أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باهي صالح - العصفور الحزين















المزيد.....

العصفور الحزين


باهي صالح

الحوار المتمدن-العدد: 2956 - 2010 / 3 / 26 - 14:24
المحور: الادب والفن
    


فِي قََرْيَةٍ فِلاَحِيَّةٍ صَغِيرَةٍ يَعِيشُ أَمِيرْ الطِّفْلُ

الصَّغِيرُ مَعَ وَالِدَيْهِ وَ أَصْدِقَاءِهِ الثَّلاَثَةِ، العُصْفُورُ

سِنْجَرْ وَ القِطَّةُ مَيْسَاءْ وَ الكَلْبُ دُودُو، الجَمِيعُ

سُعَدَاءُ مَا عَدَا العُصْفُورُ الصَّغِيرُ الزَّاهِي الأَلْوَانْ

لأَنَّهُ مَسْجُونٌ دَاخِلَ قَفَصٍ.

أَمِيرْ طِفْلٌ مُؤَدَّّبٌ وَ سَعِيدٌ لأَنَّهُ :

أَوَّلاً / مُجْتَهِدٌ فِي دِرَاسَتِهِ .

ثَانِيًا / يُحَافِظُ عَلَى الصَّلاَةِ .

ثَالِثًا / يُطِيعُ وَالِدَيْهِ .

رَابِعًا / يُحِبُّ وَطَنَهُ .

خَامِسًا / سِنجِرْ أَعَزُّ أَصْدِقَائِهِ .

فِي يَوْمٍ رَبِيعِيٍّ مُشِْمسٍ أَخَذَ أَمِيرْ القَفَصَ وَ

بِدَاخِلِهِ سِنْجِرْ ثُمَّ عَلَّقَهُ فِي شَجَرَةِ التُّوتِ خَارِجَ

البَيْتِ حَيْثُ الشَّمْسُ وَالهَوَاءُ وَبَعِيدًا عَنِ القِطَّةِ

الرَّمَادَيَّةِ المُتَرَبِّصَةِ مَيْسَاءْ .

رَأَى العُصْفُورُ الصَّغِيرُ السُّهُولَ وَالغَابَةَ وَالجِبَالَ

البَعِيدَةَ ، حَوْلَه ُ حَلَّّقَتْ مَجْمُوعَةٌ مِنَ العَصَافِيرِ

وَطَارَتْ مَعَ النَّسَائِمِ فِي كُلِّ اِتَّجَاهٍ بِحُرِّيَةٍ وَ

سَعَادَةٍ وَهِيَ تُغَنِّي أُغْنِيَةَ الرَّبِيعِ فَحَزِنَ

وَاشْتَاقَ إِلَى الطَّيَرَانِ حُرًّا فِي فَضَاءِ اللهِ

وَمَلَكُوتِهِ وَ رَاحَ يُغَنِّي أُغْنِيَتَهُ الحَزِينَةَ .

