطورات في وعي المواطن المغربي بكل فئاته، و كما تعودنا على ذلك، لم تبق الطبقة المخزنية الحاكمة مكتوفة الأيدي، بل ظلت مخلصة لنهجها الأزلي في القمع و العقاب لكل معارض لها،كاشفة بكل وضوح عن زيف الشعارات التي ترفعها حول الديمقراطية و الحداثة و التعددية و حقوق الإنسان و التنمية البشرية و استقلال القضاء و محاربة الفساد، و محركة أجهزتها القمعية في وجه كل الحركات الاحتجاجية،ابتداء من حركة المعطلين الصامدين الذين تعودت أجسادهم على تلقي الضربات في تحد بطولي لها، إلى المسيرات في الجامعات و البوادي، إلى تنسيقيات مناهضة غلاء المعيشة وتدهور الخدمات العمومية التي أصبحت وقفاتها تثير أعصاب الحاكمين ، فكان من الضروري تكثيف القمع الوحشي على مناضليها و مناضلاتها و كل من يشارك في وقفاتها التي تدعو لها.
يتضح أن هذا التوجه المخزني القمعي و العقابي رسالة واضحة لكل من يهمه الأمر، و الدليل على هذا هو بروز قائد مقاطعة حسان بالرباط كجلاد جديد لا يتردد في إعطاء الأوامر بالقمع الهمجي لكل حركة احتجاجية مخلفا العديد من الإصابات المتفاوتة الخطورة في صفوف المشاركين و المشاركات.
العقاب في الرياضة :
هناك من يعتقد أن المخزن ينزل أشد العقاب بالمحتجين فقط ، لكن الأمر أخطر من هذا بكثير ، فالآلة المخزنية تطال جميع القطاعات الحيوية مثل الرياضة بكل أنواعها خصوصا ألعاب القوى و كرة القدم ، و لم تسلم منها حتى أنواع الرياضات الأخرى المحسوبة على الفئات المحظوظة و الميسورة منها البحرية و المعروفة ب جيت سكي.
كلنا يتذكر فريق الأحلام لكرة القدم لسنة 2004 الذي أدخل الفرحة على قلوب الملايين من المغاربة بفضل صناعة محلية من الإطار الوطني المقتدر بادو الزاكي الذي أخرج إلى الوجود فريقا وطنيا متكاملا، أغلبيته من الشباب كان مثار إعجاب العديد من المختصين في المجال . لكن الأيادي القذرة المتشبعة بالقيم المخزنية العتيقة لم تستسغ نجاح الإطار الوطني و الشعبية الجارفة التي أصبح يتمتع بها ، فأبت إلا أن تقطع مع تلك التجربة الناجحة لأنها فضحت الكثير من الحقائق داخل جامعة كرة القدم آنذاك . قدم الزاكي استقالته بكل شجاعة و جرأة ناذرتين قبل أن تبادر الجامعة إلى إقالته و هو في قمة العطاء. و كانت نتائج ابتعاد أو إبعاد الزاكي عن الفريق الوطني كارثية بكل تجلياتها، و عرت عن واقع الفوضى المستشرية في جامعة الكرة و ظل نفس المسيرين جاثمين على أنفاس المغاربة ، و بطرق بدائية و عشوائية تعاقدوا مع المدرب الفرنسي عمر تروسي لمدة ثلاثة أشهر حيث تمت إقالته، و جاؤوا بعده ب : امحمد فاخر، ثم هنري ميشيل و فتحي جمال و روجي لومير ، و في الأخير تفتقت عبقريتهم فعينوا للمنتخب أربعة مدربين دفعة واحدة، و بالطبع كانت النتيجة النهائية انهيار المنتخب الوطني على الصعيدين الإفريقي و العالمي. بعد انتهاء جميع الإقصائيات خلدت الجامعة و مسؤولوها إلى النوم العميق في انتظار نهاية البطولة لتعببن مدرب للفريق الوطني ؟؟؟؟ ويبقى التساؤل المطروح : هل تستجيب جامعة كرة القدم أخيرا و لأول مرة لمطلب الشعب المغربي بتعيين المدرب بادو الزاكي على رأس المنتخب الوطني ؟ ربما تكون الأسابيع القادمة كاشفة عما يدور في عقلية المسئولين .
جامعة ألعاب القوى لم تسلم بدورها من الفساد و التسيير الفوضوي لسنوات طويلة كان من نتائجها اندحار ألعاب القوى المغربية، و هجرة شبه جماعية لعشرات المتسابقين و المتسابقات إلى دول أوربا و الشرق العربي بعيدا عن الاستغلال و بحثا عن مستقبل فقدوه في بلدهم، و عيش يضمن كرامتهم.
