|
آذار والثقافة، وفرح الهيتيين
قحطان محمد صالح الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2951 - 2010 / 3 / 21 - 17:26
المحور:
الادب والفن
مدينتي اليوم غير كل المدن، ففيها صار الطبيب أديبا، والمهندس شاعرا، والاستاذ كاتبا، والطفل منشدا، والمرأة فنانة. الكل باحثون في الإعلام والاجتماع، وفي الاقتصاد والسياسة ، وفي العلوم الصرفة وغير الصرفة، والكل محاورون مثقفون في الفن، فنانون في الحوار. وهذا ما تجسد لي من خلال مهرجان هيت الثقافي السنوي الأول،الذي انعقد في هيت للفترة ما بين 18-20/3/2010 . كثير هم المبدعون الذي شاركوا أهل مدينتي بإبداعاتهم، ولو ذكرتهم جميعهم سأقصر بحق بعضهم ولا أريد أن يفسد النسيان حلاوة الفرح. ولكن التاريخ يفرض علي وأنا اكتب أن اثبت بعض الحقائق لمن سيقرأ اليوم مقالي، ولمن سيقرئه بعد سنين.فلأول مرة في مدينة عراقية تجد المسؤول الإداري، وكأنه واحد من كل المحتفلين، فاتحا قلبه للجميع راعيا للمهرجان بالحضور والإكرام، لا بالوصاية والإلزام. ولعل ما تحقق لنا في هذا المهرجان لم يتحقق في مهرجانات كثيرة، فمع المسؤولية الإدارية كانت المسؤولية الأخلاقية مجسدة في فيمن حضر من المسئولين.فقد أتى من يمثل المحافظ ،وحضر من يمثل رئيس مجلس المحافظة ،وجاء من يمثل الثقافة في الرمادي، مثلما أقبل علينا من يمثل الثقافة في حديثة وكان من شرف هيت منهم القائم مقام.ومع من شرفنا من المسئولين كان للمدينة وأهلها تشريف من صرح العلم في المحافظة، وهو جامعتها فقدم الركب الجامعي الأكاديمي يحدو به مساعد رئيسها العلمي ممثلا لرئيسها،وهذا منجز لم ينجز في مدن الجامعات نفسها.ومن عاصمتنا الحبيبة جاءت نخبة خيرة من المبدعين شعراء وفنانين أطربونا أيما طرب وأعادوا لنا ليالي الفرح الجميل. وجسدت جمعية الثقافة للجميع ممثلة برئيسها الدكتور عبد جاسم الساعدي برنامجها وغايتها فنشرت على الجميع ورود المحبة. وإذا ما كان علي أن أخلد في هذا المهرجان موقفا، فهو وجود ابنة شاعر العرب الأكبر خيال الجواهري التي تذكرت، فذكرت زيارة والدها لأحد شعراء المدينة المرحوم جاسم محمد أمين،وليس صدفة أن تكون هي وكل المحتفلين ضيوفا على الفرات عند ابن ذلك الرجل الكريم.كل ما قدم كان رائعا بهيا راقيا . في الأمسية الأولى تخليت نفسي أنني العاشق الستيني الوحيد، فأخذني بعض الزهو، وربما شيء من الغرور أن أتباهى بشيبي وأقف وانشد : وافقت نفسي وستيني وما اتفقا ،ومع هذا لم انهزم ولم ينهزم مني الصبا والشباب .لقد نسيت ستيني ونسي الآخرون سنين أعمارهم كلها، لأنني لم أكن الشيخ العاشق،عندما رقص الشاعر الثمانيني الفريد سمعان أمام المحتفلين. لقد رقص الفريد رقصتين: ألأولى لذكرى له في هيت مع الجواهري، والثانية بعيد ميلاده الذي صادف في تلك الليلة، فاحتفل الهيتيون معه وأطفئوا الشمعة الثانية بعد الثمانين.كثيرة هي منجزات السبق في هذا المهرجان وأهمها هذا التآخي والتلاحم الاجتماعي والفكري بين مكونات مؤسسات المجتمع المدني المهتمة بالشأن الثقافي والتراثي في هيت، فمع جامعة الأنبار ومن مثلها من الأساتذة مشاركين ومساهمين وداعمين للمهرجان كانت وحدة الموقف واضحة وبينة في المهرجان بين المؤسسات الراعية له،والقائمة بشؤونه، وهي: منتدى هيت الأدبي وملتقى الثقافة للجميع ،وجمعية هيت للتراث والثقافة، فالكل فاعلٌ وساع ٍ بنكران ذات لإنجاح المهرجان،وقد تحقق لهم النجاح بتفوق.