أَسِيرْ ... أَسِيرْ

خَلِّصْنِي يَا صَدِيقِي أَمِيرْ

مَا ذَنْبِي أَنَا صَغِيرْ

أَسِيرْ ... أَسِيرْ

فِي قَفَصٍ أَنَا سَجِينْ

أُتْرُكْنِي يَا صَدِيقِي أَطِيرْ

أَسِيرْ... أَسِيرْ

إِلَى الفَضَاءِ الوَاسِعِ الكَبِيرْ
حرٌّ مِثْلَكَ يَا أَمِيرْ
أَسِيرْ ... أَسِيرْ
وَ كُلِّ خَلْقِ اللهِ القَدِيرْ
حرِّرْنِي ، أُتْرُكْنِي يَا أَمِيرْ
أَسِيرْ ... أَسِيرْ
إِشْتَقْتُ إِلَى النَّسِيمِ وَ العَبِيرْ
وَ إِلَى الأَلْوَانِ وَ الغَدِيرْ
أَسِيرْ ... أَسِيرْ
وَ هَمْسِ الشَّجَرِ وَ الخَرِيرْ
وَ صُحْبَةِ الطَّيْرِ وَ الهَدِيرْ
أَسِيرْ ... أَسِيرْ
لَكِنَّ أَمِيرْ لاَ يَدْرِي بِأَنَّ صَدِيقَهُ حَزِينٌ لِأَنَّهُ مَسْجُونٌ وَ يَتُوقُ إِلَى الحُرِّيَةِ ، لاَ يَعْلَمُ سَبَبَ غِنَائِهِ الحَزِينِ دَاخِلَ قَفَصِهِ المُعَلَّقِ فِي شَجَرَةِ التُّوتِ ، يَرَاهُ يَقْفِزُ وَ يُرَفْرِفُ بِجَنَاحَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ .
تَحْتَ شَجَرَةِ التُّوتِ تَرْبُضُ القِطَّةُ المَاكِرَةُ مَيْسَاءُ ذَاتِ اللَّوْنِ الرَّمَادِيّ تَتَرَبَّصُ بِسِنْجِرْ العُصْفُورُ الصَّغِيرُ الحَزِينُ تُرَاقِبُ ضَجِرِةً حَرَكَاتِهِ وَ رَفْرَفَةِ جَنَاحَيْهِ ، تَتَحَيَّنُ فُرْصَةً لِلانْقِضَاضِ عَلَيْهِ ، وَ عِنْدَمَا يُصِيبُهَا المَلَلَ تَبْدَأُ فِي التَّثَاؤُبِ ثُمَّ تَمُطُّ جِسْمَهَا وَ تُبَاشِرُ لَعْقَ قَوَائِمَهَا وَ شَعْرَهَا الكَثِيفَ بِعِنَايَةٍ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكِينَ لِقَيْلُولَتِهَا تُغَنِّي :
مَاوْ ... مَاوْ ... مَاوْ
يَاعُصْفُورْ يَا صَغِيرْ
فِي قَفَصٍ أَنْتَ سَجِينْ
مَاوْ... مَاوْ... مَاوْ
عَاثِرَ الحَظِّ يَا حَزِينْ
أَمَّا أَنَا فَحُرٌّ طَلِيقْ
كَفَرَاشِ الزَّهْرِ وَ العِلِّيقْ
مَاوْ... مَاوْ... مَاوْ
حُرٌّ حُرٌّ مِثْلَ الأَحْرَارِ
مَعَ نَسَائِمِ الرَّبِيعِ وَ الأَزْهَارِ
مَاوْ... مَاوْ... مَاوْ
أَجْرِي وَ أَجْرِي
فِي جَنَبَاتِ البَيْتِ وِ البَرَارِي
فِي كَلِّ المَوَاسِمِ وَ الفُصُولِ
أَجْرِي وَ أَجْرِي
أَمْرَحُ فِي السُّهُولِ وَالوِدْيَانِ
فِي المُرُوجِ وَ الأَفْنَانِ
أَجْرِي وَ أَجْرِي
أُسَابِقُ النَّّسْمَةَ وَ طَيْرَ الرَّوَابِي
أَهِيمُ بَعْدَ الغُرُوبِ وَ فِي اللَّيَالِي
مَاوْ...مَاوْ...مَاوْ
أَنَا حُرٌّ طَلِيقْ
كَفَرَاشِ الزَّهْرِ وَ العِلِّيقْ
قُرْبَ شَجَرَةِ التُّوتِ يَسْرَحُ الكَلْبُ دُودُو غَيْرَ رَاضٍ بِوُجُودِ القِطَّةِ مَيْسَاء لَكِنَّهُ يُغَنِّي :