رياضة أخرى لم يسلم ممارسوها من العقاب : رياضة دجي تسكي و هي رياضة يمارسها أشخاص ميسورين ، إلا أن آخر الأخبار التي تناقلتها الصحافة الوطنية حول مصير مجموعة من الأبطال المغاربة الشباب المتألقين في العديد من الملتقيات الوطنية والدولية ، أصبحوا متشردين في بعض العواصم الغربية نتيجة الإهمال و عدم الوفاء بالوعود التي تلقوها سابقا حينما حملوا عاليا راية الوطن في الملتقيات التي مثلوا فيها بلدهم أحسن تمثيل.
منع و قمع وقفة الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب :
اعتادت هذه الهيئة الاحتفال باليوم الوطني لحماية المال العام في 24 مارس من كل سنة، لكن هذه المرة لم تسلم وقفتها من بطش قوات الأمن في تحد فاضح لكل القيم النبيلة لهذه الهيئة التي ترصد و تفضح ناهبي أموال هذا الشعب،
تذكير بالحركات الاحتجاجية التي عرفها المغرب :
تكشف المعطيات الكثيرة أن الحركات الاحتجاجية بالمغرب عرفت محطات متعددة و لم تتأثر بالحملات القمعية الشرسة التي خلفت أعدادا كبيرة من القتلى و الجرحى و المختفين. ففي سنة 1873 انطلقت انتفاضة في مدينة فاس و المناطق المجاورة لها أطلق عليها انتفاضة الدباغين الذين رفضوا مبايعة السلطان محمد بن عبد الرحمان بسبب الضرائب المفروضة عليهم، و ظهرت حركة الجيلالي الزرهوني سنة 1902 بسبب رفضها للتدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية للمغرب. وفي مراكش خرجت أعداد كبيرة من التجار و الحرفيين منددة بالرفع من قيمة الضرائب و كان ذلك سنة 1904 و تجاوبا من المغاربة مع القضايا القومية، و عقب اغتيال المناضل النقابي الشهيد فرحات حشاد بتونس، اندلعت انتفاضة عارمة بمدينة الدار البيضاء سنة 1952 خلفت العديد من الضحايا و المعتقلين على يد المستعمر الفرنسي. و في سنة 1958 انطلقت " حركة التحرير و الإصلاح الريفية " بسبب التهميش الذي كانت تعيشه المناطق الريفية و الحصار المضروب عليها، و قد خلفت مآسي كبيرة لا تزال جراحها لم تندمل إلى يومنا هذا. و تعود مدينة الدار البيضاء في يوم 23 مارس من سنة 1965 لتعمها انتفاضة شعبية كبيرة كان مصيرها القمع الدموي بالدبابات و الدائرات لتخلف عشرات المآت مت القتلى و المختفين، كما عرفت نفس المدينة يوم 20 يونيو 1981 الانتفاضة الكبرى بعد أن دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى إضراب وطني عام ، كان مصيره كذلك التنكيل و القتل العشوائي للمواطنين، و بعد سنوات قصيرة من ذلك أي في شهر يناير من سنة 1984 ، اندلعت انتفاضة في عدد من المدن والقرى و على الخصوص في تطوان و الناظور خلفت قتلى و جرحى و معتقلين و مختفين.
و كنتيجة طبيعية للأوضاع المتردية للطبقة العاملة المغربية و عدم الاستجابة لمطالبها المشروعة ، دعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل و الاتحاد العام للشغالين بالمغرب إلى إضراب وطني يوم 14 دجنبر سنة 1990 كانت نتيجته إطلاق النار على المتظاهرين الذين سقطوا بالعشرات إضافة إلى العديد من المعتقلين و المختفين. كما أنه لا يمكن إغفال المئات من الاحتجاجات التي عرفها المغرب في السنوات العشر الأخيرة و أغلبها عمت الهوامش في جميع أنحاء البلاد.
وحسب المطلعين على القضايا الداخلية بالمغرب، فإن القمع المتتالي للحركات الاحتجاجية غالبا ما يتحول إلى انتفاضات ضد فساد الأوضاع السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية، و انتشار مظاهر التهميش و الظلم والبؤس . إعداد : المختار النحل سلا في 25 مارس 2010
#المختار_النحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعليق على مقال - فوز الهمة و فشل بنجلون اية علاقة ؟ -
المزيد.....
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|