ومع حاضرنا الزاهي لابد أن يعرف الضيوف ماضي هذه المدينة التليد، فكانت الزيارة إلى حيث متحف الشهيد أحمد عفتان.المتحف التراثي الرائع والراقي في كل ما احتواه وما ضم بين جنباته من عبق هيت وأهلها. لقد عاد بي الزمن إلى خمسينات وستينات القرن الماضي عندما تكحلت عيناني بما رأيت وازداد حبي للمتحف واعتزازي به عندما رأيت الفرح كله لوحة جميلة مرسومة على وجه من تحمل الكثير ليحفظ لنا هذا التراث الغالي الجميل وهو الهيتي الباسم الأصيل الحاج حمدي الهيتي.ومثلما هم أبناء هيت وكعهد العراقيين بهم، فقد تجسد الكرم الهيتي فيمن دعم المهرجان ماديا، وفيمن فتح قلبه وبيته لضيوف المهرجان. لقد تمييز المهرجان في كل شيء في مواضيع ندواته ومحاضراته،وحلقاته التي تناولت الكثير، فدارت محاورها في حلقة نقاشية حول (دور منظمات المجتمع المدني في تنمية المجتمع ) ومحاضرة في(التدخين وآثاره السلبية على الفرد والمجتمع)، وحلقة نقاشية حول (الاستثمار في هيت) ثم محاضرة في (النظام التمثيلي عند الإنسان وعلاقته بحياتنا اليومية) وحلقة نقاشية في( ثقافة الحوار) ومحاضرة في (الآثار الصحية الضارة للموبايل)، ثم ندوة في (إدارة الأزمات ) و(وقفة مع أعلامي)،ومحاضرة (في تعاطي أدوية المؤثرات العقلية). وكان الفن حاضرا في المهرجان، ويكاد يكون متميزا جدا،فقد جمع المهرجان بين لوحات(ذكريات ومذكرات) الفنان سبتي الهيتي فنان النواعير وشاعرها الذي رسم لنا واقع المدينة مجسدا الزمان والمكان في كل لوحة من لوحات معرضه، وبين لوحات جميلة رائعة لمبدعات من هيت. لقد كان هذا التوافق الفني صورة معبرة عن الجمع بين الرجل الفنان والمرأة الفنانة في هيت،وهذه أجمل لوحة جسدت التلاقح الفني والثقافي والتواصل الحضاري بين الأجيال.وإذا ما ذكر الشعر ذكرت هيت، وإذا ذكرت هيت ذكر الشعر، وهذا ما كان في هذا المهرجان ،حيث انشد الشعراء من بغداد والحلة، ومن الرمادي والقائم وحديثة وهيت قصائدهم وكانت باقات ورد معطرة بالمحبة في الرثاء والوصف والحب والغزل،ومع القراءات الشعرية كان النقد الأدبي حاضرا .هكذا كان المهرجان الأول صورة معبرة عن أصالة مدينة أنجبت من المبدعين مدني صالح ،وستلد لنا في كل يوم مبدعا. إن نشاطا كبيرا بهذا الحجم لابد أن يقترن ببعض الهفوات غير المقصودة ،وكلي ثقة بأن القائمين به قد شخصوا مواطن الضعف والخلل ،وسيعملون على تجاوزها بالمهرجانات القادمة ، وأتمنى أن يتجاوز البعض الذي في قلبه مرض وفي عقله نقص حالة مرضهم ونقص عقلهم ،وان ينظروا لمثل هذه الفعاليات بعين العصر، وان لا تظل أصواتهم نشازا ،وأرجو أن لا يستمروا بالتغريد خارج السرب، فمن سعى لإقامة هذا المهرجان لم يرد من ورائه مالا ولا جاها، بل أراد أن يقول يا عالم الخير ويا ناس المحبة، ويا أهل الثقافة أن هيت في حاضرها كما هي في ماضيها أصيلة متحضرة، وأنها ستلقاكم في أعوام قادمة ضيوفا أحبة وكل عام وانتم وهيت وأهلها بخير.
#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هيت في سنة 1935
-
بيت الحزب
-
البطاقة الثانية إلى هيت
-
-نصي ثلج- بنت الرجال
-
حب هيتي
-
عيناك مثل مدينتي
-
البصرية
-
تسمية هيت
-
العراق للعراقيين يا هاشمي
-
هيت والشعراء والصور
-
مدني صالح ...سيرة وذكريات
-
معارضة قصيدة ماذا أقول له للشاعر نزار قباني
-
الناعور
-
رحلة في تراث هيت
-
الغيرة
-
ايمان
-
ويكفينا الفرح بما تحقق
-
قراءة في قصص باب السنجة
-
نصاب المصلحة ونصاب السلوك
-
بطاقة الى العام 2010
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|