هَاوْ...هَاوْ...هَاوْ
أنَا لِلْبَيْتِ حَارِسٌ أَمِينْ
وَ لِلْغُرْبِ طَارِدٌ لَئِيمْ
هَاوْ...هَاوْ...هَاوْ
اللَّيْلُ عِنْدِي كَالنَّهَارْ
وَ الظُّلْمَةُ مِثْلَ الأَنْوَارْ
هَاوْ...هَاوْ...هَاوْ
أَرْكُضُ أُشَمْشِمُ الأَجْوَاءْ
حَوْلَ الدَّارِ بِلاَ عَنَاءْ
هَاوْ...هَاوْ...هَاوْ
اِبْتَعِدِي عَنْ طَرِيقِي يَا مَيْسَاءْ
فَأَنَا مِنْ أَجْلِ صَدِيقِي مُسْتَاءْ
هَاوْ...هَاوْ...هَاوْ
أُنْظِرِي إِلَيْهِ إِنَّهُ مَسْجُونْ
وَ مِنْ حَالِهِ مَحْزُونْ
هَاوْ...هَاوْ...هَاوْ
أَنْتَ لِلْبَيْتِ حَارِسٌ أَمِينْ
وَ لِلْغُرْبٍ طَارِدٌ لَئِيمْ
اِعْتَادَ أَمِيرْ عَلَى الأُغْنِيَةِ الحَزِينِةِ لِصَدِيقِهِ سِنْجِرْ وَ هُوَ يُكَرِّرُهَا صَبَاحًا وَ مَسَاءً :
لَكِنَّ أَميِرْ لاَ يَرْغَبُ فِي تَحْرِيرِصَدِيقِهِ الطَّائِرُ الصَّغيِرُ صَاحِبُ الأُغْنِيَةَ الحَزِينَةَ لِأَنَّهُ يُحِبُّهُ وَ يُحِبُّ تَغْرِيدَهُ .
وَ فِي أَحَدِ الأَيَّامِ خَرَجَ أَمِيرْ إِلَى البَرِّيَةِ يَجْمَعُ بَاقَةً مِنَ الأَزْهَارِ المُلَوَّنَةِ الجَمِيلَةِ لِيُقَدِّمَهَا هَدِيَّةً لِأُمِّهِ وَ إِذَا بِهِ يَنْزَلِقُ إِلَى دَاخِل حُفْرَةٍ ، حَاوَلَ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى خَارِجِهَا لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ ، رَاحَ يَصِيحُ وَ يَصِيحُ ، أُمِّي... أُمِّي...أَبِي...أَبِي... ؟
لَمْ يَسْمَعُهُ أَحَدْ ، جَلَسَ مُتْعَبًا وَ انْتَابَهُ الخَوْفَ وَ انْقَبَضَ صَدْرُهُ، نَظَرَ حَوْلَهُ وَ إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُ وَ تَمَنَّى لَوْ يَسْتَطِيعُ الخُرُوجَ وَ العَوْدَةَ إِلَى المَنْزِلِ ثُمَّ بَكَى وَ تَذَكَّرَ صَدِيقَهُ العُصْفُورَ الصَّغِيرَ سِنْجِرْ وَ هُوَ مَسْجُونٌ فِي قَفَصِهِ مُنْذُ عِدَّةِ شُهُورٍ، شَعَرَ بِالنَّدَمِ وَ بِظُلْمِهِ لِصَدِيقِهِ وَ بَعْدَ وَقْتٍ قَصِيرٍ سَمِعَ نُبَاحَ صَدِيقِهِ دُودُو وَ رَآهُ يُطِلُّ عَلَيْهِ، وَقَفَ مُبْتَهِجًا وَ حَمِدَ اللّهَ وَ سُرْعَانَ مَا لَحِقَ بِهِ وَالِدَهُ وَ أَخْرَجَهُ مِنَ الحُفْرَةِ.
بَعْدَ هَذَا الدَّرْسِ عَرَفَ أَمِيرْ مَعْنَى الحُرِّيَةَ وَ قِيمَتَهَا لِذَلِكَ فَإِنَّهُ سَارَعَ إِلَى فَتْحِ القَفَصِ وَ إِطْلاَقِ سَرَاحِ صَدِيقِهِ العُصْفُورُ الصَّغِيرُ الحَزِينْ.
إِنْطَلَقَ سِنْجِرْ وَ حَلَّقَ فِي الأَعَالِي وَ هُوَ يُغَنِّي سَعِيدًا:

حُرٌّ حُرٌّ أَنَا طَلِيقْ
شُكْرًا شُكْرًا يَا أَعَزَّ صَدِيقْ
السِّجْنُ فَوْقَ مَا أُطِيقْ
حُرِّيَتِي كُلُّ مَا عِنْدِي يَلِيقْ
حُرٌّ حُرٌّ أَنَا طَلِيقْ
شُكْرًا شُكْرًا يَا أَعَزَّ صَدِيقْ
إِلَى الغَابَةِ أَطِيرْ
وَ الجَبَلِ وَ الوَادِي السَّحِيقْ
حُرٌّ حُرٌّ أَنَا طَلِيقْ
شُكْرًا شُكْرًا يَا أَعَزَّ صَدِيقْ
لَنْ أَنْسَى صَنِيعَكَ مَا حَيِيتْ
لَكَ الصِّحَةَ وَ العُمْرَ المَدِيدْ
حُرٌّ حُرٌّ أَنَا طَلِيقْ
شُكْرًا شُكْرًا يَا أَعَزَّ صَدِيقْ



#باهي_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية قبيلة بني لاهيه
- زنزانتي الخوف
- مدينتي العربيّة المسلمة....؟!
- كان لي رأي حين أبديته، ساقوا عليّ الملامة و قالوا أنت حمارُ. ...
- عقيدة الولاء و البراء هل تصلح للعصر الحالي....؟
- تيسون....
- رغم التّدليس و التّزييف إلاّ أنّ الّتاريخ لا يرحم و لا يجامل ...
- مرض التّفكير، أعراضه، علاجه و طرق الوقاية منه...!
- هل من أمل في نهضة المسلمين و المرأة عندهم عورة و شيطان يُبطل ...
- خسئتم مشيخة الجهل و النّفاق، فأنتم مصيبة الأمّة و بلاءها الأ ...
- لدين الإسلام دور يصعب إنكاره أو المرور فوقه...!
- سطور من الفصل الثّاني عشر من رواية كرة الثلج
- هل إسلام الغالبيّة ممسوخ أم منسوخ....؟!
- على من يكذب أمين منظّمة المؤتمر الإسلامي....؟!
- احتقان، شغب..و سخط عامّ! الفصل الأوّل (2)
- نعم أنا مسلم و لكن....؟!
- احتقان، شغب..و سخط عامّ! (1)
- مقدّمة رواية كرة الثلج الصّادرة في سنة 2006
- تُرى هل العين حقّ أم مجرّد خرافة و ظاهرة غباء و تخلّف...؟!


المزيد.....




- مصر.. ساويرس يدخل على خط الجدل القائم حول -الملحد- بتعليق لا ...
- قدم حالاً… تنسيق الدبلومات الفنية 2024-2025 نظام الثلاثة سنو ...
- -من دعاة التنوير والحرية-.. تفاعل على رد نجيب ساويرس حول رأي ...
- مصر.. قرار جديد بخصوص أزمة هيفاء وهبي (صورة)
- بعد حكم الإعدام.. حكم جديد ببراءة مغني الراب الإيراني توماج ...
- Admhec “القبول بالجامعات” معدلات القبول الموحد في الجامعات ا ...
- انطلاق الدورة الـ77 لمهرجان -لوكارنو- السينمائي الدولي في سو ...
- البحر الأحمر السينمائي يعلن عن فتح الانتساب لدورته الرابعة 2 ...
- -أوروبا-: رؤية سينمائية تنتقد وحدة أوروبية مفترضة
- نجم شهير يتعرض لموجة غضب كبيرة بسبب انسحابه فجأة من فيلم عن ...


المزيد.....

- القناع في مسرحيتي الإعصار وكلكامش لطلال حسن -مقاربة في المكو ... / طلال حسن عبد الرحمن
- في شعاب المصهرات شعر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- (مجوهرات روحية ) قصائد كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- كتاب نظرة للامام مذكرات ج1 / كاظم حسن سعيد
- البصرة: رحلة استكشاف ج1 كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- صليب باخوس العاشق / ياسر يونس
- الكل يصفق للسلطان / ياسر يونس
- ليالي شهرزاد / ياسر يونس
- ترجمة مختارات من ديوان أزهار الشر للشاعر الفرنسي بودلير / ياسر يونس
- زهور من بساتين الشِّعر الفرنسي / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - باهي صالح - العصفور الحزين